لأَنَّكَ يا رَبُّ بِصُنعِكَ فرحتَني و لأَعمالِ يَدَيكَ أُهَلِّل ( مز 29 : 5 )
الزواج - لذلك يترك الرجل أباه واُمه ويتحد بإمرأته فيصيران جسداً واحدا
"لذلك يترك الرجل أباه واُمه ويتحد بإمرأته فيصيران جسداً واحداً" تك
24:2
الزواج هو أسمى العلاقات بين البشر. فبالزواج يصبح الجسدان جسداً واحدآ لذلك يقول بولس في رسالته الى اهل كورونثس "لاسلطة للمرأة على جسدها فهو لزوجها؛ وكذلك الزوج لاسلطة له على جسده فهو لإمرأته "، وكذلك يقول في نفس الرسالة "على الزوج ان يوفي إمرأته حقها كما على المرأة ان توفي زوجها حقه".
لقد كثرت المشاكل والفراقات والطلاقات في ايامنا الحالية فكل يوم نسمع عن فلان انفصل عن زوجته، والآخر ترك زوجته، وغيرها من المشاكل التي جعلت مشروع الزواج مشكلة . فأول ما يتبادر الى الذهن: هل لو تزوجتُ ستكون إمرأتي وفية لي؟ او كيف استطيع ان اتزوج وانا لا املك شيئاً! او غيرها من العقبات والطلبات التعجيزية التي يطلبها الطرف الاخر.
لذلك يجب ان نعرف على ماذا نبني قراراتنا عندما نقرر الزواج .
كثير من شبابنا وشاباتنا يبنون اختياراتهم على اشياء غير اساسية لاختيار شريك او شريكة حياتهم. فمنهم من يختار على اساس الجمال:انها جميلة، عيونها زرقاء، وجهها جميل. او انه جميل المحيا، عاقد الحاجبين، او انه غني يملك سوبر ماركت او مارسيدس او او....الخ
كل هذه الاسباب تنفع لعقد صفقة بين الطرفين وليس عقد زواج. لأن العقد ينتهي بانتهاء السبب، فالجمال والمال والشهرة والاشياء الاخرى تنتهي او ممكن ان تفقد. وعندما ينتهي السبب ينتهي بريق النصف الاخر وتبدأ المشاكل، او بالأحرى نخلق المشاكل لكي ننهي هذه العلاقة وبسهولة نفترق وعندما يسألوننا ماذا حدث؟ نجيب لقد كانت تجربة فاشلة .
لقد قدّس الرب سر الزواج. فيقول الكتاب: خلق اللـه آدم، وبعدها ألقى الرب الإله سباتا على آدم وأخذ أحد أضلاعه وصنع منه المرأة وسميت إمرأة لانها من امرىء اُخذت. ويقول الكتاب ايضا ان الرب أخذ الضلع الأقرب من القلب لكيما تكون المرأة قريبة من الرجل.
لقد خلق اللـه رجلاً وامرأةً، اي رجل واحد وامرأة واحدة. لم يخلق اللـه رجلاً وخمسَ نساء، لذلك يقول ربنا يسوع المسيح من طلق امرأته لغير علة الزنى فهو زان، ومن تزوج مطلقة زنى.
وهنا يسأل الكثيرون كيف يختارون الزوج او الزوجة المناسبة. كيف يستطيعون ان يتأكدوا انه او انها ستسعده الى النهاية، او اذا حدث له مكروه او خسر نفوذه او غيرها من الامور انها ستبقى معه او سيبقى معها او ....
سمعت من أحد الاصدقاء جواباً يُضحك ويبكي في نفس الوقت ومثيراً للانتباه فيقول "ان الزواج مثل البطيخة، يا بيضة يا حمرا" ولكن نسى صديقي اننا نستطيع ان نرمي البطيخة البيضاء في الزبالة ولكن كيف نستطيع ان نرمي انسانة!
أجل يا اخوتي: ان الزبالة هي الطلاق، فاذا لم نتفق نطلق. دعونا نجرب لن نخسر شيئاً، (زينه! خير على خير، وان كانت مو زينه نطلق. احنا لا أول ولا آخر من يطلق)....
انها مأساة حقيقية عندما نفكر بهذا الانحطاط .مأساة عندما نبني زواجنا على لحظة انبهار، او يكون الزواج للتخلص من وضع للدخول في عالم جديد ( كالبنات والشباب الذين يحلـمون بالدخول الى أمريكا واوربا) لأن زواجهم مبني على فيزا الدخول...
لقد نسينا وعود اللـه لنا فهو يقول " محبة أبدية احببتك، دعوتك باسمك انت لي" او "لن اهملك لن اتركك عيني عليك" وغيرها من الايات التي تحكي عن محبة الآب. هل ننسى كيف اختار عبد ابراهيم زوجة لسيده اسحاق وكيف استشار جدعون اللـه او يشوع بن نون وغيرهم. لماذا لانكون مثل هولاء ونستشير ربنا في امور حياتنا وخصوصا موضوع الزواج . فهل نظن ان اله الامس يسمع واله اليوم لايسمع! كثيرا ما نفكر اين انت يا اللـه، لماذا لا تستجيب، لماذا عندما نريدك لانجدك. ننسى اننا عندما نقرر نلغي وجوده، عندما نريد ان نفعل شيئاً لا نعير اهمية لوجود اللـه. كثيرا ما نجد انفسنا في مأزق او وضع ما لا نعرف كيف اصبحنا به، ونسأل لماذا حدث هذا، ننسى اننا قررنا دون اللجوء الى استشارة اللـه، فلا نلوم انفسنا لأننا قررنا دون ان نقرأ الكتاب المقدس ولم نصلِّ لإلهنا كي نعرف مشيئته كما يقول الكتاب: فصلى عبد ابراهيم ووضع علامة واعطاه اللـه العلامة فعرف ان البنت التي تسقيه و تسقي جماله هي المختارة لسيده، او نرى جدعون يضع علامته في جزة الصوف. فيا ترى ماهي علامتنا نحن؟ هل نستخدم اي علامة او صلاة وننتظر اللـه ان يستجيب لنا!
ان اخطر ما نواجهه هو ان نكره حياتنا الزوجية ونبحث عن بديل لها بحجة اننا تعساء ونقع في فخ الخيانة الزوجية، وهنا يقول الكتاب في سفر الامثال: احذر المرأة الاجنبية فكل امرأة ليست زوجتك هي اجنبية.
ولنرى ما حدث لداؤد الذي كان الفتى الذي فرح قلب اللـه وصرع جليات بقوة اللـه عندما وقع بخطيئة الزنى مع بثشباع فمات الولد الذي ولدته لداؤد. امنون اعتدى على اخته، ابشالوم قتل اخاه واخيرا اراد ان يغتصب العرش من ابيه. لقد تصرف داؤد بغير حكمة اللـه فحصد المآسي. وهذا ما نفعله بالضبط، نتصرف بغير صلاة واستشارة اللـه فمن اول مشكلة نغضب نترك البيت، نطلق، ننفصل بهدوء، او ربما الأحسن ان نبقى اصدقاء.
وهنا اوجّه سؤالي ما ذنب الاطفال ان يتربوا بعيدا عن احدهم (الاب او الام)؟ هل ذنبهم انهم ولدوا لأهل اختاروا بعضهم على اسس خاطئة؟ الجمال... الغنى.. وغيرها، ونسوا ان يختاروا بالمحبة، محبة اللـه ..
لذلك نحتاج ان نبني حياتنا الزوجية على محبة اللـه. فهو يقول "ايها الرجال أحبوا نساءَكم كما أحب المسيح ايضا الكنيسة وسلّم نفسه لأجلها" افسس25:5. وكيف أحب المسيح الكنيسة؟ لقد مات من أجلها او بالأحرى صُلب من اجل الكنيسة. فهنا يطرح السؤال نفسه: أيها الزوج! هل انت مستعد ان تُصلب من اجل زوجتك؟ هل ان محبتك هي ابدية ومستعد ان تموت من اجل من تحب؟
وانت أيتها الزوجة! هل تخضعين لزوجك كما تخضع الكنيسة للمسيح .......اننا نتزوج لبناء بيت سعيد وان نربي اطفالنا في مخافة اللـه .... هذا هو الهدف الذي من اجله نتزوج ...
فيا أخي لو تزوجتَ عن عدم اقتناع، او انت يا اُختي لو تزوجتـِه لأنه غني او لانبهاركم ببعض المزايا ثم اختفى هذا البريق، هل تظنون ان الفراق او البحث عن شخص آخر سيحل المشكلة؟ من الممكن ان تُحل وقتياً ولكن ثقوا انها نصف الحل.
أما المحبة فهي الحل الأمثل، فحاولي ان تحبي زوجك حتى لو اعتقدت انه تغير. حاول ان تحب زوجتك حتى لو فـَقـدَت جزءا من جاذبيتها، حاولي ان تحبي زوجك حتى لو جعلته الظروف فقيرا معدما. حاول ان تحب زوجتك حتى لو انها مرضت واحتاجت للخدمة، وانظر كيف ذهب يسوع الى الموت وماذا تحمّل من أجل كنيسته.
أود ان اقول لكم ان اللـه قد أعطانا سر الزواج لكي نقدسه لا ان ندنسه، اعطانا هذا السر لنصونه ونمجد اسمه القدوس من خلاله وان نقول ونرنم مع يسوع "أما انا وبيتي فنعبد الرب".
بسام أبونا