صَغيرٌ أَنا حَقير لَكِنَّني لم أَنْسَ أَوامِرَكَ (مز 119 /141)
الله القوي القادر على كل شئ - قداسة البابا شنودة - st-takla
الله القوي القادر على كل شئ
قوة الله عجيبة تشمل كل شئ. وهى أولاً قوة ذاتية..
أى أن الله قوى في ذاته، وليست قوته من أى مصدر خارجى مثل قوة البشر أو الملائكة، فكل هؤلاء مصدر قوتهم من الله خالقهم
فمن جهة البشر، إن قلنا إن العقل البشرى له قوة عجيبة استطاعت أن تصل في الفضاء إلى بعض الكواكب، وأن تقوم باختراعات مذهلة... نقول إلى جوار ذلك إن العقل هو هبة من الله للبشر. والله هو الذي أعطاه هذه القوة.
ونفس الوضع نقول عن الملائكة. أما الله فقوته في ذاته كذلك يمكن لأى كائن قوى أن يفقد قوته، أو أن تقل القوة التي له، أو أن ينافسه أحد في قوته ويعقل مفعولها ولو إلى حين. أما الله فقوته ثابتة بلا منافس، ولا تتغير..
نقطة اخرى تميز قوة الله عن أية قوة أخرى
وهى أن الله وحده هو القادر على كل شئ
قد يوجد مخلوق قادر في ناحية من النواحى. ولكن لا يوجد إطلاقا أى مخلوق قادر على كل شئ. فهذه الصفة هي لله وحده. وهى إحدى صفاته الذاتية.
معروف أن الملائكة أقوياء يمكنهم أن يقوموا بأعمال معجزية، ولكنهم ليسوا قادرين على كل شئ. وبعض البشر قد يكونون مقتدرين في بعض المجالات، ولكنهم بلا شك ليسوا قادرين على كل شئ. كما أن قوة البشر والملائكة مصدرها هو الله.
كذلك الطبيعة قد يكون لها قوة. فالزلازل والبراكين مثلاً قد تستطيع أن تهدم وتخرب وتحرق وتشرد البشر. ومع ذلك كله فقوة الطبيعة محدودة، وليست هي قادرة على كل شئ
نقطة اخرى، وهى أن الله بلا منافس في قوته وقدرته
بعض الشعوب البدائية كانت تؤمن بوجود الهين: آله للخير. وآله للشر. ولكن ذلك ضد الإيمان بقوة الله. ونحن جميعاً نؤمن باله واحد تشمل قوته كل أحد. ولا نؤمن أن الشيطان منافس لله أو أنه اله للشر. فهو أيضاً من خليقة الله. والله قادر أن يفنيه أو يوقف عمله. ولكنه صابر عليه، وسيكون مصيره الهلاك في اليوم الأخير.
ولاشك أن معجزة اخراج الشياطين هي ضد قوة الشيطان. والشيطان أيضاً ليس قادراً على كل شئ، وإلا كان قد ضرّب العالم
أيضاً من دلائل قدرة الله على كل شئ: قدرته على الخلق..
هو وحده الذي يخلق. وهذه هي إحدى صفاته الذاتية.. أما الإنسان فأقصى ما يصل اليه، أن يكون صانعاً ومكتشفاً... يكتشف طبيعة الأشياء وخواصها، ويصنع منها ما يستطيعه عقله. وهذه الأشياء أو المواد التي يصنع منها الإنسان ما يقدر عليه هي من خلق الله، وعقله أيضاً هو من خلق الله. وقدرته وإبداعه هبه من الله. ولكنه لا يستطيع إطلاقاً أن يخلق، أى يُوجد شيئاً من العدم: فهذه قدرة الله وحده...
وتظهر قوة الله العجيبة في الخلق، من جهة عدد الخليقة التي خلقها، وأنواعها: ما يُرى وما لا يُرى. مما لا يستطيع إحصاءه أى عقل بشرى...
قدرة الله على كل شئ، تظهر أيضاً في إقامة الموتى.
إنها معجزة فوق عقولنا جميعاً، أن يقدر الله على إقامة الموتى جميعاً، ملايين الملايين من البشر منذ آدم إلى آخر الدهور، في كل بقاع الأرض، ممن قد تحولت أجسادهم وتحولت إلى تراب!! وتقوم كلها في وقت واحد، وتدخل فيها أرواحا وتقف أمام الله في يوم الدينونة، ليجازى كلاً منها حسب أعمالها!
أيضاً تظهر قوة الله على كل شئ، في كثرة المعجزات والأعاجيب.
إنها معجزات وأعاجيب لا نستطيع حصرها، ورد الكثير منها في الكتب المقدسة، نذكر من بينها منح البصر للعميان، وشفاء الأمراض المستعصية، وشق البحر الأحمر أيام موسى النبى، والطوفان أيام أبينا نوح. ومعجزات اخرى على أيدى بعض البشر أو الملائكة...
والمعجزة ليست شيئاً ضد العقل، ولكنها فوق العقل. وقد عجز عن فهم كيف تمت. لذلك سميت معجزة. وهى بلاشك من صنع الله القادر على كل شئ.
ومن تواضع الله في قدرته، أنه منح قدرات لبعض مخلوقاته:
فقد منح قدرات عجيبة للملائكة، بحيث يمكنهم أن ينتقلوا من السماء إلى الأرض، وأن يقوموا بأعمال معجزية يكلفهم بها.
كذلك القدرات التي منحها الله للعقل البشرى، فاستطاع العلماء أن يبتكروا ويخترعوا ويصنعوا أشياء تفوق الخيال، مثل الطائرات، والكمبيوتر، والفاكس، والتليفون بين القارات واستخدام الذرة والليزر في مخترعات تفيد البشر، وبخاصة في مجال الطب.
ولكن كل قدرات البشر والملائكة ليست ذاتية، بل هي هبة من الله .
هناك نواحٍ اخرى تظهر قدرة الله العجيبة:
+ مثل قوة الله في احتماله، وكيف احتمل عبادة الأصنام عصوراً طويلة قد انتشر الإيمان في الأرض، واحتمل الإلحاد كما في روسيا الشيوعية 70 سنة، واحتمل الالحاد الذي نشرة بعض الفلاسفة. وكيف احتمل فجور الناس وخطاياهم حتى تابوا..!
+ كذلك قوة الله في الانقاذ، حيث ينقذ البعض في حالات يبدو فيها لا أمل ولا نجاة. لذلك نفرح اننا في حماية اله قوى قادر أن ينقذ مهما كانت كل الأبواب تبدو مغلقة
+ تظهر أيضاً قوة الله في مغفرته. وكيف أن الإنسان حينما يتوب، يغفر الله كل ما سبق مهما كانت بشاعة خطاياه!