الأغنِياءُ اْفتَقَروا وجاعوا و مُلتَمِسو الرَّبِّ ما مِن خَيرٍ يُعوِزُهم ( مز 34 /11)
تجسد لأجلي - القس دانيال نجيب = مجموعات دراسة الكتاب المقدس
تجسد لأجلي
القس دانيال نجيب
مجموعات دراسة الكتاب المقدس
E تجسد .. ليعلمني.
E تجسد .. ليفديني.
E تجسد .. لأتحد به.
أولاً: تجسد.. ليعلّمني
بينما كان القديس بولس الرسول يجوب شوارع مدينة أثينا العظيمة، وجد مذبحًا مكتوب عليه: "لإلهٍ مَجهولٍ"..
فوَقَفَ بولُسُ في وسطِ أريوسَ باغوسَ وقالَ: "أيُّها الرجالُ الأثينِويّونَ! أراكُمْ مِنْ كُل وجهٍ كأنَّكُمْ مُتَدَينونَ كثيرًا، لأنَّني بَينَما كُنتُ أجتازُ وأنظُرُ إلَى مَعبوداتِكُمْ، وجَدتُ أيضًا مَذبَحًا مَكتوبًا علَيهِ: "لإلهٍ مَجهولٍ". فالذي تتَّقونَهُ وأنتُمْ تجهَلونَهُ، هذا أنا أُنادي لكُمْ بهِ. الإلهُ الذي خَلَقَ العالَمَ وكُلَّ ما فيهِ، هذا، إذ هو رَبُّ السماءِ والأرضِ، لا يَسكُنُ في هَياكِلَ مَصنوعَةٍ بالأيادي، ولا يُخدَمُ بأيادي الناسِ كأنَّهُ مُحتاجٌ إلَى شَيءٍ، إذ هو يُعطي الجميعَ حياةً ونَفسًا وكُلَّ شَيءٍ. وصَنَعَ مِنْ دَمٍ واحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ الناسِ يَسكُنونَ علَى كُل وجهِ الأرضِ، وحَتَمَ بالأوقاتِ المُعَيَّنَةِ وبحُدودِ مَسكَنِهِمْ، لكَيْ يَطلُبوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يتلَمَّسونَهُ فيَجِدوهُ، مع أنَّهُ عن كُل واحِدٍ مِنّا ليس بَعيدًا. لأنَّنا بهِ نَحيا ونَتَحَرَّكُ ونوجَدُ، كما قالَ بَعضُ شُعَرائكُمْ أيضًا: لأنَّنا أيضًا ذُريَّتُهُ. فإذ نَحنُ ذُريَّةُ اللهِ، لا يَنبَغي أنْ نَظُنَّ أنَّ اللاَّهوت شَبيهٌ بذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو حَجَرِ نَقشِ صِناعَةِ واختِراعِ إنسانٍ. فاللهُ الآنَ يأمُرُ جميعَ الناسِ في كُل مَكانٍ أنْ يتوبوا، مُتَغاضيًا عن أزمِنَةِ الجَهلِ. لأنَّهُ أقامَ يومًا هو فيهِ مُزمِعٌ أنْ يَدينَ المَسكونَةَ بالعَدلِ، برَجُلٍ قد عَيَّنَهُ، مُقَدّمًا للجميعِ إيمانًا إذ أقامَهُ مِنَ الأمواتِ" (أع17: 22-31).
تخيل معي أنك إنسان مسافر إلى أثينا، ولكنك لست كبولس الرسول المؤمن بالمسيح.. وتجولت مثله شوارع المدينة، وأردت أن تدخل إلى معبد لتُصلى.. فأيهما ستدخل؟ وأيهما الإله؟
هل معقول أن الكون القائم بنظامه على وحدة متماسكة يديره كل هؤلاء الآلهة؟
انظر إلى مجهودات الإنسان لمحاولة الوصول إلى الإله.. وما أدت إليه من نتيجة!!
ولكن دعنا نضع في مواجهه هذا الضياع آية كهذه:
E "الذي كانَ مِنَ البَدءِ، الذي سمِعناهُ، الذي رأيناهُ بعُيونِنا، الذي شاهَدناهُ، ولَمَسَتهُ أيدينا، مِنْ جِهَةِ كلِمَةِ الحياةِ. فإنَّ الحياةَ أُظهِرَتْ، وقد رأينا ونَشهَدُ ونُخبِرُكُمْ بالحياةِ الأبديَّةِ التي كانَتْ عِندَ الآبِ وأُظهِرَتْ لنا" (1يو1: 1-2).
E قال القديس أثناسيوس: "كما المُعلم الصالح الذي يعني بتلاميذه.. يتنازل إلى مستواهم، وإن رأى البعض منهم لم يستفيدوا بالعلوم التي تسمو فوق إدراكهم، ويقدم إليهم تعاليم أبسط، هكذا فعل كلمة الله".
