مريم كمثال
مريم كمثال
مريم كمثال الإيمان وشاهدة له
في هذه الحال تقتضي منّا الضرورة أن نتوجّه إلى شهود الإيمان: إبراهيم الذي آمن،"راجياً على خلاف كلّ رجاء"
( رو 4: 18)؛ والعذراء مريم التي "في رحلة الإيمان" انطلقت حتى"ليل الإيمان".
مشتركة في آلام ابنها وفي ليل قبره؛ وآخرين من شهود الإيمان: "فنحن إذ يُحدق بنا مثل هذا السحاب من الشهود، فلنلق عنّا كل ثقل وما يشتمل علينا من الخطيئة، ولنسابق بالصّبر في الجهاد الذي أمامنا، ولنجعل نظرنا الى مبدأ الإيمان ومتمّمه، إلى يسوع" ( عب 12: 1-12).
273- الإيمان بالله الآب الكليّ القدرة قد يوضع على محكّ الإمتحان بتجربة الشرّ والألم. فقد يبدو الله في بعض الأحيان غائباً وعاجزاً عن منع الشرّ.
والحال أنّ الله الآب قد أظهر قدرته الكليّة على أعجب صورة بتنازل ابنه الطوعيّ وبقيامته اللذين تغلّب بهما على الشرّ. وهكذا فالمسيح المصلوب هو"قدرة الله وحكمته" ( 1كو 1: 25).
في قيلمة المسيح وتمجيده " بسط الآب عزّة قوّته" وأظهر " فرط عظمة قدرته لنا نحن المؤمنين" (أف 1: 19).
مريم مثال الرجاء
64- بالأنبياء نشأ الله شعبه على رجاء الخلاص، على انتظار عهد جديد وأبديّ مُعدّ لجميع البشر، ومكتوب على قلوبهم. والأنبياء بفداء جذريّ لشعب الله، بتطهيره من جميع مخالفاته، بخلاص يشمل جميع الأمم. وسيطون البؤساء وودعاء الرّب أكثر من يحملون هذا الرجاء، النساء القدّيسات من أمثال سارة، ورفقة، وراحيل، ومريام، ودبورة، وحنّة، ويهوديت، وإستير، هؤلاء حافظن على رجاء خلاص إسرائيل حيّاً. ووجه مريم هو أشدّ الوجوه نقاء.
مريم مثال الصلاة في قولها"ليكن"، وصلاتها "تعظّم"
2617- كُشف لنا عن صلاة مريم في فجر ملء الأزمنة. فصلاتها، قبل تجسّد ابن الله وقبل حلول الروح القدس، تساهم، بوجه وحيد، في قصد الآب المترفّق، حين البشارة، لأجل الحبل بالمسيح، وحين العنصرة، لقيام الكنيسة، جسد المسيح.
وقد وجدت عطيّة الله، في إيمان أمته المتواضعة، القبول الّذي كان ينتظره منذ بداية الأزمنة. وتلك التي صنعها القدير"ممتلئة نعمة" تجيب بتقديم كلّ كيانها:" انا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك". وهذه العبارة"ليكن لي" هي الصلاة المسيحية: أن يكون الإنسان بكليّته له، إذ إنّه بكليّته لنا.
2619- لذلك إنّ نشيد مريم:" تُعظّم نفسي الرب" (في اللاتينية Magnificat في اليونانية (Megalinarion هو في آن واحد نشيد والدة الإله ونشيد الكنيسة، نشيد ابنة صهيون وشعب الله الجديد، نشيد شكر لملء النعم التي أفيضت في تدبير الخلاص، ونشيد "المساكين" الذين تحقّق رجاؤهم بإنجاز ما وُعد به آباؤنا"ابراهيم واسحق ويعقوب إلى الأبد".
مريم مثال طاعة الإيمان
144- الطّاعة في الإيمان هي الخضوع الحرّ للكلمة المسموعة، لأن حقيقتها في كفالة الله الذي هو الحقيقة ذاتها.
إبراهيم هو نموذج هذه الطاعة الذي يقدّمه لنا الكتاب المقدّس. والبتول مريم هي تحقيق هذه الطاعة الأشدّ كمالاً.
مريم العذراء تُحقّق طاعة الإيمان على أكمل وجه. في الإيمان تقبّلت مريم البشارة والوعد من الملاك جبرائيل، مُعتقدة أن"ليس أمر ممكن لدى الله" (لو 1: 37)، ومُعلنة رضاها:"أنا أمة الرّب فليكن لي بحسب قولك" (لو 1: 38).
