يَحرُسُكَ الرَّبُّ مِن كُلِّ سوء هو يَحرُسُ نَفسَكَ (مز 121 /7)
مقالة الحياة مع يسوع- الأرشمندريت توما (بيطار) عظة حول متّى 21: 33
الحياة مع يسوع
الأرشمندريت توما بيطار
باسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين.
يا إخوة، كان ربّنا، أحياناً كثيرة، يخاطب التلاميذ والناس بالأمثال. فالمثل يعبِّر بشكل قصصي عن حقيقة ليس من السهل أن يُعبَّر عنها بكلام مُرسَل، بكلام عادي.
لأن هناك قصّة في المَثل فهو يوحي، وبالتالي يعطي جوّاً معيّناً للفكرة التي يريد ربّنا أن يمرِّرها لنا.
هذا المثَل الذي سمعتموه في قراءة إنجيل اليوم يتكلّم على إنسان ربّ بيت. المقصود به الآب السماوي.
هذا غرس كرْماً، والكرم هو الشعب العبري أو الشعب الإسرائيلي.
إذا كان ربّنا قد غرس هذا الكرم، فهذا معناه أنّه قد جعل نعمة خاصة وبَرَكة خاصة في هذا الشعب، لأنّه أراد أن يكون الشعب العبري رسولاً له إلى كل الأرض، إلى كل الأمم. وحوَّطه بسياج. ما معنى ذلك؟
لماذا يضع الواحد منا سياجاً؟ لكي يحمي أرضه من الخنازير واللصوص. الحامي هنا ربّنا. والشعب العبري كان قليل العدد. كانت هناك شعوب أكبر منه وأقوى منه في ذلك الزمان.
لكن اختار ربّنا هذا الشعب الصغير لكي يُظهِر فيه قوّته. ربّنا لا يعمل في الأقوياء بل في الضعفاء، لأنّ الأقوياء، إذا انتصروا، يقولون إنّ هذا من قوّتهم. أما الضعفاء، الذين يعرفون أنفسهم أنّهم ضعفاء، فحين ينتصرون فهم يعرفون أنّهم قد انتصروا بقوّة ربّنا لا بقوّتهم.
إذاً، إذا كان ربّنا قد أحاط هذا الشعب بسياج، فهذا معناه أنّه كان هو حاميه وحافظه.
وحفر فيه معصرة. إذا كان ربّنا قد أعطى الكثير للشعب العبري، فهو يطالبه أيضاً بالكثير. لأنّ مَن يُعطى كثيراً يُطالَب بأكثر. إذاً، حفر في الكرم معصرة. ماذا يطلب الله؟
يطلب عصيرَ الكرمة، أي النبيذ. والنبيذ، كما نعرف، هو ما اتّخذه الربّ يسوع المسيح وقال عنه: "هذا هو دمي الذي يُسفَك عنكم لمغفرة الخطايا".
بكلام آخر، المطلوب أن نقدِّم عصارة الكرمة، أي الثمرة التي نقدِّمها إلى الله، بمثابة دم أو مادّة دم ليسوع المسيح. بكلام آخر، الشعب العبري مدعو لأن يصير جسد المسيح، كنيسة المسيح.
وبنى برجاً وسلَّمه إلى عمَلة وسافر. لِمَ يبنون البرج العالي؟ هذا تتمّة للسياج. لأنّهم كانوا يبنونه قديماً لحماية أنفسهم من الغزوات، فكان الناس يختبئون فيه.
كان البرج كتلة حجرية مرتفعة يدخل الواحد إليها من الخارج. ومتى دخل إلى الداخل وأقفل، يصبح من الصعب أن يدخل أحد غيره إليه. فالبرج يؤمِّن الحماية وهو بمثابة مخزن.
فالذين يحتمون في البرج قادرون على أن يدافعوا عن أنفسهم من خلال فتحات ضيّقة في البرج. أي أنّه حين يكون هناك سياج وبرج، فهذا معناه أنّ الإنسان تكون قد تأمَّنتْ له الحماية الكاملة بحسب مقاييس الزمن القديم.
وسلَّمَه إلى عمَلة. لاحظوا كلمة عمَلة، أي شغّيلة. مَن هم هؤلاء؟ الشغّيلة هم الكتبة والفرّيسيّون والكهنة ورؤساء الكهنة وأمثالهم. هؤلاء سوف يعملون في الكرم الذي هو، كما قلنا إسرائيل. وسافر. كان وضْع ربّنا معنا أو مع إسرائيل كوضْع المسافر.
السفَر هنا هو إفساح في المجال لهذا الكرم أن ينمو ولهؤلاء العمَلة الشغّيلة أن يشتغلوا، حتى يعطوا ثمراً وحتى يمكن لهذا الثمر أن يعطي العصارة.
فلمّا قرُبَ أوان الثمر أرسل عبيده إلى العمَلة. إذاً، سافر وتركهم يعملون، وأعطاهم الوقت الكافي. لذلك يقول: لمّا قرُبَ أوان الثمر. ربّنا يعرف أيضاً متى يكون الوقت المناسب ليُطالب بما يكون قد أعطانا إيّاه. الله يعطينا ثمّ يطالب. ويُطالب بالثمر في أوانه.