Skip to Content

الاحتمال و طول الأناة و الصبر - القمص ميخائيل جرجس صليب




 

الاحتمال وطول الأناة والصبر

Click to view full size image

 

بقلم القمص ميخائيل جرجس صليب

 

الاحتمال وطول الأناة أو طول الروح أو طول البال هى اصطلاحات واحدة تعّبر عن الصبر فى كل شئ

.
   وقد تكلم السيد المسيح لتلاميذه قائلاً

"ها أنا أرسلكم كغنم فى وسط ذئاب فكونـوا حكـماء كالحـيات وبسـطاء كالحمام. ولكن إحذروا من الناس لأنهم سيسلمونكم إلى مجالس وفى مجامعهم يجلدونكم. وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلى شهادة لهم وللأمم. فمتى أسـلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون لأنكم تعطون فى تلك الساعة ما تتكلمون به.

لأن لسـتم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذى يتكلم فيكم. وسيسلم الأخ أخاه إلى الموت والأب ولـده ويقوم الأولاد على والديهم ويقتلونهم.

وتكونون مبغضين من الجـميع من أجل اسـمى ولكن الذى يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص"(1).ـ
   وفى مرة أخرى قال لهم

"يلقون أيديهم عليكم ويطردونكم ويسلمونكم إلى مجامع وسجون لأجل اسمى ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك بصبركم اقتنوا أنفسكم"(2).ـ
   والقديس يعقوب الرسول يضرب مثلاً بثمر الأرض فيقول "فتأنوا أيها الإخوة  إلى مجئ الرب هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمـين متأنياً عليـه حتى ينال المطر المبكر والمتأخر. فتأنوا أنتم وثبتوا قلوبكم لأن مجئ الـرب قـد اقترب. لا يئن بعضكم على بعض أيها الإخوة لئلا تدانوا هوذا الديان واقف قدام الباب.

خذوا يا إخوتى مثالاً لاحتمال المشقات والأناة الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب.

ها نحن نطوب الصابرين قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف"(3).ـ

 (1)- (مت10: 16- 22).   (2)- (لو21: 12- 19).
 (3)- (يع5: 7- 11).
   والقديس بولس الرسول يقول "نفتخر بالضيقات عالمين أن الضيق ينشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لايخزى لأن محبة الله إنسكبت فى قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا"(1).ـ 
   وسليمان الحكيم يقول "الرجل الكثير الاحتمال هو قوى فى الحكمة أما ذو القلب الضعيف فهو غبى جداً"(2).ـ
   ويقول أيضاً "الرجل الصبور أفضل من القوى والذى يكبح غضبه أعظم من الذى يأخذ مدينة"(3).ـ

     ولكى تقتنى الصــبر وطــول الأناة حاول تطبيق التدريبات الآتية :
   ـ1- تشبه بالله الذى قيل عنه "الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة"(4).ـ   
   وداود النبى يقول "لأنى لك يارب صبرت أنت تستجيب يارب إلهى"(5).ـ
   ويقول بولس الرسول "لذلك نحن أيضاً إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل .. ولنحاضر بالصبر فى الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزى فجلس فى يمين عرش الله فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم"(6).ـ  
   ـ2- لابد أن تجاهد فى تحمل الآلام والضيقات لأن نهايتها الخلاص ..ـ
   يقول يعقوب الرسول "طوبى للرجل الذى يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال  إكليل الحياة الذى وعد به الرب للذين يحبونه"(7).ـ 
   والقديس بولس الرسـول يقول "صبرتم على مجاهـدة آلام كثيرة من جهة
 (1)- (رو5: 3).   (2)- (أم14: 39).  (3)- (أم16: 32).
 (4)- (مز103: 8).  (5)- (مز38: 15). (6)- (عب12: 1- 3).
 (7)- (يع1: 12).
مشـهودين بتعييرات وضيقات.. وقبلتم سـلب أموالـكم بفرح عالمين فى أنفسـكم أن لكم مالاً أفضـل فى السـموات وباقياً. فلا تطرحوا ثقتكم التى لها مجازاة عظيمة. لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد    ـ"(1).ـ
   ـ3- هناك صلة وثيقة بين المحبة والاحتمال، فالقديس بولس الرسول يقول عن المحبة أنها "تحتمل كل شئ وتصدق كل شئ وترجـو كل شئ وتصبر على كل شئ"(2).ـ
   لذلك يقول بولس لأهل رومية "فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء ولا نرضى أنفسنا. فليرض كل واحـد منا قريبه للخـير لأجل البنيان. لأن المسيح أيضاً لم يرض نفسـه بل كما هـو مكتوب تعييرات معيريك وقعت علىّ"(3).ـ     
   ويقول بولس الرسول أيضاً لتلميذه تيموثاوس "لأجل ذلك أنا أصبر على كل شئ لأجل المختارين لكى يحصلوا هم أيضاً على الخـلاص الذى فى المسـيح يسوع مع مجد أبدى. صادقة هى الكلمة أنه إن كنا قـد متنا معه فسنحيا أيضـاً معه"(4).ـ
   ومن أجمل الكلمات التى نقولها فى مقدمة صلاة باكر هى "فأطلب إليكم أنا الأسير فى الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التى دعيتم بها بكل تواضع ووداعة وبطول أناة محتملين بعضكم بعضاً فى المحبة"(5).ـ
   ـ4- هناك صلة كبيرة بين حياة الشكر وطول الأناة، فالإنسان الذى يشكر على الدوام وفى كل حال لا يتذمر من أى شئ بل يحتمل كل شئ شاكراً الله على كل شئ ..ـ
 (1)-(عب10: 32- 36).   (2)-(1كو13: 7).
 (3)-(رو15: 1- 3).   (4)-(2تى2: 10- 12).
 ـ(5)-(أف4: 1، 2).
   يقول بولس الرسول "شاكرين الآب الذى أهلنا لشركة ميراث القديسين فى النور الذى أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته"(1).ـ
   ويقول أيضاً "أشكروا فى كل شئ لأن هذه هى مشيئة الله فى المسيح يسوع من جهتكم"(2). ـ       
   ـ5- إن حياة الجهاد الروحى يجب أن تتصف بطول البال، فعدو الخير إن وجد إنساناً ليس طويل الأناة ولا يجاهد حسناً قد يسرق منه إكليله ..ـ
   ففى الرسالة "إلى ملاك الكنيسة التى فيلادلفيا. هذا يقول القدوس الحق الذى له مفتاح داود الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح. أنا عارف أعمالك هنذا قد جعلت أمامك باباً مفتوحاً ولا يستطيع أحد أن يغلقه لأن لك قوة يسـيرة  وقد حفظت كلمتى ولم تنكر اسمى. هنذا أجعل الـذين من مجمع الشـيطان من القائلين أنهم يهود وليسوا يهوداً بل يكذبون هنذا أصيرهم يأتون ويسـجدون أمام رجليك ويعرفون إنى أنا أحببتك. لأنك حفظت كلمة صبرى أنا أيضاً سـأحفظك من سـاعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالـم كله لتجـرب السـاكنين على الأرض. ها أنا آتى سريعاً تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك"(3).ـ
   ويذكر القديس بولس الرسول عن ديماس الذى ترك الخدمة، وذهب إلى العالم "لأن ديماس قد تركنى إذ أحب العالم الحاضر"(4).ـ
   ـ6- تذكر أبطال الإيمان الذين جاهدوا جهاداً حسناً، فوصلوا إلى البر بأمان على رأسهم القديس بولس الرسول الذى قال "جاهت الجهاد الحسن أكملت السعى حفظت الإيمان وأخيراً قد وُضع لى إكليل البر الذى يهبه لى فى ذلك اليوم الرب الديان العادل. وليس لى فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً"(5).ـ