وأليصابات سلّمت عليها قائلة: "طوبى للتي آمنت بأنّه سيتمّ ما قيل لها من قبل الرّب" ( لو 1: 45) ومن أجل هذا الإيمان تطوّبها جميع الأجيال.
49- " الخليقة تتلاشى بدون الخالق". ولهذا فالمؤمنون يستشعرون في ذواتهم محبّة المسيح تحضّهم على أن يحملوا نور الله الحيّ الى الذين يجهلونه أو يرفضونه.
494- عندما بُشّرت مريم بأنّها ستلد"ابن الله العليّ" من غير أن تعرف رجلاً، بقوّة الروح القدس، أجابت "بطاعة الإيمان" (رو 1 : 5) موقنة بأن"لا شيء مستحيل عند الله": "أنا أمة الرّب، فليكن ليس بحسب قولك"(لو 1: 37- 38). وهكذا بإذعان مريم لكلام الله أصبحت أمّاً ليسوع، وإذ اعتنقت بكلّ رضى، وبمعزل عن كلّ عائق إثم، الإرادة الإلهيّة الخلاصيّة، بذلت ذاتها كليّاً لشخص ابنها وعمله، لتخدم سرّ الفداء، بنعمة الله، في رعاية هذا الإبن ومعه:
" لقد صارت بطاعتها- على حدّ قول القديس إيريناوس- علّة خلاصن لها هي نفسها وللجنس البشريّ كلّه".
ومعه يقول كثيرون من الآباء الأقدمين: "إنّ العقدة التي نجمت عن معصية حوّاء قد انحلّت بطاعة مريم؛ وما عقدته حوّاء العذراء بعدم إيمانها، حلّته العذراء مريم بإيمانها".
وبمقارنتهم مريم بحوّاء، يدعون مريم "أمّ الأحياء"، وكثيراً ما يُعلنون: "بحوّاء كان الموت، وبمريم كانت الحياة".
مريم مثال القداسة
2030- المسيحي إنّما يُحقّق دعوته في الكنيسة، بالإتّحاد مع جميع المعمّدين. فمن الكنيسة يتقبّل كلام الله الذي يحوي تعاليم "شريعة المسيح ".
ومن الكنيسة يتقبّل نعمة الأسرار التي تحفظه في"الطريق". من الكنيسة يتعلّم مثل القداسة؛ فيعرف وجهها ومصدرها في العذراء مريم الكاملة القداسة؛ ويتبيّنها في من يعيشها بشهادة أصيلة ؛ ويكتشفها في التقليد الروحي، وفي التاريخ الطويل لمن سبقه من القدّيسين الذين تحتفل بهم الليترجيّا في إيقاعها اليوميّ.
مريم مثال الإتحاد مع ابنها
964- دور مريم بالنسبة إلى الكنيسة لا ينفصل عن اتّحادها بالمسيح؛ فهو يصدر عن ذلك الإتّحاد مباشرة. "والإرتباط بين مريم وابنها في عمل الخلاص يتجلّى منذ حبلها البتوليّ بالمسيح حتى موته" .
وهو يتجلّى بوجه خاص إبّان الآلام:
"سلكت العذراء الطّوباويّة سبيل الإيمان محافظة على الإتّحاد مع ابنها حتى الصليب حيث وقفت منتصبة لا لغير تدبير إلهي، متألّمة مع ابنها الوحيد آلاماً مبرّحة، مشتركة في ذبيحته بقلب والديّ مولية ذبح الضحيّة المولود من دمها رضى حبّها، لكي يُعطيا المسيح يسوع أخيراً، وهو يموت على الصليب، أمّا لتلميذه، بقوله لها:" يا امرأة هوذا ابنك" (يو 19: 26-27).
التعليقات
مريم مثالنا السامي في طريق كمالنا الروحي
ان مريم هي قدوتنا ومثالنا في الاستسلام الكامل والطاعة الكاملة لإرادة الله في حياتنا الروحية وهي تعلمنا الإتضاع الكامل لمشيئة الرب والمحبة الكاملة لله فوق كل شئ ثم محبة القريب حبنا لأنفسنا ومساعدته في حاجاته حبا بها وهي مثالنا في ضرورة العيش بالعفة والطهارة والنقاوة وطلب ملكوت الله وبره قبل كل شئ ثم كل الاشياء تزاد لنا