لا تَفتُرُ هِمَّتُنا: فإِذا كانَ الإِنسانُ الظَّاهِرُ فينا يَخرَب، فالإِنسانُ الباطِنُ يَتَجدَّدُ يَومًا بَعدَ يَوم (2كور 4 /16)
السقوط بالفكر - قداسة البابا شنودة
السقوط بالفكر
هناك أفكار خاطئة قد تحارب العقل.
فينجح أحياناً في الإنتصار عليها. وقد يسقط في الفكر الخاطئ في أحيان آخرى ...
فما هي أسباب السقوط في الفكر؟
توجد أسباب عديدة تساعد على السقوط
بالفكر، نذكر من بينها: الفراغ، والأسترخاء، والضغف الروحي، والإستسلام، ومحبة
الحكايات، والشهوة أو الرغبة...
1- حالة الفراغ:
فإن حورب أي شخص بفكر خاطئ، وبقى في
حالة فراغ وإسترخاء، فلابد أن يشتد الفكر عليه، وقد يقوى على إسقاطه.
لأنه في حالة الفراغ ينفرد الفكر
بالإنسان، وهو بلا مقاومة ولا دفاع... وقد قيل في بعض الأمثال "عقل الكسلان
معمل للشيطان". وهكذا يأخذ الفكر معه ويعطى...
لذلك أحترس في وقت فراغك من الأفكار
التي تأتي إليك. والأفضل أنك لا تترك فكرك في حالة فراغ.
فالعقل- من طبيعته- أنه دائماً يعمل.
وهو في إنشغال مستمر، إما بأمور هامة، أو بأمور تافهة. ولكنه لا يتوقف.
2-الإسترخاء:
في حالة الإسترخاء، قد يفكر العقل في
أي موضوع، وربما يعبر على عديد من القصص والأخبار والأفكار. وهنا قد يستغل عدو
الخير أسترخاءه، فيلقى إليه بفكر خطية أو بفكر يؤول إلى خطية، دون أن يشعر...
فينبغي أن يكون الإنسان في يقظة
روحية، ويطرد هذا الفكر الخاطئ بسرعة، قبل أن يستقر ويستمر.
ويحس في حالة الإسترخاء، أن يشغل
الإنسان نفسه بفكر هادئ بسيط لا يقود إلى خطية...
والإسترخاء هدفه إراحة الأعصاب، وليس
إلقاء النفس إلى الأفكار.
3- حالة الضعف الروحي:
في حالة الضعف الروحي، لا يقدر العقل
على مقاومة الفكر الخاطئ، فيستسلم له!
لذلك إن وجد الإنسان نفسه في هذا
الضعف الروحي، عليه أن يهتم بنفسه بالأكثر، ويكون في حالة حرص شديد، ويراقب أفكاره
بكل دقة.
وفي نفس الوقت يحاول أن يقوي ذاته من ضعفها، بأن يقدم لها كافة الأغذية
الروحية التي تساعدها على طرد الأفكار الخاطئة...
لهذا كله، إحترس جداً من حالات الضعف
الروحي، وأهرب أثناءها من كل مسيبات العثرات والأفكار.
4- الأستسلام للفكر:
مهما كنت ضعيفاً، لا تستسلم إلى
الفكر الخاطئ. بل إثبت في قتالك مع عدو الخير، إلى أن تأتيك قوة من فوق لكي تنتشلك
مما أنت فيه... بعمل النعمة من أجلك...
والضعف الروحي ليس هو حجة للسقوط،
إنما هو حجة لطلب المعونة التي بها تقاوم الشيطان وأفكاره..
5- محبة الحكايات الخاطئة:
لا تكن محباً لتأليف قصص خاطئة في
ذهنك، تحاول بها أن تشبع رغبات خاطئة داخل نفسك!
وهنا تكون الخطية في داخلك، نابعة
منك!
وكثيرون من هواة إشباع أنفسهم بلذة
الحكايات الآثمة: إما أنهم يبدأون بها، أو أن الشيطان يلقى إليهم بفكر، فيؤلفون
حوله حكايات طويلة لا تنتهي!
وتكون أمثال هذه الأفكار هي عمل
إرادي لإشباع ما في نفس من رغبات أو شهوات، تتمثل أحياناً في أفكار إنتقام، أو
عظمة، أو زنا أو أحلام يقظة، وما إلى ذلك..
بداية الفكر الخاطئ:
1- إن فكر الخطية قد لا يبدأ بخطية!
لأنه لو بدأ هكذا، يكون قد كشف عن
نفسه. وعندئذ يهرب منه القلب النقي، أو يطرده، أو يقاومه بكل السبل حتى لا
يثبت.. .
إنه قد يبدأ بصورة خداعية. مثال ذلك
بالعطف على الساقطين ومحاولة إنقاذهم. وهنا يستعرض نوعية السقوط ودرجته وأسبابه
وقصصه. وربما ينفعل بكل ذلك إنفعالاً ألهياً، فيسقط فكرياً في نفس الأمر! لذلك ليس
كل إنسان يصلح في العمل على إنقاذ الآخرين، ولا في ميدان الإصلاح...
2- والفكر الخاطئ قد يبدأ ضعيفاً!
بحيث يخيل إليك أنك تستطيع بسهولة أن
تنتصر عليه... ولكنك كلما تستبقيه داخلك، وكلما تأخذ وتعطى معه... يثبت هو أقدامه
ويقوى عليك، لأنك مكنته من وضع اليد على أرض مقدسة في داخل نفسك. كما أنك-
باستبقائك للفكر- قد أشعرته بأنك تريده، إذن فأنت عاجز من طرده!
كذلك في إستبقائه، يكثر إلحاحه عليك،
وضغطه على مشاعرك وحينئذ قد تضعف أمامه،
لأنك لم تعد في قوتك الأولى التي كانت لك
في بداية الفكر، ولم يعد هو في ضعفه الذي بدأ به! فتصبح الحرب غير متوازنة، وتحتاج
إلى مجهود أكبر للسيطرة عليها!
نقطة اخرى في سيطرة الفكر عليك بعد
أن كان ضعيفاً، وهى أنك تخون الرب باستبقائك فكر الخطية. وبسبب هذه الخيانة، تتخلى
عنك النعمة التي كانت مصدر قوتك، فيسهل بهذا سقوطك...
وهناك سبب آخر في تخلي النعمة عنك،
هو أنه ربما كان في داخلك لون من الكبرياء والشعور بالذات يقنعك انك أقوى من
الفكر، وأنك تستطيع طرده في أية لحظة أردت!
لذلك تتركك النعمة، لتشعر بضعفك، فتهرب
في المستقبل بسرعة من أي فكر خاطئ يحاربك، وتصلي طالباً من الرب معونة.
***********************************
**
**
********
********
**
**
**
**
**