يا رَبِّ اْذكُرْ حَنانَكَ و مَراحِمَكَ فإِنَّها قائِمةٌ مُنذُ أَزَلك ( مز 25 /6)
التسامح - لنيافة الأنبا مكاريوس
التسامح
لنيافة الأنبا مكاريوس
بينما يعد التسامح من أكثر الفضائل التي تناولها السيد المسيح ومن بعده الآباء
إلا أن الكثيرين يعتبرونه نقطة ضعف وجبن
وما يزال الكثيرون يصطدمون بهذا التعليم (الخد الآخر والميل الثاني)
والناس تجاه هذه الفضيلة درجات:
أ- شخص يسئ. ب- شخص يرد الإساءة كاملة.
ج- شخص يرد الإساءة بكلمة أو نظرة.
ح- شخص يرد الإساءة في الخفاء.
خ- شخص يحتفظ بالحقد والمرارة في قلبه.
د- شخص لا يحتفظ بذلك ولكن يفرح ببلية الآخر (مثل شخص يسئ وآخر لا يفعل ولكنه يمرر الإساءة).
ذ- شخص لا يرد ولا يحقد ولا يفرح ببلية الآخر، ولكنه في الوقت ذاته لا يفرح لخيره وإن سمع أحد يمتدحه يتضايق.
كيف تري المسئ؟: هل أنت السبب؟ هل هو غير طبيعي؟ هل يحتاج إلى شفقة؟
هل تراه طبيبك أرسله الله لشفائك! هل تسامحه؟ أم هل تلتمس له العذر ؟
أم تعود بالملامة علي نفسك في كل شئ ؟. أم أنك تعتبر الاساءة عقاب من الله علي اشياء مضت؟! أم تسامح لتبدو فاضلاً وتمتدح من الآخرين !!
ولكن لماذا نغفر؟!:
ليس فقط لأن هذه وصية الله لنا
"كونوا متسامحين كما سامحكم الله أيضا في المسيح" (أف32:4)
بل ليغفر لنا الله. وفي الصلاة الربية لم يرد أي تعليق سوي علي هذه الصفة (اغفر لنا كما نغفر ....)
ونحن نغفر القليل مقابل الكثير (كما في مثل المديونين)
"اغفر لقريبك ظلمه لك، فإذا اتضرعت تمحي خطاياك ايحقد انسان علي انسان ثم يلتمس من الرب الشفاء" (سي28: 3،2)
كما أن الانسان فكره الروحي في السماء وليس هنا، وبالتالي فهو يستخف بكل خسارة وإهانه...
ولكن متي نعاتب؟:
يتعلل البعض بأن السيد المسيح الذي طلب منا بفمه الطاهر أن نحول الخد الآخر ونمشي الميل الثاني، هو نفسه عاتب عبد رئيس الكهنة عندما لطمه.... ولكن السيد عاتبه بلطف،
لان الذين كانوا يلطمونه كانوا جنود الرومان... وهذا شخص يهودي يتمثل بهم... كما أن السيد المسيح تحمل الكثير من اللطمات والتعيير والشوك والمسامير والحربة وغيرها...
فلا مانع من العتاب ولكن برقة ومحبة في الشخص... ومنعاً من التكرار لا سيما وأن هناك أشخاص يجب علينا تنبيههم، ولكن ليس علي سبيل الثأر للنفس !!.
كما أن الصمت وعدم المعاتبة يُفضي إلي تراكم الغضب في الداخل فيصل إلي السخط (والذي هو انفجار الغضب)
إذا يتذكر الشخص كل شئ مرة واحدة.
"لا تبغض أخاك في قلبك ولا تحقد علي ابناء شعبك" (لاويين19 :18،17).
الخطة التي رسمها لنا السيد المسيح للعتاب:
"وان اخطا اليك اخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما ان سمع منك فقد ربحت اخاك" (مت 18 : 15)
ما يقول يشوع بن سيراخ: "عاتب صديقك فلعله لم يفعل وأن كان قد فعل فلا يعود يفعل عاتب صديقك فلعله لم يفعل وان قال فلا يكرر القول عاتب صديقك فإن النميمة كثيرة ولا تصدق كل كلام خرب" (سيراخ 19: 13_16)
وبالتالي ستكون للمعاتبه اكثر من فائدة. المسئ يحتاج إلي من يلفت نظره، لئلا يعتاد ذلك ويغضب الناس منه، وقد يتضح عند معاتبته أنه لم يفعل وبذلك ينفك الالتباس. كما أن نقل الكلام بعدم دقة هو شر
وأمّا عدم الأمانة في النقل فهو شر اكثر، إن مثل ذلك يسبب الحروب والخصومات بين الشعوب والأفراد، والعائلات والأصدقاء.
الاقتصار (الاختصار): فإذا لم يقبل واذا تمادي، ففي هذه الحالة يمكن الاقتصار
وبعض الآباء يقولون "اقطعه منك" أي لا تشغل نفسك به، لئلا يستخدمه الشيطان ضدك فتتكدر حياتك وتتشوش افكارك ويؤثر ذلك علي صلاتك وعلي عملك وبيتك، علي أن الاقتصار يجب أن يلازمه:
1- تحاشي الإدانة "كنوع من التنفيس والدفاع عن النفس"
2- أن تحتفظ بدرجة (ولو صغيرة) من المجاملة العادية
3- أن تترك الباب مفتوحاً (موارباً) لعله يرجع إليك
الغضب المقدس: الغرائز عطية عظيمة من الله، ولكن استخدامها بشكل جيد وضبطها هذا يميز الأنسان عن الكائنات الاخرى، فإذا غضبت:
+ فليكن من أجل غيره الله وحقوق الآخرين.
+ فلتعبر عن ذلك بادب ودون جرح الآخر.
+ فلا تدع الغضب يظهر في الخارج.
"إذا إردت أن تغضب وتحقد وتبغض فاغضب علي جسدك واحقد علي الشيطان وابغض الخطية" (الأب يوحنا الدرجي).
وهناك فائدة للغضب وهي ادراكنا آلام الآخرين متي اثرناهم أو جرحناهم، ويعني أيضا أننا أحياء (نحس بالألم).
كونوا شفوقين علي الآخرين
"لا تكن قاسي القلب علي اخيك فإننا جميعاً قد تغلبنا الأفكار" (أنبا موسي الأسود)
ولا تضطر الآخرين إلي احتمالك.
"فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي (متى 6 : 14).