لأَنَّ غَيرةَ بَيتكَ أَكَلَتني و تَعْييراتِ مُعَيَريكَ وَقَعَت علَيَّ (مز 69 /10)
الاحد ما بعد الظهور الإلهي - الأرشمندريت/ سلوان أونر
الاحد ما بعد الظهور الإلهي
(متى 12:4-17)
بقلم الأرشمندريت/ سلوان أونر - اليونان
يُظهر إنجيل أحد ما بعد الظهور ثلاث أحداث مهمة تمت بعد معمودية السيد، وهي سجن يوحنا المعمدان
"لما سمع يسوع أن يوحنا أُسلم انصرف" وتوجه المسيح إلى كفرناحوم "واتى فسكن كفرناحوم" وبدء تعليمه "من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز" (متى 12:4-17).
يُخبرنا متى الإنجيلي في الحدث الأول أن المسيح سمع بأن يوحنا قد قُبض عليه وحُبس، ويشبه البعض هذا الحدث بمحاولة القوى الشيطانية لإسكات صوت الحق وإطفاء العدل وإضعاف قوة النور واغتصاب كلمة الحقيقة والعدالة،
إذ كان يوحنا أينما يذهب يُخبر عن المخالفات أللأخلاقية لهيرودس الذي عاش مع زوجة أخيه هيروديا، لذلك قبض على يوحنا وقطع رأسه محاولة لإسكاته وإخفاء الحقيقة.
لا يشكل الحدث الثاني، أي خروج المسيح إلى كفرناحوم، حركة أمان للمعلم، بل يأخذ تفسيراً آخراً أكثر عمقاً وهو تصحيح معنى شعب الله المختار. فلم يعد ذلك الذي ينحدر من إبراهيم وموسى بل أصبح مع المسيح الذي يسمع كلمة الله ويحفظها.
لذلك لم يتوجه أولاً إلى أورشليم بل إلى كفرناحوم حيث عاش فيها شعوب من أمم مختلفة بالإضافة للشعب اليهودي لينشر فيها بشارته الجديدة ودعوته لخلاص النفس، وذلك لتكون بذرة كلمته الأولى ليس فقط وسط الشعب اليهودي بل وسط كل أبناء الله. "لأني أقول لكم أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم" (متى 9:3).
فشعب الله المختار هو كل أبناء الله المدعون لقبول بشارة المسيح بالملكوت السماوي.
يبدأ الحدث الثالث، أي بدء تعليم السيد المسيح، فور انتهاء عظة يوحنا عن التوبة واقتراب ملكوت السماوات.
وتعليم المسيح هذا كان رؤيوياً وخلاصياً فهو يكشف محبة الله لأبنائه كما أنه يوضح إرادته في خلاص الكل.
جاء المسيح مرسلاً من عند الآب ليخلّص البشر من الخطايا المميتة ومن رباطات الشيطان الكثيرة ومن الفساد والموت الروحي وحقق كل ذلك بواسطة قيامته من بين الأموات.
لذلك ومن تلك اللحظة بدء المسيح يعظ ويقول: "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" (متى17:4). أي أن نصبح من سكان ذلك الملكوت السماوي غالبين الخطيئة والموت الروحي ورباطات الشيطان.
كل هذا يتم إذا سبقته التوبة وطلب الغفران الصادق من الله على كل خطايانا اليومية بالقول أو بالفعل أو على كل سيئاتنا المخجلة التي تودي بنا للخطيئة أو على كل ما يفرح الشيطان ويحزن الله.
فلنطلب المسامحة من الله على كل خطايانا وتجاوزاتنا لوصاياه ولنقرر العودة إليه لنكون بقربه، هو ينتظرنا بفرح لكي نعود إليه وعندما نفعل ذلك سيلبسنا ثوب الخلاص ويجعلنا ساكنين ملكوته ونكون شعبه المختار.
أحبائي يبدأ تعليم المسيح: "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" وهو يتوجه بالكلام لنا جميعاً فلا نتأخر لنأخذ طريق العودة إليه وأن نطلب العفو تائبين عن خطايانا،
وهو كأب رحوم ينتظر عودتنا ليمنحنا غفران الخطايا ومحبته وبركته. وليس شيء أعظم من العيش تحت بركة ومحبة الله