إِذْبَحْ للهِ ذَبيحَةَ حَمْدٍ و أَوفِ العَلى نُذورَكَ ( مز 50 /14)
الصوم و روحانيته
الصوم و روحانيته
الصوم ليس مجرد فريضة جسدية..
بل إنه ليس مجرد الامتناع عن الطعام فترة زمنية ثم الانقطاع عن الاطعمة ذات الدسم الحيوانى، انما هناك عنصر روحى فيه..
اول عنصر روحى هو السيطرة على الارادة..
بنفس الارادة التى تحكمت فى الطعام يمكن ايضا السيطرة على الكلام، بالامتناع عن كل لفظ غير لائق، وكذلك السيطرة على الفكر وعلى المشاعر.
قال مار إسحق: "صوم اللسان خير من صوم الفم، وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الاثنين".
العنصر الثانى فى الصوم الروحى، هو التوبة:
ونلاحظ فى صوم اهل نينوى انهم لم يصوموا فقط وانما ايضا " رجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذى فى ايديهم " وان الرب نظر الى هذه التوبة اكثر مما نظر الى الصوم :
" فلما رأى الله اعمالهم، انهم رجعوا عن طريقم الرديئة، ندم الله على الشر الذى تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه " (يونان 3:8 ? 10).
وهكذا يصحب الصوم ايضا بالتذلل والانسحاق امام الله:
وهذا واضح فى صوم نينوى، اذ لبسوا المسوح وجلسوا على الرماد. كما هو واضح فى سفر يوئيل:
"قدسوا صوما، نادوا باعتكاف"
ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا: إشفق يا رب على شعبك" (يوئيل 2: 15 ? 17).
والصوم لا يقتصر على منع الجسد من غذائه وإنما يجب فيه من الناحية الايجابية تقديم غذاء للروح.
وهكذا يرتبط الصوم بالصلاة كما تذكر صلوات الكنيسة، وكما حدث فى كل الاصوام المشهورة فى الكتاب، كصوم نحميا وعزرا ودانيال واهل نينوى..
وكما تدل عليه عبارة " نادوا باعتكاف"..
انه فرصة روحية نذل فيه الجسد لتسمو الروح:
إذلال الجسد هو مجرد وسيلة. اما الغرض فهو سمو الروح فتأخذ فرصتها فى الصلاة والتأمل والقراءة وكل وسائط النعمة بعيدا عن معطلات الجسد..
ونلاحظ ان الصوم غير الروحى مرفوض من الله:
كما رفض صوم المرائين (مت 5)، وصوم الفريسى (لو 18: 9)،
والصوم الخاطىء فى سفر اشعياء (اش 58: 3 ? 7).