تَنْهاُر الأَرضُ و جميعَ سُكَّانِها و أَنا الَّذي أُثبّتُ أَعمِدَتَها (مز 75 /4)
النمو الروحي - لنيافة الأنبا مكاريوس
يولد الإنسان مرة واحدة, ولكنه ينمو
من خلال الطعام والشراب, و في الحياة الروحية يولد وينمو من خلال وسائط النعمة ..
وكلما تعرضت حياته للخطر أعيدت إليه من خلال التوبة. والعجيب أن كثيرين ممن تربوا
داخل الكنيسة ما زالوا أقزاماً لا يكبرون (في التسامح .. في الصلاة .. المعرفة) مع
أن أيديهم على الكنوز وأفواههم على المنابع .. في المقابل فإن بعض من حديثي التوبة
يتقدمون بسرعة فائقة ...
والنمو: هو التدرج في التدبير الروحي
وبالتالي في الفضائل، وهذا يستلزم الأمانة مع المرشد، والطاعة والجهاد قدر
المستطاع وهو الدخول إلى أعماق جديدة،
وكلما دخل الإنسان إلي العمق شعر اكثر
بسطحيته ورغبته في الاستزادة. (في الحياة الروحية نستخدم تعبير العمق عندما نتحدث
عن البناء)
ومن عوائق النمو: الملل
(وهو اصعب حرب يواجهها المجتهدين)
وكذلك ضياع الهدف الرئيسي ودخول اهداف اخري في المقابل. كذلك وجود خطية كبيرة
رابضة في القلب، تشبة الديدان التي تستولي علي
الطعام ...
فيأكل الإنسان كثيرا ولا يكبر (موجود دائما في الكنيسة ولا
ينمو... له صورة التقوي ولكنه ينكر قوتها...) ثم الاكتفاء بالطريق (مثل الرهبنة -
دخول الخدمة - الشموسية - عضوية في لجنة..) ومحبة الطريق اكثر من صاحب الطريق.
ثمّ
الكبرياء والإكتفاء (مثل الذي يحفظ الالحان والتسبحة في البداية ....والذي يصلي
حتي يحفظ الصلاة والذي يشعر أنه وصل) وكذلك الأتساع الأفقي: وهو الأنشغال بالإدارة
.. والأنشطة ....
خطورة عدم النمو:
هناك اشخاص يسيرون في مواضعهم (محلك
سر) دون تقدم، نفس الاعترافات ... نفس
الحروب.. نفس ردود الأفعال، هؤلاء يشيخون روحيا مبكراً، فصار عاجزا عن الابداع..
عن المحاولات الجديدة عن التطوير,
في الصلاة ثقيل .. في التناول متأخر، في القراءة
مكتف بما قرأه. والذي لا ينمو يتراجع: ليس في الحياة الروحية ثبات على قامة محددة
ولكن إما نمو وإما تراجع .. لا توقف،
"لان كل من له يعطى فيزداد و من ليس له فالذي عنده يؤخذ منه"
(مت 25 :
29)
الإنسان بطبيعته يميل إلي التكاسل
.... يقول قداسة البابا: "اسرع بكل قوتك فإذا لم تستطع: امش بجدية، فإذا لم
تستطع:
امش ببطء، فإذا لم تستطع ازحف، لكن لا تتراجع !!" والسيارة طالما سائرة فهي سلسة نشيطة، ولكن متي توقفت
علاها الصدأ وإحتاجت إلي مجهود لتدور من جديد،
التدرج والنمو الهادئ: ومع كل ذلك
فإننا لا نطمئن كثيراً إلي الطفرات، فقد يتحول الشخص من أقصي الشمال إلي أقصي
اليمين والعكس...
ولكن النمو الهادئ المتدرج يطمئن اكثر ... مثل الشجرة التي تنمو
قليلاً قليلاً ربما بصورة غير ملحوظة .... ومثل الطفل الذي يكبر بشكل سري،
فإذا
حدث خلل ما في بعض الغدد الخاصه بالنمو فإن النمو يضطرب إما بضخامة مزعجه أو
بقزامة مؤسفة....
أخيراً: احيانا يكون هناك نمو في
إتجاه خاطئ (معوج) وقد يكتشف بعد فوات الأوان.
***********************************
**
**
********
********
**
**
**
**
**