فأنتم أيضا تحزنون الآن و لكني سأعود فأراكم فتفرح قلوبكم و ما من أحد يسلبكم هذا الفرح (يو 16 /22)
البشارة بيسوع المسيح - القس أنطونيوس فكري
البشارة بيسوع المسيح
لوقا 1 / 26 - 35
الآيات (26-27): "وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة. إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم."
(في الشهر السادس= في اليوم السادس سقط الإنسان وفي الشهر السادس البشري بميلاده وهو يوافق شهر نيسان أول شهور العام، فالمسيح بدء خليقة جديدة. وفيه يعمل الفصح والمسيح فصحنا)
البشارة الأولى تمت في الهيكل أثناء العبادة الجماعية وكانت بشارة عن أعظم مواليد النساء. أما البشارة بالمسيح الله المتجسد الذي أخلى ذاته فكانت في بيت فقير مجهول، في قرية فقيرة مجهولة، بطريقة سرية، لم يلمسها حتى يوسف النجار صاحب البيت نفسه، مع فتاة فقيرة بسيطة عذراء. ولاحظ تكرار لقب العذراء كتأكيد لعذراويتها (خر1:44-3). ومدينة الناصرة= مدينة في الجليل شمال فلسطين تبعد 88ميلاً شمال أورشليم، 15 ميلاً جنوب غربي طبرية. عاش فيها يوسف النجار والعذراء مريم، وقضى فيها المسيح عمره حتى وصل للثلاثين من عمره بعد عودته من مصر لذلك سمى بالناصري (مر9:1+24:1). وحين بدأ رسالته رفضه أهلها (لو28:4-31). والمدينة مبنية على جبل (لو29:4) وكانت مدينة عديمة الأهمية لم تذكر في العهد القديم ولا وثائق الدول العظمى.
آية (28): "فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة أنت في النساء."
سلام لك أيتها المنعم عليها= الترجمة الصحيحة أيتها الممتلئة نعمة. فالرب اختارها لأنها كانت مملوءة نعمة، وأطهر وأشرف إنسانة في الوجود، ثم ملأها بالأكثر، وأعطاها نعمة فوق نعمة. وهيأها لتصير أماً له. وكلمة سلام= تشير للفرح. والله ملأها من كل نعمة وما أعظم هذه النعمة أن يتحد في بطنها لاهوت المسيح مع ناسوته، إتحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة. الرب معك= ذاقت معية الرب على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدمت له من جسدها ودمها.
الآيات (29-31): "فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع."
لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه فهي لم يسبق لها الكلام مع ملائكة ولكنها صارت الآن تتحدث مع ملاك. يسوع= أي مخلص.
آية (32): "هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه."
إن كان ابن الله قد صار إبناً لداود، فهذا كان لنصير نحن أبناء الله.
آية (33): "ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية."
الملك هو ملك روحي وليس ملك أرضي كما يفهمه اليهود لذلك هو أبدي.
الآيات (34-35): "فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلاً. فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله."
سؤال العذراء لا يدل على شك، بل هي لا تدري كيف يتم هذا الأمر وهي عذراء ولقد نذرت نفسها لتخدم الهيكل دون زواج. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة في التاريخ أن تحبل عذراء بدون زرع بشر. أما في حالة زكريا فلم يكن له العذر وهو الكاهن وحالته سبقت وحدثت. وكانت إجابة الملاك على سؤالها كيف يتم هذا الأمر؟ بقوله أن الروح القدس يحل عليها لتقديسها، روحاً وجسداً، فتتهيأ لعمل الآب الذي يرسل ابنه في أحشائها يتجسد منها. حقاً هذا سر إلهي فائق فيه يعلن الله حبه العجيب للإنسان وتكريمه له.