Skip to Content

الأمثال في الكتاب المقدس - التشبيه بالكرمة و الأغصان


 

التشبيه بالكرْمة والأغصان

اضغط لعرض الصورة بالحجم الكامل

 

نصُّ الإنجيل

قالَ  يسوع  لتلاميذِهِ : " أَنا  الكرْمةُ   وأَنتمُ  الأَغْصان . فمَنْ  ثَبَتَ  فيَّ  وثَبَتُّ  فيهِ  فذاك  الذي يُثمرُ  كثيراً . أَمَّا  بدوني  فلا  تَستطيعونَ  أَنْ  تَعمَلوا  شيئاً.  مَنْ  لا يَثبُتْ  فيَّ  يُلقَ  كالغُصْنِ  إلى الخارجِ  فيَيْبَس .

والأَغصانُ  اليابسةُ  تُجمَعُ  وتُلقَى  في النارِ  فتَحترِق .  إذا  ثَبَتُّمْ  فيَّ  وثَبَتَ  كلامي فيكُم  فاسأَلُوا  ما شِئْتُم  يَكُنْ لكم. أَلا  إِنَّ  ما يُمجَّدُ  بهِ  أَبي أَنْ  تُثمروا  ثَمَراً  كثيراً  وتكونوا لي  تلاميذ."

( يوحنا 15/5-8 )

الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه

    إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه هي أنَّ حياةَ يسوع الإلهيَّة تنتقل إلى المسيحيين كما تنتقل حياةُ الكرْمة إلى أغصانها. فيسوع هو الكرْمة, والمسيحيُّون هم الأغصان. فكما أنَّ الأغصان المتَّحدة بالكرْمة تستمدُّ حياتها الطبيعيَّة من الكرمة,

فكذلك المسيحيُّون المتَّحدون بيسوع يستمدُّون حياتهم الروحيَّة من يسوع.

إنَّ هذا التشبيه, وإِنْ كان يتمتَّع بقوّة تعبيريَّة فائقة, لا يستطيع أن يصف طبيعة اتِّحاد المسيحيين  بيسوع على حقيقتها. فإنَّ اتِّحادَ المسيحيين بيسوع أشدُّ عمقاً, وأكثرُ غزارة, وأوفرُ حيويَّة من اتِّحاد الأغصان بالكرمة, ذلك لأنَّ يسوع الإله يمنح المؤمنين به حياة إلهيَّة تفوق بما لا يُقاس الحياة الطبيعيَّة المحدودة التي تمنحها الكرْمة لأغصانها.

إنَّ حياة المسيحيّين من دون اتحادهم بيسوع عقيمة روحيّاً. وإذا اتَّحدتْ به ازدهرت وحَظيت بالخصب الروحي. وإليكم إيضاح هذه الفكرة.

حياة المسيحيين من دون الاتحاد بيسوع عقيمة روحيَّاً

    قال يسوع : " بدوني لا  تَستطيعونَ  أَنْ  تعمَلوا  شيئا.ً " إنَّ كلام الرب واضح, ولا يحتاج إلى تأويل. فنحن عاجزون عن القيام بأيِّ عمل صالح ومثمر إنْ لم نكن متَّحدين بيسوع في مسيرة حياتنا الطبيعيَّة, وأعمالنا الفرديَّة, ونشاطاتنا الجماعيَّة.

1- ضرورة الاتحاد بيسوع في مسيرة حياتنا الطبيعيَّة

    إنَّ مسيرة حياتنا الطبيعيَّة, وإنْ تتوَّجت بأعمال ناجحة ومُبهرة وقادرة على إثارة إعجاب الناس قاطبةً في مجالات الفنِّ أو الاقتصاد أو السياسة أو الاختراعات العلميَّة, تبقى عقيمةً في عينَيْ الله, ولا تأتي بأيِّ ثمر روحي إِنْ لم تتَّحِدْ بيسوع وتنتعشْ بحياته, لأنها تبقى مسيرةَ حياةٍ أرضيَّة تزول بزوالنا عن هذه الأرض.

2- ضرورة الاتحاد بيسوع في أعمالنا الدينيَّة الفرديَّة

    إن أعمالنا الدينيَّة الفرديَّة نفسها, كالوعظ والإرشاد والمحاضرات الدينيَّة وأعمال التقشُّف  والتبشير بالإنجيل, تكون عقيمةً أيضاً إِنْ لم تتّحد بيسوع وتستمدَّ حيويَّتها من حياته الإلهيَّة وتتغذّى به, لأنها تنقلب آنذاك أعمالاً خارجيَّة محضة, لا حياةَ روحيّة فيها ولا ثمر, وتحمل كثيراً من الرياء والكبرياء المستورة.

3- ضرورة الاتحاد بيسوع في نشاطاتنا الدينيَّة الجماعيَّة

    إن النشاطات الدينيَّة الجماعيَّة التي ننفِّذها في أثناء اجتماعات الأخويَّات الكنَسيَّة, لا قيمةَ لها روحيَّاً إلاَّ إذا اتَّحدت قلوبُنا, نحن أعضاءَ هذه الأخويَّات, بيسوع واستمدَّت منه القوَّة والحياة الإلهيَّة, لأنَّها تكون نشاطات فارغة روحيَّاً. وبخلاف ذلك, فإن نشاطاتنا المسيحيّة تكون مخصبة إذا اتَّحدنا بيسوع الكرمة الحقيقيَّة.

