إِلى اللهِ وَحدَه تَطمَئِنُّ نَفْسي و مِن عِندِه خَلاصي (مز 62 /2)
الابن الشاطر 2011 - البطريرك بشارة الراعي
أحد الابن الشاطر 27 اذار 2011 |
|
|
الابن الشاطر
2 كورنتس 13/5-13
لوقا 15/11-32
التوبة والمصالحة
نحن في منتصف زمن الصوم الكبير. تختار الكنيسة من الانجيل مثل الابن الشاطر او الضال، لتعلمنا مفهوم الخطيئة والتوبة والمصالحة من فم المعلم الالهي من بعد ان تأملنا في آيتي شفاء الابرص والنازفة، وادركنا ان البرص ونزيف الدم علامة للخطيئة ومفاعليها في حياة الانسان والمجتمع، وان لجؤ الاثنين الى يسوع رمز للعودة الى الله بروح التوبة، وان شفاءهما رمز للمصالحة ومفاعيلها في النفس والجماعة.
اولاً، القرءات المقدسة
انجيل القديس لوقا 15: 11-32.
قالَ الربُّ يَسُوع: كانَ لرجل َابنان. فَقالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيه: يَا أَبي، أَعْطِنِي حِصَّتِي مِنَ الـمِيرَاث. فَقَسَمَ لَهُمَا ثَرْوَتَهُ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَة، جَمَعَ الابْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ حِصَّتِهِ، وسَافَرَ إِلى بَلَدٍ بَعِيد. وَهُنَاكَ بَدَّدَ مَالَهُ في حَيَاةِ الطَّيْش. وَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيء، حَدَثَتْ في ذلِكَ البَلَدِ مَجَاعَةٌ شَدِيدَة، فَبَدَأَ يُحِسُّ بِالعَوَز. فَذَهَبَ وَلَجَأَ إِلى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ ذـلِكَ البَلَد، فَأَرْسَلَهُ إِلى حُقُولِهِ لِيَرْعَى الـخَنَازِير. وَكانَ يَشْتَهي أَنْ يَمْلأَ جَوْفَهُ مِنَ الـخَرُّوبِ الَّذي كَانَتِ الـخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، وَلا يُعْطِيهِ مِنْهُ أَحَد. فَرَجَعَ إِلى نَفْسِهِ وَقَال: كَمْ مِنَ الأُجَرَاءِ عِنْدَ أَبي، يَفْضُلُ الـخُبْزُ عَنْهُم، وَأَنا هـهُنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَمْضي إِلى أَبي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، خَطِئْتُ إِلى السَّمَاءِ وَأَمَامَكَ. وَلا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. فَاجْعَلْنِي كَأَحَدِ أُجَرَائِكَ! فَقَامَ وَجَاءَ إِلى أَبِيه. وفِيمَا كَانَ لا يَزَالُ بَعِيدًا، رَآهُ أَبُوه، فَتَحَنَّنَ عَلَيْه، وَأَسْرَعَ فَأَلْقَى بِنَفْسِهِ عَلى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ طَوِيلاً. فَقالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبي، خَطِئْتُ إِلى السَّمَاءِ وَأَمَامَكَ. وَلا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. فَقالَ الأَبُ لِعَبيدِهِ: أَسْرِعُوا وَأَخْرِجُوا الـحُلَّةَ الفَاخِرَةَ وَأَلْبِسُوه، واجْعَلُوا في يَدِهِ خَاتَمًا، وفي رِجْلَيْهِ حِذَاء، وَأْتُوا بِالعِجْلِ الـمُسَمَّنِ واذْبَحُوه، وَلْنَأْكُلْ وَنَتَنَعَّمْ! لأَنَّ ابْنِيَ هـذَا كَانَ مَيْتًا فَعَاش، وَضَائِعًا فَوُجِد. وَبَدَأُوا يَتَنَعَّمُون. وكانَ ابْنُهُ الأَكْبَرُ في الـحَقْل. فَلَمَّا جَاءَ واقْتَرَبَ مِنَ البَيْت، سَمِعَ غِنَاءً وَرَقْصًا. فَدَعا وَاحِدًا مِنَ الغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هـذَا ؟ فَقالَ لَهُ: جَاءَ أَخُوك، فَذَبَحَ أَبُوكَ العِجْلَ الـمُسَمَّن، لأَنَّهُ لَقِيَهُ سَالِمًا. فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُل. فَخَرَجَ أَبُوهُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْه. فَأَجَابَ وقَالَ لأَبِيه: هَا أَنا أَخْدُمُكَ كُلَّ هـذِهِ السِّنِين، وَلَمْ أُخَالِفْ لَكَ يَوْمًا أَمْرًا، وَلَمْ تُعْطِنِي مَرَّةً جَدْيًا، لأَتَنَعَّمَ مَعَ أَصْدِقَائِي. ولـكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هـذَا الَّذي أَكَلَ ثَرْوَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ العِجْلَ الـمُسَمَّن! فَقالَ لَهُ أَبُوه: يَا وَلَدِي، أَنْتَ مَعِي في كُلِّ حِين، وَكُلُّ مَا هُوَ لِي هُوَ لَكَ. ولـكِنْ كانَ يَنْبَغِي أَنْ نَتَنَعَّمَ وَنَفْرَح، لأَنَّ أَخَاكَ هـذَا كانَ مَيْتًا فَعَاش، وَضَائِعًا فَوُجِد".
المعلم الالهي، يسوع المسيح، يعرض لنا بالمثل كل لاهوت الخطيئة والتوبة والمصالحة.
1. الخطيئة (لو 15: 13- 16)
هي التعلق بالذات وخيرات الدنيا، مع نسيان معطيها الذي هو الله. هذا فعل خيانة في مفهوم الكتاب المقدس. والخطيئة هي كسر الشركة مع الله ونعمته ودفء محبته، والعيش خارج دائرة الاتحاد به والاستنارة بكلامه، واهمال وصاياه وتجاهلها ومخالفتها، والتمتع بحرية تتفلّت من كل القيود، وهي في الحقيقة حرية كاذبة، وسراب حرية.
اما نتائج الخطيئة فهي الافتقار من القيم، والانحطاط الاجتماعي، وفقدان المكرامة والعوز الى كل شيء بسبب خسارة كل شيء.
الخطيئة في اساسها هي التصرف ورسم مشروع الحياة، بالاستغناء عن الله ، عن كلامه وعن وصاياه ونعمه ومحبته وعنايته. هذا الاستغناء هو انجراف وراء شهوات العالم الثلاث التي يتكلم عنها يوحنا الرسول في رسالته الاولى ( 1 يو 2: 16): وهي شهوة الجسد وشهوة العين وكبرياء الحياة. زمن الصوم يقدّم لنا المناسبة والوسائل للخروج من الانجراف فيها، وللانتصار عليها. هذه التجارب الثلاث جرّب بها ابليس الرب يسوع، اثناء صيامه اربعين يوماَ في البريّة، وانتصر عليها يسوع بقوة كلام الله، كما يخبر لوقا في انجيله (لو 4: 1-12).
التجرية الاولى، شهوة الجسد، وهي الجوع والحاجة الماديّة. طلب اليه الشيطان اعطاء الامر بتحويل الحجارة الى خبز. يسوع ينتصر بقوة كلمة الله: " ليس بالخبز وحده، يحيا الانسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" ( تثنية 8: 3).
التجربة الثانية، شهوة العين، وهي تملّك خيرات الارض من دون حدود وشبع، وشهوة السلطة. لقد وعده بها المجرّب كلها وطلب منه في المقابل ان يسجد له ويخضع لمشيئته. اما يسوع فعاد من جديد ليستمدّ قوته للانتصار على هذه التجربة من كلمة الله: " لله وحده تسجد، واياه وحده تعبد" ( تثنية 6: 13).
