اِرتَفع أَللَّهُمَّ على السَّمَوات و لْيَكُنْ مَجدُكَ على الأرضِ كُلِّها (مز 57 /12)
رسائل القديس فرنسيس الأسيزي
رسائل القديس فرنسيس الأسيزي
إلى جميع المؤمنين |
إلى رجال الاكليروس |
الأولى إلى الحراس |
الثانية إلى الحراس |
إلى الأخ ليون |
إلى المجمع الرهباني العام |
إلى خادم الرهبنة |
إلى القديس أنطونيوس البادواني |
الى الأخوة في فرنسا |
إلى قادة الشعوب |
إلى سكان بدلة بولونيا |
إلى السيدة جاكلين (جاكومينا) |
إلى القديسة كلارا وأخواتها حول الصيام |
|
|
(1220)
إنها الصيغة الثانية للرسالة إلى المؤمنين، وقد كتبت على الأرجح حوالي سنة 1220، أي بعد عودته من الشرق وفيها يحدد فرنسيس سبب كتابتها: "ولما كُنتُ مدركا أنني عاجز عن زيارتكم شخصيا وبشكل فردي بسبب المرض وضعف جسدي ارتأيت أن أنقل إليكم عبر هذه الكلمات وهذه الرسالة كلمات ربنا يسوع المسيح". وفي هذا برهان على كتابتها في هذا التاريخ والبرهان الآخر هو أنها تحمل إشارة واضحة إلى القرار البابوي الذي أصدره البابا هونوريوس الثالث في 22 تشرين الثاني 1219 (
sane cum olim) لتطبيق قرارات المجمع اللاتراني الرابع، حول سر الإفخارستيا. أهم النقاط التي يتناولها فرنسيس: سر الخلاص، وحقيقة سر التجسد، وضرورة احترام رجال الإكليروس وضرورة ممارسة الأسرار وعيش التوبة، من خلال الصلاة والمحبة والتواضع والصدقة والصوم والرحمة والنقاوة ونكران الذات والخدمة والخضوع للجميع. ويختم الرسالة بقصة الإنسان المريض على فراش الموت شارحا من خلالها أهمية التوبة. من أجمل المقاطع في هذه الرسالة والتي وردت أيضا في الرسالة الأولى إلى المؤمنين وصفه لعلاقة المؤمن بكل من الأقانيم الثلاثة.
(1) باسم الرب، الآب والابن والروح القدس، آمين.
إلى جميع المسيحيين المتدينين من كهنة وعلمانيين، رجال ونساء، وجميع قاطني المسكونة بأكملها، الأخ فرنسيس خادمهم ومرؤوسهم باحترام وإجلال (يرسل) سلاما، حقا، من السماء ومحبة صادقة في الرب. (2) بما أنني خادم الجميع، فإنني ملزم بخدمة الجميع وبأن أوزع على الجميع أقوال ربي العطرة. (3) ولما كنت مدركا أنني عاجز عن زيارتكم شخصيا، وبشكل فردي بسب المرض وضعف جسدي ارتأيت أن أنقل إليكم عبر هذه الكلمات وهذه الرسالة كلمات ربنا يسوع المسيح، الذي هو كلمة الآب وكلمات الروح القدس التي هي روح وحياة. (4) إن الآب العليَّ بشر من السماء بكلمته هذه الجزيل الكرامة، والجزيل القداسة والتمجيد بواسطة ملاكه القديس جبرائيل في أحشاء القديسة المجيدة العذراء مريم، ومن أحشائها أخذ (الكلمة) جسد إنسانيتنا وهشاشتنا الحقيقية. (5) فهو الذي كان غنيا فوق كل شيء أراد اختيار الفقر لنفسه في هذا العالم مع أمه العذراء الكلية الطوبى. (6) وقُبيل آلامه، احتفل بالفصح مع تلاميذه فأخذ الخبز وشكر وبارك وكسر قائلاً: "خذوا فكلوا، هذا هو جسدي". (7) ثم أخذ الكأس وقال: "هذا هو دمي، دم العهد الجديد، الذي سيراق عنكم عن كثيرين لمغفرة الخطايا". (8) ثم صلى للآب، قائلاً: "أيها الآب، فلتبعد عني هذه الكأس إن أمكن". (9) وغَدا عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض. (10) بيد أنه وضع مشيئته في مشيئة الآب قائلاً: "يا أبت فلتكن مشيئتك، لا كما أريد أنا، بل كما تريد أنت". (11) وهذه كانت مشيئة الآب، أن يقدم ذاته ابنه المبارك والممجد، الذي أعطانا إياه، والذي وُلِدَ من أجلنا بدمه الخاص ذبيحة وقربانا على مذبح الصليب، لا من أجل ذاته، (12) هو الذي به صنع كل شيء، بل من أجل خطايانا، (13) تاركا لنا مثالا كي نقتفي آثاره. (14) وهو يريد أن نَخلُصَ جميعنا به، وأن نتناوله بقلبنا الطاهر، وجسدنا العفيف. (15) ولكن، قليلون هم الذين يريدون تناوله والخلاص به، مع أن نيره لطيف وحمله خفيف. (16) أولئك الذين يأبون تذوق عذوبة الرب، ويؤثرون الظلمات على النور، رافضين تنفيذ وصايا الله، هؤلاء ملعونون. (17) وعنهم قال النبي: "ملعونون هم الذين يبتعدون عن وصاياك". (18) ولكن، آه! هم، هم السعداء ومباركون أولئك الذين يحبون الله، ويعملون بموجب قول الرب نفسه، في الإنجيل: "أحبب الرب إلهك، بكل قلبك، وكل ذهنك، وقريبك كنفسك". (19) فلنحب الله، إذا ولنعبده بقلب نقي، وبذهن نقي، إذ أنه هو نفسه يطلب ذلك فوق كل شيء ويقول: "العابدون الحقيقيون يعبدون الآب بروح الحق". (20) فعلى جميع من يعبدونه أن يعبدوه بروح الحق. (21) ولنوجه له التسابيح والصلوات نهارا وليلاً، قائلين: "أبانا الذي في السموات"، إذ وجب علينا أن نصلي دائما من غير ملل. (22) علينا، أيضا أن نعترف للكاهن بكل خطايانا ونتناول منه جسد ربنا يسوع المسيح ودمه. (23) فمن لا يأكل جسده، ولا يشرب دمه، لا يستطيع دخول ملكوت الله. (24) ولكن، فليأكل، ويشرب باستحقاق إذ أن من يتناوله بلا استحقاق إنما يأكل ويشرب الحكم على نفسه لأنه لم يتبين جسد الرب أي أنه لم يميزه. (25) وفضلا عن ذلك، فلنثمر ثمارا تليق بالتوبة. (26) ولنحب القريب كنفسنا. (27) وإن لم يشأ أحد أن يحب قريبه كنفسه، فلا يلحقن به، على الأقل ضررا بل فليصنع له خيرا. (28) والذين تسلّموا سلطة إدانة الآخرين، فليمارسوها برحمة، مثلما يرغبون هم أنفسهم في أن يظفروا برحمة الرب، (29) إذ أن الدينونة ستكون بلا رحمة لمن لم يرحموا. (30) فليكن لدينا، إذا، المحبة والتواضع ولنقدم الإحسان، فالإحسان يغسل النفوس من دنس الخطايا. (31) والبشر يخسرون كل ما يتخلون عنه في هذه الدنيا بيد أنهم يأخذون معهم مكافأة المحبة والإحسان الذي قاموا به والذي سيتلقون عنه من الرب المكافأة والجزاء اللائق. (32)علينا إذا أن نصوم وأن نمتنع عن الرذائل والخطايا وعن كل إفراطٍ في الطعام والشراب وأن نكن كاثوليكيين. (33) علينا أيضا أن نزور الكنائس بتواتر وأن نحترم رجال الإكليروس ونكرّمهم إن كانوا خاطئين ولكن بسبب خدمتهم وتوزيعهم جسد المسيح دمه الكليّي القداسة اللذين يقربونهما ذبيحة على المذبح ويتناولونهما ويوزعونهما على الآخرين. (34) ولنعلم جميعنا علم اليقين أن ما من أحد يستطيع أن يَخلَص إلا بدم ربنا يسوع المسيح، وبكلماته المقدسة التي يتلوها رجال الإكليروس ويعلنونها ويوزعونها. (35) وعليهم وحدهم توزيعها من دون الآخرين. (36) ويلزم خصوصا الرهبان الذين زهدوا في هذه الدنيا أن يفعلوا أكثر وافضل من غير أن يهملوا هذه الأمور. (37) علنيا أن نبغض أجسادنا برذائلها وخطاياها إذ إن الرب يقول في الإنجيل: "كل الشرور والرذائل والخطايا تخرج من القلب". (38) علينا أن نحب أعداءنا ونحسن إلى من يبغضوننا. (39) علينا أن نتقيد بوصايا ربنا يسوع المسيح، ومشوراته. (40) علينا أن ننكر ذواتنا، وأن نضع أجسادنا تحت نير الخدمة والطاعة المقدسة مثلما وعد كل منا الرب. (41) ولا يلزم أي كان باسم الطاعة، أن يطيع أحداً، إن كان في الأمر جرم أو خطيئة. (42) ومن أوكلت إليه الطاعة والذي يعد الأكبر فليكن كالأصغر وخادما لسائر الاخوة. (43) وليكن رؤوفا حيال كل من اخوته، ولتكن لديه الرأفة التي يرغب في أن تظهر له لو هو وجد في حال مماثلة. (44) ولا يغضبن على أخ بسبب ذنب اقترفه هذا الأخ بل فلينبهه وليسنده بكل صبر وتواضع ولطف. (45) علينا ألا نكون حكماء ومتعقلين بحسب الجسد بل بالحريّ أن نكون بسيطين متواضعين وأنقياء. (46) ولنزدر أجسادنا ونحتقرها إذ أننا جميعنا بذنبنا أشقياء ومتعفنون ونتنون، ودودٌ كما يقول الرب بواسطة النبي: "أنا دودة، لا إنسان، ازدراء البشر، ورذالة الشعب".
(47) علينا ألا نرغب أبدا في أن نكون فوق الآخرين بل علينا بالحريّ أن نكون خداما وخاضعين لكل خليقة بشرية من أجل الله. (48) وجميع الذين واللواتي يعملون هذه الأعمال ويثابرن فيها حتى النهاية سيستقر روح الرب عليهم سيجعل فيهم مقامه ومسكنه. (49) وسيكونون أبناء الآب السماوي الذي يعملون أعماله. (50) وهم عرائس ربنا يسوع المسيح اخوته وأمهاته. (51) إننا عرائس عندما تتحد النفس المخلصة بواسطة الروح القدس بيسوع المسيح. (52) ونحن اخوته عندما نعمل بمشيئة أبيه الذي في السماء. (53) ونحن له أمهات عندما نحمله في قلبنا وجسدنا بحب وضمير نقي وصادق وعندما نلده بالعمل المقدس الذي ينبغي أن يتلألأ قدوة للآخرين.
