و ستَلِدُ ابناً فسَمِّهِ يسوع، لأَنَّه هوَ الَّذي يُخَلِّصُ شَعبَه مِن خَطاياهم . مت-1-21
المجمع المسكوني السابع: مجمع نيقيا الثاني 787
مجمع نيقيا الثاني (787 م)
دعت إليهِ عام 787 م إيرينيه امبراطورة الشرق، بناءً على طلب البطريرك طراسيوس وهو سابع المجامع المسكونية، اشترك فيهِ 350 أسقفاً أغلبهم من البيزنطيين. إليهِ أرسَلَ البابا أدريانوس موفدَين شرط أن يشجب مجمع هيريا (753) القائل بتحطيم الأيقونات.
بالرغم من معارضة مُحطّمي الأيقونات، سمح المجمع بتكريم الأيقونات والصور المقدسة وأمر بإعادتها إلى كنائس الإمبراطورية.
مجمع نيقية الثاني (المسكوني السابع):
24 أيلول – 23 تشرين الأول 787
600- 603- الجلسة السابعة، في 13 تشرين الأوّل 787
تحديدات في شأن الإيقونات المقدّسة
600- إننا ونحن سائرون على الطريق الملكية، ومعتمدون على التعليم الإلهيّ الملهم لآبائنا القديسين، ولتقليد الكنيسة الكاثوليكية، الذي نعلم أنه من الروح القدس الساكن فيها. نقرّر هذا بكل ما أمكن من الدقة والصحّة: كما هو الأمر بالنسبة إلى تمثيل الصليب الثمين والمحيي، فلتوضع الأيقونات المكرّمة والمقدّسة، المصنوعة من فسيفساء أو من مادة أخرى لائقة، في كنائس الله المقدّسة، على الأشياء والألبسة المكرّسة، على الجدران والألواح، في المنازل وعلى الطرقات: أيقونة ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح. وأيقونة سيّدتنا المنزهة عن الدنس والدة الله القديمة، وأيقونات الملائكة الجديرين بالإحترام، وجميع القدّيسين والأبرار.
601- إذ كلّما رأيناهم ممثَّلين في الأيقونة، وحدَّقنا في أيقوناتهم، حملنا ذلك على أن نتذكّر ونحبّ النماذج الأصلية، وأن نقدّم التحيّات والإكرام، لا العبادة الحقيقية الخاصة بإيماننا، التي تليق بالطبيعة الإلهية وحدها. ولكن كما يجري بالنسبة إلى تمثيل الصليب المجيد المحيي، والأناجيل المقدّسة، وكلّ الأشياء الأخرى المكرّسة. ويُكرّمون بالتبخير وإضاءة الأنوار على عادة تقوى الأقدمين، إذ "إن الإكرام الذي تُكرّم به الأيقونة يعود إلى النموذج الأصليّ".
602- وهكذا يُثّبت تعليم الآباء القديسين، وتقليد الكنيسة الكاثوليكية، تلك التي تقبّلت الأناجيل من طرف الأرض إلى طرفها. هكذا نتمسّك ببولس الذي كان يتكلّم في المسيح (ر 2 كور 2 : 17) وبكلّ جماعة الرسل الإلهية، وبآبائنا القدّيسين، متمسّكين بثبات بالتقاليد التي تسلّمناها (ر 2 ني 2 : 15). هكذا نرنّم نبوياً بأناشيد لكنيسة الانتصار: "ترنمّي يا ابنة صهيون، افرحي وتهللّي بكل قلبك يا ابنة أورشليم. فقد ألغى الرب قضاءك وأقصى عدوّك. في وسطك الربّ إلهك، فلا ترين شرّاً من بعد" (صف 3 : 42 السبعينية) والسلام يجلّ عليك إلى الأبد.
603- إنّ الذين يتجرّأون على أن يفكّروا أو يعلّموا بخلاف ذلك، أو أن يزدروا تقاليد الكنيسة، جرياً على منهاج الهراطقة الملاعين، أو أن ينبذوا أحد الأشياء المكرّسة المقدّمة للكنيسة، من أناجيل، وتمثيل للصليب، ولوحةٍ أو ذخائر مقدّسة لشهيد، أو أن يتخيّلوا أساليب ملتوية وخادعة ليهدموا بعض ما في تقاليد الكنيسة الكاثوليكية الشرعية، أو أيضاً لكي تُباح الأشياء المكرّسة أو الأديار المقدّسة لاستعمال غريب، هؤلاء جميعاً، إذا كانوا أساقفة أو من الإكليروس فنأمر بحطّهم، وبإقصائهم إذا كانوا رهباناً أو علمانيين.
604- 609- الجلسة الثامنة، في 23 تشرين الأول 787
الانتخاب للخدم المقدّسة
604- كل اختيار لأسقف أو لكاهن أو لشمّاس إنجيليّ يتمّ عن يد الأمراء يبقى باطلاً، بحسب القانون (قانون الرسل، 30) القائل: إذا لجأ أسقفٌ إلى أمراء زمنيين ليستولي عن يدهم على كنيسة، فليُحطّ، وليُحرم جميع من يشاركونه. لأن من يُرفع إلى الأسقفية يجب أن يختاره الأساقفة، كما قضى الآباء القدّيسون المجتمعون في نيقية، في القانون (القانون 4) القائل: الأنسب أن يُقام الأسقف عن يد جميع أساقفة الإقليم، وإذا تبين أن الأمر صعب، إمّا لضرورة ملحّة، وإمّا لطول الطريق، وجب أن يجتمع ثلاثة أساقفة في نفس المكان – ويقترع الغائبون مُبدين موافقتهم كتابة – ويتمّموا الرسامة. والسلطة الكاملة على ما يجري هي في كل إقليم للمتروبوليت.
عن الأيقونات، وناسوت المسيح، وتقليد الكنيسة
605- نقبل الأيقونات المكرّمة. ومن لا يرون ذلك نخضعهم للحُرم.
من لا يعترف بأن المسيح ربّنا هو محدود بحسب الناسوت، فليكن مُبسلاً.
من لا يقبل أن يُرسم بالأيقونات ما جاء في الإنجيل فليكن مُبسلاً.
من لا يُقبّل هذه الأيقونات التي صُنعت على اسم الرب وقدّيسيه، فليكن مُبسلاً.
من ينبذ كلَّ التقليد الكنسيّ المكتوب أو غير المكتوب، فليكن مُبسلاً.
610- 611- رسالة "Sit amen licet" إلى أساقفة إسبانيا، بين سنتي 793 و 794
هرطقة التبنّي
610- إن ما يُعطى من تبرير لهراطقة تبنّي يسوع المسيح، ابن الله، يجب أن يُنبذ، كأمور أخرى، لأنه يستند إلى براهين خاطئة. ويُمكن أن يُقرأ فيه زؤان كلام الهراطقة، بقلم مضطّرب. فالكنيسة الكاثوليكية لم تؤمن بهذا قط، ولم تعلّمه، ولم توافق قط من آمنوا به خطأ.
فهو نفسه (المسيح) قد علم عن ذاته ابن من هو، عندما أعلن للناس اسم أبيه. فقد قال: "لقد أعلنت اسمك للناس الذين أعطيتهم لي من العالم" (يو 17 : 6). لقد أظهر للناس عندئذٍ اسم أبيه، عندما عرّف نفسه بأنه ابنٌ حقيقيّ وليس مزعوماً، خاصٌ، وليس بالتبنيّ. ولكن يجب ملاحظة القول: "الناس الذين أعطيتهم لي". فليس من هؤلاء به ابناً بالتبنّي، وليس ابنه الخاص، كما لو أنه كان في حين ما غريباً عن الآب، أو بعيداً عنه، عندما أتّخذ الجسد، فيما كانت مشيئة الآب والابن واحدة، أن يصير الكلمة جسداً، كما كتب: "لأعمل بمشيئتك يا الله، إني في هذا راغب" (مز 40 : 9).
لذلك يقول في مكان آخر: "إني صاعد إلى أبي وأبيكم" (يو 20 : 17). فهو يقول بكلام دقيق أب- "ي" وأبي-"كم"، أي أبيه لا بالنعمة ولكن بالطبيعة، ولكنّه أبونا بالنعمة والتبنّي. وعلاوة على ذلك، ليس من وقتٍ لم يكن فيه الابن، لأنه ليس من وقت لم يكن فيه الآب. فهو يدعوه دوماً في كل مكان صراحة أباه، قال: "إن أبي يعمل إلى الآن وأنا أعمل" (يو 5 : 17). وأيضاً: "يا أبتاه، مجّد ابنك لكي يمجّدك ابنك" (يو 17 : 1). وأيضاً: "إن ما أعطاني أبي هو أعظم من كلّ شيء" (يو 10 : 29).
ولكن إذا فكّروا، وهم يتملّصون بالحيلة، أن كل ما أوردناه يجب أن يُرجع إلى لاهوت ابن الله فقط، فليقولوا أين قال قط بعاطفة مشتركة معنا: "أبانا". هو يقول: "إن أباكم يعلم بما تحتاجون إليه: (متى 6 : 8). فهو لا يقول أبا "نا" كما لو أنّه مُتبنَّى معنا بالنعمة. وفي مكان آخر: "كونوا إذن كاملين كما أن أباكم السماويّ هو كامل" (متى 5 : 48). فلماذا لم يقل أبا"نا:؟ لأن هناك اختلافاً في أبوّته لنا وأبوّته له، من هنا قوله أيضاً: "إذا كنتم مع ما أنتم عليه من الشر، تعرفون أن تمنحوا العطايا الصالحة لأولادكم، فكم بالأحرى أبوكم السماويّ يمنح الروح القدس لمن يسأله؟" (لو 11 : 13)، إلخ. ومن هنا قول بولس الإناء المصطفى: "الله لم يُشفق على ابنه الخاص، بل أسلمه عنّا جميعاً" (رو 8 : 32). ونحن نعلم أنه لم يُسلم بحسب اللاهوت، بل بكونه إنساناً حقيقياً.
612- 615- مجمع فرنكفورت (ماين) نحو شهر حزيران 794
بحضور ممثّلين للكرسيّ الرسولي برومة حكم في هذا المجمع على تعليم القائلين بالتبنيّ. وكانت قد سبقت ذلك رسالةٌ تحبّذ التبنّي، من أساقفة إسبانيا وفليسيا إلى أساقفة فرنسا. ومؤلّف هذه الرسالة كان إليفاندوس أسقف طليطة، وضعها سنة 792/ 793. ثم إنّ مجمع فرنكفورت تعرَّض بالتنفيذ لمقرّرات مجمع نيقية الثاني في تكريم الأيقونات، وذلك اعتماداً على ترجمة لاتينية خاطئة لنصّ مجمع نيقية.
أ- رسالة مجمعية من أساقفة مملكة الفرنجة إلى أساقفة إسبانيا
تفنيد القول بالتبنّي
612- ... لقد وجدنا مكتوباً في مطلع رسالتكم أنّكم تقولون: "نعترف ونؤمن بأن الله، ابن الله، قد ولد من الآب قبل كل الدهور وبلا بداية، وأنه واحدٌ معه بالأزلية والجوهر، لا بالتبنيّ بل بالنوع. وقرئ أيضاً بعد ذلك بقليل، في الموضع نفسه: "نعترف ونؤمن بأنه إذ ولد من امرأة، وولد تحت الناموس (ر. غلا 4:4) فليس هو ابناً لله بالنوع ولكن بالتبنيّ، وليس بالطبيعة ولكن بالنعمة". هذه هي الحيّة التي تختبئ بين أشجار الفردوس المُثمرة، حتى تخدع جميع القليلي الفطنة...
613- كذلك ما أضفتموه لاحقاً لم نجده وارداً في إعلان إيمان قانون نيقية: "في المسيح طبيعتان وثلاثة جواهر" (ر. 651)، و"إنسان مؤلّه" و"إلهٌ مؤنَّس". ما هي طبيعة الإنسان غير النفس والجسد؟ وما هو الفرق بين "الطبيعة" و"الجوهر"، حتى يصير لزاماً الكلام على ثلاثة جواهر، لا أن يُعترف، بطريقة أبسط، وعلى حدّ قول الآباء القدّيسين، بأن ربّنا يسوع المسيح هو إلهٌ حقيقيّ وإنسانٌ حقيقيّ في أقنوم واحد؟ ولكن أقنوم الابن قد بقي في الثالوث المقدّس. واتحدت بهذا الأقنوم الطبيعة البشرية، بحيث لا يوجد سوى أقنوم واحد، إلهٍ وإنسانٍ، لا إنسانٌ مؤلَّه وإلهٌ مؤنَّس، وإنما إلهٌ إنسانٌ، وإنسانٌ إلهٌ: بسبب وحدة الأقنوم، ابن الله واحد، وهو ذاته ابن للبشر، إلهٌ كامل وإنسانٌ كامل.
الإنسان لا يكون كاملاً إلاّ بالجسد والنفس... ونحن أيضاً، لا ننكر أن هذه الثلاثة موجودة أيضاً في المسيح حقاً، أي اللاهوت والنفس والجسد. ولكن بما أنه يُدعى حقاً إلهاً وإنساناً، ففي اسم "الله" إشارةٌ إلى كلّ ما هو من الله، وفي "اسم الإنسان" مفهومٌ لكل ما هو الإنسان. لذلك يكفي الاعتراف فيه بوجود الاثنين جوهر اللاهوت الكامل، وجوهر الناسوت الكامل... وقد درجت الكنيسة على عادة تسمية جوهرين في المسيح، أي جوهر الله وجوهر الإنسان...
فإذا كان إلهاً حقيقياً، فكيف يمكن أن يكون الذي ولد من العذراء ابناً بالتبنّي أو عبداً؟ إنكم لن تتجرّأوا أبداً على الاعتراف بالله كأنه عبدٌ أو ابنٌ بالتبنيّ. حتى وإن دعاه النبيّ عبداً، فليس ذلك بسبب حالة العبودية، وإنّما بسبب طاعة التواضع التي صار بها، بالنسبة إلى الآب، "طائعاً حتى الموت" (متى 2 : 8).
ب- مرسوم المجمع
الحكم على أصحاب التبنّي
615- ق. (1) في مطلع الفصول بدأنا بما للأسقف إليفاندوس الطليطلي، وفيلكس الأورجيلي، وأتباعهما، من هرطقة تتّسم بالنفاق والتجديف، إذ كانوا يقولون خطأ عن ابن الله بالتبنّي: وهذا ما ناقضه بصوت واحد ونبذه الآباء القديسون المذكورون آنفاً، وحكموا بوجوب استئصال هذه الهرطقة تماماً من الكنيسة المقدّسة.