عُرْيانًا خَرَج مِن جَوفِ أُمَه هكذا يَعودُ فيَذهَبُ كما أَتى و لن يَأخُذَ شَيئًا مِن تَعَبِه لِيَذهَبَ بِه في يَدِه (جا 5 /14)
الهوس الالكتروني.. المراهقون وإدمان الكمبيوتر
* إعداد: هند حيدر :
الإدمان على الكمبيوتر مرض يصيب الكبار مثلما يصيب الصغار..
ويشمل الذكور والإناث، وهو مرض حقيقي ومن الخطورة بمكان، يستطيع تمزيق رباط الزوجية ويدمر الأسرة.
وأليكم شهادة بعض من عانوا من هذا الإدمان الفتاك.
زوجك, زوجتك, أو أولادك يمضون كل أو معظم أوقات فراغهم أمام شاشة جهاز الكمبيوتر لدرجة أنهم لا يجيبون عندما توجهون أليهم الحديث ولا يركزون مع من يحادثهم.
ولا يمكن أن يمر اليوم دون أن يقوموا بتشغيل جهاز الكمبيوتر لسبب أو لآخر,
فعلى كل حال دائما ما يجدون العذر المناسب لقضاء الساعات الطوال أمام شاشة الكمبيوتر.
في الواقع أن المدمن على الكمبيوتر يقوم بإهمال نشاطاته الأخرى في جوانب و مجالات حياته المختلفة مما يؤدي إلى تسخير كل وقته للجلوس أمام شاشة جهاز الكمبيوتر الشخصي، عندها يكون الفرد قد تحول من مستخدم عادي للانترنت وجهاز الكمبيوتر ألي مدمن, فقد وقع في دوامة الإدمان التي تحمله تدريجيا في تيار الهروب من الواقع ليعيش في عالم معلوماتي فرضي خيالي منفصل عن الحقيقة.
على الرغم من الوقوع في شرك الإدمان يظل المدمن واعيا بحالته وبما يحدث له فالمريض يعرف أن الكمبيوتر قد تحول من آلة مفيدة ألى هاجس مستحوذ على تفكيره ولكن من الصعب عليه الخروج من هذه المشكلة والفخ الذي أوجده بنفسه.
هذا ما يشرحه لنا الطبيب والمحلل النفسي الكندي الدكتور جان بيير روشون في موقعه على الانترنت: باختصار يمكننا القول أننا محاطون بمدمني المعلوماتية والانترنت. وهذه الظاهرة الخطيرة تزداد انتشارا من يوم ألى آخر.
***
سجناء الإنترنت
إذا قمنا بأخذ ثلاثة من الشباب كأمثلة لهؤلاء المداومين على الانترنت :
آيف, برونو،وتوم هم ثلاثة مراهقين عاديين مثل كل المراهقين الذين نصادفهم كل يوم. لكن هؤلاء المراهقين الثلاثة تخلوا عن ممارسة الرياضة, الذهاب الى السينما, الخروج لرؤية أصدقائهم والتنزه.
كما أنه ليس لديهم أي اتصال أو نشاط مع الشباب من جيلهم خارج نطاق المدرسة أو الجامعة, فقد أصبحوا سجناء البيت أمام شاشة الكمبيوتر.
من المحتمل أن سبب انغلاقهم يعود لقلة وسائل التسلية المتنوعة في منطقتهم حيث يسكنون في مكان يبعد عن المدينة لذلك أدركوا وبسرعة كل محاسن الكمبيوتر الذي يمكنهم من الاتصال بكل أنحاء العالم, ويمكنهم استخدام الألعاب الالكترونية كما يمكنهم من اللعب مباشرة في شبكة الانترنت مع شركاء في اللعب في كل مكان في العالم.
هؤلاء الشباب لا يحسون بمرور الوقت رغم قضائهم الساعات الطوال أمام الشاشة.
يوم للمواجهة
بسبب الإدمان المبالغ فيه على الانترنت واستخدام الكمبيوتر قام آباء هؤلاء الشباب باتخاذ القرار الآتي: تحديد يوم الإجازة الأسبوعي كيوم خال من الكمبيوتر.
