Skip to Content

الأمثال في الكتاب المقدس - مثل الخميرة في العجين

 

مثل الخميرة في العجين

اضغط لعرض الصورة بالحجم الكامل

 نصُّ الإنجيل

 مَثَلُ  ملكوتِ  السماواتِ  كَمَثَلِ  خميرةٍ  أَخذَتْها  امرأةٌ  فَجَعَلَتْها  في  ثلاثةِ  مكاييلَ  مِنَ  الدَقيقِ  حتى  اختَمرَتْ  كلُّها. (متى 13/33 )

الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل

إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ هذه الخميرة الصغيرة, التي تختلط بالعجين وتعمل فيه عملها الخفيّ وتجعله يختمر, تمثِّل يسوع نفسَهُ, ومجموعةَ الرسل القلائل, والكنيسةَ التي تعمل في العالم,

والنُخبةَ المختارة القليلة العدد من العلمانيَّات والعلمانيين الذين يعملون في محيطهم ويؤثِّرون فيه تأثيراً روحيَّاً قويَّاً وفعَّالاً. ويكون هذا التأثير في غالب الأحيان تأثيراً خفيَّاً, ينتشر بفضله ملكوتُ الله في العالم, ويتغلغل في قلوب الناس من دون أن يكون له أيُّ مظهرٍ من مظاهرِ العظمة الخارجيَّة. وإليكم إيضاح هذه الفكرة.

الخميرة هي يسوع نفسُهُ

لقد حقَّق يسوع هذا المثلَ في حياته التبشيريَّة, فاختلط بالجماهير وكان بينها كالخميرة في العجين. وقد أثَّرت أقواله في قلوب السامعين تأثيراً داخليَّاً عميقاً, ودفعت الخطأة إلى التوبة وتغيير السيرة.

إنَّ المبادئ الأخلاقيَّة السامية التي أعلنها انتقلت بعدَه إلى الأجيال المتعاقبة, وانتشرت بين الناس, وغيَّرت شيئاً فشيئاً وجه المسكونة, فسادت في نفوس الكثيرين فضائلُ المحبَّة والتضامن والتسامح والتجرُّد والعطف على البؤساء, وأدَّت في التاريخ إلى تحرير العبيد, وإنشاء المؤسَّسات الإنسانيَّة في جميع مجالات الخير والمؤازرة. وأخذ العالَم يشعر بوخز الضمير عندما يخالف ما تفرضه عليه ممارسةُ هذه الفضائل من واجبات إنسانيَّة وخيريَّة وخلُقُيَّة.

كان يسوع في حياته الخميرةَ الصغيرة. ولا يزال إلى اليوم, بتعاليمه ومبادئه, الخميرةَ الصغيرة التي تؤثِّر في قلوب البشر المنتشرين في العالم كلِّه.

الخميرة هي مجموعة الرسل الإثنَيْ عشَر

قال يسوع لرسله:  " اذْهَبُوا  إلى  العالَمِ  أَجْمَع , وعلِّموا  الناسَ  جميعَ  ما  أَوصيتُكم  بهِ." لقد أطاعوا أمره وانطلقوا, وهم ينشرون تعاليم معلِّمهم الإلهي, بدءًا من مدينة القدس. ثم تفرَّقوا في أقطار العالم القديم, في الشرق والغرب. وسمع الكثيرون أقوالهم, واعتنقوا الإيمان المسيحي. فكان الرسل, على قِلَّتهم الخميرة الصغيرة التي أثَّرت في العجين الكبير فجذبت الكثيرين إلى الإيمان بالربّ يسوع. 

الخميرة هي الكنيسة خلالَ تعاقب الأجيال

1 عَمَلُ الكنيسة في العالم

مات الرسل وخلفتهم الكنيسة بعدَ أن تسلَّمت منهم مَهَمَّةَ تعليم الناس ما أوصاهُم به يسوع من التعاليم الإيمانيَّة والقواعد الخُلُقيّة. فاتَّصلت بشعوب الأرض, بوساطة الأساقفة والكهنة والمعلّمين الكنسيّين،

ونشرت بينهم التعاليم والأخلاق والحضارة المسيحيَّة, وصبرت على غلاظة طباعهم وتجبُّر تصرُّفاتهم وتصلُّب عقليتهم مدّةَ أجيال وأجيال. وأدَّى بها هذا الصبر الجميل إلى تليين قساوة قلوبهم, وزَرْع الإيمان القويم في نفوسهم، ورفع مستواهم الخُلُقي والحضاري.

هذا هو عمل الكنيسة، الخميرة الصغيرة، في العجين الكبير الذي هو العالم.

2 عَمَلُ المرسلين والمًرسلات

وانتشرت الإرساليّات في العالم بفضل المرسَلين والمرسَلات من الرهبان والراهبات الذين يتركون بلادهم وينطلقون إلى بلاد الإرساليّات البعيدة،  ويجاهدون بصمتٍ عجيب, فيقاسون الحرمان, ويتحمَّلون الأتعاب,

ويتأقلمون مع عادات الشعوب وهدفُهم الأوحد بثُّ حُبِّ يسوع في القلوب, وزرع مبادئ الإيمان القويم والأخلاق السامية من محبَّة وسلام وتسامح في نفوس الذين يتَّصلون بهم من أمم العالم.

إنَّ عمل المرسلين والمُرسلات  لم يُقتصر على جيل واحد أو قطر واحد أو قارَّة واحدة, بل شمل عَمَلُهُم التعليمي والحضاري والخلُقُي والإنساني الأجيالَ المتعاقبة كلَّها وبلادَ العالم أجمع، فهَدَوا إلى الإيمان المسيحي شعوباً كثيرة كانت تعيش في الوثنيّة:  إنَّهم كانوا ولا يزالون  الخَميرة الصغيرة في العجين الكبير. 

الخميرة هي النُخبة من المسيحيين

إنَّ المسيحيين في العالم ملايين وملايين. وليسوا كلُّهم أصحابَ إيمان فعَّال, ولا أخلاق رفيعة, ولا عادات سليمة. ففيهم المجرم, وسفَّاك الدماء, والسارق والطمَّاع, واللاّمبالي بالدين, إلى ما هنالك من أصحاب الأعمال المُنكَرة. وليس عددُهم بقليل.

فالكنيسة لا تستطيع أن تتَّصل بهؤلاء الحائدين عن الإيمان والأخلاق بهدف هدايتهم وارشادهم بوساطة ما عندها من كهنة ورهبان ومرسلين, لقلَّة عددهم وكثرة مشاغلهم الكنَسيَّة والإنسانيَّة.

إنها تعمَدُ إلى تكوين نُخبة من المسيحيين العلمانيين, تختارها من جميع طبقات المجتمع, فتعلِّمها بعمقٍ التعاليمَ الدينيَّة بإلقاء دروس منظَّمة, ودورات تعليميَّة وتربويَّة, ومحاضرات تثقيفيَّة مكثَّفة, ورياضات روحيَّة سنويَّة, وهدفُها أن تصل عن طريق هذه النُخبة إلى الذين زاغوا عن الإيمان واستسلموا إلى سوء الأخلاق لترشدهم وتهديهم, وتكون بينهم كالخميرة الصغيرة في العجين الكبير.

ولابدَّ من القول إن تأثير هذه النُخبة من العلمانيّين والعلمانيّات  لا يزال محدوداً لقلَّة عدد أعضائها, وتصلُّب مواقف البعيدين عن الدين والأخلاق, وتمسُّكهم بعاداتهم القبيحة وسلوكهم اللاأخلاقي. 

وهذا ما يحملنا على أن نذكر هنا دعوة يسوع لنا إلى الصلاة لأجل نموّ عدد أعضاء النُخبة من العلمانيّين والعلمانيّات في العالم. قال : " الحَصادُ كثيرٌ لَكِنَّ العَمَلَةَ قليلون. فاسألوا ربَّ الحَصادِ أن يُرسِلَ عَمَلَةً إلى حَصادِه ". (متّى 9/37-38)

مثل الخميرة دعوة موجَّهة إلى الجميع

إن مثلَ الخميرة دعوةٌ موجَّهة لا إلى النُخبة من المسيحيين فقط, بل إلى كلِّ مسيحي لكي يعملَ بحزم وصبر ومحبَّة, ولا سيَّما بمثَل إيمانه الحيّ وتقواه العميقة, على نشر الإيمان والأخلاق في المحيط الذي يعيش فيه, ويقومَ بالمَهَمَّةِ الفعَّالة والقويَّة التي تقوم بها الخميرةُ في العجين, اقتداءً بيسوع والرسل والكنيسة والنُخبة المسيحية.

التطبيق العملي

إن هذا المثل يدعوك إلى التفكير في الوسائل الفعّالة التي تمكّنك من  أن تؤثِّر في محيطك كما تؤثِّر الخميرة الصغيرة في العجين الكبير, فتعمل على بثِّ الروح المسيحيَّة الحقّة في قلوب الناس الذين تختلط بهم.

إنّ هناك وسائل عدَّة لإصابة هذا الهدف الروحي السامي, أهمُّها:

1- أن تحيا, أنت نفسك, حياة الإيمان الصادق. وهذا الإيمان الصادق يؤثِّر في أبناء محيطك ويُنعش فيهم الحياة الروحيَّة.

2- أن تقدِّم لهم المثل الصالح في حفظ الوصايا وتتميم واجباتك الدينيَّة بانتظام, فتكون لهم القدوة الصالحة  التي تدلّهم على طريق الخير وممارسة الفضائل المسيحيَّة

3- أن تُناصر توجيهات الكنيسة بنشاطك الروحي, فتنشر المبادئ المسيحيَّة في بيئتك , وفي مكان اجتماعك بالآخرين، وأهمُّها المحبّة والتسامح وخدمة الآخرين.

4- أن تقبل التضحيات التي تفرضها عليك رغبتك في أن تكون رسول يسوع، وذلك بقلبٍ يملأه الفرح الروحي. قال بولس الرسول : " افرَحوا بالربّ ". (فيليبّي 3/1)

5- أن تكون واحداً من النُخبة المسيحيَّة العلمانيّة بالانتساب إلى الأخويَّات القائمة في محيطك، وأبرَزُها جمعية التعليم المسيحي، وأخويّة اللجيو ماريّه، وأخويّة الشبيبة الطالبة المسيحيّة، وأخويّة الشبيبة العاملة المسيحيّة، والأخويّات المريميّة.

فَكِّرْ في الطريقة الموافقة, وصلِّ إلى الرب يسوع أن يلهمك الأسلوب الأفضل لكي تتبنَّاه وتكون في حياتك المثل الصالح الذي يريده منك.

 




عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +