فهُناكَ خِصْيانٌ وُلِدوا مِن بُطونِ أُمَّهاتِهم على هذِه الحال، و هُناكَ خِصْيانٌ خَصاهُمُ النَّاس، وهُناك خِصْيانٌ خَصَوا أَنفُسَهم مِن أَجلِ مَلكوتِ السَّمَوات. فَمَنِ استَطاعَ أَن يَفهَمَ فَليَفهَمْ! ( مت 19 /12)
احد الشعانين 2011 - المونسنيور ميشال فريفر
أحد الشعانين
هلمَّ خلِّصنا
( يوحنا 12: 12- 24 )
دخل يسوع المسيح أورشليم دخولاً ملوكياً قبل صلبه وقيامته بخمسة أيام. استقبلته أورشليم ومن رافقها من أطفال وحجاج والتلاميذ، " لأنهم سمعوا أنه أقام لعازر من القبر "، ما عدا الفريسيين الذين استشاطوا غضباً وغيظاً وحقداً
( يوحنا 12: 19) . هذا الاستقبال الحاشد جاءت على ذكره الأناجيل الأربعة مؤكدة منفردة ومجتمعة الأبعاد اللاهوتية والخلاصيّة لهذا الحدث العظيم الذي انبرى فيه المسيح ملك سلام مملكته ليست من العالم ومخلِّصاً وفادياً للإنسان ( يو: 18- 36 ) .
إن لفظة " شعانين " مأخوذة من هتاف " هوشعنا " ، وهي لفظة عبريّة تعني " هلمّ خلّصنا " . هذا الإيمان بالذي يخلّص ، برهن عنه الشعب المنتفض برموز خالدة على الزمن : لقد فرشوا الطريق ، هذا بردائه ، وذاك بما يقتطع من غصون شجر ، والبقية رمت بثيابها على ظهر الجحش ثم أركبوه عليه ، علامة التّكريم ، والكل يُنشد : " هوشعنا لابن داود مبارك الآتي باسم الربّ ، هوشعنا في الأعالي " ( يوحنا 12: 13 ) . أمّا من استشاطوا غضباً من فريسيين وغيرهم وهم شهود لما يحدث أمامهم سألوا المسيح أن يُسْكت تلاميذه ( لوقا 19: 39 ) ، فكان الجواب : " لو سكتوا لهتفت الحجارة "
( لوقا 19: 39- 40 ) .
إن هتاف " هوشعنا " ، مبارك الآتي باسم الرّبّ ملك إسرائيل ترداد نبويّ للمزمور المئة والثمانية عشر( مزمور 118: 26 ) وتطبيق له. هذه النبوءة تتحقّق في ملوكيّة يسوع الإلهية : إنه الآتي من عند الآب ليمنح الخلاص للإنسانية جمعاء ، محرّر الإنسان من الداخل ومعه أورشليم رمز مدينة الأرض من الظلم والفساد. إنه المسيح ، أمير السلام لا ملك الحرب ، الذي مسحه الله ملكاً على شعبه ومؤسساً للعهد الجديد . ملوكيّته ملوكيّة فداء وخلاص وانتصار على الخطيئة والشر فالموت .
ونحن في يوم الشعانين ، نقوم بتطواف شعبي للقاء المخلّص بأغصان النخل علامة الملوكيّة ، والزيتون علامة السلام ، والشموع المزيّنة علامة الإيمان بالمسيح . نبارك الأغصان والشموع ، نوزّعها على بعضنا البعض ، نحفظها بركة في بيوتنا ، ونحتفظ بها في كنائسنا لتُحرق في العام اللاحق ليستعمل رمادها في رتبة تبريك الرماد في اليوم الأول من الصوم المبارك .
وهنا نخلص إلى القول أن تطواف الشعانين يحمل حقائق إيمانية ويرتكز على ثلاثة أحداث تاريخية :
1- قيامة لعازر
2- دخول الرّبّ يسوع المسيح إلى أورشليم
3- قيامته من بين الأموات
هلمَّ خلِّصنا يا ربّ ، ساعدنا كي نحفظ نقاوتنا ضمن مفهوم سرّ معموديتنا. واقبل فعل عبادتنا والمديح الذي نقدِّمه لكَ خاصة في يوم الشعانين هذا . وطّد فينا ملكوتكَ ، ملكوت النعمة والعدالة والمحبة والسلام والحياة الأبدية. آمين .
من كتاب نعمة الكلمة الجزء الاول 2011
المونسنيور ميشال فريفر