(54) آه! إنه لمجيد ومقدس وعظيم أن يكون للمرء أب في السموات! (55) آه! إنه لمقدس ومعزّ وجميل ورائع أن يكون له عروس! (56) آه! إنه لمقدس ومبهج ومتواضع وسلمي وعذب ومحبوب ومرغوب فيه فوق كل شيء أن تكون له مثل هذا الأخ والابن الذي بذل نفسه في سبيل خرافه والذي صلى إلى أبيه من أجلنا، قائلا: "يا أبت القدوس احفظ باسمك أولئك الذين أعطيتني إياهم. (57) يا أبت جميع الذين أعطيتني إياهم في العالم كانوا لك، فأعطيتني إياهم. (58) وأنا أعطيتهم الكلام الذي أعطيتنيه وقد تقبلوه وعرفوا حقا أني خرجت من لُدْنِك وعرفوا أنك أنت أرسلتني. إني أدعو لهم لا للعالم، باركهم وقدسهم. (59) ومن أجلهم أقدس نفسي لكي يكونوا مقدسين في الوحدة مثلنا. (60) وأريد يا أبت أن يكونوا هم أيضا معي حيثما أكون لكي يعاينوا مجدي في ملكوتك".
(61) إلى الذي احتمل كثيرا من أجلنا،
والذي أنعم بكثير من الخيرات وسينعم بالمزيد في المستقبل،
فلتقدم كل خليقةٍ
في السموات وعلى الأرض وفي البحر وفي الأعماق،
التسبيح والمجد والإكرام والبركة،
(62) لأنه قدرتنا وقوتنا،
وهو وحده الصالح،
ووحده العليّ،
ووحده الكلي القدرة والعجيب والمجيد،
ووحده القدوس والجدير بالتسبيح والمبارك،
في دهر الدهور اللامتناهية،
آمين.
(63) أما جميع الذين لا يحيون التوبة، ولا يتناولون جسد ربنا يسوع المسيح، ودمه، (64) ويستسلمون للرذائل والخطايا ويسيرن في إثر الشهوة الفاسدة والرغبات الشريرة لا يتقيدون بما وعدوا به الرب، (65) ويخدمون جسديا العالم بالرغبات الجسدية وهموم هذه الدنيا ومشاغلها وهموم هذه الحياة، (66) فهم مخدوعون بإبليس إذ إنهم أبناؤه ويعملون أعماله، وهم عميان لأنهم لا يرون النور الحق، ربنا يسوع المسيح. (67) وليس لديهم حكمة روحية لأن ليس لديهم في ذواتهم ابن الله، حكم الآب الحقيقية وفيهم قيل: "لقد التهمت حكمتهم". (68) إنهم يرون الشر ويقرون به ويعلمونه ويفعلونه ويخسرون نفوسهم عن معرفة.
(69) انظروا أيها العميان المخدوعون بأعدائنا أي الجسد والعالم وإبليس، فإنه لعذب للجسد ارتكاب الخطيئة ومُرَّةٌ خدمة الله، إذ أن جميع الشرور والرذائل والخطايا تخرج وتنبعث من قلوب البشر كما يقول الرب في الإنجيل. (70) ولا شيء لكم، لا في هذا الدهر، ولا في الآتي. (71) وتظنون أنكم ستمتلكون طويلا أباطيل هذا العالم ولكنكم مخدوعون إذ سيأتي اليوم والساعة اللذان لا تفكرون فيهما ولا تعرفونهما وتجهلونهما.
(72) فيعتل الجسد، ويدنو الموت ويأتي الأقرباء والأصدقاء قائلين: "رتب أمورك". (73) ها إن زوجته وأبناءه وأقرباءه وأصدقاءه يتظاهرون بالبكاء. (74) وينظر إليهم ويراهم يبكون ويحركه دافع شرير ويفكر في ذاته قائلاً: "هوذا، نفسي وجسدي وكل أملاكي أضعها بين أيديكم". (75) إنه لملعون حقا هذا الإنسان الذي يخاطر بنفسه وجسده وكل أملاكه ويوكلها إلى مثل تلك الأيدي. (76) فالرب يقول بالنبي: "ملعون الإنسان الذي يتكل على إنسان". (77) ويأتون فورا بالكاهن ويقول الكاهن له: "هل تريد أن تنال الغفران عن جميع خطاياك؟" (78) فيجيب: "أريد" ـ "هل تريد أن تكفر، قدر طاقتك بثروتك عما اقترفته وعن الاحتيال والغش اللذين مارستهما تجاه الناس؟" (79) يجيب: "لا" ويقول الكاهن: "لم لا؟" (80) "لأني أودعت كل شيء بين أيدي أقربائي وأصدقائي". (81) ويشرع يفقد النطق وهكذا يموت ذلك البائس.
(82) ولكن، فليعلم الجميع أنه أينما مات إنسان بأي شكل من الأشكال وهو في حال الخطيئة المميتة من غير تكفير إذا كان قادرا على التكفير ولم يكفر فيخطف إبليس نفسه من جسده بكثير من الضيق والشدة، الأمر الذي لا يستطيع معرفة مداه سوى من يكابده.
(83) وسيسلب كل ما كان يظن أنه له من مواهب، وقدرات ومعرفة. (84) ويترك كل شيء للأقارب والأصدقاء وهؤلاء بعد أن يأخذوا ثروته ويقسّموها، سيقولون: "ملعونة هي نفسه، فقد كان بإمكانه أن يهبنا أكثر مما وهب وان يقتني أكثر مما اقتنى". (85) ويلتهم الدُّودُ الجسد ويفقد هكذا الجسد والنفس في هذا الدهر القصير الأمد، ويذهب إلى جهنم حيث يعذب إلى ما لا نهاية.
(86) باسم الآب والابن والروح القدس آمين. (87) أنا الأخ فرنسيس أصغر خدامكم أرجوكم وأتوسل إليكم في المحبة التي هي الله، ومع الرغبة في تقبيل أرجلكم أن تتقبلوا بتواضع ومحبة هذه الكلمات وكلمات ربنا يسوع المسيح الأخرى، وأن تنفذوها وتحفظوها. (88) وليبارك الآب والابن والروح القدس جميع الذين واللواتي يقبلونها بلطف ويفهمونهما ويرسلون منها إلى الآخرين إن ثابروا على ذلك، حتى النهاية.
آمين.
( إلى رجال الاكليروس )
(1220)
هذه الرسالة هي الصيغة الثانية للرسالة إلى رجال الإكليروس، وهي من أكثر تعاليم فرنسيس حيوية حول سِرّْ الإفخارستيا، بحسب تعاليم المجمع اللاتراني الرابع (سنة 1215) وقرار البابا هونوريوس الثالث
Sane cum olim)، سنة 1219) حول تجديد تكريم القربان المقدس. نعرف من سير حياته كيف أنه كان يتألم عندما كان يصادف كنائس فقيرة ومهملة، وكيف أنه كان يحمل دائما، في أسفاره مكنسة لتنظيف الكنائس المهملة. وابتداء من سنة 1220، بدأ فرنسيس نشاطا متواصلا لحمل الناس على احترام سر القربان، مستعينا الرسائل، إذ أنه أصبح مريضا غير قادر على التنقل. وهذه الرسالة بالإضافة إلى غيرها هي جزء من هذه الحملة الإفخارستية فيها يتكلم على الاحترام الواجب نحو سِرّْ الإفخارستيا وعلى الاهتمام بكل ما له صلة بهذا السر (كنائس، مذابح، كؤوس، أوان مقدسة، شراشف المذبح، المناصف، الأقمشة التي يُقرب عليها جسد الرب ودمه)، وعلى النقاوة الداخلية للذين يتناولون جسد الرب وعلى الاحترام الفائق في حمله. وكان فرنسيس يعرف جيدا حالات الإهمال إزاء هذا السر العظيم، ويصفها بدقة. وهو يريد أن يصحح هذه الأخطاء بدءاً بذاته: "فلنتبين نحن الإكليريكيين جميعنا الخطيئة الكبرى والجهل لدى بعضهم حيال جسد ربنا يسوع المسيح ودمه الكليّي القداسة، وأسمائه الكلية القداسة وكلماته المكتوبة التي تقدس الجسد".
(1) فلنتبين، نحن الإكليريكيين، جميعنا الخطيئة الكبرى والجهل لدى بعضهم حيال جسد ربنا يسوع المسيح، دمه الكليّي القداسة، وأسمائها الكلية القداسة، وكلماته المكتوبة التي تقدس الجسد.
(2) وإننا نعلم أنه لا يمكن أن يكن الجسد ما لم يقدس من قبل بالكلمة. (3) فنحن، لا شيء لدينا ولا نرى جسديا من العليّ نفسه في هذا العالم سوى الجسد والدم والأسماء والكلمات التي بها صُنعنا، وافتدينا من الموت إلى الحياة.
(4) وعلى جميع من يوزعون هذه الخدمات الكلية القداسة، لاسيَّما أولئك الذين يوزعونها بلا تمييز أن يتفكروا كيف أن الكؤوس والصمدات والشراشف التي يُقرّب عليها جسد ربنا ودمه مهملة. (5) وإن كثيرين يتركونه في أماكن مزرية ويحملونه بطريقة يرثى لها ويتناولونه بلا جدارة ويوزعونه على الآخرين بلا تمييز. (6) وأحيانا تداس بالأرجل أسماء ربنا وكلماته المكتوبة. (7) فالإنسان البشري لا يتبين ما هو لله.
(8) ألا يثير ذلك شفقتنا، في حين أن ربنا الشَّفوق نفسه يُقدم ذاته بين أيدينا، ونحن نلمسه يوميا ونتناوله بفمنا؟ (9) أو نجهل أن علينا أن نحضر بين يديه؟ (10) فلنصلح إذا ذواتنا من كل تلك الأمور من غيرها بسرعة وحزم. (11) ولينتزع جسد ربنا يسوع المسيح، الكُلّي القداسة من أي مكان وُضع وتُرك فيه بشكل غير لائق، وليوضع ويحفظ في مكان ثمين. (12) وكذلك حيثما وجدت أسماء ربنا وكلماته المكتوبة في أماكن قذرة فلتلتقط ولتوضع في مكان لائق.
(13) إننا نعلم أننا ملزمون بحفظ كل ذلك، فوق كل شيء، وفقا لوصايا الرب ولدساتير أُمنا الكنيسة المقدسة. (14) وليعلم من لا يفعل ذلك أنه سيؤدي عنه حسابا يوم الدينونة أمام ربنا يسوع المسيح. (15) وليعلم الذين سينسخون هذه المدونة، لكي تُحفظ على نحو أفضل أنهم مباركون من الرب الإله.
( الأولى إلى الحراس )
(1220)
الُحرّاس هم اخوة في موقع المسؤولية في الرهبنة. وجدت هذه التسمية تطورا خلال حياة فرنسيس وفي كتاباته. ففي القانون المثبت، الفصل الرابع يتكلم على الحُرّاس بمعنيين: الحارس هو الخادم العام أو الخادم الإقليمي. أما في وصيته فصار استعمال هذه الكلمة محصورا في معنى واحد: بما أن الإقليم كان مقسما إلى حراسات (أو مناطق)، فالحارس هو المسؤول الأول عن هذه الحراسة. وهذا الاستعمال لكلمة "حارس" موجود لأول مرة بهذا المعنى الأخير في هذه الرسالة. وبهذا المعنى استعمل البابا هونوريوس الثالث كلمة "حراس"، في براءته البابوية الصادرة في 22 تشرين الثاني 1220 (
Cum secundum consilium). من ناحية أخرى، اكتشف بول ساباتييه هذه الرسالة الأولى إلى الحراس سنة 1902 في مخطوط (رقم 225) في مدينة "فولتيرا" الإيطالية، وهو المخطوط الوحيد الذي نقلها إلينا. وهي تحمل إلينا، أيضا همّ فرنسيس: أي الاحترام الواجب نحو الإفخارستيا ونحو كلمة الله. وهذا يعكس همّ الكنيسة، في فترة ما بعد المجمع اللاتراني الرابع، وخصوصا بعد قرار البابا هونوريوس الثالث Sane cum olim)، سنة 1219) حول تجديد تكريم القربان المقدس. لذلك، يرجح أنها كتبت بعد عودة فرنسيس من الشرق الأوسط أي حوالي سنة 1220. في هذه الرسالة ثلاث أفكار جديدة:
1. الطلب من الوعاظ مناشدة الشعب التوبة واحترام سر القربان.
2. توصية الجميع بأن يركعوا عند رفع القربان، بعد التكريس، وعند نقله في الشوارع.
3. والدعوة إلى تسبيح الرب في كل ساعة، وعند قرع الجرس.
(1) إلى جميع حُرّاس الاخوة الأصاغر، الذين ستصل إليهم هذه الرسالة، الأخ فرنسيس، خادمكم، وصغيركم في الرب الإله، يهديكم التحية مع العلامات الجديدة للسماء والأرض، العلامات العظيمة، والمميزة لدى الله، بينما يُعدّها الكثيرون من الرهبان ومن سائر البشر كأنها لا شيء على الإطلاق.
(2) إني أرجوكم، أكثر مما لو كان الأمر يتعلق بي، أن تتوسلوا رجال الإكليروس بتواضع عندما ينبغي، وعندما يبدو لكم ذلك ملائما، كي يوقّروا فوق كل شيء جسد ربنا يسوع المسيح، ودمه، الكُلِّيَّي القداسة، وأسماءه المقدسة، وكلماته المكتوبة التي تقدس الجسد.
(2) وليعتبروا الكؤوس، والصمدات وزينة المذبح وكل ما له بالذبيحة من صلة، أشياء ثمينة. (4) وإن كل جسد الرب الكليي القداسة في أي مكان موضوعا على نحو مُزْرٍ جدا فليضعوه وليحفظوه وفاقا لوصية الكنيسة في مكان ثمين، وليحملوه بتكريم عظيم وليوزعوه على الآخرين بتمييز. (5) ولتلتقط أسماء الرب وكلماته المكتوبة حيثما وجدت في أماكن قذرة ولتوضع في مكان لائق.
(6) وفي كل عظةٍ تعظونها، ذكروا الشعب بالتوبة وبأنه ما من إنسان، يستطيع أن يخلص سوى من يتناول جسد الرب ودمه الكليّي القداسة، (7) وعندما يقربه الكاهن على المذبح، ويُحمل إلى مكان ما فليركع جميع الناس وليقدموا للرب الإله الحي والحق، التسبيح والمجد والإكرام. (8) أعلنوا، وعظوا جميع الأمم، كي يرفع الشعب كله في الأرض كلها التسبيح والشكر لله الكُليّي القدرة، في كل ساعة وكلما قُرعت الأجراس.
(9) وليعلم جميع اخوتي الحراس الذين ستصل إليهم هذه المُدّوَنة والذين سينسخونها ويحملونها معهم، ويعملون على نسخها للاخوة المكلفين بمهمة الوعظ، وبحراسة الاخوة والذين سيكرزون حتى النهاية بما تتضمنه هذه المدونة، أن بركة الرب الإله، وبركتي عليهم. (10) ولتكن تلك الأمور لهم بمثابة طاعة حقيقية ومقدسة. آمين.
( الثانية إلى الحراس )
(1220)
لقد اكتشف الأخ لوقا وادينغ هذه الرسالة مترجمة إلى اللغة الإسبانية، في أحد أديارِ الاخوة في إسبانيا. وقد حفظت في أرشيف ذلك الدير، منذ أيام يوحنا بارنتي الذي كان خادما إقليميا لإقليم إسبانيا وصار خادما عاما للرهبنة، من سنة 1227 إلى 1232. لقد ترجم وادينغ هذا النص إلى اللاتينية الأمر الذي صعّب الأمور فاستحال اكتشاف أسلوب فرنسيس في هذه الرسالة خصوصا وإن النص الإسباني قد ضاع. لكن، لا شك في نسبتها إلى فرنسيس إذ أن محتواها يعكس "حملته الإفخارستية" التي تميز بها، في هذه الفترة. من ناحية أخرى فهذه الرسالة تشير إلى الرسائل الأخرى التي كتبها في هذه الفترة حول الإفخارستيا خصوصا تلك التي أُرسلت إلى رجال الإكليروس وإلى قادة الشعوب. لذلك، يبدو أن هذه الرسالة كُتبت بعد عودته من الشرق، وبعد الرسائل الأخرى التي كُتبت في هذه الفترة.
(1) إلى جميع حُرّاس الاخوة الأصاغر الذين ستصل إليهم هذه الرسالة، الأخ فرنسيس أصغر خدام الله، يهديكم التحية والسلام المقدس فيالرب. (2) اعلموا أن ثمة أشياء رفيعة وسامية نصب عيني الله، يعتبرها الناس أحيانا حقيرة ووضيعة، (3) بينما هناك أشياء أخرى ثمينة ومميزة بين الناس تعتبر حقيرة جداً ووضيعة أمام الله.
(4) إني أرجوكم، أمام الرب إلهنا، بقدر ما أستطيع، أن تعطوا الأساقفة، ورجال الإكليروس الآخرين، تلك الرسائل التي تتكلم على جسد ربنا ودمه الكليي القداسة، (5) وتحفظوا في ذهنك ما أوصيناكم به بهذا الخصوص. (6) انسخوا مرات كثيرة الرسالة الأخرى التي أُرسلها إليكم، لتعطوها إلى الحكام والقناصل والقادة والتي تحتوي على الدعوة لإعلان التسابيح لله بين الشعوب وفي الساحات، (7) ووزعوها بعناية كبرى إلى من يجب أن تعطوها.
