أَلقَ خبزَكَ على وَجهِ المِياه فإِنَّكَ تَجِدُه بَعدَ أيَّام كَثيرة (جا 11 /1)
اليوم الواحد والعشرون : المحبة بالجسد و الروح تعزي الأنفس المطهرية - جنود مريم
اليوم الواحد والعشرون
المحبّة بالجسد والروح تعزّي الأنفس المطهريّة
1. المحبّة بالجسد
المحبّة هي من الفضائل الأساسيّة التي يقدّمها لنا الإنجيل. فهي، بحسب القدّيس توما، تملك قدرة لإرضاء الله أعظم من الصلاة أو أنّها تضاعف فعاليّة الصلاة وتؤمّن النجاح. كان ملاك الربّ يقول لطوبيّا: "المحبّة تنجّي من الموت، تغفر الخطايا وتنتشل النفس من الظلمات تقدّمها إلى الله وتعطيها الحياة الأبديّة".
يا لها من أداة فعّالة لمعالجة الأنفس المتألّمة! فإذا مارسنا فعل المحبّة على نيّة هؤلاء البائسين تصعد مناجاتهم نحو الله وتنتصر على كلّ شيء إلى جانبه. إنّها قطرات الندى التي تهبط على المطهر فتخفّف من لهبه. من يعطي قطعة خبز إلى فقير في هذا العالم، يعطي لأحد الأنفس المحرّرة مكانًا أبديًّا على مائدة المخلّص.
لتعمّ الرحمة قلوبنا ومن له الكثير فليعطِ الكثير ومن له القليل فليعطِ القليل إنّما بقلب محبّ. يقول كاتب المزامير: "طوبى لمن يشعر بآلام الفقراء والمهمّشين فالله يحرّره يومَ القيامة ويكون حاضرًا ساعة نزاعه الأخير ويجازيه خيرًا إلى الأبد".
إلى العمل إذن! شجّعوا معذّبي الأرض وامسحوا دمع الحزانى.
ضعوا فلس الأرملة في يد الفقير فيتحرّر أسرى المطهر.
2. المحبّة الروحيّة
فإذا كنّا لا نملك الأموال لنقدّمها، تبقى لنا المحبّة الروحيّة نقدّمها إلى الله لعزاء المتألّمين. يقول القدّيس توما: "إنّها تفوق المحبّة الجسديّة، كما تفوق الروح الجسد". فالمآسي الروحيّة هي أكثر عددًا وبشاعة من المآسي الجسديّة. وها هي المحبّة الإلهيّة تسمح بانتشار الكرامات على أخوتنا في المطهر من خلال حصولنا عليها بمحبّتنا الروحيّة تجاههم.
من أجلهم إذن نعتني بالمرضى! من أجلهم نسهر على من هم في ساعة النـزاع الأخير! من أجلهم نحمي اليتامى! من أجلهم نعزّي الأرامل! من أجلهم نجفّف دموع الحزانى! وهكذا تخفّف محبّتنا من آلام هذا العالم الذي هو مطهر الحياة الأخرى!
ماذا يمنعنا عن عزاء هذه الأنفس العزيزة وتحريرها؟ ما هو عذرنا إذا نسيناهم ونحن قادرون على مساعدتهم؟ ومن يساعدنا يومًا إذا تخلّينا نحن عن الآخرين؟
مثال
في مدينة بولونيا الإيطاليّة، كان لأرملة ولد اعتاد اللعب مع أترابه في الساحة العامّة. في أحد الأيّام جاء شاب غريب يعكّر صفوهم فارضًا عليهم نفسه بأسلوب مشين.
صرخ ابن الأرملة بوجهه طالبًا منه الكفّ عن إزعاجه. أمّا الشاب الغريب فاستلّ سيفه غاضبًا وطعن به الصبيّ فمات. فرّ الشاب وقد تملّكه الخوف من فعلته العنيفة وسيفه بيده يقطّر دمًا بريئًا. لجأ المجرم إلى أحد البيوت ليختبئ وكان بيت الضحيّة. عندما رأت الأم الأرملة الشاب وبيده السيف المدمّي تمنّعت عن فتح الباب له. ألحّ الشاب باسم الله أن تمنحه ملجأً هربًا من عناصر الشرطة الذين يلاحقونه. فتحت الأرملة الباب وخبّأت المجرم واعدة إيّاه عدم تسليمه إلى الشرطة.
تبعه عناصر الشرطة إلى منـزل الأرملة ولكنّهم لم يعثروا عليه، وعند خروجهم من المنـزل قالوا للسيّدة أتدرين أنّ هذا الشاب هو قاتل ابنك. عند سماعها هذا الكلام وقعت الأرملة مغميًّا عليها. وعندما استعادت وعيها ظنّ الجميع أنّها لن تخرج سالمة من الصدمة. ولكن العناية الإلهيّة كانت عونًا لها فاستعادت نشاطها وقرّرت العفو عن القاتل ومعاملته بمحبّة. ذهبت الأمّ المفجوعة إلى مخبأ القاتل وأعطته مالاً وأرشدته إلى مخرج سرّي حيث ينتظره حصان مسرّج جاهز للانطلاق.
ثمّ لجأت الأرملة الحزينة إلى الصلاة من أجل نفس ابنها. وما كادت تجثو على ركبتيها رافعة يديها إلى المصلوب ترجوه أن يشفق على ابنها حتّى بدا لها وجه مسرور يشعّ كالشمس، وقال لها: "أمّي الحبيبة، لا تبكي! لا تأسفي عليّ بل ارغبي بقدري. إنّ المحبّة المسيحيّة التي عبّرت بها تجاه قاتلي انتشلتني مباشرة من المطهر! إنّ العدالة الإلهيّة قد حكمت عليّ سنوات طويلة من آلالام لكن عفوك أنهى بلحظة كلّ كفّارتي! وأنا الآن إلى جانب الله العليّ حيث سأبقى إلى الأبد!" واختفى وجه الابن تاركًا أمّه يغمرها الفرح رغم حزنها عليه.
لنصلِّ:
أثق بكلامك أيّها المسيح. سأرى وجهك البهيّ في وجه كلّ فقير يستعطي الشفقة. أقوم بفعل المحبّة لكلّ طالب كما لو أنّي أقوم به لأجلك. ولن تقف محبّتي عند حدود الأحياء بل تنتقل إلى الأموات. وليكن ما أقوم به من أجل الفقراء على هذه الأرض خدمة لفقراء المطهر يستعطف رحمتك العظيمة من أجلهم. يا يسوع الطيّب القلب أعطِهم الراحة الأبديّة!
شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة
جمعيّة "جنود مريم"