أُذكُرني يا يسوع إِذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ (لو 23 /42)
مسبحة الرحمة الإلهيّة - جنود مريم
نجد فيما بين كتابات الأخت فوستين رسائل أخرى تفيد في توسيع التعبّد للرحمة الإلهيّة وتعميقه. اثنتان منها حدّدهما الفادي نفسه وأوصى بهما يستأثران بانتباهنا: الأولى هي المسبحة والثانية هي التساعية تقام لأجل الرحمة.
وفي 13 أيلول 1935 رأت الراهبة رؤية شاهدت فيها الملاك منفّذًا للغضب الإلهيّ وهو يقذف بيديه بروقًا ورعودًا.
فإذ عاينت أنّ هذه الآية للعدل الإلهيّ نازلة لا محالة على الأرض، على إحدى المقاطعات خصوصًا، شرعت الأخت فوستين بالاسترحام. وسرعان ما أدركت أنّ صلاتها ظلّت بلا فعل إزاء الغضب الإلهيّ.
وفي اللحظة عينها، شاهدت الثالوث الأقدس فبهرتها عظمته وقداسته التي لا تُقاس. وفي الوقت نفسه سمعت في داخلها كلمات راحت تبتهل بواسطتها بقوّة فائقة الطبيعة سائلة رحمة لأجل العالم. ويا للمعجزة، فعلى إثر هذه الصلاة مَكَثَ الملاك عاجزًا عن تنفيذ العقاب العادل. لقد كانت الكلمات التي توجّهت بها إلى الله هذه:
أيّها الآب الأزليّ، إني أقدّم لك جسد ابنك الحبيب، ربّنا يسوع المسيح، ودمه وروحه وألوهيته تكفيرًا عن خطاياي وخطايا العالم بأسره. فارحمني بآلامه وارحم العالم أجمع".
وفي اليوم التالي، لدى دخول الأخت فوستين إلى المعبد سمعت في داخلها هذه التوصية:
"كلّما دخلت إلى المعبد، ردّدي حالاً الصلاة التي علّمتك إيّاها البارحة".
ولما أذعنت إلى الأمر الموجّه إليها سمعت ثانية: هذه الصلاة هي لتهدئة العدل الإلهي. ستتلينها مدّة تسعة أيّام على نحو عشر سبحات بالطريقة التالية: ستقولين، في البداية، مرّة "أبانا..."، و"السلام عليك..."، و"النؤمن ...". ومن ثمّ، مع الحبّات الكبرى،
ستقولين: "أيّها الآب الأزلي..." (كما الصلاة أعلاه)؛ وعند الحبّات الصغرى، ستقولين: "ارحمني بآلامه..." (كما في الصلاة أعلاه).
ثم تختمين قائلة ثلاث مرّات: "أيّها الإله القدوس والقويّ والأزليّ، ارحمني وارحم العالم أجمع".
على هذا النحو ولدت مسبحة الرحمة الإلهية.
ويمكننا أن نقضي في مقدار عذوبة هذه الممارسة بالنسبة إليه إذا ما قرأنا الوعود المقطوعة للأخت فوستين: "سأمنح نعمًا وافرة جدًّا النفوس التي سوف تتلو المسبحة. أكتبي هذه الكلمات، يا ابنتي، وأعلني للعالم أجمع رحمتي. ولتعلم البشريّة كلّها أنّ رحمتي ليس لها حدّ. إنها علامة الأزمنة الأخيرة وبعدها يحلّ يوم العدل..."
ثم كلّم الربّ خادمته في ذات مرّة قائلاً:
"ردّدي بدون انقطاع هذه المسبحة التي علّمتك إيّاها. فمن يتلوها مرارًا تصونه الرحمة الإلهيّة مدّة حياته وخصوصًا في ساعة موته. وسوف يمدّها الكهنة مثل قصبة نجاة للخطأة المشرفين على الموت... إنّني أريد أن أمنح نعمًا لا تصوّر النفوس التي تثق برحمتي".
لقد ثبت للأخت فوستين نفسها مرّات عديدة فعاليّة هذه الصلاة ولا سيّما متى تليت على نيّة الأنفس المطهريّة وبالأكثر عندما كانت تصلّيها لأجل المنازعين فلنقتدِ نحن بها.
جمعيّة "جنود مريم"