فَحَسْبُ التِّلميذِ أَن يَصيرَ كَمعلِّمِه والخادِمِ كَسيِّدِه، فإِذا لَقَّبوا ربَّ البَيتِ بِبَعلَ زَبول، فَما أَحْراهم بِأَن يَقولوا ذلك في أَهْلِ بَيتِه ؟ ( مت 10 /25)
الأمثال في الكتاب المقدس -مثل الوَزَنات
مثل الوَزَنات
نصُّ الإنجيل
وَمَثَلُ ذَلِكَ كمَثَلِ رَجُلٍ أَرادَ السَفَرَ , فدَعا خَدَمَهُ وسلَّمَ إِليهم أَموالَهُ . فأَعطى أَحَدَهُم خَمْسَ وَزَنات , والثاني وَزنَتَيْن , والآخَرَ وَزنَةً واحِدةً , كُلاًّ على قَدْرِ طاقَتِهِ , وسافر .
فأَسرعَ الذي أَخَذَ الوَزَناتِ الخمسَ إلى المُتاجَرَةِ بِها فرَبِحَ خَمْسَ وَزَناتٍ غيرَها. وكذَلِك الذي أَ خَذَ وَزنَتَيْنِ فرَبِحَ وَزنَتَيْن غيرَهُما . وأَمَّا الذي أَخَذَ الوزنةَ الواحدة , فإِنَّه ذهبَ وحفَرَ حُفرَةً في الأَرضِ ودفَنَ مالَ سيِّدهِ.
وبَعْدَ مُدَّةٍ طويلَةٍ رَجَعَ سيِّدُ أُولئكَ الخَدَمِ وحاسبَهُم . فدنا الذي أَخَذَ الوَزناتِ الخمْس , وأَدَّى معَها خمْسَ وَزناتٍ وقال : " يا سيِّد سلَّمتَ إليَّ خمْسَ وَزناتٍ , وإِليكَ معَها خمْسَ وَزناتٍ رَبِحتُها ." فقالَ لَهُ سيِّدُهُ : " أَحسَنتَ أَيُّها الخادِمُ الصالِحُ الأَمين ! كُنْتَ أَميناً على القليل , فسأُقيمُكَ على الكثير : أُدخُلْ نَعيمَ سيِّدِكَ." ثُمَّ دنا الذي أَخَذَ الوَزنَتَيْن فقال : " يا سيِّد , سلَّمتَ إِليَّ وَزنَتَيْن , فإِليكَ معَهما وَزنَتَيْن ربِحْتُهما ." فقالَ لهُ سيِّدُهُ :
" أَحسَنتَ أَيُّها الخادِمُ الصالِحُ الأَمين ! كُنتَ أَميناً على القليل, فسأُقيمُكَ على الكثير : أُدخُلْ نَعيمَ سيِّدِكَ ." ثُمَّ دنا الذي أَخَذَ الوَزنَةَ الواحِدَةَ فقال : " يا سيِّد , عَرَفتُكَ رَجُلاً شديداً تحصُدُ مِنْ حيثُ لمْ تزرَعْ , وتجمعُ مِنْ حيثُ لمْ توزِّعْ . فخِفتُ وذهبتُ فدفنتُ وَزنَتَكَ في الأَرض . فإِليكَ مالَكَ ." فأَجابَهُ سيِّدُهُ :
" أَيُّها الخادِمُ الشرِّيرُ الكسلان ! عرَفتَني أَحصُدُ مِنْ حيثُ لم أَزرَعْ , وأَجمَعُ مِنْ حيثُ لَمْ أُوَزِّعْ فكانَ عليكَ أَنْ تضعَ مالي عِنْدَ أَصحابِ المصارِف , وكُنتُ في عَودَتي أَسترُدُّ مالي معَ الفائِدة. فخذوا مِنهُ الوَزنَةَ وأَعطوها الذي معه الوَزناتُ العَشْر, لأَنَّ كُلَّ مَنْ كانَ لَهُ شيءٌ يُعطى فيَفيض , ومَنْ ليسَ لَهُ شيءٌ يُنْزَعُ مِنهُ حتى الذي لهُ.
وذلك الخادِمُ الذي لا خيرَ فيهِ, أَلقوهُ في الظُلمةِ البرَّانيَّة. فهُناكَ البُكاءُ وصريفُ الأَسنان."
( متى 25/14-30 )
الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل
إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ الله يمنح المسيحي عدَّة مواهب, ويطلب منه أن يكتشفها ويعمل باستمرار على إنمائها في سبيل تمجيد اسمه على الأرض.
وعندما يُحاسبه الله في يوم الدينونة, لا يُكافِئه على مقدار ما بلغت مواهبُهُ الشخصيَّة من نموّ, بل على مقدار ما بذل من جَهدٍ في سبيل إنماء هذه المواهب.
