فاضَت عَينايَ مَجاريَ مِياه لأَنَّهم لم يَحفَظوا شَريعَتَكَ (مز 119 /136)
أحد الدينونة - الاب بطرس الزين
أحد الدينونة
الاب بطرس الزين
انه الاسبوع الأخير ما قبل الصوم الكبير . فقد مررنا من بدء التريودي بفترة استعداد وتحضير للعبور في رحلة الى فرح القيامة المجيدة .
وكانت هذه المرحلة ما بين التحضير والإستعداد ، وبين الدخول في الرحلة إلى الفصح ، وكأنها ملخَّصٌ عن مسيرة الحياة كلها ، مابين الولادة أي ولادتنا وعبور الموت والإنتقال إلى القيامة والفصح الأخير .
اليوم يقول الرب للعابرين الى مسيرة الصوم الكبير والرحلة إلى القيامة وملاقاة المسيح القائم المنتصر . انكم لن تلِجوا إلى الفصح الحقيقي إن لم تحبوا بعضكم بعضاً كما احببتكم انا .هذا هو مفتاح خلاصنا ، إن نحن احببنا بعضنا بعضاً. ولكن كيف واية محبة هذه ؟؟؟
يقول الرب وسشدد : محبة كالتي احببتكم بها . محبة بلا قيود ولا حواجز ، محبة غير مشروطة .ان تكون محبة مجانية بلا ثمن كما احببتكم انا يقول الرب .
واليوم يقول لنا في الإنجيل : كيف تعبرون إليَّ وترحلون من حياتكم وماضيكم بما تظنونه صوماً ، وتريدون مشاركتي فرح القيامة ! وها أنا على ارصفة حاراتكم ومفارق بيوتكم وخلف نوافذ جيرانكم واخوتكم تتركوني عرياناً وجائعاً وغريباً وعطشاناً لمحبتكم ولم تلتفتو إليَّ!!!
يا اخوتي : الصوم ليس خروج من العالم والتخلي عن العالم ، فنحن ما نزال في العالم .ونحن ملح الناس وخميرة خبز الناس . علينا ان نكون فرح الناس لأننا ممتلئين من فرح المسيح .
انتم نور العالم يقول الرب ، ومن يرانا يجب ان ينظر الرب فينا ، لأننا نورا له وليس لأنفسنا .
نحن مُخلصين بالمسيح نعم ولكن ليس لأنفسنا فقط ، بل لكي نحمل الخلاص للناس من حولنا ونقول لهم (تعال وانظر) نحن رسل المسيح وخدام كلمته نحن امة مقدسة وشعب كهنوتي .
لأننا مدعوين أن نخدم اخوتنا البشر ونقودهم الى يسوع ليخلصوا معنا. فبهذا نعبر وبهذا نقوم مع المسيح .
المؤمن الحقيقي لا ينتظر يوم العيد في الروزنامة ليفرح بالقيامة ، لأن كل يومٍ يعيشه في خدمة ومحبة الإخوة وتضميد جراح نفوسهم ، وتعزيتهم ومسح الكآبة عن وجوههم بكلمة المسيح . فإنه بهذا يحقق فصحه وقيامته وفرحة مع الرب الحيِّ والقائم في كل حين فينا ، بالفكر والقول والعمل .
الفصح هو فصحٌ ابدي حدث في الزمان مرة وانتهى وصار زماننا فصحاً مستمراً وقيامة بيسوع .
يكفي الرب أنه سُمِرَ مرة ، ومات مرة ، وقام من بين الأموات ووهبنا القيامة . يكفينا اننا صلبناه مرة وآن لنا أن نتعظَ من المرة الأولى . وكفانا صلبا له وموتاً له مع مطلع كل شمس، وغروب كل نهار .
وفي كل شهرِ وسنة . حياتنا وعدم محبتنا هي جرح المسيح النازف أبداً . الإنقسامات والعداوات والبغض والفتور هم مسامير نغرزها في جسده الطاهر الغض في كل يوم . وبدل ان نضمد بتوبتنا جراحه ، ترانا نوغل حربة فتورنا واهمالنا في جنبه عميقاً في كل حين .
(اذهبوا عني ياملاعين الى النار المعدة لإبليس وملائكته...)
رهيبٌ هذا الحكم !!!
ليتنا ننتبه أن عدم المحبة والرحمة والمغفرة للأخ الآخر . توازي عدم الإيمان بيسوع المسيح والعكس صحيح !!!
بمعنى ان هناك تلازم بين المحبة والإيمان بالمسيح . ولا يمكن الخلاص بواحدة منهما . بمعنى آخر أنه لايمكن الفصل بينهما ، لأنهما ترجمتين لمعنى واحد وهو الحياة الأبدية .
( عظيمٌ هو سر التقوى الله ظهر بالجسد )
اي ان التقوى مرتبطة بالله المتجسد يسوع المسيح الإنسان الحي في كل جسد انسان حيّ!.
لا يمكن لأحد مهما علا شأنه الروحي ومركزه الروحي ان يَخلُصَ وهو يدوس احد اخوته هؤلاء الجياع والعراة والعطاش إلى محبتنا جميعاً .
ان كنا نريد العبور لنشترك في ملاقات المسيح من خلال الصوم الكبير ؟،
علينا أن نصحب معنا اخوتنا هؤلاء الصغار، لأنهم احباء يسوع .
هم يسوعنا المصلوب والمهمل في حياتنا .
نحن لا ننتظر القيامة بعد انتهاء الصوم الكبير، لأن المسيح قام وهو قائمٌ اليوم، لكننا نحن نصنع قيامتنا اليوم وفي كل يوم بمحبتنا للآخر ، ونحمل هذا الحب معنا ، لنقدمه لرب المجد المنتصر على كل موت ولنقول له جميعنا:
هذه حياتنا وهذه اعمالنا وهذه ضعفاتنا ، فكللنا بنصرك وقيامتك يارب وهبنا أن نكون لك شهوداً ، نحمل كلمتك زاداً معنا يوماً بعد يومٍ .
وكلنا رجاء أن ينظرنا الربُ في ذلك اليوم المجيد ويقول لنا : إني اعرفكم يا مباركي ابي ،انتم اطعمتموني وسقيتموني وزرتموني .
فنتذكر حينها أن الفقير الجائع في حيِّنا كان يسوع ، والأعمى كان يسوع ، والأجير عندنا والخادمة كانت يسوع .
ايها الإخوة :
ونحن نرفع غداً اللحم عن موائدنا تذكروا انها نصيب الفقراء .
واذا رأيتم أو سمعتم ان فلان معوزٌ ،
انتبهوا فقد يكون هذا يسوع
الذي ترجون ان ترونه في كل حين آمين .