فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم بل لِيُخَلَّصَ بِه العالَم مَن آمَنَ بِه لا يُدان ومَن لم يُؤمِنْ بِه فقَد دِينَ مُنذُ الآن لِأَنَّه لم يُؤمِنْ بِاسمِ ابنِ اللهِ الوَحيد (يو 3 /17-18)
مقالة المفهوم المسيحي للحب والخطبة والزواج ومعنى رتبة الإكليل - الأب كيوركيس بنيامين سخريا
المفهوم المسيحي للحب والخطبة والزواجومعنى رتبة الإكليل (القسم الأخير)الأب كيوركيس بنيامين سخريا |
ثبات عقد الزواج:
يعني ثبات عقد الزواج ضرورة الاستقرار في الحياة الزوجية من أجل سلامة الزواج للنمو الإنساني لدى الأهل والأولاد. ويستمد الزواج ثباته من الشريعة الطبيعية ومن طبيعة الزواج ومن ضرورة الاستقرار في الحياة الزوجية والهناء الشخصي والنضج الإنساني.
والثبات في الزواج يخلق جواً سليما لتربية الأولاد، ولقد يجابه الزوجان أحيانا صعوبات يعتقدان أنها مستعصية، لكنها تذوب مع الوقت عن طريق التحمل والصبر والروية والتضحية والصلاة.
متطلبات السعادة الزوجية
الاشتراك في عمل التقديس:
الزواج طريق إلى القداسة يسير فيه الزوجان جنبا إلى جنب. لأن حياتهما أشبه بجناحي طير يخفقان في انسجام. وبرئتي إنسان تعملان على نفس مشترك. وربما أنهما أصبحا جسدا واحدا وروحا واحدة. فهما يسعيان معا إلى أهداف واحدة.
ولما كان الزوج يقدس الزوجة، والزوجة تقدس الزوج "1 كورنثوس 7: 14"، فذلك لأن كلَيهما جزء من كل، وينبغي التجاوب والتفاعل بينهما من أجل عمل مشترك في سبيل القداسة.
فالعائلة هي هيكل ومذبح مقدس، له قدسيته وحرمته. فبقدر ما يحترم الفريق فريقه ويضحي في سبيله، بقدر ما يتقدس المنزل.
الفرح والهناء والعيش معاً:
من ميزات المسيحي الفرح الذي أتانا بميلاد الفادي وموته وقيامته. والفرح من العطاء: "الغبطة في العطاء أكثر مما في الأخذ.. أعمال 20: 35". ولما كان الحب يجلب الفرح، فحب المسيح للزوجين يؤتيهما الفرح والغبطة. وكذلك حب الزوجين المتبادل ينجم عنه الفرح المتواصل الذي ينشرانه في أفراد عائلتهما ومجتمعهما. وما أسمى الفرح في المجتمع.
هذا وقد خلق الله الإنسان ليعيش في هناء، وجمع الله بين قلبين ليطفح فرحهما ويتزايد، وليهنأْ في الحياة، والفرح الأصيل ينبع من الاتحاد بالله والعيش تحت كنفه.
التعاون بين الزوجين:
أراد الله أن تكون حواء عونا لآدم، وهذا ما عنى به عندما قال: "لا يحسن أن يكون الإنسان وحده، فأصنع له عونا.. تكوين 2: 18".
فالمرأة شريكة الرجل ويترتب على الاثنين مسؤوليات مشتركة، لتحقيق طبيعة الزواج، فيتعاون الزوجان في جميع مراحل حياتهما، في السّراء والضرّاء، ليكتملا نفسا وجسدا، عقـلا وقلبا، روحا وروحانية. كما أنهما يتعاونان في أمور المعيشة، وفي قضايا المنزل، وفي تربية أولادهما.
التحمل المتبادل:
لكل من الزوجين نفسيته وذوقه وتربيته وبيئته وطرق تفكيره، ونعمة قدسية "أو سر" الزواج لا تغير نفسية وطباع كل من الزوجين، بل تقويهما كي يبديا مصلحة العائلة على كل اعتبار آخر، وتساعدهما على تحمل أحدهما الآخر، وعلى تجاوز الصعاب والمصائب بشجاعة وسخاء، فتزداد علاقتهما متانة، وينتصران، بعون الرب، على الأنانية.
واجبات الزوجين المتبادلة
"خاضعين بعضكم لبعض في مخافة المسيح.. أفسس 5: 21".
واجبات الرجل تجاه امرأته:
"أيها الأزواج، أحبوا زوجاتكم مثلما أحب المسيح الكنيسة وبذل نفسه لأجلها.. أفسس5: 25".
وهذا يفترض أن للرجل المبادرة في الحب والخدمة والتضحية، كما بادر المسيح كنيسته في الحب والتضحية. ومحبة الرجل هي محبة خدمة لا محبة سيطرة. فعلى الرجل أن يعامل زوجته باللطف واللين، لا بالخشونة والاستبداد والاستعلاء، "لقد أخذ ضلع من وسط آدم وليس من رأسه أو من قدمه فصنع حواء.."، وأن يعتبرها شريكة حياته، يكاشفها بأموره اليومية، فيربح ثقتها وحبها. ويترتب عليه أن يكون لها رفيقا مخلصا يشاطرها أفراحها وأتراحها، ساعيا إلى تفهم طباعها، مراعيا شعورها وإحساسها. فيقدرها ويحترمها ويكرمها، كما يقَدّر نفسه ويحترمها ويكرمها. ويتوجب عليه أيضا أن يكون لها مرشدا أمينا، ومدبرا حكيما مضحيـا براحته وذوقه، باذلا كل نفيس لإسعادها.
واجبات المرأة تجاه زوجها:
"أيتها الزوجات، اخضعن لأزواجكن، كما للرب، لأن الزوج هو رأس الزوجة كما أن المسيح أيضا هو رأس الكنيسة "جسده"، وهو نفسه مخلص الجسد. فكما أن الكنيسة قد أخضعت للمسيح، فكذلك الزوجات أيضا لأزواجهن، في كل شيء "أفسس 5: 22 ـ 24".
فكما أن الكنيسة تتجاوب مع حب المسيح، وتخضع له وتبادله المحبة والعطاء، كذلك على المرأة أن تهب ذاتها لزوجها وتتجاوب معه. وهكذا يتبين لنا أن هذا الخضوع ليس خنوعا ولا ذلا، بل تبادل محبة، وحيث يسود الحب فلا إكراه ولا استبداد ولا استعلاء، بل خدمة في سبيل إذكاء جذوة الحب، وتنمية روح المشاركة في العمل، وخلق جو من السلام والهناء.
وهكذا نستطيع أن نقول أن حب الزوج لرفيقته يساعدها على تحقيق ذاتها. كما أن تجاوب المرأة مع حب رفيقها وهبة ذاتها له يساعدها على تحقيق ذاتها، وبمقدار ما يتم ذلك يتم الهناء.
وعلى المرأة أن تستوثق من أنها لن تجد صداقة أمتن وإخلاصا أكمل من صداقة زوجها وإخلاصه لها. فيجدر بها، للمحافظة على هنائها الشخصي والسلام العائلي، أن تضع ثقتها تامة في زوجها، فتتخذه صديقا تستشيره بصراحة كلية في أمور حياتها وعائلتها، وتضحي بكل ما لديها لتكون لزوجها مساعدة تحقق الهدوء والاطمئنان والهناء.
معنى رتبة الإكليل
تفسير بعض الرموز في رتبة الإكليل:
الخاتم
يدل على السلطان، وشكله المستدير يرمز إلى الكمال، ووضعه في الإصبع الرابع يرمز إلى ختم قلب الشريك "يقال إنه يمر في هذا الإصبع عصب يذهب إلى القلب"، أو إلى تحمل أعباء الزواج "هو الإصبع الأقل حركة ويرمز إلى الثبات". أمّا وضعه في اليد اليسرى فيدل على خضوع كل من الزوجين للآخر، ويرمز إلى رباط أبدي كونه دائرة لا بداية لها ولا نهاية.. تماماً كالأبدية.
الإكليل
يدل على السلطان والملكية. يوضع على الرأس رمزا لتكرّس كل من الزوجين للآخر ولانتصارهما على الشهوة.
يقول بولس الرسول: "الرجل إكليل المرأة والمرأة إكليل الرجل". والإكليل رمز للنضوج الروحي الذي وصل إليه الزوجان. لقد أصبحا أهلاً للحياة وللدعوة الروحية في الزواج. ولهذا يكللان أمام الجماعة الكنسية كلها. الإكليل رمز للسلطة الملكية، فالإنسان ملك على الخليقة، وإلى هذا يشير بولس الرسول في الرسالة إلى العبرانيين "2: 7" عندما يتكلم عن الإنسان ملك الخليقة قائلا: "ثم كللته بالمجد والكرامة، وأعطيته السلطة على كل ما صنعته يداك"، وهي آيةٌ من المزمور 8: 5 ـ 7.
الطرحة
الطرحة الحقيقية هي التي تغطي وجه العروس وليس فقط التي تجرها خلفها.
وهي ترمز إلى العذرية والبتولية وإلى أن العروس لم تعد برسم الزواج، لذلك لا يرفعها العريس إلاّ بعد رتبة الزواج "أو هكذا كان في الرتبة القديمة". واللون الأبيض يرمز إلى النقاوة والطهارة ونية العيش بالسلام والأمان.
النعم
هي تعبير عن الرضى المتبادل لمشروع حياة واحد ودائم يسعى الزوجان لتحقيقه بنعمة الروح القدس وقوته.
تشابك الأيدي على الإنجيل
(في الطقس الماروني)
علامة حسية لتشابك يدي الزوجين على الله في الوقت عينه الذي يأخذان فيه على عاتقهما مشروع حياتهما المشتركة.
البركة باسم الثالوث
( الطقس الماروني)
يضع الكاهن البطرشيل، علامة السلطان المعطي له من قبل الكنيسة، فوق اليدين المتشابكين لتكريس اتحاد الزوجين بعهد الزواج ليصبحا جسدا واحدا بحسب تصميم الله.
الأشبينان
شاهدان رسميان لهذا العهد الذي يلتزم به العروسان أمام كل كنيسة المسيح الممثلة بالكاهن والزوجين والأشبينين والمؤمنين الحاضرين. ويكون الأشبينان بمثابة "الذاكرة" لهما في حياتهما الزوجية والعائلية، ورفيقي الدرب بالصلاة والمشورة.
الكأس المشتركة
ترمز بعد بركة الخمر، دون تكريسه، إلى الشركة الكاملة بين العروسين.
زياح العروسين ( في بعض الكنائس)
إنها "زفة" كنسية تعني فرح الجماعة وابتهاجها، وخاصة تكريس العروسين لله في سر أو قدسية الزواج المقدس. وكما كانت الذبائح قديما تزيح حول هيكل التقدمة قبل نحرها، هكذا يزيح العروسان تكرسا للرب.. الواحد للآخر في السر المقدس، وعلى رأسيهما أكاليل الرسل والشهداء.