مُبَرِّر الاِثمَ و مُؤَثِّمُ البارّ كِلاهُما قَبيحَةٌ عِندَ الرَّبّ (ام 17 /15)
الرجاء - القديس خوسيماريا
أمّا في ما يخصّني، وهذا ما أريده لكم، إنّ الطّمأنينة بأن أحسّ وأعرف ذاتي إبنًا لله، تملأني رجاءً حقيقيًّا،
هذه الفضيلة الفائقة الطّبيعة الّتي، إذا ما نُفِثت في الخلائق، تتوافق مع طبيعتنا، ممّا يجعلها أيضًا فضيلة جدّ بشريّة.
إنّي سعيد، وقوّي بيقين السّماء الّتي سنصلها، إذا ما بقينا مخلصين حتّى اللّحظة الأخيرة، للسّعادة الّتي سنحظى بـها، “لأنّ الرّبّ صالح، ولأنّ إلى الأبد رحمته.
” هذا اليقين يدعوني إلى الإدراك أنّ وحده، ما يحمل الطّابع الإلهيّ، يُظهِر ختم الأبديّة الّذي لا يُمحى، وله قيمة لا تزول، لهذا السّبب،
لا يبعدني الرّجاء عن أمور الأرض، بل يقرّبني، على العكس، من هذه الحقائق نفسها، بطريقة جديدة، بطريقة مسيحيّة، محاولة إكتشاف روابط الطّبيعة السّاقطة، وفي كلّ شيىء، بين الله الخالق والله المخلّص.
أَصْدِقَاءُ الله, 208
علينا أن نمتلك المفهوم الإلهيّ للأشياء، دون أن ننسى النّظرة الفائقة الطّبيعة، متيقّنين أنّ يسوع يُحسِن استعمال حقاراتنا لتمجيده تعالى.
لهذا السّبب، عندما تشعرون بتغلغل محبّة الذّات في ضميركم، والتّعب، والإحباط، وثقل الأهواء، فبادروا إلى ردّة فعل سريعة، واصغوا إلى المعلّم، دون أن تتأثّروا بواقع الإنسان التّعيس ؛ لأنّ ضعفنا البشريّ سيرافقنا طوال حياتنا.
أَصْدِقَاءُ الله, 194
“فيك، يا ربّ، وضعت رجائي”. – ووضعت، مع الوسائل البشريّة، صلاتي وصليبي. – فما خاب رجائي، ولن يخيب أبداً: “لن أخزى إلى الأبد”.
طريق, 95
يجب أن ننمو بالرّجاء، إذ سوف نثبت في الإيمان حينها، الّذي هو “التّيقّن بالأمور الّي نرجو حدوثها، وكأنّها بالفعل حدثت. الّتي لا ترى كأنّها ظهرت.” ( 30- عب 11 : 1 ) أن ننمو في هذا الرّجاء،
هذا يعني التّوسّل إلى السّيّد بأن يضاعف فينا محبّته، لأنّا لا نثق كلّيًّا إلاّ بمن نحبّ بكلّ قوانا. إذن، إنّ الله يستحقّ محبّتنا.
وقد لاحظتم مثلي، أنّ الّذي يحبّ، يعطي ذاته بثقة، بتناغم رائع، حيث ينبض القلبان بحبّ واحد متشابه.
فما هو إذن مصير حبّ الله ؟ ألا تعلمون أنّ المسيح مات من أجل كلّ واحد منّا ؟ أجل، إنّه لأجل قلبنا الصّغير المسكين أن قد تمّت تضحية يسوع الخلاصيّة.
والسّيّد يحدّثنا غالبًا عن الثّواب الّذي استحقّه لنا بموته وقيامته. “إنّ المنازل في بيت أبي كثيرة، وإلاّ لكنت أقول لكم : أنا ماضٍ لأعدّ لكم مكانًا، وإذا انطلقت لأعدّ لكم مكانًا، أعود أيضًا وآخذكم إليّ، لتكونوا أنتم حيث أكون أنا.” ( 31- يو 14 : 2 –3) إنّ السّماء هي نـهاية طريقنا الأرضيّ.
ويسوع المسيح قد سبقنا إليها، وهو ينتظر وصولنا، برفقة القدّيسة العذراء، والقدّيس يوسف، الّذي أبجّله كثيرًا، والملائكة.
أَصْدِقَاءُ الله, 220
ما أجمل عندما يقول لنا أبونا : “أجل، أيّها العبد الأمين، الصّالح، فقد كنت أمينًا على القليل، فسأقيمك أمينًا على الكثير. أدخل فرح سيّدك.”
أن تعيش الرّجاء ! هذه معجزة النّفس المتأمّلة. نحن نعيش في الإيمان والرّجاء والمحبّة ؛ والرّجاء يقوّينا. أتذكرون القدّيس يوحنّا ؟ “كتبت إليكم أيّها الشّبّان، لأنّكم أقوياء، ولأنّ كلمة الله ساكنة فيكم، ولأنّكم غلبتم الشّرّير.”
إنّ الله يستعجلنا : فالأمر يتعلّق بشباب الكنيسة الدّائم، وشباب البشريّة كلّها. وعلى مثال الملك ميداس، الّذي كان يحوّل كلّ شيء يلمسه ذهبًا، تستطيعون أنتم أن تجعلوا البشريّ إلهيًّا.
ولا تنسوا أنّ الحبّ، بعد الموت، يأتي لملاقاتكم.
وفي حبّ الله، ستجدون، بالزّائد، كلّ أنواع الحبّ الشّريف الّذي كنتم عرفتموه على الأرض. وقد رأى الرّبّ، أن نقضي هذه الحقبة الصّغيرة من وجودنا، في العمل،
وعلى مثال ابنه البكر،” في صنع الخير.” لذلك، علينا أن نبقى متيقّظين، لسماع النّداءات، الّتي كان القدّيس إغناطيوس الإنطاكي يشعر بها في نفسه، عند اقتراب ساعة استشهاده :
“تعال إلى الآب”، عد إلى أبيك، فهو ينتظرك بفارغ الصّبر.
لنسأل سيّدتنا، أن تضرم فينا الشّوق المقدّس، لأن نسكن كلّنا في المنزل الأبويّ.
ولا شيء يعود فيقلقنا، إذا ما قرّرنا، أن نوطّد في قلبنا، الشّوق إلى الوطن الحقيقيّ : إنّ السّيّد يقودنا بنعمته، وبمعيّة هواء مناسب، يقود زورقنا نحو شاطىء مشرق.
أَصْدِقَاءُ الله
,