التجربة الثالثة، كبرياء الحياة اي الكبرياء والغرور بالنفس. يطلب اليه المجرّب اجتراع معجزة استعراضية، بحيث يرمي بنفسه من قمة جناح الهيكل، فتأتي الملائكة، كما يقول كلام الله، وتحمله لئلا يصطدم بالحجارة. اما يسوع فانتصر ايضاً بكلام الله نفسه في مكان آخر: " لا تجرّب الرب الهك" ( تثنية 6: 16).
2. التوبة ( لوقا 15: 17- 20)
لفظة توبة باليونانية " ميتانويا" تعني الثورة على الذات، بحيث يدرك الخاطي انه على خطأ، ومن الضرورة ان يخرج من حالته السيئة. التوبة مسيرة عودة الى الله عبر محطات متتالية ومتكاملة، هي:
فحض الضمير، وهو الدخول الى اعماق الذات، والوقوف امام حضرة الله، وحقيقته ووصاياه وتعليمه، وسماع صوته. فالضمير هو صوت الله في اعماق الانسان. يدرك الخاطي عندئذٍ انه على خطأ، ويستعرض خطاياه.
الاسف والندامة يشعر بهما التائب في هذه الوقفة الوجدانية، ويرى ذاته مضطراً، لكي يعيش بسلام وسعادة، الى اصلاح واقعه.
قرار التغيير وتنفيذه: " اقوم وارجع الى ابي". انه قرار الخروج من الحالة الشاذّة المميتة والضائعة، وقطع اسبابها وظروفها. ينفّذ التائب قراره ويمشي نحو الله، ويكسر علاقته بالماضي: " قام وعاد الى ابيه".
الاعتراف لله بالذنوب، الغاية منه ادراك الاخطاء، والوقوف بتواضع وانسحاق قلب امام عظمة قداسة الله وعدله، وحقارة الانسان ومحدوديته وسرعة عطبه.
التوبة، بكل مكوّناتها ومحطاتها، هي اجراء تغيير في الاتجاه على طريق الحياة، والسير عكس التيار الذي هو اسلوب حياة سطحي منحرف ووهمي. التائب الحقيقي يتطلّع الى اعلى درجة من الحياة المسيحية، ويلج الى عمق الانجيل الحي والشخصي الذي هو يسوع المسيح. شخص يسوع هو هدف التائب وطريقه نحو الحياة الحقّة، يستنير بكلامه ويتقوى بنعمته.
ليست التوبة مجرد قرار اخلاقي لتصحيح المسلك، بل هي في جوهرها خيار ايمان: "توبوا وآمنوا بالانجيل" ( مر 1: 15). التوبة هي الايمان بالانجيل، هي كلمة " نعم" لشخص المسيح في الانجيل، هو الذي يقدم ذاته لهذا التائب " طريقاً وحقيقة وحياة"، يحرره ويخلّصه. لا تقف التوبة عند حدود لحظة الاعتراف، بل تشمل كل الحياة اليومية القائمة على اساس: "توبوا وآمنوا بالانجيل". نحن مدعوون كل يوم للعيش تحت نظر المسيح وبالثقة الكاملة به والالتزام مثله بتتميم ارادة الآب في كل الظروف. بهذا المعنى اتخذ الطوباوي الاخ اسطفان نعمه شعاره : " الله يراني".
التوبة فعل تواضع. فالمتواضع وحده يقبل بان يحرره آخر من " الانا". ويعطيه " ذاته" ويدخله في برارة الحب ( روم 13: 8 -10). هذا يحصل في سرّي المصالحة والافخارستيا[1].
3. المصالحة (لو 15: 20 -24).
هي جواب الله على توبة الانسان طالب الغفران والمصالحة، فهو " لا يريد موت الخاطي بل حياته". لكن الله هو صاحب المبادرة الاولى للمصالحة، من خلال دعوته الصامتة الى التوبة، من خلال صوت الضمير. المصالحة تنبع من محبة الله اللامحدودة التي ترافق الخاطي، وتتحيّن الفرص لكي يعود الى نفسه ويسمع صوته. لقد اشار الى ذلك المثل الانجيلي بالقول: " وفيما كان بعيداً، رآه ابوه، فتحنن عليه..." وكان يراه من دون اي شكّ في كل محطات توبته، ولذلك لم يدعه يكمّل اعترافه، " فضمّه الى صدره وراح يقبله". المهمّ انه نفّذ قرار التغيير والخروج من حالة الخطيئة واسبابها وظروفها.
اما ثمار التوبة والمصالحة فهي غفران الخطايا، وفي الوقت عينه هبة الحياة الجديدة بالروح القدس. وقد رمز اليها المثل الانجيلي باربعة: الثوب الفاخر هو حالة البرارة باستعادة بهاء صورة الله فينا. الخاتم عهد الابوة والبنوة بين الله والانسان، عربوناً لميراث الملكوت السماوي. الحذاء هو الاتجاه الجديد في دروب الحياة اليومية، على خطى الرب يسوع. وليمة العجل المسمّن هي المشاركة في وليمة جسد الرب ودمه في القداس. بالتوبة والمصالحة يعود الخاطىء من ضياعه، ويقوم من موته.
وللمصالحة ثمار على مستوى الجماعة المؤمنة وهي الفرح والسعادة العائدين اليها بعودة الاخ الضال.
زمن الصوم هو بمثابة رياضة روحية كبيرة للاستنارة بنور الانجيل والتوبة والمصالحة والحياة الجديدة. ولهذا السبب تُنظم رياضة اسبوعية في كل رعية، نرجو ان يشارك فيها المؤمنون في رعاياهم.
نجد في رسالة القديس بولس الرسول الثانية الى اهل كورنتس 13: 5 ? 13، التحية الثالوثية التي فيها ينبع الغفران والمصالحة اللذين هما عمل الله الثالوث: محبة الآب التي ارسلت الابن ليفتدي البشر ويخلصهم من خطاياهم بموته وقيامته، وافاضت الروح القدس لكي يحقق فينا ثمار الفداء بنعمة حلوله. ولهذا نحن كلنا مدعوون لنغفر ونصالح، لنكون حقاً ابناء الله، واخوة بعضنا لبعض. تبرز هذه الدعوة في المثل الانجيلي عندما دعا الاب ابنه الاكبر ليشارك في المغفرة والمصالحة وفرح العائلة.
***
ثانياً، الارشاد الرسولي: كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها-Verbum Domini
نتناول من الارشاد الرسولي " كلمة الله" موضوع " جواب الانسان على الله الذي يتكلم" (الفقرتان 22 و23).
الله يتكام ويأتي لملاقاة الانسان، ويكشف عن نفسه في حوار يقتضي اولوية كلمة الله الموجّهة الى الانسان. هذا الحوار يُسمى سرّ العهد الذي يعبّر عن العلاقة بين الله الذي يدعو بكلمته والانسان الذي يجيب، مع العلم اليقين ان ذلك ليس لقاء بين طرفين متعاقدين قائمين على قدم المساواة. فما نسمّيه بالعهد القديم والعهد الجديد ليس فعل تفاهم بين طرفين متساويين، بل مجرد هبة من الله. بهبة من حبّه تتخطى كل مسافة، الله يصنع منا شركاء في حواره، محققاً سرّ اتخاذ الحب بين المسيح والكنيسة.
في اطار هذه النظرة، يبدو كل انسان كأنه هدف الكلمة، بحيث يُخاطب ويدعى للدخول في حوار الحب بجواب حرّ. هكذا يجعل الله كل واحد منا قادراً على سماعه وعلى الاجابة الى الكلمة الالهية، الانسان مخلوق بالكلمة ويعيش بها. لا يستطيع ان يفهم ذاته، ما لم ينفتح لهذا الحوار. اننا بالنعمة مدعوون لنتشبّه بالمسيح، ولنتحوّل اليه.
