فأجاب يوحنا قال لهم أجمعين:أنا أعمدكم بالماء، و لكن يأتي من هو أقوى مني من لست أهلا لأن أفك رباط حذائه إنه سيعمدكم في الروح القدس و النار (لو 3 /16)
طرق بيتك في قلوبهم
طوبى لأُناس عزهم بك. طرق بيتك في قلوبهم.
عابرين في وادي البُكاء، يُصيِّرونه ينبوعًا ( مز 84: 5 ، 6)
فلا يمكن أن يكون الينبوع جاريًا إلا إذا كانوا عابرين، فإذا استراحوا فإن مياههم تقف عن الجريان ويصبح ينبوعهم راكدًا. إنما نحن هنا غرباء ونُزلاء،
ليس لنا هنا قرار ولا وطن، فيجب أن نسير إليه بكل جد ونشاط واهتمام بلا توانِ ولا كسل، كالعروس التي تشتاق إلى عريسها وتسرع لكي تلاقيه.
وعند مُلاقاتنا بالرب تنتهي أتعابنا وأنّاتنا وتنهداتنا واحزاننا.
لابد ان نكون كأُناس ينتظرون مستقبلاً سعيدًا ومجدًا لم تَره عين، ولا يمكن وصفه.
والحقيقه اننا أصبحنا كالعبد القائل: «سيدي يُبطئ قدومه»، أصبحنا وكأننا قد تعوّدنا على آلام الحياة فلا نريد أن نترك عاداتنا.
أصبحنا وكأننا نسينا مستقبلنا، فلا نريد أن نصل الي سعادتنا، لذلك جئنا في وسط الوادي وصنعنا لأنفسنا بيوتًا لا من طين بل من حجارة، وجمعنا لأنفسنا فيها كل ملذات الحياه وكأن كلاً منا قال:
نامي الآن يا نفسي واستريحي، لأن لكِ خيرات كثيرة، ولن يأتي السيد إلا بعد سنين عديدة، ولكن في أثناء هذا النوم العميق ينادينا صوت النعمة الحلو: «هوذا العريس مُقبل، فاخرجن للقائه!».
يجب أن يكون المؤمنون أيضًا عابدين: «طرق بيتك في قلوبهم»، مما يبرهن على شدة تعلق هؤلاء المؤمنين المطوّبين ومشغوليتهم ببيت الله، حتى لقد أصبح الطريق إليه له مكان في قلوبهم،
فيستطيع الواحد منهم أن يقول:
«فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب» ( مز 122: 1 )،
«هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا» ( مز 133: 1 ).
إن مَن تكون هذه حالتهم، لا بد أن يجدوا في حضرة الرب الأمين أفراحًا غزيرة وتعزيات وافرة تفيض على جميع أرجاء هذا الوادي، فتملأه فرحًا وسرورًا.
ثم يجب أن يكون المؤمنون معتزين بالله، يرون في الانتماء إليه عزهم، وفي الانضمام تحت رايته فخرهم. أولئك هم المؤمنون الحقيقيون الذين يستطيعون أن يكونوا بركة وفرحًا وسلامًا لعائلاتهم ومجتمعاتهم وللعالم.