هاءنذا واضع في صهيون حجرا للصدم وصخرة للعثار، فمن آمن به لا يخزى (رو 9 /33)
مخاطر الإدمان علـى الكحول - جريدة الصباح
اسرة ومجتمع: مخاطر الإدمان علـى الكحـول
بغداد ـ مهند عبد الوهاب
منذ ان سجل تاريخ الانسان وربما قبل ذلك بزمن طويل والانسان يتناول من مواد الطبيعة ومستحضراتها ماهو غير طبيعي او ضروري وقد لجأ الى ذلك اما سعياً وراء اللذة او لغرض تحقيق المعاناة النفسية او الجسمية او لغرض التمهيد او
المشاركة في الممارسات والطقوس المختلفة التي تختلف من مجتمع لاخر ومن حضارة لاخرى ومن هذه الطقوس طقوس الزواج او اي حدث مفرح وفي مجتمعنا العراقي هناك اوساط اجتماعية محدودة ذات نظرة مسامحة تجاه تعاطي المسكرات حيث ان وجهة نظرها الاجتماعية تجاه هذا الموضوع هو اعتباره مظهراً من مظاهر الرجولة وان البعض من اهل هذه المدن العراقية يتخذون من الشراب وسيلة لمقاومة الحالات المزاجية التي يعانون منها نتيجة التوتر والقلق او الارهاق بسبب بعض العوامل المحيطة والتي تشمل النواحي الاجتماعية والحضارية والاقتصادية للفرد حيث ان هذه العوامل تفرز مدى تقبل المجتمع لتناول الكحول كما ان البعض الاخر يجد في تناول المشروبات الكحولية وسيلة للحصول على المتعة كأسلوب للتعامل الاجتماعي ولكن النظرة الاجتماعية السائدة عموماً عند مجتمعنا او الموروثة تجاه الخمرة ومدمنيها هي ان الخمرة رجس محتقر عند اغلب الناس وهذا يدعو الى التفاؤل مستقبلاً بتشجيع هذا الموقف والتثقيف الصحي المستمر الذي يساعد في روع من يخدع لتعاطيها من الشباب وتنفيره منها يعد من الخطوات الاولى من ولوجها ميدانياً ويجدر بنا ان نعتز بهذا التراث العظيم والقيم لنصون شعبنا ونوفر عليه الكثير من المعاناة التي تسببها مضاعفات الادمان الصحية والنفسية والاجتماعية من دون استفحال هذه المشكلة ولهذا كان للصباح ان تتابع هذه القضية وتعرضها بشكل مفصل من خلال الدكتور عمار عبدالحسن اختصاصي الامراض النفسية فكانت لنا مجموعة من الاسئلة. أسباب متعددة ومتنوعة
*ماهي الاسباب المؤديه الى تعاطي الكحول والادمان عليه؟ لقد قام عدد من العلماء بابحاث كثيرة نفسية وكيمياوية لتقرير السبب الذي يدفع بعض الافراد الى الادمان بينما يظل معظم الذين يتناولون الشراب حتى بكثرة بدون ادمان وليس كل من تناول المشروبات الكحولية هو مدمن، ويختلف الباحثون في امور الادمان على الكحول قي تقويم الاهمية النفسية لكل من العوامل المؤدية للادمان واذا أردنا التطرق الى موضوع الاسباب المؤدية الى تعاطي الكحول والادمان عليه بصورة عامة فيمكننا القول بانها متعددة ومتنوعة.ويمكن تقسيمها الى
1- خاصية الكحول.. أ.ان للكحول تأثيراً مهدئاً فعالاً لذا يتناوله الشخص من اجل تجنب بعض مشكلات الحياة اليومية والازمات التي تمر بالفرد في حياته والتي قد تثير شعوراً نفسياً معيناً لديه كالقلق والخوف بسبب عدم استطاعته مواجهة معضلات الحياة.
ب.لحل مشاكله العاطفية او لرفع معنوياته وتحسين مزاجه.
ج. من اجل تجنب المشاكل النفسية المزمنة كالقلق والتوتر النفسي الذي يزول بتناول الخمرة...
2-صفات شخصية متعاطي الكحول. -هناك ادلة كثيرة تربط بين الادمان على الكحول وشخصية المدمن او تركيبته النفسية حيث ان هنالك اتصالاً وثيقاً بين اضطراب الشخصية وخاصة الشخصية (السايكو باثية)وبين الاستعداد للادمان ليس على الكحول فقط وانما على مختلف وسائل الادمان العقاقيريه الاخرى واعتقد ان سبب الادمان هو عدم تكامل بناء شخصية الفرد حيث يكون الشخص غير متهيئ لحل المشاكل التي تواجهة في الحياة بصورة طبيعية وكلما ضعفت شخصية الفرد كلما زاد من اتجاهه على تعاطي الخمرة حيث يجد الراحة النفسية لهذه المشاكل ونستطيع ان نقول ايضاً ان الادمان هو اعتبارات عصبية واختلاطات بالجهاز العصبي وهذه بعض انواع الشخصية التي نجدها في المدمنين.. شخصيات مضطربه
1. الشخصية القلقة التي تتناول الكحول لتعطية الشعور بالقلق ومثل ذلك نجده في الشخصية الانطوائية.
2. الشخصية السايكوباثيةوهؤلاء يتناولون الكحول للحصول على الشعور بالنشوة او لاكتساب شعور الاهمية بالشذوذ عن غيرهم أو كتعيبر عن كراهيتهم للجميع او لكبت شعورهم بالفشل الجنسي.
3. الشخصية المريضة عقلياً وخاصة مرض الكآبه حيث يستعمل الكحول للتخفيف من الكآبه . وبعد تأكد حاله الادمان شخصية الادمان ذات طبيعة ادمانية خاصة لهاصفات نفسية وخلقية واجتماعية تحتم الاستمرار في الادمان وابرز هذه الخصائص. التواكل والاعتماد على غيرها ولنهرب من المسؤولية وعدم الثقة بالنفس وتجنب العمل والاتجاه المضاد للمجتمع اضافة الى عدم التقيد بالمثل والكذب. الإدمان وانواعه المختلفة
*ماهي انواع الادمان على الكحول؟
توجد انواع عديدة وهي خمسة انواع .
1.نوع الفا والاعتماد على الكحول في هذا النوع هو اعتماد ونفسي فقط والتعاطي هنا يتناول المشروبات الروحية لغرض التخلص من التوتر النفسي لتجنب بعض المشكلات اليومية.
2. نوع بيتا .. وهو يحدث نتيجة الافراط في تناول المشروبات الكحولية وقد تظهر المضاعفات الجسدية
(كتشمع الكبد الكحولي) الواضحة حتى بعدم وجود مظاهر الاعتماد البدني.
3. نوع كاما... وهذا النوع هو الاكثر انتشاراً في الدول الاوربية حيث المواقف الاجتماعية السائدة والعوامل الاقتصادية هناك تساعد على ذلك وفيما يتعاطى الشخص مشروبات كحولية مركزه واعني ان يستمر الشخص بأحتساء والخمور الى ان ينتهي به الأمر الى ان يصبح ثملاً في الغالب والمدمن في هذا النوع يكون اعتماده بدني اي تحدث لديه اعراض انسحابية في حالة امتناعه عن تناولها وان تمثيل خلاياه العصبية الدماغية يصبح متكيفاً لو جود الكحول في الدم في الفترة المركزة فقط.
4.نوع دلتا... وفي هذا النوع لايمكن للشخص ان يترك المشروبات بسبب حدوث اعتماد بدني عليه وتوجد دائماً نسبة واطئة من مادة الكحول في دمه خلال 24ساعة وانه عندما يتناول المشروبات الكحولية فانه يتناولها بتركيز اقل من النوع السابق وان الكمية موزعة على معظم او قات النهار والليل(باستثناء ساعات النوم) لذلك فانه ليس من الضروري ان يصبح ثملاً وان خلاياه العصبية الدماغية تكون متكيفة باستمرار لوجود الماده الكحولية في دمه. وهذا النوع هو مرض بالمعنى الكيمياوي والفسلجي نظراً لحدوث الاعراض الانسحابية بعد الامتناع عن الشرب.
5.نوع ابلسون... وهذا النوع يحدث للشخص عن رغبة قاهرة لتناول المشروبات الكحولية وبافراط في فترات متكررة وبين هذه الفترات يكون شرابه معتدلاً وان له علاقة بمرض الوسواس والشخص الذي يعاني من هذه الحاله تتكون لديه كآبة متكررة وانه يحاول ان يرفع من مزاجه الكئيب بالمشروبات الروحية . مضاعفات خطيرة جداً
*ماهو تأثير الكحول على مختلف اجهزة الجسم؟
الادمان على الكحول هو مرض اجتماعي يؤثر في علاقات الفرد بالمجتمع ويحتاج الى حلول سريعة اماعن الاضرار الناتجة على مختلف اجهزة الجسم فهي اضرار مباشرة وهي في بداية الامر تؤثر في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي. (اي الاعصاب المحطية التي تغذي الاطراف العليا والسفلى)ومن اهم اعراضه الاضطرابات الحسية كالخدر والتمنل في الكفين و القدمين والتشنج في عضلات الساقين وفي الحالات الشديدة قد يحصل فقدان للقوة العضلية وشلل في الاطراف وايضاً يبدأ التأثير على العين وبالحقيقة ان العين من ارق الاعضاء في الجسم التي تتعرض كثيراً للاصابه بمختلف الامراض التي تتناب الجسم او بسبب التأثيرات غير المرغوبة لبعض العقاقير ومنها الكحول. ان الادمان على الكحول وخاصة المثيلي منها مثل السبرتو والكولونيا يؤدي الى مضاعفات خطيرة جدا وخاصة بما له من تأثير مدمر على العصب البصري اذ انه يؤدي الى ضمور العصب البصري مؤديا الى حالة (الغمش) والسبب الرئيسي هو نقص فيتامين (B12) مع نقص في قابلية تمثيل السيانيد وان تأثير الكحول هو تأثير مباشر على المخ يؤدي الى حالة تتميز بعدم قدرة المريض على التحرك المتزامن للعينين سواء افقي او عامودي. التأثير على المخ وهو نتيجة نقص فيتامين (B1) وتؤدي الى صعوبة في التركيز الذهني واضطراب في النوم ومن ثم حالة ارتباك وقد تنتهي بالذهول والغيبوبة ومن اهم اعراض هذه الحالة ايضا شلل عضلات العينين (اي زغللة العينين). الجهاز الهضمي وأهم الأعضاء يبدأ بالكبد ونتيجة الاثار التي يتركها الكحول على الكبد يمر بثلاث مراحل:
أ- مرحلة تراكم الدهن وهذا يؤدي الى تضخم الكبد سريريا مع تغير طفيف في وظائفه.
ب- مرحلة التهاب الكبد وتنتج عن التأثير المباشر لمادة الكحول على الكبد ووظائفه وفي هذه المرحلة يحدث تضخم في الكبد مع الاحساس بالالم.
جـ- مرحلة تليف الكبد وتتميز بتضخم وتصلب الكبد والطحال وقد يؤدي الى فشل في الكبد ونزف في الامعاء والمعدة وتغيرات في تجلط الدم . اما عن المعدة من المعروف ان الكحول مهيج لغشاء المعدة وقد يسبب التهابا حادا في المعدة ويتميز بغثيان وقيء وألم وعسر هضم كما ان ألم المعدة المزمن يصاحب الادمان على الكحول. اما البنكرياس فإن 50% من التهاب البنكرياس تكون بسبب الكحول اذ ان يتعاطى الكحول بكثرة يقلل من كمية افرازات البنكرياس ويزيد من لزوجتها ويسبب انسدادا في القنوات البنكرياسية وهذا يؤدي الى التهاب البنكرياس الذي من اهم اعراضه الالم في البطن وتقيؤ وحمى وانخفاض في ضغط الدم. أمراض نفسية وذهانات كحولية
* ما هي اهم المضاعفات النفسية؟
ويتابع الدكتور عمار حديثه عن المضاعفات النفسية فيقول: يتمثل بتدهور الشخصية والقيام بسلوك غير اجتماعي مع ظهور حالات من الامراض النفسية او الذهانات الكحولية والتي هي ذهانات عضوية راجعة غالبا الى كثرة تعاطي الكحول ويبدو ان نقص التغذية يلعب دورا مهما في احداثها وفي بعض الحالات يكون التوقف عن تعاطي الكحول سببا مهما ايضا وتتمثل في:
1- الهذيان الارتعاشي او الاهتزازي: وهذه الحالة تمثل المرحلة الشديدة جدا للاعراض الانسحابية وتحدث في اليومين الثاني والخامس من الاقلاع عن تعاطي الكحول وهذه الحالة لها خطورة على الحياة اذ تصل نسبة الوفيات من 15-20% اذ لم يسعف اسعافا فوريا وتتصف هذه الحالة باعراض متعددة منها تشوش الوعي وارتعاش في الاطراف والقلق والفزع التوتر وكثرة الحركة ويكون المريض خشن السلوك والتعامل والتصرف الشديد والشعور بالعدوان والخداعات الحسية والتهيؤات مثلا يتهيأ له وقوع سقف الغرفة عليه واحيانا الهلاوس البصرية مثلا رؤية اشباح غريبة ومخيفة ورؤية حيوانات صغيرة تتجه نحوه كالفئران والبعوض والثعابين ما يسبب له خوفا شديدا يؤدي به الى الهروب وغالبا ما يفقد المريض الذاكرة.
2- الهذيانات او الاوهام الخيالية: واهم هذه الهذيانات هي الغيرة الكحولية التي تصل بالفرد الى درجة الشك في تصرف زوجته فيقوم بتفتيش ملابسها ومراقبة سلوكها واتهامها بالخيانة الزوجية.
3- الهلاوس الكحولية: وتتميز هذه الهلاوس السمعية بسماع اصوات غريبة ليس لها مصدر خارجي وقد يرد عليها في بعض الاحيان الخداع الحسي والافكار الاضطهادية وتختفي هذه الاعراض بعد التوقف عن شرب الخمر.
4- العته او الخرف الكحولي: ويحدث للمخ ضمور واسع في خلاياه العصبية للقشرة الدماغية للمدمن المزمن كل اعراض الاضمحلال العقلي والتدهور الشديد في الشخصية والاضطراب الملموس في الذاكرة.
5- ذهان كورساكوف الكحولي: نتيجة لاصابة بعض مناطق المخ بنزف وتليف في الخلايا العصبية يتميز هذا الذهان بنقص واضح مستمر للذاكرة وللاحداث الغريبة مع تزييف الواقع لملء الفراغ الموجود في الذاكرة ويصاحب هذه الاعراض الالتهاب في الاعصاب المحيطية للاطراف ويتأثر القلب والكبد ايضا،ان هذا الذهان يحدث في المخمورين كنتيجة للذهان الكحولي الحاد ولاسيما الهذيان الارتعاشي ونادرا في الكحولية المزمنة. وفي كلمة اخيرة للدكتور عمار قال: المدمنون على الكحول هم افراد يشترون الامراض ويرتضون ان تفتك باجسادهم وينفقون عليها الاموال وان الادمان على الكحول له تكاليف اقتصادية وتأثيرات سلبية اقتصادية واجتماعية ويؤدي بهم الى تحلل الفرد وابتعاده عن المسؤولية ويؤدي الى صعوبة التوافق مع الحياة الاجتماعية وايضا يؤدي الى زعزعة نظام الاسرة والاختلال في التوازن العائلي وعدم تمكنه من مواجهة مشاكل الحياة المعقدة وتكون في هذا معاناة اطفالهم واسرهم واضحة في تقصيرهم على اسرهم في الانفاق ويؤثر في علاقاته الزوجية وقد تنتهي هذه العلاقة بالطلاق. وبعض المدمنين يتهيجون اثناء شربهم الخمر وقد يستعملون اساليب عدوانية ضد زوجاتهم كالضرب الجسدي المبرح فهذه بحد ذاتها نزعة اجرامية. ويجب ان يدرك الشباب ان الذهاب في هذا الطريق يؤدي بهم الى مصير محتوم فلم لا يعيشون وفق الاعراف والتقاليد الدينية السمحاء وعليهم ان ينظروا الى مستقبلهم بعين الامل ورغم ما يمر به البلد من مشاكل فلابد ان تنتهي فعليهم ان يؤسسوا البداية ليكون فيها مستقبلهم واضح المعالم وان يكون اسرة مبنية على الاحترام والمحبة والنجاح