من لعن أباه أو أمه فليمت موتا ( مت 15 /4)
مصيبة الحَسَد - للقديس باسيليوس الكبير
مصيبة الحَسَد
للقديس باسيليوس الكبير
ليس في قلب الإنسان شهوة أسوأ من الحسد، فهو شيء لا يؤذي المحسود وحده، بل يقرض قلب الحاسد نفسه قرضا عميقًا، ويفعل فيه فعل الصدأ بالحديد. هو حزن تُحْدثه سعادة القريب.
ودواعيه عند الحسود كثيرة: إن أخصب حقل جاره... او جمُل منظر داره... او كان سعيدًا مع أهله. كلّ هذه أمور توغر صدره وتزيد ألمه. فهو كالمسلوخ حيًا يؤلمه كل شيء.
إن رأى شخصًا قويا ومعافًى، اغتمَّ، وإن قابل إنسانًا جميلًا، او آخر ذكيًا، جُرح، وإن علم أن أحدًا ناجح، أحسّ بما يُدمي قلبه.
وأشقّ ما في هذه الداء انه مرض مخجل: ترى الحسود خافض البصر، كالح الوجه، يشكو ويُهزل، فتسأله عمّا به فيستحي أن يقول: إني حسود، أشعر بمرارة في نفسي، أتعذّب من سعادة صديقي ولا أطيق الآخرين، وأرى سعادة القريب سيفًا يمزّق أحشائي.
هذا كان يجب أن يبوح به، ولكنه يفضّل الصمت، ويحتفظ بدائه الذي يضنيه ويفنيه.
وما من طبيب ولا من دواءٍ يشفي هذا المريض، لأنّ ما يرجوه من عزاءٍ هو في خراب من يحسدهم.
ولا حدّ لبغضه الا زوال نعمة قريبه.
اذ ذاك ينهض ويُظهر له المودّة، حينما يراه باكيا.
لا يعرف الفرح مع الفرحين بل يعرف البكاء مع الباكين.
يتأسّف لوقوع النكبة، لا عطفًا على المنكوب،
بل لكي يزيد إيلامها بذكر المفقود.