 (1)- (كو1 : 13).   (2)- (1تس5: 18).
 (3)- (رؤ3: 7- 11).   (4)- (2تى4: 10).
 (5)- (2تى4: 7، 8).
   لذلك يحذرنا القديس بولس الرسول قائلاً "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية.. يا ابنى لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر إذا وبخك. لأن الذى يحبه الرب يؤدبـه .. إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأى إبن لا يؤدبه أبوه"(1).ـ
   ـ7- اثبت فى الرب حتى لا تتزعزع لأن الحروب الشيطانية كثيرة ومتنوعة ولكن اثبت فى الكرمـة تستطيع أن تصـل إلى بر الأمان .. لذلك قال السيد المسيح له المجد "أنا الكرمة الحقيقية وأبى الكرام كل غصن فىّ لا يأتى بثمر ينزعه وكل ما يأتى بثمر ينقيه ليأتى بثمر أكثر.. اثبتوا فى وأنا فيكم  كما أن الغصن لا يقدر أن يأتى بثمر من ذاتـه إن لم يثبت فى الكرمة.. لأنكم بدونـى لاتقدرون أن تفعلوا شيئاً. إن كان أحد لا يثبت فىّ يطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه فى النار فيحترق .. اثبتوا فى محبتى. إن حفظتم وصاياى تثبتون فى محبتى كما أنى أنا قد حفظت وصايا أبى وأثبت فى محبته           ـ"(2). ـ                 
   ـ8- لا تكن أنانياً فتفكر فى نفسك فقط بل إنكر ذاتك فتكسب الآخرين، فالسيد المسيح له المجد قال لتلاميذه "إن أراد أحـد أن يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى. فإن من أراد أن يخلص نفسـه يهلكها ومن يهـلك نفسـه من أجلى يجدها. لأنه ماذا ينتفع الأنسان لو ربح العالم كله وخسـر نفسـه أو ماذا يعطى الإنسان فداء عن نفسه"(3).ـ
   فالإنسان الذى لا ينكر ذاته.. تكبر الـذات داخله، ولا يستطيع أن يحتمل أحداً .. وسليمان الحكيم يقول "طول الروح خير من تكبر الروح"(4).ـ
   ـ9- الخدمة تحتاج إلى صبر كثير وجهاد روحى كبير، فبولس الرسول يقول "ولسنا نجعل عثرة فى شئ لئلا تلام الخدمة بل فى كل شئ نظهر أنفسنا كخدام الله فى صبر كثير فى شدائد فى ضرورات فى ضيقات. فى ضربات فى سجون
 (1)- (عب12: 4- 7).   (2)- (يو15: 1- 10).
 (3)- (مت16: 24- 26).   (4)- (جا7: 8).
فى اضطرابات فى أتعاب فى أسهار فى أصوام. فى طهارة فى علم فى أناة فى لطف فى الروح القدس فى محبة بلا رياء"(1).ـ    
   ويقول أيضاً لأهل رومية "لأن كل ما سبق فكتب كتب لأجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما فى الكتب يكون لنا رجاء. وليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماماً واحداً فيما بينكم بحسب المسيح يسوع. لكى تمجدوا الله أبا ربنـا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد. لذلك اقبلوا بعضكم بعضاً كما أن المسيح أيضا قبلنا لمجد الله"(2).ـ
   ـ10- ليكن هدفك واضحاً حتى النفس الأخير .. وهـو أن تكون مع المسيح لكى ترث ملكوت السموات .. لذلك فطول الأناة ضرورى فى حياتك حتى تصل إلى هدفك، وبولس الرسول يمدح أهل تسالونيكى قائلاً لهم "ينبغى لنا أن نشكر الله كل حين من جهتكم أيها الإخوة كما يحق لأن إيمانكم ينمو كثيراً ومحبة كـل واحد منكم جميعاً بعضكم لبعض تزداد. حتى إننا نحن أنفسنا نفتخر بكم فى كل كنائس الله من أجل صبركم وإيمانكم فى جميع اضطهاداتكم والضيقـات التى تحتملونها. بينة على قضاء الله العـادل أنكم تؤهـلون لملكوت الله الذى لأجله تتألمون أيضاً"(3).ـ
   ويقول يوحنا الرسول فى سفر الرؤيا "وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً فى السماء الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه لأنه قد طرح المشـتكى على إخوتنا الذى كان يشتكى عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً. وهـم غلبـوه بـدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت. من أجل هـذا إفرحى أيتها السموات والساكنون فيها"(4).ـ   


 (1)- (2كو6: 3- 6).   (2)- (رو15: 4- 7).
 (3)- (2تس1: 3- 5).   (4)- (رؤ12: 10- 12).






عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +