فمن رفع نفسه وضع، ومن وضع نفسه رفع (لو 14 /11)
البيان ليوسف 2008-2009 - افسس - المطران بشارة الراعي
البيان ليوسف
افسس 3/1-13
متى 1/18-25
اعلان سرّ تدبير الله الخلاصي المكتوم منذ الدهور
في البيان ليوسف يختم الله اعلان " تدبير السّر المكتوم منذ الدهور في الله الذي خلق كل شيء، كما يقول بولس الرسول في الرسالة الى اهل افسس (3/9)، التي تتلى علينا في هذا الاحد، مع ما يعلن ملاك الرب في الحلم ليوسف بشأن حبل مريم وتأكيد ابوته واعلان مسؤوليته عن ابن الله المتجسّد وامّه زوجته البتول.
***
اولاً، يوبيل بولس الرسول وشرح نصيّ الرسالة والانجيل
1. بولس الرسول وتدبير سرّ الخلاص في العهدين القديم والجديد[1].
" تدبير سرّ الخلاص المكتوم منذ الدهور في الله" معروف في الكتب المقدسة بلفظة " عهد". قطعه الله مع شعبه في القديم مع نوح وابراهيم ويعقوب (اسرائيل) وموسى وداود، ثم ختمه في ملء الازمنة بدم المسيح، ابن الله المتجسّد، فكان العهد القديم والعهد الجديد، العهد اليهودي والعهد المسيحاني، عهد الشريعة والحرف وعهد الايمان والنعمة، عهد الرمز وعهد الخلاص.
تكلّم بولس الرسول في رسائله عن هذين العهدين. لكنا نتوقف هنا عند " عهد المسيح بدمه". في رسالته الى اهل كورنتس نقل بولس التقليد المسيحي الذي تسلّمه من الرسل، وهو كلمات يسوع في عشائه السّري حيث قال: " هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. فكلما شربتم منها، اصنعوا هذا لذكري" ( 1كور 11/25).
" العهد والدم" يعنيان ان الله ختم عهده الخلاصي مع شعبه، اي الجنس البشري باسره، بدم ابنه الوحيد المراق على الصليب لمغفرة الخطايا والحياة الابدية ( كلمات التقديس في الليتورجيا المارونية). تكتمل كلمات بولس الرسول بكلمات الانجيليين متى ومرقس ولوقا: انه العهد الجديد بدمي المراق من اجلكم ومن اجل الكثيرين لمغفرة الخطايا (لو22/20؛ متى 26/28؛ مرقس 14/24).
هذه كل عناصر العهد الجديد.
ان صورة الدم مأخوذة من العهد الذي قطعه الله مع موسى، كما يورده سفر الخروج (24/1-8). عندما روى موسى للشعب اقوال الرب واحكامه، اجاب الشعب بصوت واحد: " كل ما تكلّم به الرب نعمل به". فكتب موسى جميع كلام الرب، وبنى مذبحاً واصعد محرقات وذبح ذبائح سلامية من العجول للرب، واخذ نصف الدم وجعله في طسوت ورشّ النصف الآخر على المذبح. واخذ كتاب العهد فتلاه على مسامع الشعب وقال: " كل ما تكلّم به الرب نفعله ونسمعه". ثم اخذ الدم ورشّه على الشعب وقال: " هوذا دم العهد الذي قطعه الله معكم على جميع هذه الاقوال".
" دم المسيح المراق في ذبيحة القداس" يختم بطابع ابدي عهد المسيحيين مع الله وفعل الروح القدس. وهكذا يرتقي بنا العهد الجديد من المستوى المادي الى قيم الروح، والمسيح من جهته، في هذا العهد، يأخذ على عاتقه مصير البشر ويعيش ويموت من اجلهم، وفقا لنشيد اشعيا عن خادم الله: " حمل آلامنا واحتمل اوجاعنا. طُعن بسبب معاصينا، وسُحق بسبب آثامنا. نزل به العقاب من اجل سلامنا، وبجرحه شفينا" ( اشعيا 53/4-5).
