القصبة المرضوضة لن يكسرها والفتيلة المدخنة لن يطفئها حتى يسير بالحق إلى النصر ( مت 12 /20)
مدخل إلى الله - الاب فادي هلسا
الحلقة الأولى مدخل إلى الله
الله قبل خلق الإنسان
في البدء خلق الله السماوات والأرض
1- وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه
2- وقال الله: ليكن نور، فكان نور
3- ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة
4- ودعا الله النور نهارا، والظلمة دعاها ليلا. وكان مساء وكان صباح يوما واحدا
خلق الله السماوات والأرض وكانت الأرض بدئا خربة وخالية لا نور فيها ولا عمران بل مجموعة تضاريس متداخلة بلا نظام وفيها عشوائية في التكوين .
لم يكن ممكنا التمييز بين اليابسة ومجتمعات المياه أو التمييز بين التضاريس الواضحة لمعالم الأرض البدائية ومع هذا كان روح الله يرف على وجه المياه كما يقول الكتاب .
من هنا ندخل حضرة الله من هذا الباب .
الله لا يحب الظلمة وكذلك لا يحب التخبط وعدم الترتيب .
وأقصد بهذا الله يكره الفوضى والتخبط في أي شيء فهو يحب النظام والترتيب في كل شيء فمثلا الله يحب الترتيب في العبادة وعلى هذا يعلق الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس 14 : 40 قائلا :
وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب .
ونرى أهمية الترتيب للعبادة في سفر اللاوين بكل فصوله فالرب رتب كل أمور العبادة وترتيب كل نوع من أنواع الذبائح وطقسه .
كذلك الله لا يرضى بعشوائية تفسير كلمته المقدسة إنها ستكون فوضى عارمة عندما يفسر الكلمة كل على هواه وعلى هذا يقول الرسول بطرس في رسالته الثانية 3 : 16
كما في الرسائل كلها أيضا، متكلما فيها عن هذه الأمور، التي فيها أشياء عسرة الفهم، يحرفها غير العلماء وغير الثابتين، كباقي الكتب أيضا، لهلاك أنفسهم .
من هذه الأمثلة يتضح أن الله يكره الفوضى ويحب الترتيب في كل شيء وصفة الترتيب يحبها الله في أبنائه المختارين ليكونوا مثالا للعالم في كل شيء .
كانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة .
وأيضا يحب الرب ترتيب أوقاتنا وعلى هذا يقول الرسول بولس
فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ،
مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. أفسس 5 : 16
إذن مطلوب هو السلوك بتدقيق والاهتمام بالوقت لكي يكون وقتنا وأيامنا مقدسة وبحسب ما يرضي الله .
كذلك دخولنا لحضرة الله يجب أن يكون مرتبا وهذا ما راعاه الآباء القديسين حين رتبوا طقوس العبادة فهو ترتيب واجب ولائق بالإله العظيم الذي ندخل ونلتقي معه في عبادتنا الجماعية .
يجب أن تكون أمورنا بترتيب ففي الترتيب يتحقق رضا الله عنا ويقبل كل ما نقدمه له من واجب العبادة .
ونرى العكس كيف نزلت نار الرب الرب على إبني هارون عندما كهنا للرب مخترقين الترتيب المرسوم حين قدما نارا غريبة لم يأمر الرب بها فنزلت نار الرب وأحرقتهما كما ورد في سفر اللاويين 10
فلتكن أمورنا مرتبة بل ونطلب من الرب أن يعلمنا ترتيب كل شيء وهو يستجيب ويعطي لنا ما نطلب آمين .
مدخل إلى الله
الحلقة الثانية
الله نور
وقال الله ليكن نور فكان نور تكوين 1 :3
كانت الأرض بدئا خربة وخالية ومظلمة لا نور فيها البتة ولأن الله نور وليس فيه ظلمة كما يخبرنا الرسول يوحنا قائلا :
وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. 1 يوحنا 1 : 5 .
ولأن الله نور ولا توجد فيه ظلمة فهو لا يطيق لا الظلمة ولا الظلام كل ما صنعه الرب صنعه في النور ولكن المعصية والخطيئة الجدية جعلت البشرية تعيش في ظلام مطبق بحيث أصبحت الأرض بعد نورانيتها الإلهية ظلاما مطبقا مرة أخرى
سفر أيوب 12:
يَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ، وَيُرَنِّحُهُمْ مِثْلَ السَّكْرَانِ.
هذا فعلا حال البشرية بأدق وصف لا ظلمة فقط بل يتلمسون طريق النور فلا يجدوه .
لقد عجزت البشرية أن تدرك أن الرب وحده هو النور الحقيقي بل ومصدر كل نور وخالق النور سواء الطبيعي أو الروحي كما يرتل صاحب المزامير :
سفر المزامير 27:
اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟
وكذلك : سفر المزامير 37:
وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ، وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهِيرَةِ.
خارج الرب كل ما نعيشه يسبح في ظلام دامس لا نور فيه ولا حياة .
يخبرنا سفر التكوين أن يوسف العفيف عاش في السجن سبع سنين لم يكن ضوء بل كانت السجون مظلمة لكن نوره الداخلي أو نور الرب الذي أشرق في قلبه جعله يصبر ليصبح سيد الأرض كلها .
دانيال النبي ألقوه في جب الأسود المظلم المليء بالوحوش لكن نور الرب لم يغب من قلبه ومنحه الطمأنينة والراحة في أقسى الظروف وليس هذا فقط بل أرسل الرب ملاكا منيرا سد أفواه الأسود الجائعة .
وبالمقابل يخبرنا الرب خبرا عظيما بقوله :
إنجيل لوقا 11:
سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا.
