لقد ضَلَلتُ كالخَروفِ الضَّالّ فاْبحَثْ عن عَبدِكَ لأَنَّي لم أَنْسَ وَصاياكَ (مز 119 /176)
كأبن تعزيه امه - كل سنة وكل امهاتنا بخير
كأبن تعزيه امه
كل سنه وكل امهاتنا بخير
الأب القمص أفرايم الأورشليمي
"كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا و في أورشليم تعزون" (إش 66: 13) الأم مدرسة الفضيلة.. من كرامة وحنان الأم لدى الله شبة نفسه بالأم التي تعزي أبنائها، وتهتم به، واهتم أن ينفي عن الأم الإهمال لأبنائها وبناتها؛
"هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك".(اش 49: 15)
بل أوجب علينا أكرامها "اكرم أباك وأمك التي هي أول وصية بوعدٍ" (أف 6: 2).
إكرام الوالدين وصية إلهية وواجب وفاء ودين على الأبناء، ويكفي أننا مديونين للوالدين بنعمة الوجود والتعَلم في الحياة، الأم هي مدرسة الفضائل والمعلمة الأولى، ومنها نأخد الأمان والإيمان، وبفضل رعايتها ننمو ونتعلم كيف نواجه تحديات الحياة.
نحن نكرم في عيد الأم، أمهاتنا ومن هن في مقام الأمهات، ونكرمهن من أجل كل أعمالهن، والطيبة، وأتعابهن، وفضائلهن، وكل القيم الطيبة التي تمثلها الأمومة.
وإن كان الرب قد سأل عن هؤلاء الذين شفاهم، عندما شفى العشرة البرص، لماذا لم يأتوا ويقدموا له الشكر، فهو يحثنا على الوفاء وإكرام أمهاتنا على محبتهن وتعبهن وعطائهن غير المحدود.
ففي عيد الأم التي هي ربيع حياتنا، نقدم باقات الورود وأرق كلمات التقدير والوفاء لكل أم، مصلين أن يهب الله لهن كل صحة وسعادة وسلام وبركة، ويعوضهن عن أتعابهن خيرًا وحكمةً ونعمةً وأجرًا سمائيًا.
إننا نكرم كل أم تعبت وأنجبت وربت، وكل أم لم تنعم بإنجاب البنين فصارت بحنانها أمًا للكثيرين، ونكرم كل الذين تبتلوا وعاشوا من أجل الله حياة الجهاد والعفة والقداسة، ومن انتقلن من أمهاتنا نطلب لهن الراحة والسعادة في فردوس النعيم.
البعض يفضل أن يسمى هذا اليوم "عيد الأسرة"، لأنه إذا كنا نتذكر فضل الأم، وآلامها وتعبها من أجل أبنائها، فإن الأب له دوره أيضًا في رعاية الأسرة، ماديًا وروحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا، ونتذكر كم الضغوط التي يتعرض لها الآباء في توفير فرص حياة كريمة لأبنائهم، وغيرها من الأتعاب المختلفة طول عمرنا في الدنيا، فحتى يكبر الأبناء ويتزوجوا وينجبوا لا يتخلى الآباء عن مشاعر الأبوة والاهتمام بهم:
"أكرم أباك وأمك، كما أوصاك الرب إلهك، لكى تطول أيامك،
ولكى يكون لك خير على الأرض"(تث 5: 16).
وأعاد الرب يسوع التأكيد على ضرورة إكرام الوالدين والاهتمام بهما، ويعاقب الله الأبناء الجاحدين للأهل وقال:
"إن الله أوصى (في التوراة) قائلاً: أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أبًا أو أمًا، فليمت موتًا"(مت 15: 4).
واعتبر رب المجد يسوع إكرام الوالدين من ضمن الوصايا التي إذا ما نفذها المؤمن، يدخل الحياة الأبدية (مت 19: 19) وقال القديس بولس الرسول:
"إن كان أحد لا يعتني بخاصته، ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الإيمان، وهو أشر من غير المؤمن"(1تي5: 8 ).
إلى هذا الحد يصف الإنجيل جحود بعض الأبناء، فمن يرفض مساعدة الوالدين يعتبر أشر من غير المؤمن. فيا ليتنا نكون أوفياء بارين بأهلنا. ليتنا نكرم والدينا طوال حياتهما، أما اليوم على وجه الخصوص (يوم عيد الأسرة) نسرع بتقديم الهدية لأمهاتنا ونعبر لهن عن شكرنا وعرفاننا ووفائنا، معترفاً بجميلهن، او التحدث اليهم وشكرهم (إن كنا بعيداً عنهما)، أو أن تقيم لهما قداساً خاصاً، وصدقات باسمائهم، إن كانوا قد رحلوا إلى عالم المجد، لكى يصلوا عنا ولنا أمام عرش النعمة عند مخلصنا الصالح.
القديسة مريم أمنا الشفيعة..
إننا نكرم أمنا القديسة العذراء ونطوبها في يوم عيد الأم، وهي التي ولدت لنا الله الكلمة المتجسد، وصارت لنا شفيعه ومعينة،
وأمًا للكنيسة وأما للرسل :
"ثم قال للتلميذ هوذا أمك ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته"(يو 19: 27)
فنكرم سيدتنا وأمنا العذراء ونطوبها ونطلب شفاعتها عنا.
فالعذراء أم المؤمنين والشفيعة المؤتمنة، وستبقى العذراء امنا تشفع في أولادها وبناتها، وتطلب منا أن نعمل كل ما يوصينا الله أن نفعله.
الكنيسة أم المؤمنين..
ونكرم أيضًا أمنا الكنيسة التي من جرن معموديتها ولدنا وصرنا أبناء لله وشعبًا مقدسًا،
ففي الكنيسة ننمو ونشب في الإيمان، ونأخد الأسرار المقدسة،
وترعانا من المهد للّحد.
وما أجمل قول أحد الآباء القديسين :
"لا يستطيع أحد أن يقول أن الله أبوه ما لم تكن الكنيسة هي أم روحية له"
فمن الوفاء للكنيسة أن نهتم باحتياجاتها، ونشارك في صلواتها، ونتغذى بأسرارها ، ونحب ونحترم كهنتها وخدامها والعاملين فيها.