مَنِ اْستَهانَ بِالكَلِمَةِ يَبيد و مَن هابَ الوَصِيَّةَ يَسلَم (ام 13/13)
مقالة ? علامات رضا الله ? الأخت ماري انطوانيت سعادة
?علامات رضا الله?
(ملاحظة: هذا التعليم منقول عن التسجيل الصوتي لهذا هو اقرب إلى اللغة العامية)
نحن في سنة يوبيلية في عيلة مار شربل، افتتحناها وأردناها أن تكون سنة رضاً.
وحسب البرنامج، دخلنا اكثر وأكثر في هذا الرضا.
?انتَ ابني الحبيب عنكَ رضيت?. اليوم أتكلّم عن علامات الرضا في حياتنا.
سؤال يجب أن يكون هاجس، نسأل ذواتنا كل يوم، هل انت راضٍ عنّي اليوم يا رب؟. كالولد الذي يطلب رضا والده.
الرضى الذي نبتغيه نحن المسيحييّن اليوم، عندنا له مرآة،
مكان، ايقونة، نرى وجهنا فيها، وعندنا صورة نطبعها فينا على مدى أيام
حياتنا ومقياس نقيس عليه، لا نبقى في الهواء، أو بإحساس الغموض، عندنا
مقياس معروف من هوَ، لهُ اسم: هو شخص اسمه يسوع المسيح.
عندما نحكي عن الرضا وهي كلمة مألوفة، كلمة من ثقافتنا من
إطارنا الاجتماعي. لكن كلمة الرضا أوسع وأعمق بكثير من الثقافة ومن
مجتمعنا. مقياسنا نحن المسيحييّن ونحن بالذات عيلة مار شربل والرضا الذي نطلب هو الرضا ذاته الذي اعطاه الآب لابنه يسوع.
ثلاثة ظروف في حياة الرب يسوع نسمع فيها عن رضا الله.
1- المعمودية: لما
أطلَّ يسوع على المجتمع، وأرانا وجهه، تعمّدَ معموديّة الخطأة، التوبة،
معمودية يوحنا. اتى يتعاضد مع بشريتنا الخاطئة والضعيفة، وأتى ينتظر دوره
كي يأتي يوحنا ويسكب على رأسه ماءً عادية. في هذا المكان، في فعل الطاعة
هذا والطواعية والانسياق الذي عمله يسوع، استحق أن يسمع صوتَ الآب يقول
له: ?أنتَ ابني الحبيب عنكَ رضيت?.
هنا في هذا المكان، ببداية رسالة يسوع وبهذا الفعل، وهل
نقدّر هذا الفعل الكبير الذي اعتبر فيه يسوع نفسه خاطئ مع الخطأة، بهذا
الإذلال الذي عاشه هناك، استحق ?انت ابني الحبيب عنك رضيت?.
2- التجلّي:
عندما كان مع التلاميذ الثلاثة، بطرس، يوحنا ويعقوب وظهر يسوع على حقيقته،
بوهجه ونوره على التلاميذ. في هذا الوقت والمكان والزمان تذوق التلاميذ
مجدَ يسوع وسمعوا الكلام ?هذا هوَ ابني الحبيب عنه رضيت فله
اسمعوا?. هنا، لحظة المجد، كُشِفَ عن وجه يسوع المنير الحلو. في يوم
الجمعة العظيمة قلنا، ?لا منظر له فنشتهيه?، حمل آثامنا
فرذلناه، شوَّهناه ولم يعد بامكاننا النظر إليه، لكن بالتجلّي عاش
التلاميذ أختباراً آخر، يسوع الممجّد، النور، الحقيقة الإلهية وهناك سمعوا
الكلام الموجه لهم، وهذا ما جعلهم قادرين على حمل عبء الصليب?
?له اسمعوا?.
3- في مكان ثالث، في إنجيل يوحنا. النزاع في بستان الزيتون.
يوحنا يقول خرج مع تلاميذه، ويقول (يو 12) ?الآن نفسي
مضطربة فماذا أقول: يا أبتِ نجّني من تلكَ الساعة وما أتيت إلاّ لتلكَ
الساعة?، فانطلق صوتٌ من السماء يقول ?قد مجّدتُه
وسأُمَجّدُه?. يظن البعض انه رعد ويسوع يقول، هذا الصوت لأجلكُم ليس
لأجلي. وهذا بمعنى أني رضيتُ عنه وسأرضى أكثر، لأنّه سيذهب إلى أقصى رسالة
الحبّ، وهناكَ على الصليب سيرفع يديه لأجلنا، هناك قد مجّدته اليوم
وسأمجّده ايضاً، سيظهر حبّ الآب. وعندما يقوم من بين الأموات هناك مجدي
سيكتمل به لكن أولاً، على الصليب.
هذه ثلاث مواقع، يقول لنا الآب هذه هي الصورة، المرآة
والأيقونة، التي تستشفّوا منها لتفهموا رضايَ عليكُم، تقتدوا فيها وتصيروا
مثلها، تتركوا هذه الصورة تُنسَج وتُحيَّك في قلوبكم لكي تصيروا انتم
ايضاً من الذين يقول لهم الآب ?انتَ ابني الحبيب الذي عنه
رضيت?.
إذاً، رضا الله علينا يكون بقدر ما صورة يسوع الإبن تنطبع في قلوبنا.
صوت الآب سُمِعَ منذ بداية حياة يسوع، في وسط آلام يسوع وعذابه
وخوفه، الذي عاشه في نزاعه وهناك تشدّدَ بهذه الكلمة والتلاميذ ايضاً:
?سأمجّدُه، مجّدْتُهُ وسأمجِّدُهُ?. والمكان الثالث ساعة
المجد سابقة وقتها، ساعة التجلّي. إذاً رضا الله قادر ان يتبعنا في كلّ ظروف حياتنا،
بالعزّ والخوف والفرح والحزن، وليس فقط عندما نخطئ أو عندما نكون في
حالة النعمة، هو في كلّ اوقات حياتنا. هذه الثلاث نقاط ما هي إلاّ دلائل
ظاهرة، يوم بعد يوم، والآب كان يرضى عن الإبن في كل دقيقة وكل لحظة لأنّه
في كل عمل كان يعمله يسوع كان يحقق رضا الله في حياته. هذه الصورة لها ملامح دقيقة ومواقف للتبنّي لرضا الله نتحقق منه من خلال بعض العناصر التي عاشها يسوع وهي :
1- يسوع عاش علاقة مميّزة، حميميّة مع الآب.
كان كلّما تسنح له الظروف يختفي عن الأنظار. ويجدوه أمّا في الجبل
يصلي أو في الصحراء أو في القفر وفي الليل? يستفيد من كل لحظة
انعزال ليلتقي بابيه ويعيش هذه الحياة الحميميّة، الخاصة بينه وبين الآب.
هذا كان النفس الوحيد ليسوع لكي يقدر ان يستمر ويتحمل كل شيء، مثل حاجة
النوم والطعام والشراب لنا، كان يسوع بحاجة ليستنير من اباه ويجلس معه.
وهذا وقت ضروري في حياة يسوع، وقت مكوّن لرسالة يسوع.
تنجح رسالته على الأرض، ويقدر أن يعمل إرادة الله لأنّه كان يقدر أن يعيش هذه العزلة وهذا الصمت مع الآب لهذا استطاع أن يكمل للآخر.
يسوع يعلّمنا هذا. وانتمائنا لعيلة مار شربل هو لهذه الحاجة،
لوقت الصمت والتأمل والحياة الخاصة مع الآب والابن والروح القدس، الصلاة
الداخلية لكي مثل يسوع نعيش حميميتنا، وهناك بهذه المواقع نرى هل الرب
راضٍ عنّا.
هنا في هذا المكان، اسألهُ، هل انتَ راضٍ عني يا ربّ؟ ويسوع
يعلّمنا كم هذا ضروري جدّاً لحياتنا الروحية إذا أردنا أن نستمر لنموت
فيها لأن حياتنا الروحية تكمل معنا.
2- موقف ثان نتأمل بيسوع لنرى قدرتنا على عيشه: كلمة ?ما جئتُ لأعمَل مشيئتي بل مشيئة أبي? كلمة للتأمل.
كان بينه وبين الآب تناغم كيفما سارت الأمور، فكان هاجسه رضا الآب ?اعمل إرادة الذي أرسلني?. وهمّه العيش في طاعة الآب، في طواعية لإرادة الآب،
حتى في نزاعه قال ?أبعد عنّي هذه الكأس? ثم ?لا مشيئتي
بل مشيئتك?، وايضاً على الصليب ?لماذا تركتني? ثمّ
?بين يديكَ استودعُ روحي?.
مهما كانت ظروف حياتنا إذا اردنا أن نكون أبناء للاب سؤالنا
اليومي ?هل يا ربّ انا أطيعك? ?ماذا تريد منّي
لاعمل?؟ ما هيَ مشيئتك عليَّ؟
سؤال نسأله في يومياتنا قبل اعمالنا وبعدها، وبالصلاة ?أنا يا ربّ أريد وأرغب أن أعمل مشيئتك لكن علّمني كيف أتمّمها?.
المهم ان يكون عندنا الرغبة والصدق. وأتفحّص كل يوم ما يغلي في أعماقي،
وهل أنا حقيقة أعيش طاعة يسوع لأبيه، هل بعلاقاتي، عملي، فكري وقولي أعيش
إرادة الآب عليَّ. مسأله أحلّها بيني وبين يسوع وبين الآب والروح القدس
الذي يلهمنا لنرى حقيقة انفسنا.
3- يسوع تمّمَ رضا الآب عليه عندما عكس رحمته على البشريّة من خلال أعماله وأقواله.
العجائب التي عمِلَ، لطافته مع الطفل، مع الخاطئ? كان يسوع التعبير والتجسيد الكامل لرحمة ولمحبة وشفقة الآب علينا.
يسوع قال أنا لا احكم عليكم، مع أنه هو وحده من سيحكم علينا، لكن قال ذلك
لكي لا نحكم نحن بعضاً على بعض لأنه يعرف جبلتنا وكم نحن نحكم بكثرة على
بعضنا. وهنا مجال كبير لفحص الضمير. هنا موقع الخطيئة الحقيقيّة، لأن لا
رحمة في أحكامنا. إذا اردنا أن نلبس صورة يسوع ونفتش عن رضا الله، علينا
أن نلبس أحشاء الرحمة ،يكون عندنا نظر يسوع وسمعه وفكره الذي يرفع الإنسان
ولا يحطمه. نحن لسنا كذلك، لكننا قادرين مع يسوع وإذا تأمّلنا بوجهه ان
نصير، ونسأل الرب يسوع القائم من الأموات أن يقيمنا من الجورة التي وقعنا
فيها. وهو سيقيمنا برحمته. مَن منّا بلا خطيئة، مَنْ منّا لم يغطّسهُ يسوع
برحمته مرّات عديدة. إذا نحن عشنا من رحمة الآب، لماذا لا نعكس هذه الرحمة
كما عكسها يسوع من الآب، نعكسها نحن من يسوع إلى اخوتنا.
هنا مجال إذا اردنا أن نعيش مع يسوع، ليس بالشعارات، فعلينا أن ندخل إلي حنايا قلبنا، إلى الزوايا المعتّمة فينا وهناك في الأول نطلب رحمة الربّ علينا ونطلب أن يكون لدينا قلب ونظر وسمع الرحمة وأحشاء تعرف أن تحبّ وتعطي وتستر.
4- موقع آخر نفحص فيه ذواتنا لنقيس رضا الرب عنّا. يسوع قدّمَ ذاته.
هو قال لا أحد يأخذ حياتي أنا أعطيها أبذلها. نحن الآباء
والأمّهات منّا نتذوق الشيء القليل من هذه المحبة تجاه ابنائنا لكن يسوع
يحبّنا اكثر بكثير، حتى بذل الذات. هذا الشيء مطلوب منّا. إذا كنا أشخاص
نريد حقاً إرضاء الآب والابن والروح القدس، فهذه القربانة التي نتناولها
كل يوم، هناك، على مذبح الربّ، نتعلّم من يسوع الذي قدم ذاته، اتعلم كيف
اكون انا بدوري، هذه القربانة، اتحول لها وأصير مثلها قربانة ابذل نفسي في المواقع التي انا فيها،
اكسر من كبريائي وشموخي واسأل هل هذه القربانة تحوّلني فأعرف بدوري كيف
أعطي بدون مقابل بلا حساب، دون أن أمنّن، أعطي من كياني وتفكيري. المحبّة الحقيقيّة تكون عندما أعطي من كياني ومن حياتي ومن وقتي ومن كلمتي وبسمتي. في كلمة الصلح التي أضعها، وعندها أتحوّل لقربانة يسوع.
5) يقول القديس بولس ?هو صلحنا وسلامنا? ونحن كنّا في العداوة.
نحن كنا نعيش في العداوة، وفي لحظة بإمكاننا أن نعود إلى هذه
العداوة، إلى العهد القديم. أتى يسوع ليصالح البشريّة بعضها مع بعض لكي لا
يعود هناك خلاف وزعل، ليضع الصلح والسلام في بيوتنا واوطاننا، في هذه
الأرض الملطّخة. أتى يسوع ليزرع في قلبنا وحياتنا وأرضنا وبيوتنا، أتى
يعلّمنا الصعب، أذا احببنا مَن يحبنا فأي فضل لنا. أتى يسوع يعلّمنا
الأساس لنعيش. ما أحلى أن تنتشر المحبّة بين الجماعات، يسوع هوَ الضمانة،
هو الضامن، هو فيه ومعه، بموته وقدرته حمل خطايانا، هو الذي أخذ وامتصّ
الحقد الذي فينا ووضع كل هذا على الصليب.
واليوم نحن عندنا قدرته، يسوع القائم من بين الأموات وضع
فينا السلام والقدرة على الاعتذار والصفح والمبادرات الخيّرة وأنتم
رسالتكم هي هذه، وهذه شهادتكم.
هنا يسوع ينتظرنا لنرى رضا الآب عنّا، هو ينتظرنا، فنرى إذا كنّا أشخاص سعاة سلام وهذا بحاجة لبطولة وليس لخنوع، الإنسان الذي يلجم نفسه ويعض على جرحه هذا إنسان بطل.
في هذه المواقع الخمسة نرى إذا الله راضٍ عنّا، إذا كان عندنا هاجس أن نرى رضى الله علينا، نعمل عملية فحص ضمير في هذه النقاط الخمس.
لكن يبقى الأهم لا تنسوا أن تتأملوا في وجه يسوع وهذا كفيل أن يوصلنا إلى كل هذه المواقع التي شرحت بطريقة طبيعية بديهية.
نطلب من الروح القدس أن يطبع صورة يسوع فينا، فكلما انطبعت صورة يسوع فينا كلّما تحوّلنا لنصير ابناء الله، وعندها لا بدّ أن اسمع هذه الكلمة ?انتَ ابني الحبيب عنكَ رضيت?.
علامات الرضا: لنرى إذا كان الربّ راض:
1- ان نحب بعضنا البعض، هذه كلمة مستهلكة، محبتنا هي بوحدتنا،
اولاً وحدة مع الذات. أنا واحد أم اكثر. الوحدة بالعمل والعيلة، اصعب شيء
في المحبة أن تكون واحد. إذا وجدت هذه الوحدة فهذه علامة من علامات رضى
الله.
2- لا وحدة بدون مصالحة.
الغلط مسموح لكن ليس مسموحاً أن نبقَ في الغلط، في الخطيئة، المهم ان نطلب
السماح ولا نبقَ في الخطيئة. لا احد لا يُخطئ. لكن إذا خطئنا، فلنعرف كيف
نأخذ المبادرة للمصالحة والاعتراف. كل هذا يولد الفرح على وجوهنا.
?إفرحوا وأقول لكم إفرحوا?.
كل هذا يتطلّب أن اكسر وأنسى ذاتي، أن أعرف حجم ذاتي
بموضوعيّة، وبدون أن أذلل ذاتي، انسى ذاتي من أجل الآخرين، قيمتي بعطائي،
ليس بما آخذ.
للعيش الحقيقي في رضا الله، اسأل هل عندي القدرة لأنسى ذاتي؟
والإنسان الذي ?يرضى الله عنه? هو إنسان سعيد يشكر الله في كل وقت.
والذي يعرف كيف يشكر هو أكثر إنسان يعيش في رضا الله.
يشكر على المحنة وعلى المصيبة كما يشكر على النعم. والذي يعرف يشكر يرى كثرة نعم الله وخيراته.
نتكل على الله في كلّ شيء. فالإنسان المسيحي الملتزم يهمّه اولاً الغاية التي نحوها نذهب. لا نتلهّى بالأرض ولكن ننظر للأبعد. نحن مسافرين، ليس لدينا هنا مدينة باقية. نحن سنرحل، فلنعش بجديّة، نعم، لكن لا ننسى غايتنا، نخزّن لقجّة السماء، لأنه هناك موطننا وهناك احضان الآب تنتظرنا. ننظر إلى الغاية ومن أجلها ننظم سلَّم أولوياتنا. فبالتنظيم سنكون حقيقة نعيش وننفذ رضا الله في حياتنا.
آمين.
الأربعاء الأول من شهر نيسان 2005؛ 6-4-05
الأخت ماري انطوانيت سعادة ? كنيسة مار شربل أدونيس