الحياة المسيحيّة المتَّحدة بيسوع مخصبة روحيَّاً

    قال يسوع : " مَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيهِ فذاكَ الذي يُتمِرُ كثيراً ". في الحياة اليوميَّة أعمالٌ كثيرة تبدو خارجيَّاً تافهة, لا تتمتَّع بأيَّة قيمة بشريَّـة  كعمل العامل في ورشة العمل, أو ألم المريض الذي تذوب حياته على مهل وهو متمدِّد على فراش الألم, أو تعب التاجر الصغير الذي يجاهد كثيراً ليجني ربحاً معقولاً يعيل به أُسرَتَهُ.إن هذه الأعمال العاديَّة التي لا تَلْتفِتُ إليها أبصارُ الناس, تكون مخصبة روحيَّاً إذا اتَّحدت قلوبُ أصحابها  بيسوع مصدر الحياة الإلهيَّة.

    ونحن المسيحيين الذين نتَّحد بيسوع تكون حياتنا العاديَّة مُخصبة روحيَّاً بفضل ثلاثة أفعال متكاملة نقوم بها وهي:
  
1-  قبول المعموديَّة المقدّسة

    إن المعموديَّة التي نقبلها تمنحنا النعمة المقدِّسة وتضمّنا إلى يسوع, وترفعنا إلى مقام أبناء الله, وتجعل نفوسنا مقرَّاً للروح القدس, فتكون حياتنا مقدَّسة وغنيَّةً بالاستحقاقات الروحيَّة التي تَهَبُنا مقاماً رفيعاً عند الله في الملكوت السماوي.

2- التوجُّه إلى يسوع باستمرار

    وإذا وجَّهنا عقولنا وإراداتنا وحُبَّ قلوبنا باستمرار إلى يسوع تمكَّنا من رفض الخطيئة التي تؤدِّي بنا إلى الموت, وعِشنا معه عيشة القداسة والصداقة الحقَّة. 

3- القيام بالصلاة والأعمال الصالحة

    1) إن الصلاة الحارَّة النابعة من القلب المُحبّ تجلب علينا قوَّةَ الله وعطفَه ومؤازرتَه, وتسمو بميول قلوبنا, فنرتفع من عالم الأرض إلى عالم السماء ونحقِّق ما قاله يسوع لرسله : " أنتُم  في  العالَمِ  ولكنَّكُم  لستُم  مِنَ  العالَم. " (يوحنا 17/14-16)

    2) أمَّا القيام بالأعمال الصالحة في سبيل مجد يسوع فيحملنا على أن نجاهد, لا لمصلحتنا الخاصَّة وتمجيد ذواتنا, بل لتمجيد اسم يسوع ونشر محبَّته بين الناس.

الثمر الكثير الذي يُمجِّد اسم يسوع

    مَنْ قَبِلَ المعمودية، وعاش في حال النعمة المقدِّسة, ووجَّه عقله وقلبه ومحبَّته إلى يسوع, وجعل صلاته وعمله في سبيل مجده, اتَّحد به وكان كالغصن المتَّحِد بالكرمة, فأتى بثمر كثير يُمَجِّد اسم يسوع في هذه الحياة وفي الحياة الأبديَّة.

    أما الثمر الكثير الذي يُمَجِّد اسم يسوع فهو بلوغ القداسة التي دُعينا إليها منذ الأزل, ونحن لا نزال على الأرض, كما ذكر بولس الرسول ذلك عندما قال: " تباركَ  اللهُ  أَبو  ربِّنا  يسوعَ  المسيح  الذي  اختارَنا  في  المسيح  قَبْلَ  إِنشاء  العالَمِ  لنكونَ  عندَهُ  قدّيسين  بِلا  لَوْمٍ  في  المحبّة ." ( أفسس 1/3-4 )

التطبيق العملي

    إنَّ الشُّبان والشابَّات يحلُمون, وهم في عنفوان شبابهم, بتحقيق نجاحات مُبهرة في المستقبل. لكنَّهم متى بلغوا خريف الحياة يتساءَلون بشيء من خيبة الأمل عَّما حقَّقوه من النجاحات التي كانوا يتطلَّعون إليها ويتوقَّعونها.

    1- إنَّ قول يسوع  " مَنِ  اتَّحدَ  بي  أَتى  بثمرٍ  كثير " يبدِّد من نفوسهم كُلَّ خيبة أمل, ذلك لأنَّ قيمة حياتهم على الأرض لا تستند إلى النجاحات الأرضيّة, بل إلى اتِّحادهم بيسوع. فإذا اتَّحدوا به كانت حياتهم ملأى بالثمر الكثير, وعاشوا حياة القداسة التي دعاهم الله إليها منذ الأزل.

    ولكن إذا انفصلوا عنه فلا يصلحون في نظر الله إلاَّ لأن يُلقَوا في النار ويحترقوا, كما يُلقى في النار الغصن الذي ينفصل عن الكرمة.

    فالمهمُّ في حياتهم لا أن يحقّقوا النجاحات الأرضيَّة فقط, بل أن يعيشوا أيضاً متَّحدين روحيَّاً بيسوع ويكونوا قدّيسين.

    2- مَن سمِعَ دعوة يسوع إلى الموت وإلى الحياة وفهِمها فَهماً جيّداً مارس التقشّف وتوجّهَ إليه بالصلاة الحارّة. فتأمَّلْ أيها المسيحي في دعوة يسوع لكَ، ولَبِّ هذه الدعوة بحُبٍّ وثقة، فتكون حياتك مُثمرةً روحيّاً كالغصن المُتّحِد بالكَرْمة.

    3- وتذكَّرْ أن الخطيئة تفصلك عن يسوع, وتجعل حياتك الروحيَّة يابسة بلا ثمر كالغصن اليابس المنفصل عن الكرمة. فقاومْ الخطيئة بكُلِّ قِواك, واطلبْ نعمة المقاومة لتبقى صديق يسوع الذي هو حياتك الإلهيَّة.




عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +