طوبى لِمَن لا يَحسُبُ علَيه الرَّبّ إِثْمًا و لا في روحِه خِداع ( مز 32 /2)
إلى عروسَين في المسيح - الأرشمندريت توما (بيطار)
إلى عروسَين في المسيح
الأحد 24 تموز 2005
تدخلان اليوم سرّ الزواج، فعلى بركة الله!
الزواج عندنا سرّ. لا هو اتفاق ولا هو عقد بين طرفَين، بل سرّ إلهي.
والسرّ معناه الحقيقة التي تفوق مدارك الناس لكنّها تتجلّى في مطرح في حياة الناس. هذا المطرح، اليوم، هو أنتما.
الله يقيم بنعمته فيكما كإناء. يجعلكما واحداً، خليّة إلهيّة واحدة في جسد المسيح الواحد الذي هو الكنيسة.
ليس اتحادكما لا من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله (يو 1: 13).
تأتيان بقربان، بتقدمة، كما يأتي المؤمنون إلى سرّ الشكر.
وتقدمتكما هي نذرُكما أن تسيرا معاً إلى وجه ربّكما باتفاق عزم واليدُ باليد، والربّ الإله يقتبل تقدمتكما ويبارك عزمكما ويعطيكما ذاته ويجمع ما بينكما إلى واحد.
الزوجان في العالم وجه كل منهما إلى الآخر. يشكِّلان حلقة مقفلة
نوعاً من أنانية ثنائية، يطغى فيها، عادة، الرجل، وأحياناً المرأة.
أما أنتما فوجهُكما إلى المسيح إلى أن يصير المسيحُ وجهَكما.
وهو كذلك معكما وفيما بينكما. أنتما حلقة مفتوحة على المسيح وبه على العالم أجمع. لستما لنفسيكما بل للذي افتداكما واختصّكما بحياته.
اليوم تدخلان فردوس محبّة الله. هذا تنعمان به بالطاعة لله، بحفظ وصاياه أولاً وأخيراً.
كل منكما للآخر جحيم أو فردوس:
جحيم إذا ما أقام معانداً في أنانيته، وفردوس إذا ما خرج من نفسه وانعطف صوب شريكه.
كل منكما للآخر علامةٌ منظورة لحضور المسيح غير المنظور. كل منكما للآخر أمانة ومدرسة وامتحان. مرآة لشريكه. هنا تُعطَيان أن تتروّضا على محبّة الله وعِباد الله.
على كل منكما أن ينسى نفسه بإزاء شريكه. همّه ينبغي أن يكون شريكَه. لا تأتي، أيّها الرجل، إلى البيت بأتعابك. اترك لزوجتك أن تتّخذها من ذاتها بالمحبّة.
أنتَ اهتمَ بأعبائها هي. خفِّف عنها بانتباهك لها، بعطفك عليها. وأنتِ، أيّتها الزوجة، افعلي لزوجك الشيء نفسه.
ليس ما يخفِّف ثقل الحياة أكثر من الحنان. بمحبّتك لا تخفِّف عن شريكك وحسب بل تخفّ أحمالك أنت أيضاً.
ليسمع كل منكما الآخر جيِّداً، بانتباه، من القلب.
لا يكن همُّكَ، أيّها الرجل، أن تُسمِع امرأتك رأيك، ولا أنتِ أيّتها المرأة. هذا بحاجة من كليكما إلى بعض الجهد: أن يصمت كلٌّ منكما عن نفسه.
كلمة مَن تسري في البيت، كلمتُكَ أنتَ أمْ كلمتُكِ أنتِ؟
لا بل كلمة المسيح!
وهذه تَعِيانِها إذا ما كان كلٌّ منكما مستعداً لأن يُفْرِغ نفسه من مشيئته الخاصة. لا يتّخذن أحد منكما كلامَ المسيح باطلاً دعماً لرأيه الخاص. تعلّما أن تطلبا الحقّ وأن تسلكا فيه.
اعترفا بالحقّ أينما وجدتماه.
هذا يتسنّى لكما إذا ما كانت عينُ كلٍ منكما على خطاياه هو، إذا ما كان مستعداً لأن يقول في أي وقت:
"أخطأتُ، سامحني/سامحيني!"
فقط باتضاع القلب يتحسّس كلٌّ الحقّ. شريكك يخطئ أيضاً؟ طبيعي! أصلحه، ولكن بالرفق! دعه يشعر أولاً بأنّك تحبّه. نقّ نيّتك قبل ان توجّه ملاحظاتك. لا تَأْتِه متوتّراً، مشحوناً، معانداً.
خير لك أن تلزم الصمت إذا لم تكن نفسك هادئة. أجّل الكلام إلى وقت موافق.
وفي كل حال ليكن ذكر اسم الربّ يسوع في ذهنك وعلى لسانك دائماً. لا تعمل شيئاً إلاّ بعد ذكر الله.
الصلاة خير منظّم لشؤون الحياة. وأبسط الصلاة وأغناها صلاة يسوع: "أيّها الربّ يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمنا".
لتكن قاعدة الحياة لكما في الأسرة الصلاة والصوم وقراءة الكلمة الإلهية والإحسان واستفقاد المثقلين بالآلام. ليكن لكل منكما صلاته اليومية الخاصة به وصلاته المشتركة مع شريكه. هذه لا تُخلِفا فيها لأنّ لكما في الصلاة قوّة ولا أقوى وتقديساً على حمل أعباء الحياة.
والأصوام الكنسيّة، الأسبوعية والسنوية، التزِماها بأمانة لأن فيها تحرّراً من سطوة الأهواء عليكما.
والأصوام الكنسيّة، الأسبوعية والسنوية، التزِماها بأمانة لأن فيها تحرّراً من سطوة الأهواء عليكما.