فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة (يو 3 /16)
قبل الصوم - القديس يوحنا مكسيموفيتش
قبل الصوم
القديس يوحنا مكسيموفيتش
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
إن أبواب التوبة تُفتَح، لأن الصوم يبدأ. كل سنة يتكرر الصوم الكبير، وفي كل مرة يجلب لنا منفعة عظيمة إذا قضيناه كما يجب. إنه تهيئة للحياة الآتية، وبشكل أكثر مباشرة، إنه استعداد للقيامة الباهرة.
تماماً كما يُبنى السلّم في المبنى المرتفع لكي يصعد الإنسان إلى الأعلى بسهولة، كذلك أيضاً أيام السنة المختلفة تلعب دور الدرجات لصعودنا الروحي.
هذا ينطبق بشكل خاص على أيام الصوم الكبير والفصح المقدس.
من خلال الصوم الكبير نطهّر ذواتنا من وسخ الخطيئة، وفي الفصح المقدس نختبر بركة ملكوت المسيح الآتي. عند تسلّق جبل عالٍ، يحاول الإنسان أن يتخلّص من كل الوزن غير الضروري.
بقدر ما يخفّ حمله، يصير صعوده أكثر سهولة ويصير بإمكانه الوصول إلى أعلى.
كذلك أيضاً، لكي نصعد روحياً، ضروري أن نحرر أنفسنا أولاً من حمل الخطيئة.
يُرفَع هذا الحمل عنّا بالتوبة، شرط أن نطرد من نفوسنا العداوة ونسامح كل مَن نرى أنه أخطأ إلينا. عندما نتطهر ونحصل على الغفران من الله، نرحّب بقيامة المسيح الباهرة.
يا للعطية التي لا تُقَدَّر التي تًمنَح لنا عند نهاية جهادنا الصيامي. نحن نسمع عنها في ترانيم أول أيام الصوم: "وليأكل كل منا حمَل الله الذي قُدّم لأجلنا ذبيحة في ليلة قيامته المنيرة المشارك تلاميذه في عشية السر" (أبوستيخن عشية أحد الدينونة).
الاشتراك في جسد المسيح القائم ودمه للحياة الأبدية، هذا هو غاية الأربعين المقدسة.
نحن لا نتناول فقط في الفصح بل خلال الصوم أيضاً. في الفصح ينبغي أن يتناول الذين صاموا واعترفوا وتقبّلوا الأسرار المقدسة خلال الصوم الكبير. قبل الفصح مباشرة، هناك فرصة صغيرة للقيام باعتراف مناسب ودقيق، إذ لاحقاً ينشغل الكهنة كثيراً، وفي أغلب الأحيان ينهمكون في خدَم الآلام. لذا على المؤمن أن يتهيأ قبل هذا الوقت.
في كل مرة يتناول الإنسان أسرار المسيح، يتّحد مع المسيح نفسه؛ كل مرة هي عمل مخلّص للنفس.
لماذا إذاً تُعطى هذه الأهمية لتقبّل المناولة في [ليلة] الفصح؟
من ثم، يُعطى لنا أن نختبر ملكوت المسيح، ومن بعدها نستنير بالنور الأبدي ونتقوّى للارتقاء الروحي. هذه عطية من المسيح لا يحلّ مكانها شيء ولا يضاهيها خير.
لا يحرمنّ أحد نفسه من هذا الفرح بالإسراع إلى أكل اللحوم وغيرها من المآكل بدل المناولة في الفصح. إن المناولة في ذلك اليوم تهيؤنا للمائدة في ملكوت الله الأبدي.