اذا قبل الشباب بهذه التضحية: التخلي عن استخدام الكمبيوتر لمدة يوم كامل, يقوم الآباء في المقابل بالتفرغ التام لأولادهم ويعرضون عليهم القيام بنشاطات أخرى غير الكمبيوتر لملء وقت فراغهم وتمضية يوم الإجازة مع الأسرة مجتمعة حتى لا يعود الشباب للانعزال في غرفهم أمام الشاشة وكأنها الصديق الوحيد لهم.
لكن يجب الاعتراف بأن نجاح هذه العملية طفيف وغير مضمون في كل الحالات لأن معظم ما يقدمه الآباء من حلول وعروض للتسلية للحد من إدمانهم للكمبيوتر لا يلقى الرضا التام لدى هؤلاء الشباب والمراهقين لذا يصير يوم الإجازة يوما للمواجهة والنزاع.
الرجل العنكبوت
يقول برونو, الذي يبلغ من العمر 19 سنة وهو الأكبر سنا من بين الشباب الثلاثة, واصفا يومه: أقوم باللعب على الكمبيوتر ما بين 3 الى 5 ساعات في اليوم. عندما أقوم باللعب أتقمص شخصية بطل اللعبة كالرجل العنكبوت مثلا مما يمكنني من نسيان شخصيتي الأصلية ودائماً ما اختار الألعاب ذات الأدوار المتعددة ودائما ما أتقمص دور البطل الذي أريد وهكذا تصبح شخصيتي أفضل من الواقع وأعيش الدور الذي احلم به.
عندما لا أكون أمام شاشة الكمبيوتر أحس بالملل الشديد والضياع كما ينتابني شعور بعدم الراحة. هذا الشاب عندما يكون بعيداً عن جهازه الخاص يحس بالضياع كالمدمن الذي يحتاج لجرعة المخدر. بالإضافة إلى ذلك عندما يقوم باللعب فإنه لا يحس بالحاجة الى أي شيء، ليس لديه شعور بالجوع, لا يداعبه النعاس ولا يحتاج للنوم ولا يحتاج حتى للتحرك من أمام الكمبيوتر. يعود برونو لوصف علاقته بجهاز الكمبيوتر فيقول :الكمبيوتر يشغل كل تفكيري حتى عندما لا أكون أمام الشاشة.
والأكثر من ذلك فإن الألعاب متعددة الأدوار تساعدني وتسهل لي التعامل بحرية حيث يمكنني عمل كل ما أريد حتى ولو غير مسموح به. فمن خلال اللعب لا أحد يراني ولا أحد يعرف من أكون.
عندما نقوم باللعب على شبكة الانترنت يمكننا أن نفعل ما نريد ونعطي الانطباع الذي نختاره ونخفي كل ما يزعجنا في شخصيتنا الواقعية.
دوافع الخلاف
كل هذه التصريحات بالغة الخطورة ومفزعة للغاية فهي تشهد وتدل على مدى سيطرة الكمبيوتر على هؤلاء الإفراد.
هذا قبل الحديث عن الآثار السلبية على الصحة النفسية والجسدية خصوصا عند انغلاق وتكور الفرد على نفسه وعدم رغبته فى الانفتاح على الآخرين.
