الحَقَّ أَقولُ لكم: أَنتُم الَّذينَ تَبِعوني، متى جلَسَ ابنُ الإِنسانِ على عَرشِ مَجدِه عِندما يُجَدَّدُ كُلُّ شَيء، تَجلِسونَ أَنتم أَيضاً على اثنَي عَشَرَ عَرْشاً، لِتَدينوا أَسباطَ إِسرائيلَ الاثَنيْ عَشَر ( مت 19 /28)
التوبة و المناولة - المطران سابا أسبر
التوبة و المناولة
عن كتاب " كلمات من القلب " للمطران سابا أسبر .
بين الممارسة القديمة التي تقضي بعدم التقدّم من القرابين المقدّسة إلا في الأعياد الكبرى، أو تحدّد فترة طويلة بين مناولة وأخرى ، والممارسة الجديدة التي تطلب التناول المتواتر في كل قداس إلهي إن أمكن ،
بات كُثر في تشويشٍ حول قضيّة الاستعداد والتهيئة لتناول جسد الرب ودمه .
بدءاً لا بدّ من التذكير بأنّ القدّاس الإلهيّ يقام من أجل اشتراك المؤمنين بجسد الرّب ودمه وتالياً التعليم المسيحيّ يقضي بأن يشترك المؤمن في القداس الإلهي ، لا أن يحضر فقط ، وهذا يتم باشتراكه في المناولة المقدّسة .
هذا الاشتراك هو اتّحاد المؤمن بالرب من ناحية ، واتّحاده بإخوته المؤمنين من الناحية الأخرى .
لكنّ التعليم الكنسيّ يقضي أيضاً بأن يستعدّ المؤمن ويتهيأ للاشتراك في القدّاس الإلهيّ . وإلا فإنه يأخذ دينونة لنفسه على قول القدّيس بولس. هذا وقد رتّبت الكنيسة جملة ممارسات تساعد المؤمن على التهيئة اللائقة ، منها الانقطاع عن الطعام والشراب قبل الذبيحة الإلهيّة ، وتلاوة الصلاة الخاصّة بالاستعداد للمناولة ، والمعروفة بصلاة المطالبسي .
ومنها ما هو أساس ولا غنى عنه أبداً كمصالحة من كان على خصام معه ، وإصلاح ما انقطع مع إخوته الذين آذاهم أو آذوه ، وممارسة سر التوبة والاعتراف من حين إلى آخر .
هذا تنادي به الكنيسة لأنه يجب أن يكون علامة التوبة الدائمة المطلوبة من كلّ مؤمن، والتي تالياً وحدها تؤهله للتقدّم من الأسرار الطاهرة .
أريد طرح أمرين ، أوّلهما سرّ الاعتراف الذي لا يمكن أن تكون للمؤمن توبة صحيحة من دونه . ألا يلفت النظر العدد الغفير الذي يتقدّم في كل قدّاس إلهي من الكأس المقدّسة ، مقارنة بالعدد الذي يتقدّم ولو لمرة واحدة في السنة ، من سر الاعتراف .
لماذا يشارك المؤمنون دوماً في سر الشكر ، أي المناولة ،
ولا يشارك أغلبهم في سر التوبة والاعتراف؟.
توجد علامة استفهام كبرى على صدق التوبة عند هؤلاء المؤمنين . ولذا بتنا نشاهد أناساً متخاصمين يتقدمون بكلّ وقاحة من الكأس المقدّسة .
الأمر الثاني هو الصوم أو الانقطاع عن الطعام والشراب قبل المناولة . لم تضع الكنيسة هذا الترتيب عبثاً وإنما لفائدة المؤمنين ويقضي الترتيب بأن يمتنع المؤمن عن أي طعام أو شراب منذ منتصف الليلة السابقة للمناولة .
هذا يتضمن ألا يمضي المؤمن ليلته في السهر والاحتفال ، ومن أجل هذا منعت الكنيسة إقامة الأعراس ليلة السبت لأن الأعراس ترافقها ولائم وحفلات تمنع المؤمن من الاستعداد للمناولة المقدّسة في صباح الأحد .
خلاصة الكلام: لا يجوز للمؤمن أن يمتنع عن الاعتراف كليّاً ، فليمارسه أقلّه في السنة، ولا يجوز له أيضاً أن يتناول أي طعام أو شراب قبل المناولة ، إلا ببركة من الأب الروحيّ في حال المرض .
أرجو أبناءنا التقيّد بهذه التوجيهات من أجل بنياهم الروحيّ وخلاص نفوسهم.