في هذا الحوار، الله يسمع الانسان ويجيب على طلباته، والانسان يجد جواباً على تساؤلاته العميقة التي تسكن قلبه. كلمة الله لا تناقض الانسان، ولا تقتل رغباته الاصيلة، بل على العكس، تنيرها وتنقيها وتسير بها الى كمالها. اجل، الله وحده يروي العطش الذي في قلب كل انسان.
ثمة ظاهرة ولاسيما في الغرب، هي انتشار الفكرة بأن الله غريب عن حياة الانسان، ومعضلاته، بل وبأن حضوره قد يشكّل تهديداً لاستقلاليته. لكن في الواقع، كل تدبير الخلاص يبيّن لنا ان الله يتكلم ويتدخل في التاريخ لصالح الانسان ولخلاصه الشامل. من المهم راعوياً ان نعرض كلمة الله في قدرتها للاجابة على المعضلات التي يواجهها الانسان في الحياة اليومية، وعلى طموحاته. ان ثمرة الكتب المقدسة هي ملء السعادة الابدية، لانها تحتوي الحياة الابدية، وهي مكتوبة لا لكي نؤمن وحسب، بل ايضاً لكي ننال الحياة الابدية التي تروي كل رغباتنا (القديس بونا فنتورا).
***
ثالثاً، اتباع يسوع في درب صليبه
نسير مع يسوع في درب صليبه، ونتتلمذ لتعليم المحبة والرحمة والمشاركة في عمل الفداء.
المرحلة السابعة، يسوع يقع تحت الصليب مرة ثانية
يسوع يقع تحت الصليب بجسد أضناه الألم الحسّي، وبقلب كسره حقد البشر، ورفضهم لمحبته ورسالته، وخيانة يهوذا، وهرب التلاميذ ونكران بطرس له ثلاث مرات. سقط تحت وطأة خطايانا وخطايا كل البشر على مدى التاريخ. من رحمة الله اللامتناهية نلتمس الغفران عن كل هذه الخطايا، وامام هذه الرحمة الالهية نضع حداً للشر الذي يصنعه الانسان وفي الوقت نفسه يقع ضحيته.
المرحلة الثامنة، يسوع يلتقي نساء اورشليم اللواتي يبكين
بالحقيقة هو يسوع الذي يبكي على خطايا البشر وشرورهم هو الذي اعتاد ان يتحنن على الجماهير ( مر 8: 2). انه موقف الله تجاه كل انسان، موقف الحنان والرحمة: " لا تبكين عليّ، بل على نفوسكن واولادكن". البكاء الحقيقي هو البكاء على الذات التي تميل الى الشر وارتكاب المعاصي. هذا البكاء كفيل بالتوبة الحقيقية والعزاء الحقيقي: " طوبى للحزانى فانهم يعزّون" ( متى 5: 4).
***
صلاة
ايها الآب السماوي، اعطنا ان ندرك في ضوء تعليم الانجيل، ان الخطيئة ابتعاد عن دفء محبتك ونور كلمتك، وتعلّق بعطاياك حتى العبادة ونسيانك، وبالتالي هي افتقار مرير وخسارة بهاء كرامتنا كابناء لك بالابن الوحيد يسوع المسيح. خاطب قلوبنا وحرّكها بنعمة الوعي لحالتنا البائسة، والندامة عليها، والتوبة اليك. اعطنا القوة على القرار بالعودة اليك، بروح التواضع والانسحاق. صالحنا يا رب بقوة محبتك اللامتناهية، أعِدْ الينا برارة الابناء، جدّد لنا عهد البنوّة، افتح امامنا طريقاً جديداً، واهلنا للجلوس الى مائدة جسد ابنك الفادي ودمه، مائدة المحبة، وعلمنا ان نكون جماعة المصالحة وسفراءها. واعطنا في كل حالة من حياتنا ان نصغي الى كلمتك لكي نجد جواباً على تساؤلاتنا وارواءً لرغباتنا، ولكي نرى في ضوئها شرّ خطايانا فنبكيها بروح التوبة. ونرفع المجد والشكران للآب والابن والروح القدس، الآن والى الابد، آمين.
***