على الرغم من أن هؤلاء الشباب والمراهقين هم ملوك الشات chat على الانترنت ويتواصلون كثيرا عن طريق الرسائل الفورية المكتوبة engeressm. فمن السهل التواصل مع شخص لا يرى فينا ألا الجوانب الايجابية والأفضل من ذلك لا يرانا على الإطلاق فيكفي أن نتبادل الرسائل الفورية. ولقد أدرك الآباء عمق المشكلة: فالإدمان يمكّن المراهقين من التملص من واجباتهم التي أصبحت تحتل المرتبة الثانية بعد الألعاب الالكترونية مما يسهل عليهم الهروب من الحقيقة ومن الواقع المحبط في نظرهم. يحاول آباء هؤلاء الشباب وضع حدود لاستخدام الكمبيوتر ولكن تظل هذه الحدود غير كافية وبعيدة عن الحد المناسب المسموح به لأن المراهقين يرون فيها حدودا مقيدة لحريتهم. كما يعتبرونها اعتداء على حرية التواصل وسهولته كما أن هذه الحدود المقيدة هي السبب الأساسي للخلاف مع الآباء.من المؤسف أن يتوقف هؤلاء الشباب عن الخروج وعن الاهتمام بمن حولهم ليمضوا حياتهم أمام شاشة الكمبيوتر بعالمه الفرضي حيث كل ما يدور هو رائع وجميل بما أنه خيالي. ومن الخطير أن تعليمهم الاجتماعي وتوجهات مشاعرهم تتم عبر الكمبيوتر. فبدلا من إيجاد حلول لمشاكلهم الاجتماعية وإحباطهم وعدم قدرتهم على التأقلم مع الواقع يلجأون للهرب ويجدون ملجأ أمام الشاشة.
في أثناء عطلة نهاية الأسبوع يقومون بإمضاء ما يقارب 8 ساعات في اللعب المباشر على شبكة net الانترنت.
كما يدور الحديث عن هذه الألعاب حتى عند الوجبة على مائدة الطعام. وعندما يحدثهم الآباء عن السفر واكتشاف العالم يجيبون بالقول ان كل ذلك متوفر على الانترنت تحت الطلب وفي متناول اليد بدون الحاجة للحركة والابتعاد عن الكمبيوتر.
لقد راودت الكثيرين فكرة إلغاء الكمبيوتر عن حياة أولادهم ولكنها فكرة مستحيلة, فمن المستحيل إلغاء الكمبيوتر فقد أصبح أداة هامة من أدوات التعليم ويدخل في كل مجالات الحياة العامة والخاصة. في الواقع وفي بعض الحالات, يمثل الكمبيوتر حلا عمليا لشغل وقت فراغ المراهقين مما يساعد الآباء العاملين وغير المتواجدين دائما بالمنزل على الاطمئنان على أولادهم.
شبيه الأخطبوط في اصطياد ضحاياه
يقوم الكمبيوتر بسجن الأفراد ملتفاً حولهم بمجساته غير المرئية ولكنها شديدة الفعالية حيث لا يمكنهم الفكاك من هذه المجسات المرعبة. وهذا ما تثبته الأرقام حيث يبلغ عدد البيوت التي تملك جهاز كمبيوتر 1575630 بيت.
وهذا حسب ما تورده آخر الأرقام التي نشرها المعهد القومي للبحث العلمي في بلجيكا في عام 2001م. ونصف عدد هذه المنازل لديها اشتراك على الانترنت.
8000 لعبة إلكترونية
8000 هو عدد العاب الكمبيوتر وأدوات المحاورة التي تم شراؤها بواسطة الجمهور في ديسمبر الماضي في 10 المتجر المتخصص في الموسيقى, الالكترونيات والكتب. ويبلغ سعر اللعبة 30 دولارا في المتوسط.
الرأي العلمي
الشخص الذي لا يمكنه التخلي والتوقف عن اللعب على الكمبيوتر لصالح أشياء أخرى أكثر أهمية يعتبر مدمنا. فما هي هذه الأشياء الأخرى الأكثر أهمية؟: الخروج, ممارسة الرياضة, التعرف على أصدقاء جدد, الأكل, النوم, قضاء الوقت مع الأسرة والأكل معهم, الحياة في المجتمع العادي الواقعي دون زيف.
عند قراءة كل هذه الشهادات والقصص المتعلقة بالشباب المدمن على الكمبيوتر تزيدنا إيمانا بأهمية وخطورة المشكلة.
ولكن قد يعتقد البعض منكم ويتبادر الى ذهنه أن كل ما سبق هو عبارة عن تهويل للموقف ومجرد مبالغة من مبالغات الصحفيين الباحثين عن الموضوعات المثيرة, لذلك قمنا بطلب رأي ونصيحة أحد المختصين وهو الدكتور البروفيسور كريستيان مار مونت رئيس قسم الصحة النفسية في جامعة لييج البلجيكية.
طلبنا رأي الدكتور في هذا الموضوع: مرض العصر الحديث.وطرحنا عليه الأسئلة التالية: هل يمكن أن يصير الفرد مدمنا على الكمبيوتر فعلا؟
يبدو هذا الأمر واضحا ولا شك فيه.
من الممكن إدمان الكمبيوتر بصورة فعلية خصوصا منذ تطور وتقدم web فالإدمان يماثل وبصورة تامة التصرفات التي لا يمكن التحكم فيها.
وبنفس الأسلوب كما في الماضي عندما كنا نجد بعض حالات الإدمان على لعبة البيليارد الكهربائي على سبيل المثال أو إدمان لعب القمار.
يقول الدكتور واصفا أحد هؤلاء المرضي: لقد عرفت شخصا في الماضي وكان مدمنا على لعب القمار وبلغ إدمانه حدا بعيدا لدرجة أنه كان بإمكانه ترك وقطع عمله للذهاب الى لعب القمار في ساعات العمل الرسمية.
إن يصاب الفرد بهذا المرض صار أمرا واردا في هذه الأيام.
جلسات للعلاج
هل هذا المرض معترف به؟
إدمان الكمبيوتر لا يعتبر مرضا معترفا به رسميا. يقول الدكتور: بصفة شخصية لم تتح لي الفرصة مرة أخرى حتى أقوم بعلاج حالات مشابهة كالإدمان على الكمبيوتر ولكن الجميع يعلم أن في الولايات المتحدة والدول الاسكندينافية توجد وسائل لعلاج هذا النوع من الإدمان منها الجلسات النفسية مع المريض لمعرفة أسباب تعلقه بالعالم الالكتروني ورفضه للواقع. كما تهدف لمساعدة المريض للتخلص من هذا الإدمان.
الهوس..الإدمان على الكمبيوتر قد يكون في الواقع هدفه البحث عن المتعة.
هل يعني هذا أن الإنسان يدمن ألعاب الكمبيوتر لأنه يستطيع الحصول على المتعة بطريقة أخرى وفي مكان آخر؟
الإجابة هي وبدون تردد (لا) لأنه لا يمكن ومن المستحيل الحصول على كل ما نتمناه من متع الحياة.
أذاً السؤال الصحيح الواجب طرحه هو: هل من الممكن تحمل وقبول عدم الحصول على كل ما نريد ونتمنى؟ هل من الممكن التسليم والرضاء بالمقسوم لأنه لا يمكن الحصول على هذا الشيء أو ذاك؟ عندما لا يرضى الفرد بالمقسوم له من متع الدنيا, كثيرا ما يعاني لأننا نعيش في عالم استهلاكي وقد يؤدي الحرمان الى رفض الشخص للواقع المحبط.
من الواضح أن الإدمان على الألعاب الالكترونية يمثل ملجأ مناسبا للهروب من الواقع الذي يطلب منا أن نكون أقوياء، أذكياء, أغنياء, ناجحين في الدراسة والعمل, في الحب والعلاقات الاجتماعية, قادرين على مواجهة المواقف الصعبة بدون خوف.
من خلال اللعب يمكننا اختيار الشخصية التي نريد: مثلا الرجل القوي الوسيم الذكي الذي لا يهزم كالرجل العنكبوت أو الرجل الوطواط إلى آخره من العاب الكمبيوتر متعددة الأدوار والتي تمكننا من التحكم في تصرفات الشخصيات والهروب من العقاب ومحاولة إحراز أفضل النتائج كما يمكننا استئناف اللعب كما نريد متى ما نشاء مع تحسين النتيجة في كل مرة. ونخرج بدون إصابات رغم الحوادث الخطيرة.
الإدمان لا ينحصر في الذكور
هل ينحصر إدمان الكمبيوتر على الشباب الذكور فقط؟
الإجابة هي (لا) لا ينحصر الإدمان على الذكور فقط. يكفي إلقاء نظرة سريعة على صالونات الشات10 حيث نرى العديد من الشابات والمراهقات اللاتي يمثلن جانبا من المشاركين.
* كيف يمكننا معرفة المدمن على الكمبيوتر؟
أي شخص يمضي 8 ساعات في اليوم أمام الكمبيوتر يعتبر مدمنا.