E "اللهُ، بَعدَ ما كلَّمَ الآباءَ بالأنبياءِ قَديمًا، بأنواعٍ وطُرُقٍ كثيرَةٍ، كلَّمَنا في هذِهِ الأيّامِ الأخيرَةِ في ابنِهِ، الذي جَعَلهُ وارِثًا لكُل شَيءٍ، الذي بهِ أيضًا عَمِلَ العالَمينَ، الذي، وهو بَهاءُ مَجدِهِ، ورَسمُ جَوْهَرِهِ، وحامِلٌ كُلَّ الأشياءِ بكلِمَةِ قُدرَتِهِ، بَعدَ ما صَنَعَ بنَفسِهِ تطهيرًا لخطايانا، جَلَسَ في يَمينِ العَظَمَةِ في الأعالي، صائرًا أعظَمَ مِنَ المَلائكَةِ بمِقدارِ ما ورِثَ اسمًا أفضَلَ مِنهُمْ" (عب1: 1-4).
أسئلة للمناقشة:
E كيف تمّم المسيح له المجد هذه المهمة بتجسده؟
E هل غيّر المسيح مفاهيم البشر؟
E وماذا قدم من جديد؟ (عن الله، عن أنفسهم، عن الحياة، عن الآخر).
E ماذا عمل السيد المسيح في العظة على الجبل كمثال؟
E ما دور علاقتك الآن بالكتاب المقدس؟
رائعة جدًا تلك النبوة.. والآن قد صارت واضحة.. اقرأها وتأمل فيها وأخبرنا بعلاقتها بالتجسد.. "ويكونُ في آخِرِ الأيّامِ أنَّ جَبَلَ بَيتِ الرَّب يكونُ ثابِتًا في رأسِ الجِبالِ، ويَرتَفِعُ فوقَ التلالِ، وتجري إليهِ شُعوبٌ. وتسيرُ أُمَمٌ كثيرَةٌ ويقولونَ: "هَلُمَّ نَصعَدْ إلَى جَبَلِ الرَّب، وإلَى بَيتِ إلهِ يعقوبَ، فيُعَلّمَنا مِنْ طُرُقِهِ، ونَسلُكَ في سُبُلِهِ«. لأنَّهُ مِنْ صِهيَوْنَ تخرُجُ الشَّريعَةُ، ومِنْ أورُشَليمَ كلِمَةُ الرَّب. فيَقضي بَينَ شُعوبٍ كثيرينَ. يُنصِفُ لأُمَمٍ قَويَّةٍ بَعيدَةٍ، فيَطبَعونَ سُيوفَهُمْ سِكَكًا، ورِماحَهُمْ مَناجِلَ. لا ترفَعُ أُمَّةٌ علَى أُمَّةٍ سيفًا، ولا يتعَلَّمونَ الحَربَ في ما بَعدُ. بل يَجلِسونَ كُلُّ واحِدٍ تحتَ كرمَتِهِ وتحتَ تينَتِهِ، ولا يكونُ مَنْ يُرعِبُ، لأنَّ فمَ رَب الجُنودِ تكلَّمَ. لأنَّ جميعَ الشُّعوبِ يَسلُكونَ كُلُّ واحِدٍ باسمِ إلهِهِ، ونَحنُ نَسلُكُ باسمِ الرَّب إلهِنا إلَى الدَّهرِ والأبدِ" (مي4: 1-5).
ثانياً: تجسد.. ليفديني
"ليس لأحَدٍ حُبٌّ أعظَمُ مِنْ هذا: أنْ يَضَعَ أحَدٌ نَفسَهُ لأجلِ أحِبّائهِ" (يو15: 13).
E لابد أن نعرف: الهدف الأول من التجسد.. وأعظم وسيلة للتعليم.
E كيف يظهر الحب الحقيقي؟ ومتى؟ فإن كان هو المُعلّم الصالح.. فكيف يحل لنا هذه المعضلة، ويُعلِّمنا نحن تلاميذه الضعفاء؟
إليك يارب هذه المسألة لتُجيب عليها..
هذا هو الوضع الموجود أمام الإنسان.. يشرحه القديس أثناسيوس:
"حيث أن الحكم هو الموت.. "وأمّا شَجَرَةُ مَعرِفَةِ الخَيرِ والشَّر فلا تأكُلْ مِنها، لأنَّكَ يومَ تأكُلُ مِنها موتًا تموتُ" (تك2: 17).. فماذا يعنى بقوله: "موتًا تموت"؟ ليس المقصود مجرد الموت فقط بل أيضًا البقاء إلى الأبد في فساد الموت".
E إذًا ما معنى "موتًا تموت"؟
E والآن ما الحل من وجهه نظرك أنت؟
E وهل لك أن تساعد ربنا في الحل؟ حاول أن تجد ثلاث احتمالات للحل.
وهنا يرد عليك القديس أثناسيوس ثانية: "ولو كان الإنسان لم يمت، بعد أن قال الله إننا نموت لأصبح الله غير صادق!!".
E ترى.. ماذا اختار الله المحب المُعلم الصالح من حلول؟
E اقرأ معي هذه الآيات وحاول أن تشرحها:
"فإنَّهُ حتَّى النّاموسِ كانَتِ الخَطيَّةُ في العالَمِ. علَى أنَّ الخَطيَّةَ لا تُحسَبُ إنْ لم يَكُنْ ناموسٌ. لكن قد مَلكَ الموتُ مِنْ آدَمَ إلَى موسَى، وذلكَ علَى الذينَ لم يُخطِئوا علَى شِبهِ تعَدّي آدَمَ، الذي هو مِثالُ الآتي. ولكن ليس كالخَطيَّةِ هكذا أيضًا الهِبَةُ. لأنَّهُ إنْ كانَ بخَطيَّةِ واحِدٍ ماتَ الكَثيرونَ، فبالأولَى كثيرًا نِعمَةُ اللهِ، والعَطيَّةُ بالنعمَةِ التي بالإنسانِ الواحِدِ يَسوعَ المَسيحِ، قد ازدادَتْ للكَثيرينَ! وليس كما بواحِدٍ قد أخطأَ هكذا العَطيَّةُ. لأنَّ الحُكمَ مِنْ واحِدٍ للدَّينونَةِ، وأمّا الهِبَةُ فمِنْ جَرَّى خطايا كثيرَةٍ للتَّبريرِ. لأنَّهُ إنْ كانَ بخَطيَّةِ الواحِدِ قد مَلكَ الموتُ بالواحِدِ، فبالأولَى كثيرًا الذينَ يَنالونَ فيضَ النعمَةِ وعَطيَّةَ البِر، سيَملِكونَ في الحياةِ بالواحِدِ يَسوعَ المَسيحِ! فإذًا كما بخَطيَّةٍ واحِدَةٍ صارَ الحُكمُ إلَى جميعِ الناسِ للدَّينونَةِ، هكذا ببِر واحِدٍ صارَتِ الهِبَةُ إلَى جميعِ الناسِ، لتبريرِ الحياةِ. لأنَّهُ كما بمَعصيَةِ الإنسانِ الواحِدِ جُعِلَ الكَثيرونَ خُطاةً، هكذا أيضًا بإطاعَةِ الواحِدِ سيُجعَلُ الكَثيرونَ أبرارًا" (رو5: 13-19).
هذه هي مفاعيل دم خلاص صليبه..
E "الذي فيهِ لنا الفِداءُ بدَمِهِ، غُفرانُ الخطايا، حَسَبَ غِنَى نِعمَتِهِ" (أف1: 7).
E "ودَمُ يَسوعَ المَسيحِ ابنِهِ يُطَهرُنا مِنْ كُل خَطيَّةٍ" (1يو1: 7).
E "لذلكَ يَسوعُ أيضًا، لكَيْ يُقَدّسَ الشَّعبَ بدَمِ نَفسِهِ، تألَّمَ خارِجَ البابِ" (عب13: 12).
E "مَنْ يأكُلْ جَسَدي ويَشرَبْ دَمي يَثبُتْ فيَّ وأنا فيهِ" (يو6: 56).
E "مَنْ يأكُلُ جَسَدي ويَشرَبُ دَمي فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الأخيرِ" (يو6: 54).
ثالثاً: تجسد.. لأتحد به
1. بالتجسد دخل الإله في الطبيعة البشرية.
2. أخذ الإله كل ما للإنسان.
3. إنه اتحاد بطبيعتنا وليس ظهور.
4. دخول الحياة إلى موتنا.
ما انعكاس ذلك على حياتك المُعاشة؟
E "أم لستُمْ تعرِفونَ أنفُسَكُمْ، أنَّ يَسوعَ المَسيحَ هو فيكُم، إنْ لم تكونوا مَرفوضينَ؟" (2كو13: 5).
E "أنا فيهِمْ وأنتَ فيَّ ليكونوا مُكَمَّلينَ إلَى واحِدٍ" (يو17: 23).
E "وأمّا أنتُمْ فجَسَدُ المَسيحِ، وأعضاؤُهُ أفرادًا" (1كو12: 27).
E "أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟" (1كو3: 16).
E "مع المَسيحِ صُلِبتُ، فأحيا لا أنا، بل المَسيحُ يَحيا فيَّ" (غل2: 20).
E "لأنَّ كُلَّكُمُ الذينَ اعتَمَدتُمْ بالمَسيحِ قد لَبِستُمُ المَسيحَ" (غل3: 27).
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين