عُدْ يا رَبِّ ونجِّ نَفْسي و لأَجلِ رَحمَتِكَ خَلِّصْني ( مز 6 /5)
فعل تبادل الحب بالاستسلام للإرادة الإلهية - صلوات للإرادة الإلهية - جنود مريم
أيّتها الإرادة الإلهيّة الأزليّة واللامتناهية، أيّها الحبّ الأبديّ! أسجد أمامك، تضمحلّ إرادتي في إرادتك التي تحيطني برحابتها وعظمتها، لا بل تغمرني وتنصهر فيّ.
إجعلني إذ تضمحلّ إرادتي، أن أسموَ لأرث عرشك الأقدس، وأن أقومَ للحياة الجديدة، حياة مقدّسة لا تتبدّل، حياة بحسب إرادة يسوع المسيح، محور الماضي والحاضر والمستقبل.
نعم، لقد وجدت الإرادة الإلهيّة خالقة الكون، فهي غمرتني بالحبّ العارم، في كلّ ما يحيط بي من خلائق. ولكنّها تتوقّع من الخليقة مبادلتها الحب.
فباسم كلّ العائلة البشريّة، من أولى المخلوقات إلى آخرها، بهذه الإرادة التي لا تسبر أغوارها، أعرب عن حبّي الكامل لك. وإنّي أدخل في كلّ عمل، في كلّ إشراقة نجم، في كلّ شعاع شمس، في كلّ لفحة ريح، في كلّ قطرة ماء، إلى كيان كلّ مخلوق، حيوانًا ونباتًا.
ومن ثمّ ألج إلى كلّ نبضة قلب، إلى كلّ كلمة، إلى كلّ فكر، إلى كلّ لمحة وأغمرها كلّها بالحبّ وأضع نفسي أمام عظمتك السامية لأردّ لك جزءًا من الحبّ والشكر على كلّ ما خلقت.
وأقول: "أيّتها الإرادة الحبيبة؛ أيّتها الكلّيّة القدرة، منبع كلّ خلق وركن كلّ شيء. آتي إليكِ وأطرح عند قدميك المقدّستين حبّ العالم بأسره. آتي إليك ورجائي أن أوفّق فأوحّد الحبّ الأبدي بالحبّ الذي خلقت. نعم، أعلن عن مبادلة الإنسان لك بالحبّ. صوتي ينسجم مع كلّ شيء، مع كلّ إنسان. ول
يكن صوتي لا متناهيًا، فيتضاعف ويتكامل إلى اللامحدود، وأنادي عاليًا: "أحبّك، أحبّك، أحبّك". هذا الصوت اللامتناهي هو ختم الحب، يطبع الحبّ على كلّ شيء أو عمل، ويتّحد بختم الحبّ الذي خلقت به العالم، فيصيران جوهرًا واحدًا."
أراك تنظر إليّ والبسمة تزيّن وجهك، يا يسوع، يا حبّي اللامتناهي، وبإرادتك نفسها تريد منّي أن أدخل في سرّ التجسّد الألهيّ، وأنت بانتظاري لأسلّمك أفعال الفداء.
بك، أدخل سرّ الحبل الإلهيّ، مع كلّ خفقة من قلبك، وكلّ فكر، وكلّ تنهيدة وحركة، مع كلّ صلاة رفعتها وكلّ ألم قاسيت في أحشاء والدتك. أشاركك كلّ تأوّه وكلّ دمعة وحاجة في طفولتك.
أشاركك كلّ خطوة، وكلّ كلمة وكلّ عمل في حياة الفداء. بإرادتك المقدّسة، أدخل في غمر آلامك: مع كلّ قطرة دم ذرفت، مع كلّ ألم قاسيت، مع كلّ إهانة وسخرية تحمّلت، مع كلّ شوكة وضربة ولكمة تلقّيت.
أشاركك آلامك على الصليب، وعطشك الحارق، ومرارة القرح والضغينة، واستسلامك للعدالة الإلهيّة، حتّى آخر رمق من حياتك. فمع كلّ الأجيال، وباسم كلّ العالم، بإرادتك اللامتناهية الحاملة كلّ إنسان، آتي إليك لأبادلك ما فعلته لأجلنا. آتي إليك بالحبّ لأنّك أحببتنا، وبالخلاص لأنّك خلّصتنا، وأطرح نفسي في غمرة إرادتك.
وإنّي أعشق كلّ نقطة من دمك، وألثم كلّ جرح من جراحك. إنّي أحمدك وأباركك على كلّ عمل من أعمالك. فبإرادتك منحتني كلّ شيء، وبإرادتك أبادلك كلّ شيء باسم كلّ إنسان.
يا حبيبي، فلمنضِ معًا لملاقاة "إرادة" الخالق، و"إرادة" الفادي و"إرادتي" في إرادتك. ولنجعلها كلّها واحدًا فينصهر الواحد في الآخر، وتتلقّى الحبّ الكامل، والمجد السرمديّ، والعبادة الإلهيّة، والبركات الأبديّة، والتسابيح والتهاليل من الخلائق والشكر على الفداء كما في السماء كذلك على الأرض.
يا ملكة قدّيسة، يا أمًّا إلهيّة، أنتِ الحائزة الأولويّة في الإرادة الإلهيّة، نسألك أن تغطّينا بمعطفك في رحاب الإرادة الأزليّة، واجمعي كلّ الخلائق تحته واختمي جبينها لتحيا على الأرض بحسب الإرادة الإلهيّة، فتستحقّ العبور إلى الضفّة المقابلة وتحيا بفضل الإرادة الإلهيّة في النعيم الأبديّ.
جمعيّة "جنود مريم"