( إلى الأخ ليون )
(1224 ـ 1226)
بقيت هذه الرسالة، التي دوّنها القديس فرنسيس بخط يده على الرِّقِّ مجهولة لفترة طويلة وكأنها سرُ الأخ ليون. ظهر هذا النص الأصلي سنة 1604 بطريقةٍ مجهولةٍ، في أحد أديار سبوليتو ثم بعد فترة من الزمن عاد واختفى حتى سنة 1893. وسنة 1902 أعطى البابا لاون الثالث عشر الرّقّ إلى كاتدرائية سبوليتو حيث مازال حتى الآن. ويبدو أنه في الفترة التي اختفى فيها كان موضوعا في علبةٍ للذخائر. لا عناصر كافية لتحديد تاريخ تدوين هذه الرسالة، لكن معظم العلماء يقترحون السنوات الأخيرة حياة فرنسيس أي بعد حصوله على سمات المسيح، في أيلول 1224. ويعتقد بعض العلماء أن أجزاء صغيرة ناقصة من جانبي هذا الرق، الذي يبلغ طوله 13 سم، وعرضه الحالي 6سم. أما مناسبة هذه الرسالة فهي: كان الأخ ليون في أزمة وعلى الرغم من الحوار الذي دار بينهما بينما كانا سائرين في الطريق، أراد أن يرى فرنسيس للنصح، والتعزية. فلخّص له فرنسيس الحديث الذي دار بينهما، وقال بأن لا لزوم لزيارته ويعتقد أتيليو بارتولي لنجيلي بأن الرسالة في الأصل تنتهي هنا مع توقيع فرنسيس. لكنه يقول بأن فرنسيس عاد ففكر في الأمر ولم يُرِد أن يترك له الحرية في المجيء إليه. فعلى أي حال، تقوم المشورة، التي أعطاها فرنسيس للأخ ليون على اتباع الحرية الإنجيلية، لذلك فالرسالة إلى الأخ تعبِّر عن الصداقة الروحية بينهما، وهي دليل أساسي لكل منشئ، وخصوصا للمنشئ الفرنسيسي.
(1) إلى الأخ ليون، تحية وسلام من أخيك فرنسيس.
(2) أقول لك ذلك يا بُنيّ مثل أمٍّ لأن جميع الأقوال التي تبادلناها في الطريق أرتبها وأنصحك إياها، باختصار في هذه الكلمة فلا لزوم لمجيئك إليّ التماسا لنصيحة لأني أنصحك بهذا:
(3) أي وسيلة وجدتها هي المثلى لإرضاء الرب الإله، ولاقتفاء آثاره، وفقره، فاتّبعها ببركة الرب الإله، وبإذني.
(4) وإن كان من الضرورة لنفسك، أو لتعزية أخرى، وإن أنت شئت أن تأتي إليّ، فتعال.
( إلى المجمع الرهباني العام )
(1225-1226)
بين كل الرسائل التي كتبها فرنسيس، الرسالة إلى كل الرهبنة وهي على الأرجح الأكثر ليتورجيّةً في توجهها، حيث يشجع الاخوة على إظهار احترامهم وإكرامهم للإفخارستيٌا، ولليتورجيا الساعات، ويعرض بالتفصيل نظرته العميقة حول سر الإفخارستيٌا، وعلاقته بالكلمة. يقول أوبرتينو من كازالي في كتابه: "شجرة حياة يسوع المسيح المصلوب" (سنة 1305)، بأنٌ هذه الرسالة كُتِبَت في أواخر حياة فرنسيس. وفي 3 كانون الأول 1224 صدرت براءة بابوية (
Quia populares tumultes) تسمح للاخوة بالاحتفال بالقداس الإلهي في كنائسهم، ومعابدهم. فمن المحتمل أن تكون هذه البراءة قد أسهمت في تشجيع الفقير الصغير على كتابة رسالته هذه إلى كل الرهبنة. ومن ناحية أخرى، فإنٌ الكثير من المواضيع الموجودة في هذه الرسالة تعكس همومه التي ترجمها في وصيته الأخيرة قبل مماته. بينما بعض المخطوطات تسمي هذه الوثيقة "رسالة إلى المجمع العام"، فإنٌ بعضهم يسميها "رسالة إلى كل الرهبنة"، إذ إنٌ فرنسيس في الآية الثانية، يتوجه إلى كل الاخوة. وتنتهي الرسالة بصلاة غزيرة المعاني الأدبية واللاهوتية، حيث ينجلي مفهوم كامل للثالوث، وللمسيرة الروحية المعروضة أمام الإنسان. وهي تعكس التوازن الروحي الرائع الذي توصل إليه فرنسيس في حياته.
(1) باسم الثالوث الأسمى، والوحدة المقدسة، الآب والابن والروح القدس، آمين.
(2) إلى جميع اخوتي الموقٌرين والمحبوبين جداً، إلى الأخ... الخادم العامٌ لرهبنة الاخوة الأصاغر وسيدها، وإلى سائر الخدام العامين الذين سيخلفونه، وإلى جميع خدام هذه الرهبنة عينها، وحراسها، وكهنتها المتواضعين في المسيح، وإلى جميع الاخوة البسطاء، والمطيعين الأوٌلين والأخيرين. (3) الأخ فرنسيس، الرجل الحقير والضعيف، خادمكم الصغير يهديكم تحية في الذي افتدانا وغسلنا بدمه الثمين جداً. (4) لدى سماعكم اسمه، اعبدوه بخشية واحترام، ساجدين على الأرض: فإنٌ اسمه هو الرب يسوع المسيح، وابن العليٌ الذي هو مبارك في الدهور، آمين.
(5) اسمعوا يا أبنائي واخوتي وأسيادي، وأصغوا إلى أقوالي. (6) أميلوا أُذُنَ قلبكم، وأطيعوا صوت ابن الله. (7) احفظوا وصاياه بكلٌ قلبكم، وتمموا مشوراته بذهنٍ كاملٍ. (8) اعترفوا له لأنه صالح، وارفعوه بأعمالكم. (9) فهو من أجل ذلك أرسلكم إلى العالم أجمع، كي تشهدوا لصوته، بالقول والعمل، ولكي تحيطوا الجميع علماً بأن لا أحد سواه كليٌ القدرة. (10) ثابروا في التأديب والطاعة المقدسة، واعملوا بقصدٍ صالحٍ وثابت بما وعدتموه به. (11) إنٌ الرب الإله يقدم لنا ذاته تقديمهُ لها إلى أبنائه.
(12) ولذلك أتوسل إليكم جميعاً اخوتي مقبلاً أرجلكم، وبكل ما يسعني من محبة، أن تظهروا كلٌ ما تستطيعون من توقير، وتكريم لجسد ربنا يسوع المسيح ودمه الكلٌيي القداسة، (13) اللذين بهما تحقق السلام والمصالحة بين الله الكليٌ القدرة وكلٌ ما في السماوات وعلى الأرض. (14) وإنني أرجو أيضا في الرب جمع اخوتي الكهنة الذين هم الآن، والذين سيصبحون، والذين يرغبون في أن يكونوا كهنة العليٌ: كلما شاؤوا الاحتفال بالقداس، فليكونوا أنقياء وليقيموا بنقاوة ووقار الذبيحة الحقيقية، ذبيحة جسد ربنا يسوع المسيح ودمه الكليٌ القداسة، بنيٌة مقدسة وطاهرة، لا لأي غرض أرضي، ولا خشية من أيٌ إنسان أو حبا له، أو التماسا لرضى البشر. (15) بل فلتكن كل إرادتهم بقدر ما تؤازرها النعمة الإلهية، متجهة نحو الله، ولا تحدوها سوى رغبة إرضائه وحده الرب الأسمى، فهو وحده يعمل بها كما يشاء، (16) إذ قال هو نفسه: "اصنعوا هذا لذكري". وإن صنع أحد خلاف ذلك، يغدو خائنا نظير يهوذا، ويكون مذنباً إلى جسد الرب ودمه.
(17) تذكروا اخوتي الكهنة ما ورد في شريعة موسى، وهو يقضي على من يخالفها حتى في الأمور المادية، أن يموت بلا رحمة بأمر الرب. (18) فكم بالحريٌ ينبغي أن تكون أكبر وأشدٌ العقوبات التي يستحقها من داس ابن الله، ومن دنس دم العهد الذي قُدٌسَ به، واستهان بروح النعمة! (19) فالإنسان يحتقر حمل الله، ويدنسه، ويدوسه عندما لا يتبيٌن ولا يميز على حدٌ قول الرسول، خبز المسيح المقدس من سائر الأطعمة والأعمال، أو عندما يأكله وهو غير مستحق، أو حتى لو كان مستحقا عندما يأكله باطلا وبلا استحقاق، إذ إنٌ الرب يقول على لسان النبيٌ: "ملعون من يعمل عمل الرب بتوانٍ". (20) وهو يدين الكهنة الذين لا يريدون أن يُعْنَوا بذلك عناية خاصة، قائلا: "سألعن بركاتكم".
(21) اسمعوا يا اخوتي: إن كانت العذراء الطوباويٌة مُكرمٌة إلى هذا الحدٌ كما يليق بها، لأنها حملته في أحشائها الكلٌية القداسة، وإن كان المعمدان الطوباويٌ قد ارتعد، ولم يجرؤ على مسٌ رأس الله المقدس، وإن كان القبر الذي رقد فيه فترة مُكرمٌا، (22) فكم بالحريٌ أن يكون قديساً وباراً وأهلاً من يمسٌ (المسيح) بيديه، ويتناوله في قلبه، وفي فمه، ويقدمه للآخرين كي يتناولوه، ليس بصفته كائناً ميتاً، بل بصفته حياً وممجداً إلى الأبد، هو الذي تشتهي الملائكة أن تمعن النظر فيه.
(23) تأملوا كرامتكم اخوتي الكهنة، وكونوا قديسين، لأنه هو قدوس. (24) وكما كرٌمكم الرب الإله فوق الجميع بسبب هذه الخدمة، كذلك أنتم أحبوه ووقروه وكرٌموه فوق الجميع. (25) كبير هو بؤسكم، وبائس هو وهنكم عندما يكون لكم حاضراً إلى هذا الحدٌ، وأنتم مهتمون بأيٌ أمر آخر من أمور الدنيا كلٌها.
(26) فليخشَ الإنسان بكٌليته، وليرتعد العالم كلٌه،
ولتبتهج السماء، عندما يكون المسيح، ابن الله الحي،
على الهيكل، في يد الكاهن،
(27) يا للعلوٌ العجيب، والمكانة المذهلة!
يا للتواضع السٌامي!
ويا للسمو المتواضع!
أن يَتَّضِع الرب الكون،
الله، وابن الله،
بحيث يتوارى،
من أجل خلاصنا،
تحت شكلِ الخبزِ البسيط!
(28) انظروا يا اخوتي إلى تواضع الله،
واسكبوا قلوبكم أمامه،
إتضعوا، أنتم أيضا
لكي ترفعوا به.
(29) لا تحتفظوا إذا لذواتكم بشيء منكم،
لكي يتقبلكم كليا،
من يهبكم ذاته كليا.
(30) لذلك أنبٌه وأناشد في الرب: في الأماكن حيثما يقيم الاخوة، فليحتفل بقداسٍ واحد في اليوم، وفقاٍ لنهج الكنيسة المقدسة. (31) وإن كان في ذلك المكان كهنة عديدون، فُحبَّاً بالمحبة ليكتفِ كل كاهن بسماع احتفال الآخر به. (32) لأن الرب يسوع المسيح، يملأ من هم جديرون به من الحاضرين والغائبين. (33) ومع أنه يبدو حاضرا في أماكن عديدة، يظلٌ مع ذلك غير منقسم ولا يعرف أيٌ نقصان، ولكنه واحد في كل مكان يفعل كما يشاء الرب الإله الآب والروح القدس البارقليط إلى دهر الدهور، آمين.
(34) ولأن من كان من الله، سمع كلام الله، علينا بالتالي نحن الذين انتدبوا انتدابا خاصا للمهمات الإلهية، ألاٌ نصغي إلى ما يقول الرب ونفعله وحسب بل أيضا أن نحافظ على الأواني والأشياء اللٌيتورجية الأخرى، التي تحتوي كلماته المقدسة، لكي يتغلغل فينا سموٌ خالقنا وخضوعا له. (35) لذلك أنبٌه جميع اخوتي وأشجعهم في المسيح حيثما وجدوا الكلمات الإلهية المكتوبة، أن يوقٌروها بقدر ما يستطيعون. (36) وبقدر ما يتعلق الأمر بهم، إن لم تكن تلك الكلمات محفوظة حفظاً جيداً، أو إن كانت ملقاة ومبعثرة في مكان ما على نحوٍ غير لائق فليلتقطوها وليحفظوها، مُكرمين الرب في الكلمات التي تَلَّفَظَ بها. (37) فإنٌ أشياء كثيرة تُقَدَّس بكلمات الله، وبفضل كلمات المسيح يتحقق سرٌ المذبح.
(38) كما أنني أعترف بكل خطاياي للرب الإله، الآب والابن والروح القدس، وللطوباوية مريم الدائمة البتولية، ولجميع القديسين في السماء وعلى الأرض، وللأخ إ... ، خادم جماعتنا الرهبانية بصفته سيدي الموقٌر، ولكهنة رهبنتنا، ولسائر الاخوة المباركين جميعهم. (39) في مجالات عديدة أسأت بذنبي الجسيم، لا سيٌما لأنني لم أحفظ القانون الذي وعدت به الرب، ولا الفرض حسبما يقتضي القانون، سواء عن إهمال، أو من جرٌاء مرضي، أو لأنني جاهل وغير متعلم.
(40) لذلك أرجو في كل ذلك ووسع طاقتي، الأخ إ... سيدي الخادم العامٌ، أن يلزم الجميع بحفظ القانون في معزل عن أية مخالفة، (41) وليتلُ الإكليريكيٌون الفرض بتقوى أمام الله مهتمين، لا برخامة الصوت بل بتناغم الفكر، بحيث يتوافق الصوت مع الفكر، ويتوافق الفكر مع الله، (42) لكي يستطيعوا مرضاة الله بنقاوة القلب، لا دغدغة آذان الشعب، بعذوبة أصواتهم. (43) أما أنا فأعد بالحفاظ على ذلك بحزم بقدر ما يمنٌ الله عليٌ بنعمته، وسأنقله للاخوة الذين هم معي لكي يحفظوه في الفرض وفي التٌدابير الأخرى التي نصٌ عليها القانون.
(44) أما أولئك الاخوة غير الراغبين في حفظ ذلك، فلستُ أُعِدُّهم كاثوليكيين، ولا اخوة لي، ولا أريد حتى أن أراهم أو أن أُكَلِّمهم إلى أن يكفٌروا عن ذلك. (45) وإنني أقول القول عينه في من يتيهون متخلٌين عمٌا رتبه القانون، (46) إذ إنٌ الرب يسوع المسيح قد وهب حياته لكي لا يفقد الطاعة تجاه أبيه الكليٌ القداسة. (47) أنا الأخ فرنسيس، إنسان بطٌال، وخليقة الرب الإله غير المستحقٌة، أقول بالرب يسوع المسيح للأخ إ... الخادم العامٌ لكل جماعتنا الرهبانية، ولكل الخدام العامين الذين سيخلفونه، وإلى سائر حرٌاس الاخوة وخدامهم المحليين الموجودين الآن، والذين سيوجدون، أن يحملوا معهم هذا النصٌ، وأن يضعوه موضع التنفيذ، ويجهدوا في الحفاظ عليه. (48) وأرجوهم أن يتقيدوا بعناية بما ورد فيه، ويجعل الآخرين يحفظونه بِهِمَّةٍ حسب مرضاة الله الكليٌ القدرة، الآن ودائما وطالما ظلٌ العالم قائما. (49) بارككم الرب أنتم من سيعملون بذلك، وليكن معكم إلى الأبد. آمين.
صلاة :
ولتبتهج السماء، عندما يكون المسيح، ابن الله الحي،
على الهيكل، في يد الكاهن،
يا للتواضع السٌامي!
ويا للسمو المتواضع!
أن يَتَّضِع الرب الكون،
الله، وابن الله،
بحيث يتوارى،
من أجل خلاصنا،
تحت شكلِ الخبزِ البسيط!
واسكبوا قلوبكم أمامه،
إتضعوا، أنتم أيضا
لكي ترفعوا به.
لكي يتقبلكم كليا،
من يهبكم ذاته كليا.
(50) أيها الإله الكليٌ القدرة، الأزليٌ، العادل، الرٌحيم،
أعطنا نحن البائسين، أن نعمل من أجلك،
ما نعرف أنك تريده، وأن نريد دائما ما يرضيك،
(51) لكي نستطيع، بعد أن نكون قد تطهٌرنا داخليا،
واستنرنا داخليا، واضطرمنا بنارِ الروحِ القُدُس،
ن نقتفي آثار ابنك الحبيب، ربنا يسوع المسيح،
(52) ولكي نصل إليك، أيها العليٌ، بنعمتك وحدها،
أنت يا من في الثالوث الكامل، وبالوحدة البسيطة،
تحيا، وتملك، وتمجٌد،إلها كليٌ القدرة،
إلى دهر الدهور،
آمين.
واستنرنا داخليا، واضطرمنا بنارِ الروحِ القُدُس،
ن نقتفي آثار ابنك الحبيب، ربنا يسوع المسيح،
أنت يا من في الثالوث الكامل، وبالوحدة البسيطة،
تحيا، وتملك، وتمجٌد،إلها كليٌ القدرة،
إلى دهر الدهور،
آمين.