فإِنَّ الَّذي بُحِبُّه الرَّبُّ يُوَبِّخُه كأَبٍ يُوَبِّخُ ابنًا يَرْضى عنه (ام 3 /12)
تدبير الخلاص فى العهد القديم - الفصل الثالث : من شاول الملك إلى فترة السبى - أبونا بولس حليم
الباب الأول : تدبير الخلاص فى العهد القديم |
الفصل الثالث : من شاول الملك إلى فترة السبى |
مقدمة أولاً : استعلان الله ( شاول ـ سليمان ) .
ثانياً : إنقاذ الله للتدبير ( من رحبعام إلى السبى ) .
مقدمة ـ عندما يقدم لنا الكتاب المقدس تاريخاً فهو لا يقصد أن يعرض أحداثاً مجردة خاصة بأمة أو بأشخاص وإنما بأمور تخص ملكوت الله فى الأرض وسط شعبه وكان غرض الله فى هذه الفترة أن يملك على قلوب أولاده ويطيعونه بحفظ الوصية فتبقى مملكته إلى الأبد . وعندما فشل هؤلاء الملوك الذى أقيموا على شعبه فى أن يحققوا ما كان مطلوباً منهم أرسل أبنه ملكاً يجلس على كرسى داود إلى الأبد ويقيم من المؤمنين به ملوكاً جدداً يتمتعون بالاشتراك فى مجده . أولاً : استعلان الله ( شاول ـ داود ـ سليمان ) : ـ بعد أن رفض الشعب أن يكون الله ملكاً عليهم ... اختاروا شاول ملكاً ... ولكن شاول كاد أن يحول المملكة إلى صورة من ممالك الأمم الوثنية لذلك تدخل الله وطلب من صموئيل أن يمسح داود ملكاً ليكمل تدبير الخلاص المطلوب من هذه المرحلة وهى . 1- استعلان الله وسط العالم بالقوة: ـ الإعلان عن قوة وغنى وحكمة إله إسرائيل وسط الأمم : ـ الله يعطى شعبه القوة فأصبحت لإسرائيل السلطة والسيادة على كل المنطقة بفضل انتصارات داود " ففعل داود كما أمره الله وضربوا محلة الفلسطينيين من جبعون إلى جازر وخرج اسم داود الى جميع الأراضى وجعل الرب هيبته على جميع الأمم " 2- استعلان الله وسط شعبه بالعبادة : أ ـ الله هو الأول فى المملكة * تنظيم العبادة على يد صموئيل وداود . * انتظام الشعب فى العبادة والتسبيح . * انتظام الذبائح اليومية والأعياد والمواسم . ب ـ ثبات وجود الله وسط شعبه ( الهيكل ) . ج ـ الله يعطى شعبه الغنى والحكمة : فى عهد سليمان عرف العالم كله إله إسرائيل الذى أعطى شعبه غنى وحكمة لا تضارعها حكمة أخرى فى العالم (1مل 23:10-29) ثانياً : إنقاذ الله للتدبير ( من رحبعام إلى السبى ) : مظاهر هذه الفترة : 1- الانغماس فى تكتلات الأمم السياسية والدينية : أ ـ إنكار لقوة الله ولذلك نجد فى رسالة أرميا النبى 40 % منها تحذير من الاختلاط أو التحالف مع الشعوب . ب ـ تقليل لمكانة يهوه لأنه إذا تحالف يهوذا مع مصر مثلاً ... ففيها يتساوى إله إسرائيل مع آلهة مصر وربما من أجل قوة مصر كدولة تكون آلهة مصر أولاً ثم إله إسرائيل حسب القسم . 2- فشل الملوك فى تحقيق خطة تدبير الخلاص : هذه الفترة تتسم بالملوك الذين رفضوا الحياة مع الله وصار الشعب معهم فتم تشتيتهم ودخلوا مرحلة السبى . 