قال الرب: إذا كان لكم إيمان بمقدار حبة خردل، قلتم لهذه التوتة: انقلعي و انغرسي في البحر، فأطاعتكم (لو17 /6)
مجنون يحكي وعاقل يسمع - الخوري بطرس الزين
مجنون يحكي وعاقل يسمع
الخوري بطرس الزين
طرد الشياطين وغرق الخنازير
من انجيل متى -8-28:
ولما وصل يسوع إلى الشاطئ المقابل في ناحية الجدريـين استقبله رجلان خرجا من المقابر، وفيهما شياطين. وكانا شرسين جدا، حتى لا يقدر أحد أن يمر من تلك الطريق.
فأخذا يصيحان: ((ما لنا ولك، يا ابن الله؟ أجئت إلى هنا لتعذبنا قبل الأوان؟))
وكان يرعى بعيدا من هناك قطيع كبـير من الخنازير،
فتوسل الشياطين إلى يسوع بقولهم: ((إن طردتنا، فأرسلنا إلى قطيع الخنازير)).
فقال لهم: ((اذهبوا! )) فخرجوا ودخلوا في الخنازير، فاندفع القطيع كله من المنحدر إلى البحر وهلك في الماء.
فهرب الرعاة إلى المدينة وأخبروا بما حدث وبما جرى للرجلين اللذين كان فيهـما شياطين.
فخرج أهل المدينة كلهم إلى يسوع. ولما رأوه طلبوا إليه أن يرحل عن ديارهم.
مجنون رح يحكي :
كورة الجرجسيين :
تحيطها مقابر . والحراس عند اسوارها أموات. وبيوتها قبور.
وحتى الأحياء فيها مجانين.
يدخل الرب كورة الجرجسيين . فيستقبله مجنونان.
قد تكون بلداتنا واحياءنا هي كوره بصورة من الصور.
هناك بلدات يحيطها موت وبيوتها مقابر وسكانها مجانين واموات بالخطايا .
حتي في مخاطبتهم الرب يكونون بلا فهم ، انهم مجانين .
يعارضونه ، يحتجون ويرفعون الصوت بوقاحة ! : ماجاء بك الآن ؟ الزمان زماننا، وانت موعدك في النهايات لتأتي وتحاسب. هذه حياتنا ، نحن رعاة خنازير .
الخطيئة خنزيراً تلهث خلف الوسخ وتقتات من البقايا. ونحن نستلذها . تستهوينا الخطيئة ونستلطف القباحة ونستلذ بالدنس.
غريب جنون البشر. حين يرفض الإنسان النقاوة والسلام ، ويرتمي في احضان الخطايا ودنسها.
المجد لمن قال ويقول : من له اذنان للسمع فليسمع . ليت من له الفهم ان يفهم ، والعقل لأن يعقل ، والبصيرة لأن يبصر الصورة التي نستخلصها من انتحار الخنازير !
الخنازير لم تحتمل دخول الشيطان فيها فإنتحرت فوراً ! لم تحتمل الشرير لساعة واحدة ! أو دقيقة واحدة ! ففضلت الموت على الحياة مع الشرير!
هذه صفعة لكل من تمرغ ولم يزل بالخطيئة ، حين نرى ان الخنازير اكثر حرصاً على حياتها من كثيرين من البشر الذين يهرولون نحو الشرير بأرجلهم ، ويتلذذون بالعيش في قباحة الخطايا والشرور! لشهور وسنوات وعمراً كاملاً !.
من يمكنه ان يخرجنا من جرجسيتنا وكورتنا المدمرة سوى يسوع ؟ يجتاحنا الجنون، والخلافات والمشاجرات والصراخ والسلب والقتل. الجنون يستوطن مفارقنا وحياتنا.
والمسيح ابن الله عند المشارف ، فمن يستقبله بعقله وقلبه وروحه ؟ ومن يريد ان يتحرر من خنزيريته وقباحته ؟.
يسوع هناك عند مشارف مدينتنا وبلدتنا وحارتنا وبيتنا وشهواتنا ،
فمن مستعدٌ للقاء المسيح ؟
المجانين لا يعلمون انهم مجانين . والموتى لا يخجلون من القبور ولا تنفرهم رائحة الموت والنتانة لأنهم فقدوا هبة الحواس الخمس.
الرب آتٍ ليشفينا ، لينتشلنا من موت الخطايا . ليعيد الينا كرامتنا وليس ليدعونا إلى الإنتحار. بل جاء ليقودنا إلى الحياة ، والحياة مع الله بالكرامة والمجد.
... خرجت المدينة كلها للقاء يسوع . انهم البقية من مجانين هذه المدينة . خرجت المدينة كلها للقاء يسوع . ولكن لتقول له :
ابتعد عن تخومنا , ولا نريدك بيننا . نحن رعاة خنازير مرتاحون الى خطايانا . لقد خاوتنا الخطيئة وصارت منا ونحن اليها . مزروعة في اللحم والعظم ، منها حاجتنا وقوت حياتنا .
خنازير ؟ وإن يكن مالنا ولك يايسوع يابن الله ؟! . اتركنا ! ارحل إلى مدينتك ، فليس لك موطئ قدمن عندنا .
إنه الإنتحار . الخنازير ماتت في البحر ولكن الشيطان مازال يسكن تلك الكورة المجنونة ، ويبحث عن خنازير اخرى .
يارب يامن سربلت جبلتنا الترابية بحلة محبتك وجعلتنا منائر للروح الأزلي ، وملأتنا من هباتك وعطاياك حتى الدم .
قدنا يارحيم اليك ، واضرب فينا كل حيوانية وشهوة ترعانا وتزللنا وتمرغنا بحمأتها، وترمينا عراة من اي فخر.
أخرِج منا كل روح ضعف ، طهرنا بالتوبة اليك . فما اجمل البوح لعينيك ، وارتمي عند قدميك لأقول :
يارحيم ارحمني يا الله بعظيم رحمتك وبكثر رأفتك امح مآثمي اغسلني ..