أما أنتم فلا تدعوا أحدا يدعوكم (( رابي ))، لأن لكم معلما واحدا وأنتم جميعا إخوة ( مت 23 /8)
نسب الرب يسوع - 2008-2009 - رسالة روما - المطران بشارة الراعي
نسب الرب يسوع
روميه 1/1-12
متى 1/1-17
وحدة العائلة البشرية بالمسيح
مع انتساب يسوع الى العائلة البشرية بدءاً من ابراهيم حتى يوسف ومريم انحدارياً، كما فعل متى في انجيله، او من يوسف الى آدم صعوداً كما فعل لوقا، تنتهي مسيرة الاجيال المنتظرة مجيء المسيح الفادي والمخلص، والموعود به منذ سقطة ابوينا الاولين آدم وحواء. انتمى ابن الله بتجسده الى العائلة البشرية لكي يخلص الجنس البشري برمّته، وهكذا اتّحد نوعاً ما مع كل انسان، ليقطع الطريق معه عبر الحياة التاريخية ويصل به الى الخلاص الابدي، وهو القائل: " انا الطريق والحق والحياة".
***
اولاً، يوبيل القديس بولس وشرح نصيّ الرسالة والانجيل
1, بولس الرسول وعهد الله الخلاصي[1]
انتسب يسوع، ابن الله المتجسد، الى العائلة البشرية تحقيقاً لعهد الخلاص به الذي دبّره الله الآب في سرّ محبته وحكمته. يتكلم بولس الرسول والتقليد المسيحي انطلاقاً من كلمات المسيح في العشاء الاخير: " هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يراق من اجلكم ومن اجل الكثيرين لمغفرة الخطايا".
يتكلم بولس عن عهدين: القديم بالوعد لابراهيم من خلال سلالة دموية إتنية محددة ومحصورة، والجديد بالمسيح من خلال سلالة روحية شاملة لجميع الشعوب بالولادة الجديدة من الماء والروح. العهد القديم يرتكز على حفظ الشريعة وهو مقيّد بمسلك الانسان. ولذلك، هو قابل للفسخ والانكسار، وقد حصلا. اما العهد الجديد فيرتكز على المعمودية والايمان. وهو مختوم بدم المسيح في عشائه الاخير وذبيحة الصليب، فحلّت النعمة محلّ الوعد، واعطيت هبة الصداقة التي يقدمها الله بالمسيح دونما انقطاع لكل انسان. فكان الخلاص عطية مجاّنية من جودة الله لكل مؤمن. فلا يتبرر الانسان بالاعمال، يقول بولس، بل بالايمان بيسوع المسيح. ليس العهد اتفاقاً بين الله والانسان، بل تدبير خلاص مجاني ومحب من الله للانسان.
في ضوء هذا التدبير الخلاصي، نقرأ في سلسلة نسب يسوع الوحدة الداخلية لتاريخ الله مع البشر في كل الكتاب المقدس، من قديمه الى جديده. الاول يهيء الثاني، والثاني يكمّل الاول. العهد القديم هو عهد الشريعة التي تكشف الحقيقة، ووجه الله، وبالتالي امكانية العيش باستقامة. والعهد الجديد هو عهد النعمة التي هي معرفة ارادة الله، وبالتالي تعني معرفة الذات وفهم العالم ومسيرة الحياة في هذه الدنيا. كما تعني ايضاً اننا نتحرر من قلق تساؤلاتنا التي لا تنتهي، وان النور اتى، وبدونه لا نستطيع ان نرى ونتحرّك.
الشريعة والنعمة هما كلمة الله التي ينشدها المزمور 119:
"طوبى للكاملين في سلوكهم، السائرين في شريعة الرب.
طوبى للذين يحفظون شهادته، وبكل قلوبهم يلتمسونه.
واعمال الظلم لا يعملون، بل في طريقه يسيرون.
انت اوصيت باوامرك، كي تُحفظ حفظاً كاملاً.