وذلك طبعا خارج ساعات العمل في المكاتب والجامعات والتي تتطلب العمل على الكمبيوتر للعمل وليس للعب على شبكة الانترنت.
أي شخص يقوم بإشعال الكمبيوتر المحمول في كل مكان ولا يستطيع منع نفسه من الجلوس أمام شاشته للعب وذلك لصالح القيام بأشياء أخري أكثر أهمية وذات أهمية قصوى. كل ذلك يعتبر من علامات الإدمان والهوس بالكمبيوتر.
* هل هناك نوع معين من الأشخاص القابلين للإصابة بهوس اللعب على الكمبيوتر أكثر من غيرهم ؟
بالطبع الإجابة هي (لا) لا يوجد تعيين للوقوع في مصيدة الإدمان.
الكمبيوتر والحياة الزوجية
برنارد وكارولين زوجان يبلغان من العمر 41 عاما. هذه الحالة الآتية تؤكد أن هوس اللعب وإدمان الكمبيوتر لا يصيب الشباب فقط.
برنارد يعمل كمهندس لحساب واحدة من أكبر الشركات في بروكسل. أما كارولين فهي ربة منزل و أم لطفلين. تقوم بالعناية بمنزلها وأطفالها منذ بضع سنين ولا تعمل خارج المنزل.
كل ما ذكرنا عن هذين الزوجين يوحي بسعادتهما التامة والتي يجب أن يحسدا عليها، غير أن برنارد ومنذ عدة سنوات يقوم بهجر أسباب سعادته: زوجته, بيته وأطفاله ولكن ليس من أجل العمل أو بسبب زوجة أخري. كل هذا الهجران من أجل ميول برنارد غير المتحكم فيها للعب على الكمبيوتر، حيث تمنحه هذه الألعاب لذة ومتعة لا يمكن مقارنتها.
ولكن كيف يبرر برنارد هذا الموقف الغريب؟
يقول برنارد: لقد بدأت استخدام ألعاب الكمبيوتر منذ سنوات عدة ولكن ليس بهذه القوة كما الآن ولم تكن تأخذ كل وقتي.
توتر وقلق
بسبب عملي في مجال الكمبيوتر والمعلوماتية كنت دائما على اتصال بالكمبيوتر. قبل خمس سنوات من الآن كنت أقوم باللعب وحيدا stand alone عن طريق برنامج قمت بتصميمه على الكمبيوتر الخاص بي.
في الواقع وفي ذلك الوقت كنت أجد نفسي عند اللعب في حالة لا تعقل من التوتر والقلق, أفظع من حالتي عندما يلعب فريق الكرة المفضل لدي.
حيث أبدأ بالصراخ واقسم بكل الأسماء وأتوتر حد التوتر كل ذلك وحيدا أمام شاشة الكمبيوتر. بعد ذلك ومع مرور الوقت اكتشفت متعة اللعب مع عدد من اللاعبين على شبكة الانترنت.
في الواقع اللعب على شبكة الانترنت مع عدد من الشركاء الآخرين في كل أنحاء العالم يزيد من تعلق الفرد باللعبة التي تزيد إثارة مع سباق الزمن حيث يجب إحراز نتائج مقدرة في أقل وقت ممكن.
شكوك الزوجة
في رأي برنارد: اللعب على الشبكة مع شركاء آخرين يزيد من معدل ونسبة إدمان الفرد على اللعب. باختصار يمضي برنارد الساعات الطوال أمام شاشة الكمبيوتر. وبلغ إدمانه حدا جعل زوجته تتساءل وتشك ما اذا كانت قد تزوجت أو ما زالت عازبة.
في المتوسط يمضي برنارد تسع ساعات في اليوم أمام الكمبيوتر منها ست ساعات بغرض العمل.
ويعترف برنارد مقرا بأنه مدمن على العاب الكمبيوتر. وذلك يبدو واضحا لأنه من النادر أن تمر إحدى الأمسيات بدون أن يشغل جهازه الشخصي.