أمَّا إذا استسلم إلى الكسل والخمول الروحي, كانت دينونة الله لـه شديدةً جدّاً, وأُلقي في ظلام الهلاك الأبدي. وإليكُم إيضاح هذه الفكرة.
الوَزنات هي مواهب الله
تُشير الوزنات الوارد ذكرها في هذا المثل إلى المواهب التي يمنحها الله للمسيحيين. وهذه المواهب متنوِّعة جدَّاً:
فمنها طبيعيَّة, كالصحَّة, والذكاء, وقوَّة الإرادة, والهمَّة العالية, والجدارة الفنيَّة.
ومنها اجتماعيَّة, كالقدرة على تسيير الشؤون الإداريّة, وتحمُّل المسؤوليَّة في الكنيسة الجامعة أو في الكنيسة المحلّية أو في المؤسَّسات الكنَسيَّة أو في الأخويّات.
ومنها روحيَّة, كالنعمة المقدِّسة, وفضائل الإيمان والمحبَّة والعدل والشجاعة.
إنَّ هذه المواهب غير متساوية لدى الجميع, ومتفاوتة كالوزنات التي تسلَّمها الخدَم من سيِّدهم. كما انَّ استثمارها عِند المسيحيين متفاوِتٌ أيضاً.
فبعضهم نشيط يستثمرها بجِدٍّ وحزمٍ وينميها, وبعضهم كسول يُهملها ولا يُعنى باستثمارها, فلا تنمو ولا تزدهر, بل تتضاءل وتفنى.
مكافأة جَهد الخادمَيْن النشيطَيْن
لمَّا عاد السيِّد إلى منزله بعد سفره الطويل اِستقدم الخدَم الثلاثة وحاسبهم. فالخادِم الأول الذي تسلَّم خمسَ وزنات تاجر بها وربح خمس وزنات أُخرى, فدفع إلى سيِّده عشْر وزنات. والخادِم الثاني الذي تسلَّم وزنتين تاجر بهما وربِح وزنتين أُخريَيْن, فدفع إلى سيِّده أربع وزنات.
فأثنى السيِّد عليهما الثناء نفسَهُ وكافأهُما المُكافأة نفسَها, مع أنَّ الفرق كبير بين عدد الوزنات التي سلَّمها كُلٌّ مِنَ الخادِمَيْن إلى سيِّده.
إنَّنا نستنتج من تصرُّف السيِّد أنَّ ما كان جوهريَّاً في عينَيْهِ وجديراً عندَهُ بالثناء والمكافأة, لا عدد الوزنات التي ربحها كُلٌّ من الخادِمَيْن, بل مبلغ الجَهد الذي بذله كلٌّ منهما. لقد قام كلاهما بالجَهد نفسِهِ فاستحقَّا الثناء نفسَهُ والمكافأة نفسَها.
معاقبة الخادِم الكسلان الوقح
إنَّ الخادِم الثالث رجلٌ كسلان ووقح. لقد تسلَّم من سيِّده وزنةً واحدة, فأخذها وطمرها في الأرض, ولم يَقُمْ بأيِّ جَهدٍ ليستثمرها ويُمجِّد بها الله. وبرَّر كسله بالطعن في سلوك سيِّده والانتقاد الوقح الذي وجَّهه إليه.
فعاقبه سيِّده على كسله ووقاحته معاقبةً عادلة. قال: " أَلقُوهُ في الظُلمةِ البرَّانيَّة . فهناكَ البُكاءُ وصريفُ الأَسنان ."
محاسبة المسيحيين في يوم الدينونة
إنَّ هذا المثل يشير إشارة واضحة إلى أنَّ الله يحاسب المسيحيين في يوم الدينونة كما حاسب السيِّد خُدَّامَه الثلاثة, لأنَّ الدينَ المسيحي دِينُ جهاد روحي مستمرّ
1- فالمسيحي الذي يقبل نِعم الله ومواهبه ويستثمرها كما ينبغي, ينال المكافأة على مِقدار ما يبذله من جَهدٍ في سبيل إنمائها وتمجيد اسمه تعالى على الأرض.
2- أمَّا المسيحي الذي يحتقر مواهب الله ولا يستثمرها, بل يستسلم إلى الكسل الروحي وانتقاد الله خالقه يُعاقب في ظلام الهلاك الأبدي.
التطبيق العملي
1- لا تستخفَّ بعطايا الله ومواهبه, بل ابذلْ كلَّ جَهْدكَ لتنمِي فيك الفضائل المسيحيَّة والعادات الحميدة. وهذا الجَهد يُمجِّد الله ويُحَقِّق لك المكافأة السعيدة.
2- إنَّ استثمار مواهبك يقتضي منك النضال المتواصل لرفع مستواك الروحي.