عَظِّموا الرَّبَّ إِلهَنا و اْسجُدوا لِمَوطئ قَدَمَيه فإِنَّه قُدُّوس (مز 99 /5)
البساطة ـ القمص ميخائيل جرجس صليب
البـسـاطـة
تكلم السيد المسيح عن أهمية البساطة فى حياتنا الروحية فقال
"سراج الجسد هو العين فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً"(1) ..ـ
"أنظر إذن لئلا يكون النور الذى فيك ظلمة فإن كان جسدك كله نيراً ليس فيه جزء مظلم يكون نيراً كله كما حينما يضئ لك السراج بلمعانه"(2).ـ
وقال أيضاً
"ليس أحد يوقد سراجاً ويضعه فى خفية ولا تحت مكيال بل على المنارة لكى ينظر الداخلون النور"(3).ـ
وفى مرة أخرى قال لتلاميذه
"ها أنا أرسلكم كغنم وسط ذئاب. فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام"(4).ـ
إذن هناك صلة وثيقة بين الحكمة والبساطة
فعندما يقول كونوا حكماء كالحيات، يقصد الحكمة التى استخدمتها الحية قديماً مع حواء
ولكن ليس بنفس المكر والخداع بل بالتفكير الخيّر والعقل المنضبط.
لذلك قال القديس بولس الرسول
" وأطلب إليكم أيها الاخوة أن تلاحظوا الذين يصنعون الشقاقات والعثرات خلافاً للتعليم الذى تعلمتموه واعرضوا عنهم.
لأن مثل هؤلاء لا يخدمون ربنا يسوع المسيح بل بطونهم وبالكلام الطيب والأقـوال الحسنة يخدعون قلوب السـلماء.
لأن طاعتكم ذاعت إلى الجميع فافرح أنا بكم وأريد أن تكونوا حكماء للخير وبسطاء للشر.
وإله السـلام سيسحق الشـيطان تحت أرجلكم سريعاً"(5).ـ
حذر الرسول بولس أهل كورنثوس قائلاً لهم
"ولكنى أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تُفسد أذهانكم عن البساطة التى فى المسيح"(6).ـ
(1)- (مت6: 22، 23). (2)- (لو11: 35).
(3)- (لو11: 33). (4)- (مت10: 16).
(5)- (رو16: 17- 20). (6)- (2كو11: 3).
الحية خدعت حواء لتأكل من الشجرة
لذلك إذا أردت أن تعيش حياة البساطة فحاول تطبيق التدريبات الآتية :ـ
ـ1- نـق كل المناظر التى تشاهدها
ولا تسمح بأى منظر شرير يدخل إلى قلبك بل إطرده بالصلوات القصيرة
[ يارب ارحم .. اللهم التفت إلى معونتى يارب أسرع وأعنى ..إلخ ].ـ
لأن "سراج الجسد هو العين"(1)
كما ذكرنا سابقاً فإن كانت عينك بسيطة فالجسد كله يكون نيّراً أى مضيئاً ونقياً.
ـ2- نق القلب أيضاً من كل الشوائب الموجودة داخله، وكل الشرور والظنون الرديئة
فرب المجد قال "الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح
والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فإنه من فضلة القلب يتكلم فمه"(2).ـ
ـ3- نق الفكر أيضاً لأن الإنسان قد يفكر أفكاراً شريرة كما قال رب المجد
"لأن من القلب تخرج أفكار شريرة قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف، هذه هى التى تنجس الإنسان"(3).ـ
وينصح بولس الرسول أهل أفسس قائلاً
"أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة فى بساطة قلوبكم كما للمسيح خادمين بنية صالحة كما للرب"(4).ـ
ـ4- إجعل إرادتك تعمل بنية صالحة وليس بخبث
فبولس الرسول يقول لأهل كورنثوس
"إن من يزرع بالشح أيضاً يحصد .. ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد. كل واحد كما ينوى بقلبه ليس عن حزن أو اضطرار لأن المعطى المسرور يحبه الله"(5).ـ
ـ5- ضع أمامك دائماً كلمة الله فى معاملاتك لتصل إلى البساطة .. فإن الكتاب يقول
"لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من سيف ذى حدين وفارقة إلى
(1)- (مت6: 22). (2)- (لو6: 45). (3)- (مت15: 19).
(4)- (أف6: 5). (5)- (2كو9: 6، 7).
مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته"(1). ـ
ـ 6- اجعل المسيح قدوة لك فى كل تصرفاتك
فإن المسيح له المجد تجسد لأجلنا وعاش بسيط بيننا .. ولد فى مزود بقر .
لم يكن له منزل يسند فيه رأسه .. لم يكن معه نقود يدفع بها الجزية ..إلخ.
لذلك يقول بولس الرسول
"افعلوا كل شئ بلا دمدمة ولا مجادلة لكى تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب فى وسط جيل معوج وملتو تضيئون بينهم كأنوار فى العالم"(2).ـ
ـ7- تمثل بآبائنا الرسل الذين كانوا يخدمون الرب ببساطة قلب كما يذكر لنا سفر الأعمال
"وكانوا كل يوم يواظبون فى الهيكل بنفس واحدة وإذ هم يكسرون الخبز فى البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب مسبحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب"(3).ـ
ـ8- لنكن نيتك سليمة وكلامك صريحاً بدون إلتواء
ولا خبث ولا تظاهر ولا رياء أو خداع كقول الكتاب
"ليكن كلامكم نعم نعم. لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير"(4).ـ
وقول السيد المسيح أيضاً
"إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان"(5).ـ
ـ9- هناك صلة قوية بين التواضع والبساطة، فالإنسان المتواضع بسيط فى كل تصرفاته، ومن الملوك المتواضعين فى العهد القديم داود النبى،
الذى يكتب لنا مزاميره فى تواضع وبساطة قائلاً
"الرب حنان وصديق وإلهنا يرحم الرب. حافظ البسطاء. تذللت فخلصنى"(6).ـ
ـ10- هناك صلة وثيقة أيضاً بين الوداعة والبساطة فالإنسان الوديع بسيط فى معاملاته مع كل الناس
والرسول بولس يقول لأهل كورنثوس
"لأن فخرنا هو هذا شهادة ضميرنا أننا فى بساطة وإخلاص الله لا فى حكمة جسدية بل فى نعمة الله تصرفنا فى العالم ولا سيما من نحوكم"(7).ـ
(1)- (عب4: 12، 13). (2)-(فى2: 15). (3)- (أع2: 46).
(4)- (مت5: 37). (5)- (مت12: 36، 37). (6)- (مز116: 6).
(7)- (2كو1: 12).