ليت طرقي تثبت، لحفظ فرائضك" (مز119/1-5).
2. شرح الرسالة الى اهل رومية:1/1-12.
مِنْ بُولُسَ عَبْدِ الـمَسِيحِ يَسُوع، الَّذي دُعِيَ لِيَكُونَ رَسُولاً، وفُرِزَ لإِنْجِيلِ الله، هـذَا الإِنْجِيلِ الَّذي وَعَدَ بِهِ اللهُ مِنْ قَبْلُ، بَأَنْبِيَائِهِ في الكُتُبِ الـمُقَدَّسَة، في شَأْنِ ابْنِهِ الَّذي وُلِدَ بِحَسَبِ الـجَسَدِ مِنْ نَسْلِ داوُد، وَجُعِلَ بِحَسَبِ رُوحِ القَدَاسَةِ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ أَيْ بِالقِيَامَةِ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، وهُوَ يَسُوعُ الـمَسِيحُ رَبُّنَا؛ بِهِ نِلْنَا النِّعْمَةَ والرِّسَالَةَ لِكَي نَهْدِيَ إِلى طَاعَةِ الإِيْمَانِ جَميعَ الأُمَم، لِمَجْدِ اسْمِهِ؛ ومِنْ بَيْنِهِم أَنْتُم أَيْضًا مَدْعُوُّونَ لِتَكُونُوا لِيَسُوعَ الـمَسِيح؛ إِلى جَمِيعِ الَّذينَ في رُومَا، إِلى أَحِبَّاءِ الله، الـمَدْعُوِّيِنَ لِيَكُونُوا قِدِّيسِين: أَلنِّعْمَةُ لَكُم والسَّلامُ مِنَ اللهِ أَبينَا والرَّبِّ يَسُوعَ الـمَسِيح! قَبْلَ كُلِّ شَيء، أَشْكُرُ إِلـهِي بِيَسُوعَ الـمَسيحِ مِنْ أَجْلِكُم جَمِيعًا، لأَنَّ إِيْمَانَكُم يُنَادَى بِهِ في العَالَمِ كُلِّهِ. يَشْهَدُ علَيَّ الله، الَّذي أَعْبُدُهُ بِرُوحِي، بِحَسَبِ إِنْجِيلِ ابْنِهِ، أَنِّي أَذْكُرُكُم بِغَيْرِ انْقِطَاع، ضَارِعًا في صَلَوَاتِي على الدَّوَامِ أَنْ يتَيَسَّرَ لي يَوْمًا، بِمَشِيئَةِ الله، أَنْ آتيَ إلَيْكُم. فإِنِّي أَتَشَوَّقُ أَنْ أَرَاكُم، لأُشْرِكَكُم في مَوْهِبَةٍ رُوحِيَّةٍ وَأُشَدِّدَكُم، أَيْ لأَتَعَزَّى مَعَكُم وَبَيْنَكُم بإِيْمَانِي وإِيْمَانِكُمُ الـمُشْتَرَك.
يتحدث بولس الرسول عن اكتمال مسيرة الاجيال وعهد الله الخلاصي بالمسيح ابن الله، الذي " وعد به الله وبانجيله، من قبل، بانبيائه في الكتب المقدسة، والذي ولد بحسب الجسد من نسل داود، وجُعل بحسب روح القداسة ابن الله بالقيامة من بين الاموات، وبه نلنا النعمة.
هذا هو يسوع المسيح الذي دُعي بولس ليكون رسوله، وقد فرزه لاعلان انجيله، لكي يهدي الى طاعة الايمان جميع الامم، فيتمجد الله ( انظر روم1/1 و5).
يؤكد بولس ان الدعوة الى طاعة الامم موجهة لجميع الناس، ليكونوا قديسين بالنعمة والسلام من الله ابينا والرب يسوع المسيح (روم1/6-7).
هذه الرسالة موجّهة الينا لنؤمن بالمسيح، ايماناً يحررنا ويحمّلنا رسالة اعلان انجيل المسيح لتحرير الانسان من ظلمات العالم وعبودياته. فنرفع الشكر مع بولس لالهنا بالمسيح، عندما ينادى بايماننا في العالم كله (روم1/8).
