هاهي ذي الفأس على أصول الشجر فكل شجرة لا تثمر ثمرا طيبا تقطع و تلقى في النار (لو 3 /9)
والدة الإله مريم في التقليد الأرثوذكسي - المطران كاليستوس وير
والدة الإله مريم
في التقليد الأرثوذكسي
المطران كاليستوس وير
ترجمه الأب دمسكينوس الكعدة
الفائقة القداسة، دائمة البتولية، والدة الإله في التقليد الأرثوذكسي، المغبوطة مريم تملك عدة أسماء. أيقوناتها تُعْطَى لها ألقاب وأسماء مثل:
"الأم الممجدة من الكل"،
"أم التعزية"،
"أم الحنان"،
"أم اللطف المحب"،
"النبع المعطي الحياة"،
"كفيلة الخطأة"،
السريعة الاستجابة"،
"فرح كل المحزونين"
، وأيضاً، الأكثر لفتاً للنظر "أم الإله، الفرح غير المتوقع".
هذه الألقاب تدل على الشعور بالدفء والفرح، الشعور بالثقة والحماية، هذا الشعور الذي تبثه التقوى لوالدة الإله في الروحانية الأرثوذكسية. إن الإيمان بالمسيح الذي يستثني الحب والتوقير لوالدته يبدو للمسيحي الأرثوذكسي بارداً وغير كامل.
إنه إيمان آخر، مسيحية أخرى غير تلك التي للكنيسة الجامعة الأرثوذكسية.
إذا استثنينا مريم من الحياة الروحية، عندها نكون في خطر استثناء عنصر مؤثّر وبديهي، إدراك أو شعور حسي هام بشكل حيوي لجميعنا.
ولكن بالرغم من أنها ممهورة بشعور قوي وفعال، فإن تقوانا لوالدة الإله ليست بحال من الأحوال عاطفية فحسب أو وجدانية، بل لها أساس ثابت في اللاهوت.
مكانة مريم في العقيدة الأرثوذكسية والحياة يعبَّر عنها في العبارة التي تستعمل أكثر من أي عبارة أخرى (ما عدا المجد والآن) في صلواتنا:
"بعد ذكرنا الكلية القداسة الفائقة البركات المجيدة لنودع بعضنا بعضاً"
هذا النص يزوِّدنا بأيقونة فعلية عن شركة القديسين.
بشكل ثابت المسيح إلهنا هو في المركز، المخلّص والوسيط الوحيد، الذي عليه يستند كل شيء آخر. بجانب المسيح تقف والدته، الأكثر رفعة بين خلائق الله، " الأكرم من الشيروبيم والأرفع مجداً بغير قياس من السيرافيم"، كما توصف في العبادة الأرثوذكسية. ولكن، وبمقدار تعظيمها، فهي دائماً مكرَّمة مع المسيح وتاليةً له، أبداً ليست لوحدها باستقلال عن ابنها. يسوع هو مخلِّصها وفاديها، مخلص وفادي كل الجنس البشري.
حتى ولو كنا نحن الأرثوذكس في بعض الأحيان نقول لوالدة الإله عبارات مثل: "أيتها الفائق قدسها والدة الإله خلصينا" أو "أنت خلاص الجنس البشري"، لكننا نبقى بثبات مقتنعين أنه لا يوجد وساطة أو خلاص بمعزل عن المسيح. مهما كان فعل مريم فهو بالكلية من خلاله وفيه.
بعد والدة الإله يأتي القديسون الراقدون على الإيمان، وأخيراً، الأعضاء الأحياء للكنيسة على الأرض "بعضنا بعضاً" كما تعبّر عنها كلمات الصلاة. بهذه الطريقة، بعد ذكرنا مريم والقديسين والأحياء وإيداع أنفسنا للمسيح، نعبّر عن إحساسنا بالارتباط وأننا معاً من خلال الصلاة المشتركة نكوِّن عائلة واحدة.
العبارة "بعد ذكرنا" تحتوي فعلياً على الأسماء أو الألقاب الثلاثة لوالدة الإله التي هي الأهم في التقوى الأرثوذكسية:
"الكلية القداسة"، "دائمة البتولية"، و "والدة الإله".
