اليوم الثامن : مدّة عقاب المطهر وأسبابها - جنود مريم
اليوم الثامن
مدّة عقاب المطهر وأسبابها
1. ما هي مدّة عقاب المطهر
لا تحدّد الكنيسة فترة آلام المطهر، ولكنّها تعتقد أنّها قد تطول دهورًا، بحسب شعور البابوات القدّيسين. لذا تقوم الكنيسة بتقديم القداديس في ذكرى الموتى كما تخصّص شهرًا كاملاً كلّ سنة، للصلاة من أجل راحة أنفس الموتى المطهريّين.
كان الكاردينال بلاّرمان* يقول أنّ بعض الأنفس المطهريّة تبقى بالمطهر إلى يوم الدينونة الأخيرة إذا لم تسعَ الكنيسة إلى نجدتهم وذلك استنادًا إلى اعترافات إيمانيّة عميقة. يا أسفاه! هناك أنفس تئنّ منذ سنوات طويلة.
من يجرؤ أن يحدّد زمن العذابات المطهريّة من أجل التكفير عن خطايانا، لكي تعود نفوسنا برّاقة خالية من الصدأ جميلة كنفوس الملائكة؟
ذلك يسرّ أحكام الله الذي لا يمكن سبر أغواره!
إنّ طول الانتظار يزيد من حدّة الآلام. إنّه لعذاب رهيب ذلك الانتظار اللامتناهي يضاف إلى كثافة الخطايا ممّا يجعل اللحظات تبدو شهورًا والأشهر دهورًا.
يا ربّ اختصر آلام أصدقائنا واجعل زمنَها قصيرًا في مطهرها.
2. ما هي أسبابها؟
لا نستغربنَّ المدّة الرهيبة لكفّارة المطهر. إحدى راهبات الزيارة القدّيسات الأخت ماري دنيز، والتي يعتبرها مؤرّخي الكنيسة من الذين وهبهم الله نعمه الخارقة من أجل الموتى، تقول هذه الأخت القدّيسة: "إنّ أسبابًا عديدة تجعل مدّة آلام المطهر طويلة منها:
- الطهارة الحقيقيّة التي يجب أن تنعم بها النفس لتتّحد بالله.
- كثرة خطايانا العرضيّة.
- الندم التافه الذي نقوم به والقليل من الكفّارة التي نمارسها من أجل خطايانا التي اعترفنا بها.
- العجز المطلق للأنفس المطهريّة في معالجة نفسها.
- النسيان الغريب للأموات من قبل الأحياء.
هذه التأمّلات، وللأسف، هي جدّية وأساسها عميق.
لذلك، لا يجب أن نكون ملحاحين من أجل تقديس موتانا. قد نظنّ أنّهم أصبحوا في الجنّة عالم السلام والقداسة ممّا يجعلنا نكفّ عن الصلاة لأجلهم. أنظروا كيف يفكّر القدّيسون ويعملون. كانت حياتهم، كلّها، صلاة من أجل الذين سبقوهم إلى دنيا الحقّ. فلنعمل مثلهم.
نحن لا نتحمّل احتراق إصبع واحد من أصابعنا بنار هذه الدنيا إلاّ وصرخنا صراخًا هائلاً. فكيف نعذّب نفوسًا أحببناها، غارقة في نار المطهر العظيمة لسنوات طويلة من جرّاء إهمالنا لها؟ أليست هذه قساوة كبيرة منّا؟
أيّتها الأنفس التي أحببناها لن ننساكِ أبدًا.
يا يسوع ومريم ويوسف ساعدونا على الصلاة!
أمثلة
1) أحد الأسرى منذ سنوات في سجنه قد تعب من الألم، يطلب من إحدى النساء القادرات، آنذاك، على تحطيم قضبان السجن بواسطة علاقاتها مع أصحاب الشأن والسلطة. فكان أن قال لها بصوت بائس يمزّقه الألم: "سيّدتي، في الخامس والعشرين من شهر آذار هذا، سنة 1760، سيكون قد مرّ على عذابي في السجن مئة ألف ساعة ويبقى عليّ مئتا ألف ساعة أخرى من العذاب. آه، يا سيّدتي لو ترأفي بمعذّب طال عذابه كأنّه الأبد.
هل قلب هذه السيّدة قاسٍ بما يكفي ليصمد أمام عذاب هذا الرجل؟ لست أدري ولكن ليس من كلام أبلغ ممّا وصف به حالته: عشت مئة ألف ساعة من العذاب ويبقى عليّ أن أعيش مئتي ألف ساعة أخرى في العذاب! لقد حسبهم إذًا!
2) في أحد الأديرة عاش كاهنان عEرفا بقداستهما وبصلاوتهما من أجل الأنفس المطهريّة. لقد اتّفقا على أن إذا توفّي أحدهم يقدّم الآخر ذبيحة القدّاس على نيّة الموتى.
حدث أن توفّي أحدهما فقام الآخر وبحسب اتّفاقهما، بتقديم ذبيحة القدّاس في صبيحة اليوم التالي. في نهاية القدّاس وعندما كان يعطي البركة للمصلّين ظهر أمامه الأب المتوفّي يشعّ سعادة ومجدًا ولكن سرعان ما تحوّلت ملامحه إلى القساوة ليقول لصديقه:
"أي إيمانك يا أخي؟ ماذا فعلت بوعدك؟ إنّك لا تستحقّ عظيم رحمة من الله لماذا تركتني أكثر من سنة في المطهر من غير أن تقدّم ذبيحة القدّاس؟
"لقد فاجأتني! صرخ الراهب. جسدك لم يدفن بعد! منذ ساعة تركتنا! ومنذ لحظات أنهيت القدّاس الوعد..."
عند ذلك تنهّدت روح الميت تنهيدة أليمة وقالت: آه كم هي مخيفة آلام المطهر. سأطير إلى السماء وأسأل الله أن يعيد إليك ما قدّمته من أجلي لأنّ هذا القدّاس كان ضروريًّا لكي أهجر المطهر في أقصر وقت ممكن".
إنّ الأنفس المطهريّة المباركة تقيس زمن آلامها في المطهر ليس بالساعة واليوم وإنّما بالسنوات والقرون التي تبدو لها أبديّة.
يا ربّ غفرانًا ورحمة نسألك بشفاعة جراحاتك المقدّسة أن تخلّص أرواح موتانا.
لنصلِّ:
يا إلهي! أقع ساجدًا عند قدميك من الخوف إذا ما فكّرت بآلام المطهر المبرّحة، الطويلة الأمد والكثيفة التي تتحمّلها الأنفس المطهريّة. مليئًا بالعطف نحو هؤلاء المساجين المعدمين آتي إليك راجيًا باسم يسوع المسيح أن تنظر إليهم بعين الرحمة وتضع حدًّا لآلامهم.
يا مريم معزّية المعذّبين كوني عونًا لهم! خلّصي أبناءك من الأسر وليستريحوا بسلام قربك في السماء.
شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة
جمعيّة "جنود مريم"