خطئت إذ أسلمت دما بريئا ( مت 27 /4)
أحد الدينونة - متى 25: 31-45 _ الأرشمندريت/ سلوان أونر
أحد الدينونة
متى 31:25-46
الأرشمندريت/ سلوان أونر - اليونان
يميز السيد في إنجيل اليوم، إنجيل أحد الدينونة، بين حالتين متناقضتين ايجابية وأخرى سلبية، فمن جهة يقول "أطعمتموني" ومن جهة أخرى "لم تطعموني"، بحيث تشكّل المحبة الدافع الأكبر للقيام بالعمل الإيجابي الأول، بحيث يكون شكلها العملي العطاء، و حيث العطاء تكون المحبة، و حيث المحبة تكون رحمة الله، فلذلك مباركٌ من يحب وملعونٌ من لا يحب ومن لا يعطي ولا يعمل أعمال رحمة نحو الآخرين.
ليس للعطاء، كأساس للمحبة، حدود أو نظام يقيده أو يحدد مقداره، أي لا يقاس فيما إذا كان كثيراً أو قليلاً،
فالله لا يسأل عن الكمية بل عن النوعية، وهكذا الذي لديه الكثير يعطي الكثير والذي لديه القليل يعطي القليل، أما الذي يميز بين الكثير والقليل فهو الرغبة بعمل الخير و الإرادة الحرة و المحبة المجانية، لذلك مغبوطٌ العطاء الآتي من حاجة وتعب عن العطاء الآتي من الغنى وعدم الحاجة.
فَرِحَ المسيح بعطاء الأرملة الفقيرة لأنها أعطت فلسها من عوز "هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت أكثر من الجميع" (مر43:12)،
وعطائها هذا، ولو كان فلساً، كان كبيراً بعين الرب، لأنه يقدّر ويهتم بنوعية العطاء وليس بمقداره، والنوعية هذه تحدد مقدار المحبة التي يقتنيها.
قسّم المسيحُ بكلامه، "أطعمتموني" و "لم تطعموني"، البشر إلى مجموعتين، الأولى مجموعة الصالحين المعطاءين المحبين وأخرى سيئين غير معطاءين وغير محبين، وسمى الذين يطعمون الجياع ويسقون العطاش ويأوون الغرباء...الخ
بـ"مباركي أبي" ووراثي ملكوت السموات، و قال بأنهم يخدمونه في عملهم هذا، "الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم"، لأن الإنسان الرحيم يشعر بفرح إذا استطاع، رغم عوزه، مساعدة إخوته بالمسيح.
أما الغير المعطاءين أو المحبين فسمعوا من الرب "لم تطعموني"، هم لم يعطوا لأنهم خافوا أن يخسروا أو أن تقل ممتلكاتهم، وأن لا يبقى شيء يستندوا عليه في حياتهم. هم اعتقدوا أن سندهم الضامن الوحيد في هذه الحياة هي المادة. الذين يعلّقون حياتهم بالمادة، كالممتلكات والبيوت الكبيرة الغالية الثمن بالسيارات الفخمة بالمنازل العالية، وبمجرد خسارتهم لها يفقدون معنى الحياة والوجود.
حقيقة لأنه مأساة، فالإنسان الغني بممتلكات كثيرة، الذي لا يرى الحياة أبعد من المادة، الذي لا يساعد أخيه الإنسان المحتاج يخسر فرحاً كبيراً وسبباً للخلاص
عليه أن يشاركه ببعضاً مما يملك، لأنه إن فعل ذلك سيعرف الفرح الأبعد من سعادته بما يملك، فيراه على وجه الذين أعطاهم شيء مما يملك، ويكتشف أن المحبة الحقيقة هي في العطاء وليس في المشاركة فقط كما يظن البعض.
إخوتي الأحباء، تستند المحبة على عطاء نقوم به. وهي تحررنا من كل قيد، لأننا نشعر أنه يوجد إخوة من حولنا، إخوة بالمسيح، الذين ينتظروننا أن نقدم لهم شيء، مما أعطانا إياه الله، فتملئ حياتهم وحياتنا بالسعادة الحقيقة.
إذا كنا نؤمن، ويجب أن نؤمن، بأن الإنسان يجب أن يكون على صورة الله، فعندها يجب أن يكون لدينا المحبة، لأنه حيث لا يوجد إيمان لا يوجد محبة.
لذلك للذين يؤمنون ويحبون لا مشكلة لديهم فهم بحاجة فقط إلى بركة ورحمة الله.
الدينونة التي سندان بها هي دينونة المحبة أولاً فلنتعلّم أن نحب بالعطاء، عندها نسمع من الرب أنتم الذين أطعمتموني وآمنتم بي تعالوا لترثوا ملكوت السموات