هذه الألقاب الثلاثة جميعها نجدها في التقليد الآبائي المبكّر"الفائقة القداسة" غالباً أعطيت لمريم من قبل أوريجنس في أواسط القرن الثالث (في مواعظه حول إنجيل لوقا الإصحاحات 7 و19)، واستعملت بلا ريب من قبل إفستاثيوس القيصري في بداية القرن الرابع (التاريخ الكنسي 3،16).
الأرثوذكسية فهمت أن هذا اللقب يعني أنها برئية من أي خطيئة فعلية، بالرغم من أنها وُلِدَت عرضة لتأثيرات الخطيئة الجدّية، مشتركة في ذلك مع كل الرجال والنساء القديسين في العهد القديم.
بالتالي فالكنيسة الأرثوذكسية ترى فيها الكمال الأسمى للقداسة في شخص بشري، النموذج والمثال لما يكوِّن، بنعمة الله، الإنسان حقيقةً، ولكنها لا تقبل التعليم الكاثوليكي حول الحبل بلا دنس.اللقب الثاني "دائمة البتولية"، يعود بالتاريخ على الأقل إلى القرن الرابع.غالباً قد استعمل من قبل القديس بطرس الإسكندري (+311).
وبالتأكيد فقد استخدم من قبل القديس أثناسيوس (في مواعظه ضد الآريوسيين وفي شرحه للمزامير). في القرن الذي يسبقه، يؤكد أوريجنس بوضوح إيمانه ببتولية مريم الدائمة، بالرغم من أنه فعلياً لا يستعمل المصطلح "دائمة البتولية" بالتحديد في كتاباته الموجودة.
هو يعتبر أن "إخوة" الرب هم أولاد يوسف من زواج سابق، وهنا يختلف بالرأي مع القديس جيروم، الذي يعتبر أن إخوة يسوع هم أقرباؤه. الكنيسة الأرثوذكسية عادة تتبع رأي أوريجنس في هذه النقطة.وبالنسبة للقب الثالث "والدة الإله" فقد استعمل أيضاً من قبل أوريجنس، وبعد ذلك من قبل سلسلة من الكتاب في القرن الرابع، بما فيهم ألكسندروس الاسكندري، إفسابيوس القيصري، القديس أثناسيوس، القديس كيرلس الأورشليمي، القديس غريغوريوس النزينزي، والقديس غريغوريوس النيصصي[1]،
ويصادف أيضاً من مقطع على بردية من القرن الثالث أو الرابع (Sub tuum paresidium) والتي تحتوي على واحدة من أقدم الصلوات المسيحية للمغبوطة مريم، والمعروفة لكل من المسيحيين الشرقيين والغربيين:
"يا والدة الإله إذ قد لجأنا تحت كنف تحننك فلا تعرضي عن توسلاتنا في الضيقات بل نجّينا من كل الشدائد" (أنظر نهاية صلاة النوم).
قبل هذا بكثير، اللقب "والدة الإله"، يدل عليه ضمناً وبوضوح القديس إغناطيوس الأنطاكي في المقطع الشهير الذي كتبه في السنوات الأولى من القرن الثاني: "ربنا يسوع المسيح قد حُبل به من مريم عبر التدبير"
هذا المصطلح أصبح شائعاً على عهد الامبراطور يوليانوس الجاحد (363) الذي كان يهتف بازدراء: "أنتم المسيحيين لا تكفّون عن تسمية مريم والدة الإله"
اللقبين الثاني والثالث يظهران أيضاً في التحديدات العقائدية للمجامع المسكونية السبعة.
"والدة الإله" استُعمِل في المجمع المسكوني الثالث في أفسس (431)،
واللقب "دائمة البتولية" في المجمع المسكوني الخامس في القسطنطينية (553).
اللقب "الكلية القداسة" يوجد في أعمال الجلسة الرابعة من المجمع المسكوني السابع في نيقية (787) بالرغم من أنه ليس في التحديد العقائدي للمجمع. لكن المجمع يصف مريم بأنها "كلية الطهارة، البرئية من كل عيب" "