ويل للحكماء فى عين انفسهم والفهماء عند ذواتهم (اش21:5)
مقالة مواقف وعبر لشخصيّاتٍ شهدت أحداث الآلام: بيلاطس البنطي
بيلاطس البنطي |
ما هو الحق؟ |
بيلاطس البنطيّ هو الوالي الّذي عيّنته الحكومة الرومانيّة حاكماً على اليهوديّة من السنة 26-36 ميلاديّة. وكانت قيصريّة مركز ولايته، وكان يصعد إلى أورشليم من حينٍ إلى آخر، إلى دار الولاية، فيقضي للشعب هناك (يو 18: 28). لم تكن أيّام حكومته مرضيّة لليهود لأنّه كان قاسياً جدّاً، وحاول مرّةً أن يأخذ مال الهيكل ليمدّ به قنوات ماء إلى أورشليم. وقد أقيل من وظيفته ونفي إلى فرنسا ومات هناك. |
الموقف الأوّل : |
أسلم إليه اليهود السيّد المسيح لمحاكمته. لم يكن يشكّ بيلاطس ببراءة يسوع. لكنّه رضخ لضغوط اليهود. فقد خاف أن يشكونه لقيصر فيفقد منصبه. باختصار، كانت مصلحته الشخصيّة هي أهمّ شيءٍ في حياته. إنّ الصراع من أجل المصلحة الشخصيّة يجعل الإنسان يسعى وراء منفعته والحلول الوسط والخضوع لضغوطٍ تجعل الشرّ يسحق الحق. «فقال بيلاطس: خذوه أنتم واصلبوه، فإنّي لا أجد فيه ذنباً. فأجابه اليهود: لنا شريعة وبحسب شريعتنا يستوجب الموت لأنّه جعل نفسه ابن الله. وعندما سمع بيلاطس هذا الكلام اشتدّ خوفه» (يو 19: 5-8). |
الموقف الثاني : |
يحاول بيلاطس أن يتنصّل من مسؤوليّته في الحكم على يسوع. أمام إلحاح اليهود وتهديدهم، أراد بيلاطس أن يفعل الشرّ ويتبرّأ منه في الآن نفسه، فحكم على يسوع بالموت صلباً وأمر بماءٍ وغسل يديه وكأن لا ذنب له ولا دور في هذ الحكم. في كثيرٍ من الأحيان، نلقي اللوم على الآخرين، ونحمّلهم مسؤوليّة جميع الشرور الّتي لنا دور فاعلٌ وأساسيّ فيه. «فقال بيلاطس: أنا بريء من دم هذا البار، فانظروا أنتم في الأمر» (متى 27: 24-25). |
الموقف الثالث : |
بيلاطس يسأل يسوع عن الحق. حين أجرى بيلاطس التحقيق مع يسوع، علم منه أنّ المسيح لم يأتِ ليؤسّس مملكةً أرضيّة، بل ليعلن الحق. فسأله السؤال الّذي لا يطرحه الفلاسفة وحدهم فقط، بل يتساءله كلّ إنسانٍ يفكّر قليلاً في لغز الحياة ومعنى الوجود: «ما هو الحق؟». وفي آخر الأمر، وجد بيلاطس الجواب، فعبّر عنه بأوّل نصٍّ كُتِبَ عن يسوع المسيح، وكتبه على خشبةٍ وعلّقه على الصليب: «يسوع الناصريّ ملك اليهود» هذا هو الحقّ الّذي رآه بيلاطس. |
مَن يبحث عن الحق لا يخشى التعبير عن قناعاته. فحين يتوجّب عليك اتّخاذ قرار صعبٍ، لا تستخفّنّ بآراء أصدقائكَ، ولكن، على مثال بيلاطس، عبّر عمّا تشعر به في صدقٍ وترى أنّه مناصرة للحق على الرغم من التيّار المعاكس. «أحضرتم لي هذا الرجل على أنّه يضلّل الشعب، وها أنا بعد ما فحصتً الأمر أمامكم، لم أجد فيه أيّ ذنب» (لو 23: 13-25).
وأخيراً يا صديقي: أيّ موقفٍ من هذ المواقف الثلاثة تعيشه أو عشته، وما الّذي ينبغي عليك أن تفعله؟