3. نسب يسوع: كمال تاريخ الخلاص (متى 1/1-17).
يبدأ القديس متى انجيله بنسب يسوع. الذي يعني في الاصل " تكوين" يسوع البشري. فكما في سفر التكوين نقرأ سلالة آدم الانسان الاول (تك5/1)، كذلك شاء متى ان يبدأ انجيله بنسب يسوع الذي يفتتح كتاب تكوين جديد، لانه آدم الجديد. وكما كان آدم رأس شعب الله القديم، كذلك يسوع هو رأس الشعب الجديد المسيحاني.
يبدأ متى نسب يسوع بالاعلان انه " ابن داود ابن ابراهيم" لكي يبرز ميزة شعب الله الجديدة المزدوجة: بالنسبة الى داود هو شعب مسيحاني، فالمسيح يتحدر من سلالة داود الملك. قال الملاك لمريم: " ويعطيه الرب الاله عرش داود ابيه" (لو1/32)، وفي البيان ليوسف ناداه الملاك: " يا يوسف ابن داود" (متى1/20). وبالنسبة الى ابراهيم، الشعب الجديد المسيحاني هو شعب الوعد الذي قطعه الله مع ابراهيم، قبل الفي سنة من ميلاد الرب يسوع، بان الخلاص المعلن لذرية آدم ( تك3/15)، يشمل جميع شعوب الارض. لذلك سمي ابراهيم " بابي المؤمنين". تحقق الوعد بشخص حواء الجديدة مريم وآدم الجديد يسوع. ولهذا السبب ينهي القديس متى نسب يسوع، خلافاً لكل شجرة سلالية بذكر مريم: " ويعقوب ولد يوسف زوج مريم التي ولد منها المسيح" (متى1/16)، ويكمل به عدد 14 من السلسلة الثالثة: " من الجلاء الى بابل الى المسيح اربعة عشر جيلاً".
اما نسب يسوع في انجيل القديس لوقا فيأتي لا في بدايته بل بعد ان اصبح يسوع بعمر 30 سنة وبدأ رسالته (لو3/23). فبيّن اولاً ان يسوع اله وهو ابن الآب، ثم انه انسان وابن آدم، متصل بالبشرية كلها: هو واحد منها وفاديها وديانها على ما يقول بولس الرسول في خطبة الاريوباغس: " صنع الله جميع الامم البشرية من اصل واحد، ليسكنوا على وجه الارض كلها... وحدد يوماً يدين فيه العالم دينونة عدل عن يد رجل اقامه من بين الاموات" (اعمال17/26 و31). وهكذا نقرأ عند لوقا الانجيلي: " وكان الناس يحسبون يسوع ابن يوسف...ابن آدم، ابن الله".
بنى متى الانجيلي نسب يسوع على سلسلة من الاجيال منسقة في ثلاث دفعات من اربعة عشر جيلاً: من ابراهيم الى داود، من داود الى الجلاء الى بابل، ومن الجلاء الى بابل الى المسيح، ليربط بين ثلاثة اسماء اساسية: ابراهيم وداود والمسيح. فيبيّن من جهة كمال تاريخ الخلاص: بالوعد العهد مع ابراهيم، بالملوكية الشاملة مع داود، بالفداء وبدء البشرية الجديدة مع المسيح؛ عدد 14 (7+7) رمز لهذا " الكمال". فاسم داود في اللفظة العبرية يتألف من ثلاثة اعداد تعطى لثلاثة حروف تجمع 14 ( 4+6+4): فحرف " دال" يعد 4 وحرف "واو" 6.
هناك ميزة في انجيل القديس متى، انه يتفرد ليس فقط بذكر اسم مريم في سلالة تتألف عادة من الاصول الرجال، بل يذكر ايضاً اسماء اربع نساء اخريات مع ازواجهن: تامار زوجة يهوذا وام زارح (1/3)، وراحاب زوجة سلمون وام بوعز (1/5)، وراعوت زوجة بوعز وام عوبيد (1/5)، وبيتشباع زوجة داود الملك ام سليمان وارملة اوريّا (1/6). من بينهن خاطئات للدلالة ان المسيح اتى ليخلص الخطأة، فلفظة يسوع تعني "الله يخلص شعبه من خطاياهم"، كما قال الملاك ليوسف في الحلم (متى1/21)، واجنبيات ووثنيات للدلالة الى شمولية تصميم الخلاص بالمسيح الفادي. وكلهن تزوجن بطريقة غير عادية، وأدخلن في التصميم الالهي لتهيئة او استباق امومة مريم ليسوع التي هي فوق كل قاعدة: امومتها البتولية، والوهية ابن الله.
في نسب يسوع، مريم هي آخر حلقة في سلسلة الاسماء: " ويعقوب ولد يوسف زوج مريم التي ولد منها يسوع الذي يقال له المسيح" (متى1/16). انها اكتمال جميع الاجيال السائرة نحو المسيح منذ الوعد الالهي الاول بالخلاص (تك3/15)، وبداية ورأس الاجيال الجديدة المفتداة بموت المسيح وقيامته، والمتجددة بروحه القدوس منذ العنصرة، بهذا المعنى تسمى مريم " مرآة العدل" و " ايقونة الكنيسة".
4. العائلة منشّئة على الضمير الاخلاقي
استعداداً للقاء العالمي السادس للعائلات مع قداسة البابا في مكسيكو (16-18 كانون الثاني 2009)، بعنوان: العائلة منشّئة على القيم الانسانية والمسيحية"،نعرض اليوم الموضوع السادس من سلسلة المواضيع العشرة التي وضعها لهذه الغاية المجلس الحبري للعائلة، وهو بعنوان: " العائلة منشّئة على الضمير الاخلاقي".
يريد الله ان يعرف جميع الناس ويقبلوا تدبيره الخلاصي الذي اُعلن وتحقق بيسوع المسيح (1طيم1/15-16). وهو تدبير كسشف كرامة الشخص البشري ودعوته. فبات من واجب كل انسان ان يكتشف القيم المكتوبة في طبيعته، وينمّيها باستمرار، ويحققها في حياته، بترقّيه الدائم. اما ما يختص باحكامه على القيم الاخلاقية، في ما هو خير او شر، وفي ما يجب عليه ان يفعل او ان يتجنّب، فيقتضي منه ألاّ يتصرف برأيه الحرّ، بل ان يعود الى ضميره حيث يكتشف وجود شريعة داخلية، مكتوبة من الله في قلبه، عليه ان يطيعها، والله سيدينه عليها شخصياً.
الضمير بحاجة الى ان يستنير بالمبادىء الاساسية التي يفهمها العقل، والتي تُستخرج من الشريعة الالهية الابدية، الوضعية والشاملة، التي بها ينظم الله العالم ويوجّه دروب الجماعة البشرية وفقاً لتصميم حكمته وحبّه.
اسس المسيح الكنيسة وجعلها عمود الحقيقة واساسها، وعضدها بالروح القدس لكي تحفظ من دون خطأ الحقائق الاخلاقية، وتفسّر باصالة ليس فقط الشريعة الوضعية الموحاة، بل ايضاً المبادىء الاخلاقية التي تنبثق من الطبيعة البشرية نفسها، والتي تساعد على تنمية الانسان وكماله.
دور العائلة الكبير ان تنشّىء الاولاد على الحقيقة واستقامة الضمير الادبي حول مسائل الحياة الكبرى مثل: العبادة لله الخالق والمخلص واحترامه، محبة الاهل، احترام الحياة، احترام الجسد البشري، حفظ شرف القريب، الاخوّة بين جميع الناس، ترتيب خيرات الارض للجميع، عدم التمييز العنصري لاسباب دينية او اجتماعية او اقتصادية. وفوق كل شيء، على الاهل ان يربّوا اولادهم على وجود الحقيقة، وضرورة البحث عنها، واتباعها، لكي يحققوا ذواتهم كانسان.
