فلَيسَ الَّذينَ يُصْغونَ إِلى كَلامِ الشَّريعةِ همُ الأَبرارُ عِندَ الله، بلِ العامِلونَ بِالشَّريعةِ همُ الَّذينَ يُبَرَّرون (رو 2 /13)
الكتاب المقدس - تعريفه ـ القديس يوحنا الدمشقي
القديس يوحنا الدمشقي
إنّه الله الواحد المنادى به في العهدين، القديم منهما والجديد، والمسبَّح والممجّد في ثالوثه هو المقصود في قول الرب:
لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. (مت 17:5) فإنّه هو نفسه الذي صنع خلاصنا الذي من أجله كان كلّ كتاب وكلّ سرّ,
ويقول الربّ أيضاً: فَتِّشُوا الْكُتُبَ هِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي(يو 5: 39)
ويقول الرسول:اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ،. كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ (عب 1:1-2)
فبالروح القدس إذاً قد تكلّم الناموس والأنبياء والإنجيليّون والرسل والرعاة والمعلّمون.
ويقول الرسول:اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ،. كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ (عب 1:1-2)
فبالروح القدس إذاً قد تكلّم الناموس والأنبياء والإنجيليّون والرسل والرعاة والمعلّمون.
إذاً فإنّ كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحي بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ(2تي 16:3)
لذلك يحسن ويفيد جداً البحث في الكتب الإلهيّة، فمثل شَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِِ الْمِيَاهِ (مز 1: 3) هي النفس أيضاً المرتوية من الكتاب الإلهيّ، فتتغذّى وتُعْطِي ثَمَرَهَا (مز 1: 3) ناضجا ،
أعني الإيمان المستقيم، وتزهو بأوراقها الدائمة الاخضرار,
أعني بها أعمالها المرضية لله.
ونحن إذا سرنا على هدىً من الكتاب المقدّس نخطو في طريق السيرة الفاضلة والاستنارة الصافية، فنجد فيها مدعاةً لكلّ فضيلة ونفوراً من كلّ رذيلة.
وعليه إذا كنّا نحبّ معرفتها تكثر فينا هذه المعرفة. وبالاجتهاد والكدّ والنعمة التي يعطيناها الله يتّم إصلاح كلّ شيء،
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ(لو 10:11)
فلنقرع إذاً باب الكتب المقدّسة، الفردوس الأبهى الذكي الرائحة الفائقة العذوبة الجزيل الجمال والمطرب آذاننا بمختلف أنغام طيوره العقليّة اللابسة الله، النافذ إلى قلبنا فيعزّيه في حزنه ويريحه في غضبه ويملأه فرحاً لا يزول.
وهو الذي يجعل ذهننا على متن الحمامة الإلهيّة المذهّب والبرّاق بجناحيها الساطعَي الضياء (مز 68: 13) سرّاً على الابن الوحيد وارث زارع الكرم (متّ 38:21) العقليّ، وبالابن تبلغ به إلى الآب أَبِي الأَنْوَارِ (يع 1: 17) .
وهنا فلنقرعنّ بلا تباطؤ وبلجاجة كبرى وثبات. ولا نكفنّ عن أن نقرع.
وهكذا يُفتَح لنا. وإذا قرأنا مرّة ومرّتين ولم نفهم ما نقرأه فلا نملّ من أن نقرع، بل فلنثبت ونتأمّل ونسأل، لأنّه قال:
اسْأَل أَبَاكَ فَيُخْبِرَكَ وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لكَ(تث 7:32)
لَيْسَ الْعِلْمُ فِي الْجَمِيعِ (1كو 7:8).
لنغترفنّ إذاً من ينبوع الفردوس ماء جار صاف يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ (يو 14:4) لنتنعمّنّ من دون أن نرتوي من التنعّم،
لأنّ النعمة في الكتب المقدّسة مجّانيّة. وإذا استطعنا أن نجني فائدة ما ممّا في خارج هذه الكتب فليس ذلك من المحاظير.
ولنكن في ذلك صيارفة حاذقين نحتفظ لنا بالذهب المعروف والصافي ونرمي منه ما كان مغشوشاً.
لنأخذنّ من الكلام أجوده ونلقِ إلى الكلاب آلهتهم الهزيلة وخرافاتهم الغريبة. فإنّنا لنستطيع أن نقتني منها قوّة ضدّهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت الترجمة عن
NPNF part II vol IX book IV chapter XVII
المصدر : كتابات الآباء القديسين