اللهَ لا يُحابي أَحَدًا (رو 2 /11)
العماد / القديس كيرلس الأورشليمي
العماد – القديس كيرلس الأورشليمي
“أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح، اعتمدنا لموته. لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة” (رو 4: 3، 14).
1. هذه المقدمات الطويلة في الأسرار والتعاليم الجديدة، التي هي إعلان الحق الجديد نافعة لنا، وبالأحرى لكم أنتم الذين تجدّدتم من حال قديم إلى حال جديد. لذلك فمن الضروري أن أبسط أمامكم ملحق لمقال الأمس، حتى تتعلموا الأمور (التي عُلمت لكم في الحجرة الداخلية) وما تحمله من معانٍ.
خلع الثياب2. حالما تدخلون وتخلعون ثيابكم وهذه صورة “لخلع الإنسان العتيق مع أعماله”، خلعتم وصرتم عرايا. وفي هذا نتشبه بالمسيح الذي عُري على الصليب، إذ بعُريه “جَرّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه” (كو 2: 15).إذ أن القوات الشريرة سكنت في أعضائك، فلا تلبس هذا الثوب فيما بعد. لا أعني هذا الثوب المنظور، لكن “الإنسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور”.نرجو أن النفس التي خلعته، لا تخلعه ثانيًا أبدًا. لكن نقول مع عروس المسيح في نشيد الأناشيد “خلعت ثوبي فكيف ألبسه؟” (نش 5: 3)شيء عجيب! هل كنتم عرايا أمام الجميع ولا تخجلوا. لأنه حقًا أشبهتم آدم أول الخليقة. الذي كان عريانًا في الفردوس ولا يخجل. |
|
بنزولكم تمثلون الليل، لأنه كما في الليل لا يرى الإنسان مطلقًا، لكن من في النهار يبقى في النور؛ لم تروا شيئًا. وهكذا كما في النزول كما في الليل لم تروا شيئًا. لكن في الصعود ثانية كنتم كمن بالنهار. وفي نفس اللحظة كنتم تموتون وتولدون، وأن مياه الخلاص كانت قبركم وأمكم في وقت واحد.
وما قاله سليمان عن الآخرين يناسبكم أيضًا، إذ قال: “للولادة وقت وللموت وقت” (جا 3: 2)، لكن بالنسبة لكم كان الأمر مختلفًا. كان الوقت لتموتوا، والوقت لتولدوا. لكن الآن يتم الأمرًان معًا في وقت واحد، إذ سارت ولادتكم جنبًا إلى جنب مع موتكم
.
الموت مع الرب5.أمر عجيب لا يدركه عقل! حقًا لم تمت ولم تُدفن. لم تُصلب ولم تقم ثانيًا. لكن حدث هذا لنا في مثال الرب، وصار خلاصنا حقيقة. صُلب المسيح فعلاً ودُفن فعلاً. وقام حقًا/ وكل هذه الأشياء انعم بها بسخاء علينا، حتى أننا نشترك في آلامه، ونربح خلاصًا في الحقيقة.يا للمحبة المترفقة المتجاوزة كل حدٍ. أخذ المسيح مسامير في يديه الطاهرتين وقدميه وتعذب بالألم، بينما بدون ألم وتعب وبسخاء أصبغ على الخلاص بشركة آلامه.نِعَمْ العماد6.فلا يظن أحد أن العماد لنعمة مغفرة الخطايا فقط أو بالأحرى للتبني. فعماد يوحنا كان يهب مغفرة الخطايا، أما نحن كما نعلم تمام العلم أن العماد كما يطهر خطايانا ويُقدم لنا موهبة الروح القدس، فهو أيضًا يحمل مشاركة في آلام المسيح. لهذا السبب يصرخ بولس عاليًا: “أم تجهلون إنما كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدفنا معه بالمعمودية للموت” (رو 6: 3). هذه الكلمات قيلت لبعض الذين فكروا أن العماد يخدمنا لمغفرة الخطايا وللتبني فقط وليس للشركة والامتثال بآلام المسيح الحقيقية.مشاركة في آلام المسيح7.لذلك لكي نتعلم أنه مهما احتمل المسيح من أجلنا ومن أجل خلاصنا، فقد تألم حقًا وليس خيالاً، وأننا صرنا شركاء في آلامه، صرخ بولس بكل قوته وبكل إتقان الحق: “لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته” (رو 6: 5).حسنًا قال: “متّحدين معه”، إذ أنه مادامت الكرمة الحقيقية قد زُرعت في هذا المكان، فنحن أيضًا بالمشاركة في عماد الموت، كنا مزروعين معه.ثبت عقلك بانتباه كثير على كلمات الرسول فإنه لم يقل: “لو كنا قد زُرعنا معه بموته” لكن “بشبه موته“، لأنه في حالة المسيح كان موتًا حقيقيًا، لأن نفسه انفصلت عن جسده. ودفن حقًا، لأن جسده المقدس لُف بكتان نقي، وكل شيء حدث حقًا له. لكن في حالتكم كان شبه موت وآلام فقط، لكن تم الخلاص لا في تشبيه بل حقيقة. |
|