***
ثانياً، البطاركة الموارنة ولبنان
البطريرك يوسف التيّان (1796-1909)
هو من مواليد بيروت في 5 اذار 1760، ومن تلامذة المدرسة المارونية في رومية (1584). عالم في اللاهوت والتاريخ الكنسي، مشهور بالفضيلة والتقوى والوعظ، مع ميل نحو العيشة النسكية. رقي الى درجة الكهنوت بعمر 23 سنة، والى الدرجة الاسقفية بعمر 26 سنة. انتُخب بطريكاً في دير سيدة بكركي في 28 نيسان 1796، وهو بعمر 36 سنة، واستقال بعد 13 سنة وله من العمر 49 سنة. ثبتّه في البطريركية ومنحه درع التثبيت البابا بيوس السادس في 24 حزيران 1797. وكان يحكم لبنان الامير بشير الثاني الكبير، ودام حكمه 52 سنة من عام 1788 الى 1840.
تميّز البطريرك يوسف التيّان بالغيرة على الايمان الكاثوليكي والوحدة فيه، فتصدّّى لتآليف المطران جرمانوس آدم الملكي، وحرّم مؤلفه بمنشور اذاعه على ابنائه الموارنة[2]. واعتنى عناية خاصة بمدرسة عين ورقة وجمع لها مساعدات، ووضع قوانين لها[3].
اصطدم بسياسة الامير بشير الكبير وبطريقة حكمه ما ادّى الى خلاف مستحكم معه لاسباب عدة: فداحة الضرائب برفع قرش الميري الى ستة قروش وظلم الشعب، فكانت الثورة العامة المعروفة " بعامية لحفد" التي جرّت على البلاد الخراب والدمار والتشريد؛ رفضه مصالحة ابناء عمه اولاد الامير يوسف الشهابي، فكانت الفتن والحروب؛ التدخّل في الشؤون الروحية الذي احدث تشويشاً داخلياً. كما واجه بعض المصاعب الكنسية الداخلية والخلافات على مستوى المطارنة.
كل هذه الامور حدت بالبطريرك الى تقديم استقالته من البطريركية. فكتب في 3 تشرين الاول 1707 الى الكرسي الرسولي: " لما كنت تحققت اني صرت غير قادر على ان افيد طائفتي في مقامي البطريركي، بل اجلب لها ضرراً فغي الروحيات والزمنيات، عزمت على الاستعفاء من البطريركية واعتزال الناس، مختاراً العيشة الانفرادية للاشتغال بخلاص نفسي. ارجو من الاب الاقدس قبول استعفائي عن رضى من البطريركية ومن كل ولاية متعلقة بها، روحية كانت ام زمنية. ان مضادّة حكامنا لي العنيفة جداً، والشكوك الفظيعة الحاصلة في الطائفة من قبل عيشتي هذه النغصة، هي الداعي الاول لاستعفائي".
قبل الحبر الروماني استقالته في 19 تشرين الثاني 1808، وطلب اليه ان يواصل ادارة شؤون البطريركية حتى انتخاب خلف له[4]
***
ثالثاً، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريكي الماروني
تستكمل الخطة الراعوية تقبّل النص المجمعي 12 " الليتورجيا"، وتحديداً القسم الباقي من الفصل الرابع: قواعد عامة بشأن المشاركة في مختلف الرتب الليتورجية (الفقرات 53-57).
1. التوبة ومسحة المرضى
الاعتراف بالخطايا الى الله على يد الكاهن وخدمة الكنيسة يجدد الانسان بنعمة المصالحة مع الله والذات والكنيسة، اذ ينال حياة الهية بالروح القدس. لا يتمّ ذلك إلاّ بالاعتراف الفردي والحلّ. ويحبّذ المجمع ان يكون الاعتراف الفردي والحلّ في اطار رتبة توبة جماعية، محورها كلمة الله وصلاة الجماعة.
2. سرّ مسحة المرضى ( يعقوب 5/14)
يتم بالصلاة ومسحة زيت المرضى والاقرار بالخطايا بهدف الشفاء من مرض النفس ومرض الجسد. تُمنح المسحة في حال المرض الخطير، دون ان يكون المريض حتماً في مرحلة النزاع، بحضور جماعة مصلية، لاسيما ذوي المريض، فيتجدد هؤلاء بالرجاء والعزاء الاتيين من المسيح، طبيب النفوس والاجساد.
3. سرّ الزواج
انه السرّ العظيم، لان اتحاد الرجل بالمرأة باليد الالهية هو على صورة اتحاد المسيح بالكنيسة. يحمل نعمة خلاّقة تجعل الاثنين واحداً، ونعمة مبرّرة تقدس الزوجين وحبّهما، ونعمة مرافقة تعضدهما في حياتهما الزوجية والعائلية.
يدعو المجمع الى اعداد الخاطبين اعداداً ملائماً لهذا السّر، والى استعادة رتبة الخطبة الكنسية المعروفة " برتبة الخواتم"، لما لها من اهمية تحضيرية للزواج.
4. الصلاة الطقسية الخورسية
انها صلوات الساعات التي تدخل المؤمنين والجماعة في حالة "الصلاة الدائمة" واللقاء المستمر بالمسيح، وفي حالة اصغاء لكلام الله والعمل بموجبه. انها تنعش روح اليقظة والعودة الى الله، وتعكس النشيد الذي ترفعه كنيسة الارض الى الآب بيسوع المسيح الوسيط والكاهن الاوحد.
يحبّذ المجمع تلاوة الصلاة الخورسية في الكنائس الرعائية والاديار وبخاصة في الكاتدرائية، يقوم بها الكهنة والشمامسة والرهبان والمؤمنون.
5. الرتب والزياحات
بالاضافة الى الاحتفالات الاسرارية، يطلب المجمع من المسؤولين الروحيين تعزيز الرتب والزياحات والتساعيات وسائر الطقوس التقوية، لانها تحيي روح الصلاة عند المؤمنين ولقاءهم بالرب الذي يخاطب قلوبهم.
***
صلاة
ايها الرب يسوع، بانتمائك الى العائلة البشرية، اتّحدت نوعاً ما بكل انسان، لتشركه في حياتك الالهية. لقد اخذت طبيعتنا البشرية لتشركنا في سعادة طبيعتك الالهية، وتمنحنا المشاهدة السعيدة. لقد صرت انساناً لتؤلّه الانسان. كتبت اسمك في سجل البشر، لكي تكتب اسماءنا في سفر الحياة الخالدة. اعطنا، ربِّ، ان ندرك عظمة اتحادنا بك، ونحن منشغلون في بناء مدينة الارض، لنعكس فيها قيم الملكوت، ونجعلها لائقة بخالقها وفاديها. ألهم رعاة الكنيسة ليحسنوا اتمام الاحتفالات بالاسرار والرتب الطقسية، لكي يشارك فيها المؤمنون مشاركة واعية وفعالة، فيجنوا منها الثمار الروحية الخلاصية اليانعة. امزج، يا رب، نشيد صلوات كنيسة الارض باناشيد كنيسة السماء، رافعين المجد والحمد والتسبيح للاب والابن والروح القدس، الآن والى الابد، آمين.
***
[1]. البابا بندكتوس السادس عشر: بولس رسول الامم (بالايطالية)،صفحة 82-85.
[2]. انظر التفاصيل في " بطاركة الموارنة واساقفتهم القرن 18 للاباتي بطرس فهد صفحة 50-59.
[3]. راجع بشأنها وقانونها المنشور في المرجع نفسه، صفحة 86--97.
[4]. انظر كل تفاصيل الاستقالة وقبولها في المرجع نفسه، صفحة 60-74