3- انفصال مملكة إسرائيل عن مملكة يهوذا والله يحافظ على يهوذا : انقسام المملكة تم فى عهد رحبعام ابن سليمان الملك وذلك بسبب أن أبيه سليمان الحكيم كان قد وقع فى عدة مشاكل وهى : أ- فرض ضرائب جديدة على الشعب أكثر مما كان فى عهد أبيه داود الذى كان عهده ممتلئ حروب وصراعات وإذ ركز سليمان على البناء والعمارة أراد أن يكون له بلد عظيم ، فنراه يبنى بيوت وفراديس حتى أنه ذكر ذلك بنفسه " بنيت لنفسى بيوتاً ، غرست لنفسى كروماً ، عملت لنفسى جنات وفراديس " ( جا 5:2 ) . وهذه المبانى كلفته الكثير ، لهذا اتجه إلى فرض الضرائب على الأغنياء والنبلاء ، والأشراف القادرين على دفعها . ب- أما الفقراء ففرض عليهم العمل بالسخرة ، فابتدأ يحضر الأخشاب من لبنان ، ويحفر الترع ، ويقيم الجسور ، ويمد المياه من الخارج ... فعمل أعمالاً عظيمة فى البناء ، ويكفى بناء الهيكل الذى استمر 46 سنة ، وهو آية فى الفن والعمارة .... لكنه ثقل على الشعب كثيراً وخاصة الطبقات الكادحة . ج- مال عن الوصية وتزوج نساء غريبات فقال عن نفسه " كل ما اشتهته عيناى لم امسكه عنهما " ( جا 10:2 ) . د- لكنه عاد فى توبته يقول : " باطل الأباطيل الكل باطل " ( جا 2:1 ) لكنه بلا شك عاش فى غنى فاشح وانفصل عن الشعب ، وبدأ الشعب يتضايق منه .... هـ كسره للوصية .... فالرب وضع أمامه عدة أمور أن سار على طريق أبيه ، لكنه لم يسر .... . و- تفتت المملكة . كيف ؟ فى أيام شيوع نذكر أنه خُدع من الجبعونيين ، فحلف لهم أن يبقوا فى وسطهم ، ولما أكتشف أمرهم ، أخبره الرب أنه سيذوق مرارة سكناهم فى وسط الشعب ، لأنه لم يرجع إلى الرب بل اعتد بنفسه بعد انتصاراته ... وسكن الجبعونيين فى وسط الأسباط، وامتدوا بين الأسباط ، فنتج عن ذلك تباعد الأسباط عن بعض وتداخلت تلك القبائل التى بدأت تعطل ترابط الأسباط مع بعضها ، وهى تشبه الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم ( نش 15:2 ) وفقدت المملكة الاتحاد الكامل ، خاصة أن هذه القبائل : الكنعانيين ، والحثيين ، والحويين ، والفرزيين ، والجرجاشيين ، والأموريين ، واليبوسيين ( يش 10:3 ) . قد تكاثرت بكثرة من أيام يشوع إلى صموئيل ... ولهذا كان الرب يأمر بثلاثة أمور للشعب وهى * أن لا يختلطوا بالشعوب الغريبة . * أن يحرموا ( يقتلوا ) كل المدن التى يمتلكوها . * أن لا يتحالفوا مع الشعوب الأجنبية . وكانت هذه الأمور الثلاثة السبب الرئيسى فى انقسام المملكة ، رغم أن البعض ـ من مدارس النقد الكتابى ـ يجد فى أمر الرب بتحريم كل أحد فى الأرض التى يدخلوها ، موطن نقد فى العهد القديم ، بل أنهم أدعوا أن إله العهد القديم هو إله قاسى ، ودموى ، يأمر بالقتل حتى الأطفال ... وبهذا رفضوا العهد القديم . لكن فى الحقيقة كان الرب يأمر بتحريم المدن بكاملها ، لأنها كانت شعوب وثنية ، متعبة ، تمثل الشيطان إذا أعطى له مكان سيقوى ، ويلتفت ليمزقك ، فلابد أن تنتهى منه . ونحن نرى أنهم لما تركوا جزء من الجبعونيين ، كونوا قبيلة عظيمة بدأت تضايق اليهود ، وهكذا فى باقى القبائل ، كانت تظهر قوتها فى لحظات ضعف اليهود . وكان ذلك رمز للإنسان أنه لابد أن يقتلع بذور الفكر الشرير من قلبه ، وينتهى منه تماماً حتى يستطيع أن يدخل كنعان ويكون له صلة بالله ، ويتحد به . بالإضافة لأن الرب يعرف مدى الضعف الروحى للشعب اليهودى ، وكيف ينقاد بسهولة للخطية ، خشى عليهم من اختلاطهم بالشعوب الوثنية خاصة أن العبادة الوثنية كانت قائمة على شقين هما : * كثرة الذبائح للأوثان . * الزنا : حتى أن الشعب الخارج من أرض مصر ، قيل عنه أنه أكل وشرب ثم قام للعب ، ويقصد بها الزنا أو الخطية . ولما تأخر موسى النبى على الجبل ضغط الشعب على هارون ليعمل له عجلاً يقول عنه أنه الإله الذى أخرجهم من أرض مصر . وكان الزنا من طقوس العبادة نفسها ، فى كل هذا كان الشعب اليهودى ينظر إلى العبادات الوثنية بكل متعها فيفعل مثلها ويترك عبادة الله . 4- الله يبقى على ميراثه : 5- المملكة الشمالية تذوب فى الأمم : 6- دور الأنبياء : 7- سر وجود شعب الله : وصارت هناك عبادة توفيقية بين إله إسرائيل وآلهة الأمم وهذا هو سر عداء اليهود للسامرة فقد أصبحت الأرض مملكة جديدة غريبة ليست هى شعب الله ولا هم أبناء يعقوب . العقيدة عن السامريين : ولأن السامريين انفصلوا عن اليهود والعبادة فى أورشليم ، أصبحوا لا يؤمنون إلا بأسفار موسى الخمسة فقط ، وأهملوا أسفار الأنبياء والأسفار التاريخية ، وزعموا أن الكتاب المقدس الذى بين أيديهم (التوراة) لم يكتبه موسى النبى وإنما أحد أحفاده . وهم أيضاً لا يؤمنون بقيامة الأجساد ، وإن كانوا يعتقدون فى الملائكة والخلود ولكن ليس بالقيامة العامة . وفئة الصدوقيين التى وردت فى العهد الجديد هم أيضاً لا يؤمنوا لا بالقيامة ولا بالملائكة متأثرين بأهل السامرة والسامريون يعتقدون بإله واحد هو يهوه ومشرع واحد هو موسى ، وكتاب مقدس واحد هو التوراة ، وموضع مقدس واحد هو جرزيم ، كما يعتقدوا فى أن المسيا الذى سيأتى هو من سبط يوسف ( واحد من أسباطهم ) وهو الذى سيعيد الوحدة لإسرائيل . وكان اليهود لا ينطقون اسم يهوه ، إنما يستعيضوا عنه بكلمة السيد ( أدوناى ) وحتى الآن لا يعرف النطق الصحيح لكلمة يهوه أما السامريين فكانوا يستخدمون هذا الاسم بجسارة فى القسم ، فكانوا موضع نقد اليهود فى ذلك وبما أن الأعياد اليهودية كانت مكتوبة بالتفصيل فى سفر اللاويين الذى يؤمن به مملكة الشمال ، فكانوا يشتركوا فى أعياد : ( الفصح ـ الكفارة ـ المظال ) ولكن على جبل جرزين ، أما باقى الأعياد فلا يحتفلوا بها . ولما عادوا من السبى ، وكانوا قد اختلطوا بالأجناس الغريبة ، كانت معابدهم على جرزين أنهدمت فبنوا لهم مرتفعات وكانوا يقدموا عليها فى عيد الفصح سبعة حملان ويسلخونها وينظفون أحشائها ويأكلونها . 8- دخول عبادات الآلهة الغريبة : 9- الزواج بأجنبيات : 10- الاهتمام بالأرض والسياسة العالمية كمملكه وسط الأمم : * فلم يشعر الملوك أنهم مملكة خاصة لله . * بل التمسوا سلطانهم من التحالفات السياسية وليس الله هو الذى يحميهم . 11- ضياع الارتباط بالله : * رسمياً : من خلال الملوك . * عائلياً : من خلال الزواج بالأجنبيات . * شخصياً : من خلال الارتباط بالشهوة . 12- ضياع معنى رموز الخلاص : * الأرض : التى كانت ترمز إلى ملكوت الله لهم ضاعت . * الهيكل : رمز وجود الله أنهدم . * المملكة : التى ترمز لغنى وعطايا الله لشعبه انتهت . * كلمة الله : لم يتمسكوا بها وسط الشر والاحباط . |
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين. |
|