سَوفَ تُهَنِّئُني بَعدَ اليَومِ جَميعُ الأَجيال لأَنَّ القَديرَ صَنَعَ إِليَّ أُموراً عَظيمة: قُدُّوسٌ اسمُه و رَحمَتُه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه (لو 1 /48-50)
هديّة المشيئة الإلهيّة - جنود مريم
يسوع يتحدّث إلى لويزا بيكاريتا (1865-1947)
الهدية الكبرى للمشيئة الإلهيّة تتيح للربّ أن يتقبّل تمجيدًا كاملاً للبشريّة جمعاء، أي منذ آدم حتّى آخر إنسان.
منذ أن خُلق آدم، كان بإمكانه أن يعود فيحبّ الله محبّة كاملة ويمجّده في كلّ شيء وفي كلّ حين،
لأنّه كان ينعم بعطاء المشيئة الإلهيّة، ففقد هذه الهديّة بسقوطه وما كان باستطاعة قدرته البشريّة وحدها أن تتآلف مع الله بالطريقة نفسها لأنّ المشيئة الإلهيّة لا حدّ لها.
يسوع أفهم لويزا بأنّ الله وضع مشيئته الإلهيّة في المشيئة البشريّة لآدم منذ أن خلقه. فقد سكنته لا لشيء إلاّ لأنّه ارتضى السير بروح الله في جميع أفكاره، وكلماته ونظراته، وحركاته، ونبضات قلبه وتنفّسه وفي كلّ ظرف... من هنا، إنّ جميع أفعال آدم كانت بمقتضى نظام إلهيّ، فقد ارتضى بأن يدع الله يعمل فيه.
لهذا السبب، جميع أعماله كانت كاملة، وبذلك كان يمجّد الله ويتآلف تمامًا مع محبّة خالقه. ذلك لا يعني أنّ إرادته كانت تشكو من نقص ما، لكنّه كان قانعًا بأن يدع الله يعمل فيه بحريّة.
ذلك لا يعني أنّ آدم كان إلهيًّا؛ بقي مجرّد خليقة، لكنّها خليقة قانعة بأن تدع الخالق يعمل فيها باحترام.
يشبّه يسوع الإرادة البشريّة بكوب ماء فارغ فيه ماء المشيئة الإلهيّة، هذا ما أقرّه الله في ما خصّ وضع الإنسان.
فالإرادة البشريّة لم تُخلق كي تنفرد عن المشيئة الإلهيّة التي ظلّت، إلى حين المعصية، تعمل في جميع نواحي كيان آدم الذي كان بإمكانه، مع هديّة الإرادة الحرّة، أن يتخلّى في أي وقت، عن إمكانيّة تمجيد الله تمجيدًا كاملاً.
بالفعل، فلقد تخلّى هو ذاته عن هديّته بأكله من الثمرة المحرّمة.
جمعيّة "جنود مريم"