قم يا رب إلى مكان راحتك أنت و تابوت عزتك (مز 132 /8)
سر الزواج و العائلة المسيحية - الأب بطرس لورنس
سر الزواج والعائلة المسيحية
الأب بطرس لورنس
عندما ننظر الى العائلة المقدسة نلاحظ ثلاثة أشخاص مرتبطين بعضهم ببعض، مار يوسف ومريم ويسوع
انها مثال ارتباط الثالوث الاقدس الآب والابن والروح القدس.
ان وحدة العائلة المقدسة منحت ثمار الخلاص لكل البشر بواسطة الرب يسوع. هذه الوحدة تأتي من الايمان باللـه (إله العهد) الذي حقق مع ذاته الوحدة على مر الزمن.
اذن العائلة المقدسة مرتبطة باله العهد
والعائلة المسيحية اليوم مرتبطة بيسوع المسيح المخلص بالروح القدس الذي يعطي الحياة للذين يؤمنون به.
من هنا ننطلق اليوم في رحلة مع العائلة المسيحية في فهم وتحقيق الحدث الالهي الذي زرعه اللـه في العالم منذ الخليقة والى يومنا
هذا الزرع الجيد الذي اعده في الملكوت عندما خلق آدم وحواء وقبل ان تشوه صورته بالخطيئة.
في البدء خلق اللـه:
نقرأ في سفر التكوين (1/27-28)
:" فخلق اللـه الانسان على صورته على صورة اللـه خلقه ذكراً وانثى خلقهم.
وباركهم اللـه وقال لهم:
انموا واكثروا واملأوا الارض".
لا يريد الكتاب المقدس ان يعطي الصورة الكاملة عن كيفية الخلقة، بقدر ما يعطي قوة اللـه في تحقيق شيء يشبهه وهو الانسان
وان يكون شريكه في خلق الحب، اللـه احب فخلق الانسان، والانسان يحب شريكة حياته فيشترك مع اللـه في تكميل الخلقة البشرية. من هنا يتم بناء العائلة المسيحية الصحيحة
ومن هنا تنطلق فكرة العائلة المسيحية المرتبطة باللـه
وبيسوع المسيح الذي هو رأس الكنيسة (افسس 5/23).
هذه العائلة المخلوقة على صورة اللـه في العطاء الذي لا ينتهي. هذا هو سر الزواج الذي كثيراً ما ننسى مفاعيله في حياتنا العائلية بسبب الخطيئة التي شوهت صورته.
علينا اليوم ان نعيد ونحقق بعض المفاهيم الايمانية، والروحية، والاجتماعية، لعائلتنا المسيحية.
العائلة في سر الزواج:
يُعرِّف التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية سر الزواج بـ(العهد)،
ولم يقل هنا بـ(العقد)، من هنا يتم التمييز في المسيحية عن بقية الاديان لمفهوم الزواج. الزواج المسيحي هو رباط شِركة مع الاخر، مثلما اللـه جعل هذا الميثاق (العهد) مع شعبه الى الابد هكذا الزوجين.
ولايمكن ان يحل هذا الزواج إلا إذا كان من الاساس لم يُبنَ على هذا العهد المقدس.
العهد الذي يقوم بين الرجل والمرأة تشمله شركة الحياة كلها، وتهدف من طبيعتها الى خير الزوجين والى انجاب البنين وتربيتهم تربية صالحة، في الايمان، ومخافة اللـه، ومحبة الاخرين.
هذا العهد الذي اعطاه يسوع المسيح الاهمية الكبرى عند حضوره عرس قانا الجليل (يوحنا 2/1-11).
نرى فيه تثبيتاً لسر الزواج وآية فعالة من آيات حضور المسيح.
لقد علم السيد المسيح في كرازته المعنى الاصيل لاتحاد الرجل والمرأة كما اراده الخالق منذ البدء.
فاتحادهما بالزواج لا يقبل الانفصام، لان اللـه نفسه قد أقره:
"ما يجمعه اللـه لا يفرقه انسان" (متى 19/6).
فالمسيح جاء ليعيد الخليقة الى نظامها الاول الذي بلبلته الخطيئة، فهو يعطينا من القوة والنعمة ما يُمّكِنُنا هنا ان نعيش الزواج في ملكوت اللـه وفي بُعدِه الجديد.
في ان يدركوا معناه الاصيل وهو العيش بمعونة المسيح، وان يتبعوه حاملين صليبهم لان نعمة الزواج إنما هي ثمرة صليب المسيح ومصدر كل حياة مسيحية.
وهذه الحياة كلها تحمل طابع الحب الزوجي القائم بين المسيح والكنيسة، وهذا ما يعلمه القديس بولس:
"أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وضحى بنفسه من اجلها ليقدسها" (افسس 5/25-26)
"ولذلك يترك الرجل اباه وامه ويلزم امرأته فيصير الاثنان جسداً واحداً. ان هذا السر لعظيم وأعني به سر المسيح والكنيسة" (افسس 5/31-32).
نحن والزواج:
علينا اليوم قبل ان نقبل الى سر الزواج المقدس ان نفكر ونتأمل جيداً بمقومات الزواج المسيحي الاساسية
والتي يقوم عليها السر ويتأسس وهي:
الحب، والرضى التام، وانجاب البنين
هذه الثلاثة هي التي تجعل الزواج ارتباط عهدٍ مقدس لا يقبل الانفصال.
الرضى الزوجي:
(بموجب كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية) الفقرات:
1625- طرفا الميثاق الزوجي هما رجل وامرأة مُعمّدان طليقان من كل قيد زوجي، يُعربان بِحرية عن رضاهما:
وتقوم الحرية هنا على ما يلي:
1- ان لا يمارس أي ضغط على طالب (أو طالبة) الزواج.
2- ألا يحول دون زواجهما أي شرع طبيعي أو كنسي.
1626- تعتبر الكنيسة تبادل الرضى بين الزوجين عنصراً أساسياً (مكوناً الزواج). فإذا انتفى الرضى ليس ثمة زواج.
1627- قوام الرضى (فعل انساني فيه يتم بين الزوجين موهبة ذاتيهما أحدهما للآخر): (اقبلُكِ زوجةً لي...)،(اقبلكَ زوجاً لي...) هذا التراضي الذي يربط الزوجين احدهما بالاخر يبلغ مداه في ان الاثنين يصيران (جسداً واحداً).
1628- يجب ان يكون الرضى فعل ارادة كل من المتعاقدين، بريئاً من كل عنف أو خوف خارجي خطير وليس ثمة من سلطة بشرية بإمكانها ان تقوم مقام هذا الرضى. فإذا انتفت هذه الحرية كان الزواج باطلاً.
1630- الكاهن الذي يحضر اكليل الزواج يتقبل رضى الزوجين باسم الكنيسة، ويمنحهما بركة الكنيسة.
إن حضور الخادم الكنسي والشاهدين يعبر بطريقة مرئية عن ان الزواج هو حقيقة كنسية.
1632- لكي يكون وعد الزوجين عملاً حراً ومسؤولاً، ولكي يقوم الميثاق الزوجي على أسس بشرية ومسيحية راسخة ودائمة
لا بد من اعتبار التأهب للزواج واجباً في غاية الاهمية.