و ليسع كل واحد منا إلى ما يطيب للقريب في سبيل الخير من أجل البنيان (رو 15 /2)
مقالة نظرات يسوع - الأب يونان عبيد
تحديد النظرة: يسوع كونه إنسان كان ينظر ككل الناس وكما تكلم بلسانه تكلم بنظراته. والنظرات عنده هي نار ونور، أي نار تحرق في بعض الأوقات. كان يحرق بنظراته الكتبة والفريسيين وجنّ جنونهم باحدى نظراته ونور يُضيء في عتمات الكثيرين. ونحن انطلاقاً من هذه النظرات بامكاننا ان نعبُر ونُعَبّر لأن النظرة هي عُبور وتعبير، ننظر فنَعْبُر لنُعَبّر عن شيء ما. أمّا بالنسبة لنظرات يسوع فالبعض قبلها والبعض الآخر رفضها.
النظرة الاولى: نظرة حبّ ودعوة
اول شخص نظر إليه يسوع وأحبه هو الشاب الغني نظر إليه وأحبه ولكن للاسف الشاب الغني لم يتجاوب مع هذه النظرة المُحبّة ليسوع وهذا لا يعني أنه سيّء، إنّما لم يستطع أن يتجاوب، لأنّ هذا الشاب الغني كان عنده همّ الحصول على الحياة الثانية وهو لا يعلم كيف وإلى اين يذهب، ذهب الى يسوع وسأله ما عليه ان يفعله؟ وكان ليسوع جوابين الجواب الاول: إحفظ الوصايا ويسوع هوَ من عدّدها لهُ وأضاف واحدة وهي لا تظلم، مما يدلّ ان الظلم أكبر خطيئة يكرهها يسوع لأن الغني ممكن أن يظلم بسهولة من خلال عمله، فقال له الغني هذه حفظتها منذ صغري وعندها نظر إليه يسوع وأحبّه وهذا يعني إن انت يا يهوديّ إنسان جيد جداً فانا سأزيد من قيمتك اكثر ولا اريد ان أجعلك يهودي فقط انما مسيحي. أنت تتبع وصايا موسى، أنا اريد منك ان تتبع وصيتي وأمّا هذه الوصيّة فهي: اذهب وبع كل ما تملك واعطه للمساكين واتبعني. عندها نظر الشاب الغني إلى يسوع ولم يستطع أن يلبّي الدعوة، ويسوع الذي قال له وانت يكون لك الكنز الكبير، اي عليك ان تتخلى عن كل ما يمكن اقتنائه من الناس وهذا شيء عابر، إنما الكنز الذي أعطيك إياه يدوم طول الزمان ولا أحد يستطيع اعطاؤك إياه إلاّ أنا، ولكن أريد منك، كوني متطلّب ومتطلّب جدّاً، أن تتعرّى من كلّ شيء وأن تلبس الحلّة التي أعطيك إياها أنا.
تتعرى من كل المقتنيات وتلبس الثوب الذي ألبِسُكَ إياه وهو يضمن لك أنّ ما تبحث عنه تحصل عليه بكلّ سهولة.
اذاً، هذا الطلب صَعُبَ على الشاب الغنيّ، وأصبح ماله عائقاً، علماً أنه إنسان حسن النيّة والإرادة، ومتحمس للخلاص، وكان قد سجد ليسوع وقال له ايها المعلم الصال ولكن الثغرة واحدة، أنه نظر إلى ربّنا بعينيه وبقيَ قلبه خارجاً. فمضى ذلك الشاب حزيناً لأنه كان ذا مال كثير.
اذاً اتباع يسوع يقتضي تخلّي عن المقتنيات وتحلّي بالوصايا للوصول إلى حالة التجلّي الذي هو ربّنا.
وهذا أزعج التلاميذ فسألوه فمن يقدر اذاً أن يخلص فقال لهم يسوع: ما هو مستحيل عند الناس هو مستطاع عند الله. وهذه العبرة الروحية تعني، أن الإنسان الذي يتكل على الربّ، الربّ يساعده، لأنه لا شيء مستحيل عند الربّ.
كما اريد ان أوضح أنّ ربنا ليس ضدّ الغنى وليس فقط مع الفقير، فالمال هو عطيّة من الله، إذاً العملية ليست عمليّة كميات إنما عمليّة جهوزيّة ونوعيّة حياة، فمن الممكن أن أكونَ غنيّاً وفكري عند الربّ، أو أكون فقيراً وأنسى الربّ، فالربّ ينظر إلى القلب عكس الإنسان الذي ينظر إلى الوجه.
العبرة الروحية: رجل هذا الإنجيل هو مثال لكلّ واحد منّا، مثلاً أنا اذهب إلى القدّاس يوم الأحد، أصلّي مسبحتي وأصوم كل يوم ربّنا لا يريد كميّة عبادات وأقول أنّ الرجل الغنيّ هو مثال مَن يكتفي بأنه يتمّم الوصايا ويشعر بأنّه مدعوّ إلى شيء أكثر. فكروا دائماً أن الذي تفعلونه هنا وأنا ايضاً مع الربّ غير كافٍ، فلا أكتفي وأقول أنّ ما علي فعله قد فعلته وواجبي أنهيته. فخطر أن نكتفي، ويجب ألاّ نرتاح ابداً للحالة التي نحن فيها ونعمل أكثر وأكثر.
اذاً، النظرة الأولى هي نظرة حبّ ودعوة، لقد احببتك ودعوتك أن تكون واحداً من هؤلاء التلاميذ ولكن للاسف حبّي لم يجد أرض خصبة، (ويقال ان هذا الشاب بعدها عاد إلى ذاته وتبع يسوع وسار معه).
النظرة الثانية: نظرة تحدٍّ وتوبيخ.
ثم أجال طرفه فيهم جميعاً وجن جنونهم. لماذا لسبب بسيط، لأن يسوع صنع أعجوبة يوم السبت وشفى إنساناً كانت يده يابسة، فلا يمكن ليسوع أن يقف مكتوف الأيدي أمام شقاء الناس وأمراضها ولا حتى يوم السبت أو الجمعة العظيمة لأن يسوع لا ينظر إلى حرفية الشريعة ينظر إلى الروح، روح المحبّة التي سيعطيها. نادى المريض وشفاه. ولماذا جنّ جنونهم؟ لأن السبت الماضي صنع نفس الشيء ويسوع في مشاكل دائمة مع الكتبة والفريسيين، علماً أن لديه أصدقاء من بينهم مثل زكّا ومتّى وغيرعن مَن من أحبوه ولكن من أجل الحفاظ على مركزهم وكراسيهم كان همّهم أن يرى الناس كم أنهم محافظين على الشريعة. فهم يفرحون برضى الناس ولا ينظرون إلى رضى الربّ الذي يهتم باعماق الإنسان. يوم السبت جاع التلاميذ فأكلوا سنابل القمح. لم يأخذ يسوع السبت بحرفيته بل له معنى إيجابي عندما نعمل الخير، ويكون بهذا الخير خلاص نفس. خلاصها يوم السبت أفضل من هلاكها. في السبت شفى هذا المريض، اولاً ناداه فقال أُدعوه فأنا عندما أسمي إنسان باسمه فهذه علامة احترام والتفاتة مني إليه، فقال له أمدُد يدك وعندما أعاد له يده صحيحة اغتاظ الكتبة والفريسيين.
العبرة: لا حواجز أمام عمل الخير، فيدنا يابسة وقلوبنا يابسة وأفكارنا يابسة بغياب الربّ، ولكن طالما الربّ يسوع حاضر تعود اليد صحيحة، أي أُعيد تكوينها وهذا رمز لتجديد الكون. لا يمكن للكون أن يتجدّد من دون يسوع.
كانت ردة فعل الكتبة والفريسيين لثلاثة أمور:
1. كيف يقدر هذا أن يغفر الخطايا
2. كيف يقدر هذا أن يعطي جسده
3. كيف يعمل أعاجيب يوم السبت
أما يسوع، فلم يهتم لأنه أتى من أجل الخراف الضالة ولكي يعمل الخير وتصبح اليد اليابسة صحيحة والقلب المتحجّر منفتح ولكن نتيجة الخير الذي صنعه أخذ البعض يفتش كيف يُميت يسوع ويتخلّص منه.
الامثولة الاخيرة التي تهمني أنا قبلكم: يسوع بتوبيخه للفريسييّن الذي يتبعون بعض العبادات، يدعوهم أن ينزعوا الأقنعة عن وجوههم، لانكهم يدّعون الأمانة للشريعة ولا يريدون خير الآخر. مثلاً انا أتمسك بالمسبحة وكل العبادات، ولكن هذه لا يمكن تجدي نفعاً إذا لم تترجم عملياً في الحياة. فأنا كاهن وأتكلم كثيراً، ولكن عندما تكون حياتي ومسلكي مغاير لكلامي، تكون حياتي مغلّفَة بقناع. فأنا يجب أن أكون في جهد يومي لأخفف المسافة بين ما أقوله وأعلّمه وأعظه وبين الحياة التي أعيشها. وما اقوله لنفسي ينطبق على كل إنسان. فالناس لا تريد كلام، تريد أفعالاً، فتوجيه المسيح ككلام البابا لا تشبعوا الناس كلاماً، دَعوها ترى.
النظرة الثالثة: نظرة قلب غفور.
ثم التفت يسوع إلى تلك المرأة الخاطئة الربّ يتدخل ساعةَ يشاء وكيفما يشاء ولمن يشاء. في يوم من الأيام يدخل قلب هذه المرأة الخاطئة المعروفة بالزانية، الناس حكموا عليها. وفي يوم دُعيَ يسوع إلى العشاء عند سمعان الفريسيّ وكان قد تشاجرَ مع الفريسيين، تدخل فجأة هذه المرأة وتركع على رجلَي يسوع وتعبر عن ندمها. لم تفتح فمها، لأنه ليس ضرورياً ان أتكلّم كي يسمع يسوع، فهو يفهم بالنظرات والحركات والحالة الداخلية لكل إنسان. المرأة ترجمت توبتها خارجياً في ثلاثة اشياء:
1. غسلت رجلَي يسوع بالدموع
2. قبَّلت رجليه
3. مسحتهم بشعرها
المجتمع حكم على المرأة بالزنى وصارت معروفة بسمعتها السيّئة، وهي تريد ان تمحي هذه الصورة الماضية والسمعة السيّئة، ولم تجد ملجأً وملاذاً إلا بيسوع المسيح. تنتظر منه أن يعطيها براءة ذمة ويصفح عنها. وفي هذا الوقت الذي تعبّر فيه المرأة عن توبتها وندامتها مَن ينزعج؟ الفريسيّ. ماذا يفعل؟ عمل إثنين نحن أيضاً نعمل مثله في كثير من الأوقات: لو كان هذا الرجل نبيّ لعرف أن هذه المراة خاطئة.
اولاً: شكك بنبوة يسوع لو كان هذا الرجل نبيّ
ثانياً: هذه خاطئة: ومَن تكون أنتَ يا فريسي؟ نظر إلى الوجه ولم ينظر إلى القلب عكس الله.
وكم من المرات نحن لو الله يرى هذا الإنسان لأماته لأنه هكذا. فبأي حقّ أقول أنا هذا الكلام؟ وكم من المرّات نتذمّر على ربّنا وننظر إلى الأمور بنظرة بشرية لو كنت يا ربّ عادل لما كنت أمَتَّ هذا الرجل الطيّب وذاك العاطل ما زال يسرح ويمرح. ومن نحن لنحكم أن هذا طيّب وذلك عاطل.
لا احد يعلم كيف ينظر الربّ، فهو ينظر إلى الداخل. اذاً القصّة قصّة إدانة، فكيف بعدها نذهب ونتناول جسد الربّ؟
الدينونة حقٌّ إلهي لا يجوز لأحد أن يحكم على أحد حتى ولو رأيت.
تلاميذ يسوع دخلوا الحقل يوم السبت وأكلوا. اليهودي لا يفعل هذا فقالوا يخالفون الشريعة. وكم من المرّات نحن نقول: أنظر هذا يدخن سيجارة في الصوم أو يأكل ما دخلك أنت؟ الربّ ينظر إلى الداخل. إن قربَ يسوع من الخطأة لا يلغي قربه من أبيه السماويّ. يسوع إتّقن فنّ التعاطي مع الآخرين وأجمل ما قيل كان يدخل إلى قلوب الناس من باب حالتهم.
كان يتقن التواصل والاتصال بالآخر، يدخل إليهم ليخرجهم من بابه وهذه هي الرسالة.
مثلاً: واحد منكم يريد أن يقنع أحد الأشخاص أن يذهب معه إلى الكنيسة وهو ويعرفه لا يفارق البارات. فلا مانع أن يذهب يكلّمه في المكان الذي يجده به، ويدعوه إلى العشاء وهذا إلى أن يصل إلى يوم يستطيع فيه أن يغيّر له نمط حياته ويدخله في نمط الحياة التي يعيشها.
يسوع ينظر إلى المرأة، عندها حوّل أنظار الجميع اليها، وقال الجملة الرائعة غُفِرَت لكِ خطاياكِ غُفرت خطاياها كثيراً، لأنها احبت كثيراً.
إياكم أن يفكّر أحدكم أن يعمل خيراً دون أن يُحبّ. السيّد المسيح كرّر ثلاث مرات سؤاله لبطرس أتحبني؟ ولولا عملية الحبّ، لَما كنّا نحنُ هنا، فالرب يبارك وإذا كان العمل دون حبّ سأتندم وأضجر.
هذه المرأة أحبّت يسوع وطلبت منه أن يغيّر لها حياتها، وطالما أنه لمس هذا الحبّ بتعبير خارجيّ، وهوَ الذي يعرف قيمة الانحناء على الرجلين يوم إنحنى في خميس الغسل.
النظرة الرابعة: نظرة مجازاة ومكافأة لزكا
زكا عشّار، جابي ضرائب ودفع كثيراً من المال للحصول على هذه الوظيفة التي كانت تعرض بالمزاد العلنيّ.
حصل عليها وكان عليه أن يجبي كثيراً، وكان مكروهاً من كلّ اليهود لأنه كان يأخذ منهم المال ويعطيه للمحتلّ الروماني. ولكن أجمل جملة قالها الإنجيل كان يسعى أن يرى يسوع على الرغم من قذارة عمله كان في قلبه مكان صغير جيّد، وهنا الدعوة أن يُنظَر إلى الإنسان من خلال الخير الموجود فيه ولو صغيراً حتى بيوضاس.
هذا الإنسان فكّر فقرّر أن يذهب إلى أريحا وهناك سيرى يسوع. ذهب ووجد زحمة. مانِعان أمامه: أولاً زحمة الناس (أي إنشغالات كثيرة) وثانياً قصر قامته (عائق مادي) ولكن هذا الإنسان قصد أن يفعل جهداً لكي يرى يسوع دون أن يتأثر بالإعاقات، والأجمل من هذا، أنه لم يعد إلى بيته وقال أنه سيأتي مرة اخرى، بل صعد على شجرة وانتصر على الحواجز الماديّة وعمل مجهود إضافي لكي يرى يسوع. ويسوع تجاوب معه والتقت النظرتين، نظرة يسوع ونظرة زكا وفي الحال قال يسوع: إنزل سأتعشى في بيتك.
العبرة هي: هذا الإنسان عمل مجهود صغير لم يكلفه شيء، ربّنا أعطاه جهوزية ?لن تراني وحسب بل انا سأذهب الى بيتك.
طلب هذا الشيء البسيط فاعطاه الربّ اكثر بكثير.
ولمّا ذهب يسوع إلى بيته تضايق اليهود لأنه ذهب الى بيت خاطئ، وهو مَن يأخذ منهم المال ليعطيه للمحتل، واعتبروا أنّ يسوع يوافق على ما يفعله زكا.
لكن يسوع دخل إلى بيته ليخرجه، عمِلَ معه عملية إيمان وندامة confession de foi فقرّر زكا أن يعطي نصف أمواله للفقراء ويعوض عن المظلومين أربعة أضعاف. قال هذا لأنه اعتقد أن يسوع سيطلب منه كما طلب من الشاب الغنيّ وهو يعلم نقطة ضعف يسوع للفقير فقرر ان يعطي المظلومين أربعة اضعاف.
هنا يسوع تجاوب معه وأفهمهُ أنه ليس ضدّ المال والأغنياء. زكا قدم ليسوع عشاءاً ويسوع أعطاه أيضاً من مائدته من أطباقه. أعطاه الثقة والسلام والتوبة وأعطاه الجائزة الكبرى وقال له اليوم حصل الخلاص لهذا البيت.
النظرة الخامسة: نظرة عتب وتحذير
يوضاس يمثل كل واحد منّا يبيع يسوع. مرات كثيرة ندّعي أننا في مدرسة يسوع ومكرّسين ليسوع وفي لحظة تجربة نبيعه. يوضاس يلقّب بالخائن. الخائن هوَ من يبدل معلّمه بمعلّم آخر. الإنسان الذي يخون هوَ الذي يستبدل شريكه بآخر فكرياً وليس بالضروري جسدياً، ومَن يفضل بلد الآخر على بلدِه. هنا يوضاس طمعاً وحباً بالمال قبض ثلاثين دينار فضة. وأنا بامكاني ان أبيع أمانتي لشريكي بزواجي ووظيفتي والدليل هنا على الثمن الذي قبضه القبلة التي قبّلَها ليسوع. حول قبلة المغفرة والمحبّة إلى قبلة خيانة.
لكن يوضاس عنده ناحية إيجابية هي أنه أول مَن اعترف ببراءة يسوع وأعلنها، عندما ندم وأخذ الثلاثين من الفضّة وضرب بهم اليهود وقال لهم: إني خطئت إذ أسلمت دماً بريئاً. والبطولة في النظرة أنه من قلب القذارة أخرج شيءً نظيفاً.
النظرة السادسة:
القديس بطرس على الرغم من غيرته ومحبّته وقع في التجربة وأنكر معلّمه. أنكره لأنه كان يتبعه من بعيد وكل شخص يتبع يسوع وديانته من بعيد إلى بعيد، سيقع بالنكران مهما عَظُمَ شأنه. كلّ واحد يتبع عائلته من بعيد سيقع في الخيانة وممكن أن يختار الإنسان ألا يتبعه، على الاقل هنا يكون صادقاً.
النكران هو التشكيك بالتلمذة ليسوع ونقص في الانتماء وابتعاد عن الأمانة.
اول شخص امتُحِنَ ولمْ ينكُر أباه السماوي هوَ يسوع، عندما جُرِّبَ ثلاث مرّات. وصاح الديك ثلاث مرات ويسوع جُرِّب ثلاث مرات.
عُرض على يسوع التملّك والحريّة والسيادة على هذا العالم. لم يتنكر لأبيه ولم يؤخذ بالمظاهر الخارجية ولم يستغل بنوته الإلهية. ظل محافظاً على الأمانة. مَن يكون أميناً في ما يعمله لا يمكن أن يصل إلى حالة النكران. وعندما أنكر مار بطرس يسوع ثلاث مرات نظر إليه، وهنا النظرة جعلت مار بطرس يبكي بُكاءاً مُرّاً. ولكن على الرغم مِن نكران بطرس نرى في الإنجيل يسوع يسأله ثلاث مرات، كي يذكّره أنه أنكره ثلاث مرات وليقول له أنّه لن يعاقبه وثقته به كبيرة وكما وعده سيكون صخرة الكنيسة.
وهنا الامثولة نحكم على أحد الأشخاص طيلة الحياة لأنّه صدر منه عملاً سيئاً واحداً، المسيح لا يفعل، كان دائماً ينظر إلى الحلول الإيجابية ويشغل عامل الثقة. يسوع سأل مار بطرس إذا كان يحبّه أكثر من كل شيء وأكثر من كلّ الناس وذلك لكي يكون رأس ناجح، عندما تكون قدوة في الحبّ تصير قدرة في العمل وتكون إنسان مميّز. ونظر الربّ لبطرس نظرات كثيرة أخرى:
نظرة تفكير، التفكير جعله يتأمل بما فعل وإلا لما تاب.
نظرة تكفير بطرس عبّر بدموعه لأن الدمعة بالكتاب المقدس هي تعبير عن توبة وندامة.
نظرة تذكير، يذكّر بطرس بما قال له يسوع عن أنّه سينكره ثلاث مرات قبل صياح الديك.
التأمل:
الربّ ما يزال يمرّ بحياتنا ولا يزال ينظر إلى كلّ واحد منّا. المهمّ أن تلتقي نظراتنا وهنا يقول القديس أوغسطينوس: إذا مرّ يسوع بجانبكم ونظر إليكم أنظروا إليه، فأنا اخاف أن يمرّ الربّ ولا تلتقي نظرتي بنظرته فأكون قد أضعت الفرصة وخسرت ثمرة مروره في حياتي.
اذاً الربّ دائماً حاضر، أحياناً يمرّ من أمامي مِن خلال آخر ضعيف، مريض، في القداس في لقاء صلاة في أحد الأشخاص
النظرة السابعة: نظرة دعوة الى الملكوت:
لص اليمين، هذا الإنسان، دخلت نعمة الربّ حياته وحولته من إنسان لص إلى إنسان يرث الملكوت.
اللص الآخر يرمز إلى الإنسان الذي يرفض عمل النعمة في حياته ونحن نمثل اللصين؟.
قال له لص اليمين: أذكرني متى أتيت في ملكوتك. المرأة الخاطئة عبّرت عن ندامتها بطريقة مادية: غسلت له رجليه ومسحتهم بشعرها بينما هذا الإنسان أظهر ندامته من خلال كلامه، أراد أن يكون إلى جانبه وعرف أنهّ حُكِمَ على يسوع ظلماً وحُكَمَ عليه هوَ بالعدل. هذا الإنسان اعترف بخطيئته وأعترف ببراءة يسوع. وما كانت المكافأة؟ قال له يسوع اليوم مثل زكا. ما معنى اليوم السرعة في التجاوب، تكون معي. أنت أصبحت رفيق لي أينما أكون ستكون والدليل على ذلك أنك ستكون معي في الفردوس.
ويبقى نظرات أخرى عدّة منها، نظرة الدعوة إلى الرسالة ليوحنا والتلاميذ الأولين، قالوا له أين تسكن؟ فقال تعاليا وأنظرا. النظرة إلى بنات أوراشليم نظر اليهن قائلاً لا تبكين عليَّ بل إبكين على أنفسكنّ، نظرة لمتى العشار إتبعني وغيرها في الكتاب المقدس آمين.
لقاء مع الأب يونان عبيد الرسل جونيه
الأربعاء 14 أيار 2003.