2. سرّ تدبير الخلاص المعلن لبولس الرسول (افسس3/1-13).ً
لِذـلِكَ أَنَا بُولُس، أَسِيرَ الـمَسيحِ يَسُوعَ مِنْ أَجْلِكُم، أَيُّهَا الأُمَم... إِنْ كُنْتُم قَدْ سَمِعْتُم بِتَدْبِيرِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي مِنْ أَجْلِكُم، وهوَ أَنِّي بِوَحْيٍ أُطْلِعْتُ على السِرّ، كَمَا كَتَبْتُ إِلَيكُم بإِيْجَازٍ مِنْ قَبْل. حِينَئِذٍ يُمْكِنُكُم، إِذَا قَرَأْتُمْ ذـلِكَ، أَنْ تُدْرِكُوا فَهْمِي لِسِرِّ الـمَسِيح، هـذَا السِّرِّ الَّذي لَمْ يُعْرَفْ عِنْدَ بَنِي البَشَرِ في الأَجْيَالِ الغَابِرَة، كَمَا أُعْلِنَ الآنَ بِالرُّوحِ لِرُسُلِهِ القِدِّيسِينَ والأَنْبِيَاء، وهُوَ أَنَّ الأُمَمَ هُم، في الـمَسِيحِ يَسُوع، شُرَكَاءُ لَنَا في الـمِيرَاثِ والـجَسَدِ والوَعْد، بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيل، ألَّذي صِرْتُ خَادِمًا لَهُ، بِحَسَبِ هِبَةِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي بِفِعْلِ قُدْرَتِهِ؛ لي أَنَا، أَصْغَرِ القِدِّيسِينَ جَمِيعًا، وُهِبَتْ هـذِهِ النِّعْمَة، وهِيَ أَنْ أُبَشِّرَ الأُمَمَ بِغِنَى الـمَسِيحِ الَّذي لا يُسْتَقْصى، وأَنْ أُوضِحَ لِلجَمِيعِ مَا هُوَ تَدْبِيرُ السِّرِّ الـمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ في اللهِ الَّذي خَلَقَ كُلَّ شَيء، لِكَي تُعْرَفَ الآنَ مِن خِلالِ الكَنِيسَة، لَدَى الرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِينِ في السَّمَاوات، حِكْمَةُ اللهِ الـمُتَنَوِّعَة، بِحَسَبِ قَصْدِهِ الأَزَلِيِّ الَّذي حَقَّقَهُ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا، الَّذي لَنَا فيهِ، أَيْ بِالإِيْمَانِ بِهِ، الوُصُولُ بِجُرْأَةٍ وثِقَةٍ إِلى الله. لِذ,لِكَ أَسْأَلُكُم أَنْ لا تَضْعُفَ عَزِيْمَتُكُم بِسَبَبِ الضِّيقَاتِ الَّتي أُعَانِيهَا مِنْ أَجْلِكُم: إِنَّهَا مَجْدٌ لَكُم!
يؤكد بولس الرسول انه " بوحي اُطلع على سرّ المسيح وهو ان الوثنيين (الامم) هم، في المسيح يسوع، شركاء لنا في الميراث والجسد والوعد، بواسطة الانجيل. هذا هو تدبير السّر المكتوم منذ الدهور في الله الذي خلق كل شيء" (اف3/3 و6 و9 ).
واذ يكتب لاهل افسس من السجن، يشجعهم على التمسك بالرجاء وسط المحن، فان تدبير الله الخلاصي الشامل جميع الناس فاعل في التاريخ: " اسألكم ان لا تضعف عزيمتكم بسبب الضيقات التي اعانيها من اجلكم: انها مجد لكم" (ف3/13).
ويؤكد بولس ان سرّ تدبير الخلاص الذي كان معلناً بالرموز في العهد القديم، اُعلن بجوهره " بالروح للرسل القديسين والانبياء"، وهو " صار خادماً له بحسب هبة نعمة الله وقدرته" (افسس 3/5 و7). ان " سرّ تدبير الله الخلاصي" لا يُعرف بالعقل والعلم، بل بالوحي الالهي. فهو حكمة الله المتنوعة التي تُعرف الآن من خلال الكنيسة وحدها، وقد اتُمنت عليه (انظر افسس3/10).
1. سرّ تدبير الخلاص بالمسيح المعلن ليوسف ( متى1/18-25).
هو الله واصل الكشف ليوسف عن سرّ تدبير الخلاص المكتوم منذ الدهور. فتلتقي البشارة لمريم في رواية لوقا(1/26-38) مع البشارة ليوسف في انجيل متى(1/18-25) في حقيقة واحدة هي ان مريم البتول، خطيبة يوسف، حبلى بأبن، بقوة الروح القدس، وان يوسف البتول، زوج مريم، مدعو ليكون اباً مربياً لهذا الابن، الذي سيكون اسمه يسوع ومعناه " الله يخلص".الجديد في البشارة ليوسف هو ان الموفد الالهي يكل اليه واجبات اب ارضي تجاه ابن مريم. فكان موقف يوسف هو اياه موقف مريم : طاعة الايمان، اذ " فعل كما امره ملاك الرب ، فأتى بامراته الى بيته "، فيما مريم اجابت " نعم " للملاك: " انا امة الرب ، فليكن لي حسب قولك ".
لقد قبل يوسف، كحقيقة صادرة من عند الله، ما كانت قد قبلته مريم عند البشارة. هذه هي طاعة الايمان، ان يقبل المؤمن بعقله الحقيقة الموحاة من الله، ويخضع بارادته لمقتضيات هذه الحقيقة، ويسلّم امره كله بحرية تامة لله. في الواقع تراجع يوسف عن القرار الذي سبق واتخذه: " ان يطلق مريم سراً" كمخرج من وضعه العسير وقلقه حيال سرّ حبلها وما يريد الله من هذا التدبير، اذ شعر انه خارج اطاره. ولكن حين اوحى له الله بملاكه: " ان المولود من مريم هو من الروح القدس ، وسيدعى يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم"، كشف له عن مكانه ودوره في هذا التدبير: " لا تخف ان تأخذ مريم امرأتك". حينئذ ،اخذ امرأته الى بيته، واخذها مع سرّ امومتها ومع الابن الموشك ان يأتي الى العالم بفعل الروح القدس. فأبدى بذلك اهبة ارادية شبيهة باهبة مريم حيال ما طلبه الله منها بواسطة موفده (البابا يوحنا بولس الثاني: حارس الفادي،3).
تراجع يوسف عن قراره السابق بفعل ارادة حرة تماماً ، فتبنى " قرار " الله أي تدبير الخلاص، وصار نموذجاً لكل انسان يبحث عن تصميم الله عليه. وهكذا تتضح قيمة طاعة الله بانها ممارسة للحرية كاملة . فالطاعة تحرّر، والحرية الحقيقية فعل طاعة لله. عن طريق هذه الطاعة يعرف كل واحد منا دعوته الخاصة ويلبيّها في تاريخ الخلاص.
أدرك يوسف من كلمات البشارة الليلية: " لا تخف ان تأخذ مريم امراتك"، ان زواجه الاصلي من مريم انما تمّ بارادة الله. وكان لا بدّ من ان يستمر، كما كان على مريم، في امومتها الالهية، ان تواصل حياتها " كعذراء مزفوفة لرجل". ارادة الله دعت يوسف ومريم الى عهد الزواج ، وهي اياها تدعوهما لابوة وامومة بتولية ومسؤولة، وتدعوهما ثانية الى الحب الزوجي النبيل ، المتجدد بالروح القدس، والمتعمّق في كل ما فيه بشرياً من معالم النبل والجمال والتجرّد الكلي من الذات واتحاد الاشخاص والشركة الحقة مع الله بسرّه الثالوثي ( حارس الفادي،19).
كل زواج بشري انما يتمّ بارادة الله، لخدمة الحب والحياة ، في اسرة معينة. ولهذا لا بد له وقد تمّ وفق ارادة الله، من ان يستمر، فلا يحق لاي سلطة بشرية ان تحلّه: " ما جمعه الله لا يفرّقه الانسان"(متى19/6).
" لقد اعرب يوسف ، بتضحية ذاته الكاملة ، عن سخاء حبّه لأم الله، مقدماً لها كل ذاته الزوجية. ومع انه قرر الانسحاب لئلا يعرقل الخطة الالهية التي باتت تتحقق فيها، فقد أبقاها في بيته واحترم تكرّسها المطلق لله" (حارس الفادي،20) هذا ما عبّر عنه متى الانجيلي بالقول: "واخذ امرأته، ولم يعرفها، فولدت ابنها البكر، ودعا اسمه يسوع" (متى1/25).
" وبما ان الزواج شركة حياة وخيور بين الزوجين، فعندما وهب الله العذراء يوسف زوجاً لها، فقد اهداها ليس فقط رفيقاً لحياتها وشاهداً لبتوليتها وحارساً لشرفها، بل اهداها ايضاً، بقوة الميثاق الزوجي، شريكاً في كرامتها السامية" (البابا لاوون الثالث عشر، في حارس الفادي،20). هذه حال كل زواج بشري اراده الله. الزواج دعوة من الله، مثل الكهنوت والحياة المكرسة. ولهذا هو بحاجة ماسة الى تحضير روحي وانساني واعٍ، يجعل الخطيبين مدركين سمو الدعوة الى الحياة الزوجية وخطورتها.
4. العائلة منفتحة على الله والناس
الزواج عهد حب وحياة، عمودي مع الله وافقي بين الزوجين والاولاد في العائلة وانحداري مع جميع الناس.
استعداداً للقاء العالمي السادس مع قداسة البابا في مكسيكو (16-18 كانون الثاني 2009) بعنوان: العائلة منشّئة على القيم الانسانية والمسيحية"، نتناول اليوم الموضوع الخامس من المواضيع العشرة التي هيأها المجلس الحبري للعائلة لهذه الغاية، وهو بعنوان: "العائلة منفتحة على الله والناس".
يندرج العهد الزوجي في اطار تدبير الله الخلاصي الذي قطعه الله بعهد مع شعبه. الناس كلهم مرتبطون بالله بحكم الطبيعة، كما البيت مرتبط بالمهندس المعماري الذي بناه. بنتيجة هذا العهد بين الله وشعبه، يشعر الانسان في اعماقه بحنين الى الله، عبّر عنه اغسطينوس بالهتاف: " لقد خلقتنا لك يا رب، وسيظل قلبنا قلقاً فينا الى ان يرتاح فيك".
العائلة المسيحية مدعوة لتضع الله في افق حياتها وحياة اولادها منذ اللحظة الاولى للوجود الواعي: من المعمودية والميرون الى القربان والتربية والعمل والزواج.
واجبها ان تربّي الاولاد على محبة الله، بالصلاة قبل الطعام وبعده، قبل النوم وعند النهوض، قبل العمل وبعده، في الصحة والألم، وبحفظ يوم الرب معاً بالمشاركة في الليتورجيا الالهية كل يوم احد.
وان تربيتهم على محبة القريب باكتشافه وبخاصة بمساعدة المحتاجين، والقيام بخدمات بسيطة ودائمة مثل: مقاسمة الالعاب مع رفاقهم، مساعدة الاصغرين، اعطاء الحسنة للفقير في الشارع، زيارة المرضى من الاهل، مرافقة الاجداد وتقدمة خدمات صغيرة لهم، حسن استقبال زوار البيت، مغفرة الاساءة.
ولتكن القاعدة في كل ذلك كلمة يوحنا الرسول: اذا كنا لا نحب قريبنا الذي نراه، كيف يمكننا ان نحب الله الذي لا نراه؟" (يو4/20).
***
ثالثاُ، البطاركة الموارنة ولبنان
البطريرك فيليبس الجميل (1795-1796).
معه ومع سلفه البطريرك مخايل فاضل (1793-1795) تنتهي سلسلة البطاركة الموارنة في القرن الثامن عشر. ولايتان فصيرتان جداً دامتا ثلاث سنوات.
البطريرك فيليبوس الجميل من مواليد بكفيا وكان مطراناً على ابرشية قبرس. انتُخب بطريركاً في دير سيدة بكركي في 13 حزيران 1795. وبعد ثلاثة ايام كتب الى الحبر الاعظم يطلب تثبيته ودرع التثبيت، فمنحه اياه في 27 حزيران 1796، لكن الدرع والبراءة الحبرية بالتثبيت لم يصلا اليه إلا بعد وفاته التي عاجلته في 12 نيسان 1796 في دير بكركي حيث دُفن جثمانه [2]. فكانت مدة رئاسته عشرة اشهر فقط.
كان البطريرك غيوراً وتقياً، يعتني بابناء كنيسته ويسهر على خلاص نفوسهم، كما يظهر من منشور رعائي اذاعه على ابناء ابرشيته عندما كان مطراناً على قبرص[3].
وقد سبق وعرض على الكرسي الرسولي اثناء بطريركيته نقاطاً كان قد عرضها سلفه البطريرك مخايل فاضل. فاتى جواب رئيس مجمع تبشير الشعوب مؤرخاً في 9 آب 1796، وكان آنذاك قد انتخب البطريرك يوسف التيان في 28 نيسان 1796 الذي ثبّته البابا بيوس السادس في 24 تموز 1797. تتعلق النقاط بشؤون بطريركية واسقفية ورهبانية وتهذيبية وحقوقية[4].
***
ثالثا، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريركي الماروني
تتناول الخطة من النص المجمعي 12 " الليتورجيا"، فصله الرابع وعنوانه: "قواعد عامة بشأن المشاركة في الرتب الليتورجية". وهي تتناول الاحتفال بالاسرار السبعة والصلاة الطقسية الخورسية.
بما ان غاية الليتورجيا تمجيد الله وتقديس البشر، من الضروري رسم قواعد تمكّن الجماعة المؤمنة من المشاركة في فعل العبادة بطريقة واعية ومثمرة عبر الكلمة واللحن والحركة والجماعة المؤمنة المصلية.
1. اسرار التنشئة المسيحية (الفقرات 42-46).
في الليتورجيا المارونية رابط وثيق بين الاسرار الثلاثة: المعمودية والميرون والقربان، من حيث وحدتها اللاهوتية وترابطها الاحتفالي. فتُعتبر احتفالاً واحداً لا يتجزأ للدخول في حياة المسيح وفي الجماعة التي تحيا فيه. يتقبّل المؤمن الولادة الجديدة بالمعمودية، ويقبل موهبة الروح القدس بالميرون فيصبح هيكلاً للرب، ويتغذى من جسد الرب ودمه بالقربان منخرطاً في شعب الله. ما يقتضي، من جهة، تهيئة المؤمنين لقبول نعمة الاسرار، ومن جهة ثانية، منحها باسمى تناسق وانسجام.
2. القداس (الفقرات 47-51).
يشكل الاحتفال بالقداس محور العبادة المسيحية، لانه الاحتفال بسرّ التدبير الخلاصي الذي حققه المسيح بموته وقيامته. انه استمرارية تعليم الكلمة وذبيحة الفداء ووليمة الحياة الالهية، الآن وهنا. هذه تشكّل اقسامه الثلاثة. يرسم النص المجمعي قواعد لهذا الاحتفال.
3. الكهنوت والدرجات المقدسة (الفقرة 52).
اسس الرب يسوع الكهنوت امتداداً لرسالته الكهنوتية ومواصلة لها بالتعليم والتقديس والرعاية، بفعل الرسامة المقدسة. الكهنوت ثلاث درجات: الاساقفة والكهنة والشمامسة الانجيليون. يعاونهم خدمة آخرون يُرسمون مرتلين وقارئين وشدايقة، لتعزيز الخدمة الطقسية والرسالة الكهنوتية التي تدور حول خدمة مثلثة للكلمة والنعمة والمحبة في بعديها الانساني والاجتماعي.
***
صلاة
ايها الرب يسوع، لقد انكشف بك سرّ تدبير الله الخلاصي المكتوم منذ الدهور، من خلال يوحنا السابق ومريم ويوسف، وادخلتنا في شركة هذا التدبير. نسألك نعمة تساعدنا على الولوج في هذا السّر، وادراك دورنا فيه على مثال زكريا ومريم ويوسف بطاعة الايمان. بارك عائلاتنا لتكون منفتحة على تدبير الخلاص، بعيشها ككنيسة بيتية تتواصل من خلالها وفي افرادها مقاصد الله الخلاصية. قدّس الوالدين بنعمتك لكي يربوا اولادهم على محبتك ومحبة كل انسان. ألهم رعاة الكنيسة لكي يحسنوا اداء خدمة الاسرار والاحتفالات الليتورجية لكي يتمكن المؤمنون من الولوج في سرّ تدبير الخلاص ونوال ثماره الروحية. فنرفع المجد والشكر والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن والى الابد، آمين.
[1] . انظر البابا بندكتوس السادس عشر: بولس رسول الامم (الفاتيكان 2008)، النسخة الايطالية،صفحة 73-77.
[2] . انظر الرسائل في: " بطاركة المورنة واساقفتهم القرن 18 ً، للاباتي بطرس فهد، صفحة 420-425.
[3] , راجع النص في المرجع المذكور، صفحة 427-435.
[4] . انظر هذه النقاط في المرجع نفسه 430-435.