بعد ان استنرنا بالمعمودية والمسحة المقدسة وسكن روح الله فينا لا نعود للظلمة القديمة ففيها قتل للنفس والجسد .
لقد جاء الرب يسوع للبشرية لينقذها من ظلامها ولكنه لم يأت نورا ليضيء العالم فقط بل لينيرنا من الداخل لتكون لنا فيه حياة ونور لا ظلام بعده .
إنجيل متى 4:
الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ».
اشرق النور بمجيء المخلص فأضاء الكون بنوره وتخلل النور أجسادنا وأرواحنا فلا يمكن أن نعود للظلمة والموت من جديد بعيدا عن الرب .
لهذا كله من يصر على ظلمته لا يقترب من الرب او بيت الرب أو مائدة الرب .
من بقي في ظلمته ولم يشرق فيه نور الرب فمصدر النور موجود حتى اليوم بلا أي سلطان للظلمة عليه .
وهذا المصدر وهو الرب يسوع لا يمكن أن يتلاشى النور منه بل إن النور هذا سيبقى المصدر الوحيد في الكون حين يرث الله الأرض وما عليها .
فهلموا تعالوا أيها المؤمنون وخذوا نورا من النور الذي لا يعروه فساد وباركوا الرب وقلوبكم تستنير بنوره الذي لا يغرب .
لن يستقبل الرب من يدخل إليه وفي قلبه نقطة من ظلام والمجال مفتوح اليوم لنغترف من هذا النور بلا حساب فتفاصيل هذا النور في كلمته المكتوبة بين أيدينا والنور موجود في الكنيسة في شركة جسده ودمه الذي إن أخذناه باستنارة من نور الروح القدس نثبت في الله ويثبت الله فينا ولاسمه المبارك كل مجد وإكرام إلى الأبد آمين
مدخل إلى الله
الحلقة الثالثة
سفر التكوين 2: 7
وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ.فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.
منذ البدء الله هو مصدر الحياة وهو معطيها لكل حي على الأرض والسماء وفي المياه . إنجيل يوحنا 1: 4
فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ،
أي في المسيح كانت الحياة فالمسيح حياتنا بعد أن عرفنا أنه النور الحقيقي إنه الطريق والحق والحياة فإن دخلنا حضرة الله بترتيب والنور فينا من نوره المقدس فعلينا الدخول نحوه ونحن نقدم له حياتنا كلها نقدم له ما نأكل ونشرب ليباركه ونقدم له ما نلبس متذكرين أنه من ستر عرينا نقدم له مالنا وأولادنا فهو من أعطى نقدم له فرحنا وحزننا بل وآلامنا فهو المُقَدس والمعزي والشافي نقدم له الكل فهو الكل لا نخطط للمستقبل فهو الذي يرتب ويخطط لحياتنا في كل مراحلها .
نقدم له كل شيء ولا نُبقي لنا أي شيء سننال نعمة وبركة وحياة هانئة بقربه له المجد . لقد قدم القدماء باكورة حصادهم وغلاتهم وعشورهم لكن لم يقدموا حياتهم ولم ينتبهوا أن الرب يريد رحمة لا ذبيحة فكان عملهم ناقصا . 21) إنجيل يوحنا 3: 16
لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
في هذه الآية يتلخص حب الله للبشر بأوضح بيان فهو لم يبخل حتى بأعز ما لديه وهو ابنه الوحيد لكي تكون لنا فيه حياة أفنبخل عليه بتقديم حياتنا إليه بأيدينا وبرضانا هو سيقبلها ولكنه سيجعلها حياة مثمرة نقية طاهرة . رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 22
وَأَمَّا الآنَ إِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ، وَصِرْتُمْ عَبِيدًا للهِ، فَلَكُمْ ثَمَرُكُمْ لِلْقَدَاسَةِ، وَالنِّهَايَةُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.
إذن يا إخوتي فمن محبة الرب لنا أعتقنا من الخطيئة وأزال فسادنا الذي نلناه من آدم فنحن في نظره قديسون ولنا به حياة أبدية . أي حب هذا قد أعطانا رب الحياة إنه حب لا متناهي نهايته حياة وبدايته قداسة وطهارة . رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 23
لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.
ما أجمل الحياة مع الله تحرير من الخطيئة وأجرتها القاسية والمميتة وحياة طاهرة في المسيح والنهاية حياة أبدية . رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 1: 21
لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ.
حين نحيا مع المسيح وفي المسيح حتى الموت الذي يُرعب غير المؤمن لا نخافه بل نستعجله لنكون مع معطي الحياة له المجد . رسالة يوحنا الرسول الأولى 1: 1
اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ
كلمة الحياة هي مع المسيح فقط ولالا يمكن أن تكون مع غيره فهو الحياة وكلامه ماء صاف عذب يعطيه مجانا لمن يطلبه بإيمان . سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 27
وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا، إِّلاَّ الْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ.
الخطيئة هي مصدر كل نجاسة ونتيجتها موت فطوبى لمن يطلب الغفران ويحيا في المسيح ويستر دم الصليب خطاياه ويمحوها بمحبة المصلوب فقد نال الطهارة واستحق تسجيل اسمه في سفر الحياة .
لنعش حياة الطهارة مع المسيح ففيه الحياة والنعمة والبركة وتزداد محبتنا له ومحبته لنا كلما التصقنا بكنيستنا الرسولية وتزودنا بشركة جسده ودمه الأزلية والمقدسة نثبت فيه ويثبت فينا ويقيمنا من الموت لنحيا الحياة الأبدية معه في مدينة الله والرب يمنحكم حياة باسمه وتنالوا به الحياة الحياة الأبدية آمين .