ويقول برنارد: صحيح أن الوضع أصبح مقلوبا حيث ان ترتيب الأولويات صار معكوسا. فالأهمية الأولي في حياة برنارد لا تعود ألي أسرته وعمله وأنما لجهاز الكمبيوتر والألعاب على شبكة الانترنت. ومن أجل أن يمر أسبوع كامل بدون أن يلعب برنارد على الكمبيوتر, يتطلب ذلك من زوجته مجهودا عظيما لإقناعه بإمضاء الوقت معها ومع طفليهما بدلا عن قضائه أمام شاشة الكمبيوتر. عليها أقناعه بكل الوسائل وبأقوى الحجج, وعلى الرغم من ذلك تقول كارولين زوجته: مهما كان المجهود المبذول في أقناعه كبيرا فليس من المؤكد أن انجح في أقناعه. وأذا كان برنارد يقر بإدمانه فهو يعرف الكثيرين من المدمنين أكثر منه ويبالغون في الإدمان.
انعدام اللغة
لقد عاش برنارد أحدى التجارب مباشرة مع زوجين من أصدقائه حيث كان حاضرا عندما كان الزوجان في حالة نقاش حادة و يتبادلان السباب والشتائم معبرين عن غضبهما الشديد عن طريق البريد الإلكتروني على الرغم من تواجدهما معا في نفس اللحظة في نفس الغرفة ويجلسان جنبا الى جنب على نفس الطاولة وكل واحد منهما أمام شاشة الكمبيوتر الخاص به.
اذاً لم يعد للغة العيون, كما يقول الشاعر, أي مكان في حياتهما. ولا حتى الكلام المباشر كلغة للتفاهم لم يعد لها وجود. لغة التفاهم الجديدة هي mail أو البريد الالكتروني التي يتبادلونها مع شخص موجود في نفس الغرفة.
تقول كارولين: من الطبيعي ومن العادي أن تحدث مناقشات حادة بسبب اللعب على الكمبيوتر ولكنها ليست ألا حجة للمكوث أكثر أمام الشاشة وكأنهم يخلقون المشاكل حتى يظلوا مدة أطول في الاتصال على الإنترنت.
تقول كارولين: أنا لا ابحث عن المشاكل والنقاش مع زوجي, أنا فقط حزينة لأني فقدت زوجي رغم وجوده بجانبي ولكنه مأخوذ بالكمبيوتر. فالمعلوماتية بالنسبة لزوجي أكثر أهمية من الأسرة وتحطم حياتنا الزوجية, فلا اذكر متى كانت آخر مرة خرجنا فيها للعشاء سويا.
مشاعر الإثارة والجنون
الآن لقد أصبحت سيدي جزءا من عالمنا الالكتروني: مرحبا بك في عالم everquest. هذه هي عبارات الترحيب في بداية واحدة من العاب شبكة الانترنت الأكثر تقديرا من قبلcyberphiles.
ما هي هذه اللعبة؟
هي عبارة عن لعبة ذات أدوار متعددة تجري احداثها في جو خيالي وديكور العصور الوسطي. هذه اللعبة تتمتع بالخيال الواسع والرسوم الرائعة المتقنة.
وتقوم بتسويقها شركة sony online وتجري أحداث هذه اللعبة في زمن حقيقي مباشر يتحكم فيه اللاعب وتتم مشاهدها في ثلاثة إبعاد مما يعطي أحساسا أكثر بالواقعية وتتطلب عددا من اللاعبين للقيام بالأدوار المختلفة.
هذه اللعبة هي مجرد مثال فهناك المئات من مواقع الألعاب على الانترنت وبكل اللغات. كما تعرض هذه المواقع الكثير من الخدمات على سبيل المثال تدريب وتأهيل المبتدئين على كيفية اللعب والتعامل مع هذه الألعاب للتأقلم على عالم اللعب الخيالي المعقد والمثير في شبكة الانترنت.
عالم فرضي صعب الفكاك منه
هل تريد أن تلعب دور المحارب لتصبح محاربا لا يشق له غبار؟ هل تريد أن تصبح الزعيم؟ أو ساحر القبيلة ذا القوة الغامضة؟
سيدي اللاعب أنت الذي يقرر ويختار الشخصية التي تناسبه ويتمناها.يمكنك اختيار نوع وشكل الشخصية, والأسلحة التي تتماشى معها. ومن المؤكد أن اللاعب يتقمص بسرعة وسهولة دور بطل أحلامه والشخص الذي يتمنى أن يكون في الواقع.
المخيف أن الفرد يظل بنفس السهولة في هذه الشخصية المزدوجة حتى عندما يطفئ جهاز الكمبيوتر. وكثيرا ما ينسى الفرد نفسه في العاب المغامرات التي تسمى أيضا في عالم الرهبة القابض.
ولمحبي مسلسلات المغامرات والرسوم المتحركة التي اشتهرت في سنوات الثمانينات فقد صنعت خصيصا لهم مغامرات donjons & dragons في شكل لعبة كمبيوتر أفضل من القصة الأصلية ألف مرة.
ومن الألعاب الأخرى التي تتوفر على الانترنت: العاب التصويب وإطلاق النار عن طريق الأسلحة الأوتوماتيكية.
تمثل هذه الألعاب فخا من السهولة الوقوع فيه كما يؤكد لنا المختص والمحلل النفسي مارك فالير.
يقوم هذا الدكتور بعلاج العديد من الشباب الذين يعانون من الإدمان الشديد على الانترنت. كما أنه متخصص في علاج الإدمان بكل أشكاله في المجتمع الاستهلاكي الغربي. وفي باريس يقوم بإدارة مصحة الدكتور اوليفنستن القديمة.
وقد كانت هذه المصحة تهتم بالعلاج من المخدرات في سنوات السبعينيات.
ويقوم الدكتور مارك فالير بإخراج المرضي من فخ ودائرة الإدمان حيث يهتم بعلاج مدمني الرهان على الخيل, ومدمني لعب القمار وما الى ذلك من مشاكل الإدمان.
أما الآن فقد بدأ الاهتمام بعلاج نوع جديد من المدمنين انهم مدمنو net web باعتبار أن كل أنواع الإدمان التي تسبب حالات سوء الصحة النفسية والجسدية ليست غريبة أو مختلفة عن إدمان المخدرات الخطيرة كالهيروين والكوكايين.
هرمونات ضارة
كل هذه المشاعر والأحاسيس المزدحمة التي تدفع الدم الى التدفق بقوة في الشرايين, تعطي نفس الشعور بالبهجة والإثارة عند تعاطي المخدرات لا تختلف عن مشاعر مدمن الألعاب الالكترونية.
ارتفاع معدل التركيز الشديد مع التقمص الكامل لدور البطل الذي يتطلبه اللعب على شبكة الانترنت يخلق إدمانا حقيقيا نفسيا وجسديا. ليس الوقت الطويل الذي يمضيه المدمن أمام شاشة الكمبيوتر, ليس هو فقط الذي يدفعه للسقوط في هاوية @ وأنما أيضا شعوره بأنه لم تعد لأي شيء آخر أهمية في حياته سوى اللعب على الشبكة.
لم تعد للحياة أية أهمية في الواقع فاللعب على cybernt يأتي على رأس قائمة الأولويات بالنسبة لهم. من وجهة نظر التحليل النفسي: نعلم أن المؤثرات الصوتية للألعاب تخلق ردود أفعال شديدة وملحوظة لدرجة يمكن معها قياس مداها. فقد قامت إحدى الباحثات الشابات في علم النطق التابع لجامعة مونتريال في كندا قامت بعمل التجربة وأثبتت نتيجتها. حيث اكتشفت أن موسيقى الألعاب تزيد من معدل إفراز هرمون الإثارة والتوتر في لعاب اللاعبين.
أما بالنسبة للذين يلعبون بدون استخدام المؤثرات الصوتية فتنخفض لديهم نسبة هذا الهرمون. ومن المعروف والمثبت علميا أن ارتفاع نسبة هذا الهرمون هو عامل خطير ومن العوامل التي تسبب وتساهم في اضطرابات القلب, وتسبب مرض ارتفاع الضغط والسكري