اِذْهَبْ ، وَ لْيَكُنْ لَكَ بِحَسَبِ ما آمَنتَ ( مت 8 /13)
حياة الفضيلة و البر (( 6 )) - الطاعة - قداسة البابا شنودة
حياة الفضيلة والبر ((6))
تحدثنا فى العدد الماضى عن أمثلة لخطورة استخدام الفضيلة الواحدة ونتابع اليوم تأملاتنا فى هذا الموضوع من الامثلة الواضحة لخطورة الفضيلة الواحدة موضوع الطاعة.
الطاعة:
لقد أمر الله بطاعة المرشدين الروحيين الذين يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حسابا عب 13 : 17 وفى بستان الرهبان أمثلة كثيرة عن الطاعة لآباء كانوا قدوة عجيبة فى حياة القداسة وهنا يقف أمامنا سؤال هام وهو:هل تجب الطاعة مهما كان الأمر متعبأ للضمير؟!
هنا ونضع إلى جوار الآية التى تدعو إلى الطاعة أية أخرى مشهورة وهى:
ينبفى أن يطاع الله أكثر من الناس أع»5: 29 .
فالمسيحية لاتنادى إطلاقأ بمبدأ الطاعة العمياء فينبغى أن يكون الإنسان واعيا فى طاعته ،مدركأ إنه يطيع المرشد داخل طاعة الله وإلى جوار طاعة المرشد،ينبفى أن توضع أيضأ طاعة المرشد لله وكذلك روحانية المرشد
ونفس الكلام يقال فى محيط الأسرة إذ يقول الكتاب: أيها الابناء أطيعوا والديكم فى الرب،فإن هذا حق أف 6 : ا
ونضع تحت عبارة فى الر ب أكثر من خط فإن أمرك أحد والديك أمرأ يخالف وصية الله،فلا تطعه إنما نطيع وصية الله وهذا الأمر يحتاج إلى إفراز وفى الكتاب أمثلة واضحة له،لعل من أبرزها :موقف سليمان الحكيم من طاعة أمه بثشبع وموقف يونا ثان من طاعة أبيه شاول الملك:
أ- موقف سليمان الحكيم من طاعة أمه
كان سليمان الملك يحترم أمه جدأ ويكرمها فلما جاءت لزيارته يقول الكتاب إنه قام للقائهما،وسجد لها .وجلس على كرسيه ووضع كرسيأ لأم الملك فجلست عن يمينه امل 19:2 ولما قالت له سؤالا واحدأ صغيرأ لاتردنى قال لها اسألى يا أمى،لأنى لا أدرك امل 2 : 5 2 ولكنها لما تطلبت إعطاء أبيشج الشونمية زوجة لأخيه أدونيا رفض سليمان ،بل أمر بقتل أدونيا امل 25:2 .
لم يطع سليمان أمه فى أمر يخالف الشريعة
كانت أبيشج الشونمية تعتبر زوجة لأبيه داود،وبنفس القرابة لأخيه أدونيا امل 1:1 - 4 فكيف يجرؤ أدونيا أن يطلب الزواج بامرأة أبيه وهذا أمر مخالف لشريعة الله لا 8 ا: 8 ،لأنها بمثابة أمه لذلك صار مستوجب القتل كذلك كان خطأ من بثشبع أن تتوسط لأدونيا فى هذا الطلب الخاطىء امل 18:2 لذلك رفض سليمان طلبها بل وبخها على ذللك امل 33:2 على الرغم من سجوده لها قبلأ
ب- موقف ناثان من شاول الملك أبيه:
كان شاول الملك يحسد داود،ويخاف أن يأخذ داود الملك منه لذلك حاول أن يقتل داود أكثر من مرة أما يونا ثان فانضم إلى داود ضد شاول أبيه وكان يخبر داود بخطط أبيه لكى يهرب داود منه 2 صم 19 : 2 بل أن يونا ثان وبخ أباه شاول من جهة محاولته قتل داود وقال له لايخطىء الملك إلى عبده داود،لأنه لم يخطى، إليك ولأن أعماله حسنة لك جدا ..فلماذا تخطىء إلى دم برىء بقتل داود بلا سبب؟! 2 صم 19 : 4 ، 5 وعمل يونا ثان على إفساد خطة أبية فى قتل داود وأنقذه منه 2 صم 0 2 .
الطاعة إذن موجهة أصلأ إلى الله.
أما طاعة الآباء والمرشدين ،فهى داخل طاعة الله
الكتبة والفريسيون كانوا علماء الشعب وقادته ولكن السيد المسيح قد وصفهم بأنهم قادة عميا ن كما فى متي16:23 ، 24 وهكذا ما كان يجب طاعتهم وبخاصة فيما يعلمون به عن السبت والهيكل والمذبح والقربان متى 23 وهم وأمثالهم ينطبق عليهم قول الكتاب يا شعبى،مرشدوك مضلون أش 12:3 <وقوله أيضأ
«وصأر مرشدو هذا ألشعب مضلين أش ه:16
هكذا كما أن هناك أشخاصأ يهلكون بالعصيان هناك من
يهلكون بالطاعة.
والأمر يتوقف على نوعية الطاعة والعصيان ونوعية المشورة
المقدمة هل هى توافق كلام الله أم لا،فإن كانت وصية الله واضحة أمامك،يجب أن تطيع الوصية الإلهية مهما كانت شخصية الذى يقدم لك المشورة أو الذى يصدر لك الأمر وإن لم يكن الأمر واضحأ بوصية إلهية،فماذا تفعل؟
على الأقل يجب أن تطاوع ضميرك
والمثال واضح فى قصة أوريا الحثى مع داود الملك مسيح الرب:كان داود الملك يحاول أن يغطى على خطيئته مع امرأة أوريا ،بأن يجعل أوريا يبيت فى بيته مع امرأته.ولكن ضمير أوريا لم يسمح له أن يكون باقى الجيش فى البرية يحارب بينما يأتى هو إلى بيته ليأكل ويشرب ويضطجع مع امرأته لذلك قال لداود الملك وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر 2 صم 11 : 11 وهنا أطاع أوريا ضميره ولم يطع الملك مسيح الرب.
هناك أمر فى الإنجيل،بعدم طاعة التعليم الخاطىء
وذلك فى قول القديس بولس الرسول ء إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم به فليكن أناثيما غل 1 : 8 أى أنه مهما كانت درجة الذى يوصل إليكم التعليم-رسولا كان أو ملاكا فلا تطعه فيما يخالف كلام الله ومن يطيعا يكون محروما . .
وينطبق ذلك على التعليم الذى يصدر من نبى أو حالم حلمأ حتى لو أنه أ عطاك أية أو أعجوبة ولو حدثت الآية أو الأعجوبة تث 13 : 1 - 3 يقول الكتاب فلا تسمع لكلام ذلك النبى أو الحالم ذلك الحلم لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكى يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم تث 13 : 3 .
موقف القديسة دميانة من أبيها
كان أبوها واليأ على البرلس والزعفران فلما خضع لديوقلديانوس وأنكر الإيمان ولو خوفا اعتبرت القديسة دميانة أنه لم تعد له عليها طاعة كأب بل وبخته بشدة وقالت له إنها تتبرأ من أبوته إن ظل هكذا منكرا للإيمان وظلت به حتى أعادته إلى الإيمان
واستشهد
إن طاعة الوالدين نضع أمامها قول الرب
من أحب أبأ أو أمأ أكثر منى،فلا يستحقنى... متى 0 ا : 37
إذن أنت تكرم والديك إلى أبعد حد فهذه أول وصية بوعد كما
قال الرسول أف 2:6 وتطيعهما أيضا إلى أبعد الحدود ولكن فى الر ب اخل وصية الله أما خارج الوصية فالطاعة لله أولى.. ونفس الوضع يقال عن الآباء بالروح وعن المرشدين.لاشك أن أريرس ككاهن كان له أبناء فى الاعترا ف فلما سقط فى هرطقته لم تعد له طاعة عليهم وهكذا بالنسبة إلى كل من خرجوا عن الإيمان وكل المعلمين المخطئين كالكتبة والفريسيين... والكهنة الذين يستخدمون الحل والربط ضد وصية الله.وهكذا نقول:
كل حل ضد وصية الله هو حل باطل
مهما كانت الدرجة الكهنوتية التى تصدره ،فالكاهن إنما يعطى
الحل،باعتباره منفذا لوصايا الله ومن فمه تطلب الشريعة لأنه رسول رب الجنو د ملا 2 :7.فإن كان الحل منافيا للشريعة يكون حلآ باطلا.وينطبق هذا أيضا على الكهنة الذين يعطون تصريحا بالزواج للمطلقين بعكس وصية الله،أو أى تصريح بزواج غير شرعى.
أنت تطيع الكاهن،والكاهن ينبغى أن يطيع الله وأنت تطيع المرشد ولكن ينبغى للمرشد أيضا أن يطيع الله وليس من حق الكاهن أو المرشد أن يعطيك حلآ بأن تكسر وصية الله.فالراهب مثلآ الذى يتزوج كاسرا وصايا الله بخصوص النذر جاه:5؟!إن فضيلة الطاعة فضيلة جميلة تدل على الأدب والتواضع واحترام الكبار والخضوع لهم ولكن...
هناك بعض المواقف،التى يجب أن نقول فيها لا.. .
صدقونى أتجرأ وأقول إن البعض استخدموا كلمة لا مع الله نفسه،وكانوا من الأبرار والقديسين
موسى النبى قال له الر ب رأيت هذا الشعب،واذا هو شعب صلب الرقبة فالآن اتركنى ليحمى غضبى عليهم وأفنيهم خر 9:32 ، ولكن لم يتركه ليحمى غضبه بل قال لهدا رجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك خر 12:32 والآن إن غفرت خطيتهم وإلا فامحنى من كتابك الذى كتبت خر 32:33
ولم تعتبر هذه عدم طاعة لله وإنما دالة ولم يكن كلام الله أمرا لموسى ينبغى أن يطيعه وإنما كان اختبارآ لمحبته لشعبه وطول أناته عليهم.
إن المناقشة مع الله لا تنفى حياة التسليم لمشيئته وأوامره. ومثال ذلك مناقشة أبينا إبراهيم أبى الآباء والأنبياء مع الله
بخصوص إهلاك سادوم وقوله له أفتهلك البار مع الأثيم؟! ..حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر تك 25،23:18 ولم يقل إبراهيم لتكن يأرب مشيئتك أحرق سادوم !!بل كان نقاشه مع الله جزءأ من بره
وهنا أيضا نذكر ما قاله أرميا النبى أبر أنت يأرب من أن أخاصمك ولكنى أكلمك من جهة أحكامك:لماذا تنجح طريق الأشرار؟!!اطمئن كل الغادرين غدرا أر 12 : 1
إذن يمكن أن تقول لا أحيانأ لمن هو أكبر منك ولكن قلها فى أدب
كما قالتها أبيجايل لداود النبى بكل احترام وفى نصح ومحبة حينها أراد أن يقتل فابال الكوملى. ... لاتكون لك هذه مصدمة ومعثرة قلب لسيدى أنك سفكت دما عفوا أو أن سيدى قد انتقم لنفسه اصم 31:25 وسبقت ذلك بكثير عن كلام المديح فسمع داود لها وامتدح عقلها لأنها منعته فى ذلك اليوم من إتيان الدماء وانتقام يده لنفسه اصم 33:25 .
يوحنا المعمدان وجد من واجبه أن يقول لا،للملك هيرودس فقال له لايحل لك أن تأخذ امرأة أخيك مر 8:6 ا
إذن فى بعض المواقف ينبغى للإنسان أن يشهد للحق على شرطين.
أ- أن يكون متأكدأ أن مايتكلم عنه هو الحق،فلا يدافع عن جهل.
وبعد،فإن الحديث عن الفضيلة هو حديث أطول من أن يتسع له هذا المقال،فإلى اللقاء فى مقالات أخرى لتكملته إن أحبت نعمة
الرب وعشنا .